سورة الحاقة / الآية رقم 6 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ أَمْ عِندَهُمُ الغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ الحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ لَوْلا أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَاقَّةُ مَا الحَاقَّةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحَاقَّةُ كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى القَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّنْ بَاقِيةٍ

القلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالقلمالحاقةالحاقةالحاقةالحاقةالحاقةالحاقةالحاقة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قلت: {الحاقة}: مبتدأ، وجملة الاستفهام خبر، والأصل: الحاقة ما هي؟ فوضع الظاهر موضع المضمر؛ تفخيماً لشأنها، وتهويلاً لأمرها، وأدْرَى يتعدى إلى مفعولين، علق عن الثاني بالاستفهام.
يقول الحق جلّ جلاله: {الحاقةُ} أي: الساعة الواجبة الوقوع، الثابتة المجيء، التي هي آتيةٌ لا ريب فيها، من: حقّ يحِقُّ: وجب، أو: التي يحق فيها الحقوق من الثواب والعقاب، أو: التي تحق فيها الحقائق وتُعرف، من: حقه: إذا عرف حقيقته، جعل الفعل لها مجازاً، وهو لِما فيها من الأمور، {ما الحاقةُ} أي: ما هي الحاقة، فهي من الأمور التي يُستفهم عنها؛ لغرابتها وهول مطلعها، وأكد كذلك بقوله: {وما أدراك} وأيّ شيءٍ أعلمك {ما} هي {الحاقة}، يعني: أنك لا علم لك بكنهها؛ لخروجها عن دائرة علوم المخلوقات، على معنى: أن عظم شأنها، ومدى هولها وشدتها، بحيث لا يكاد يبلغه درايةُ أحد ولا وهمُه، وكيفما قدرت حالها فهي أعظم من ذلك.
ثم ذكر وبال مَن كذّب بها، فقال: {كذبت ثمودُ وعادٌ بالقارعة} أي: بالحاقة. فوضعت القارعة موضعها لأنها من أسماء القيامة، كالحاقة. وسميت بذلك؛ لأنها تقرع الناسَ بفنون الأفزاع والأهوال، وتقرع السماءَ بالانشقاق والانفطار، والأرض والجبال بالدك والنسف، والنجوم بالطمس والانكدار. قال أبو السعود: والجملة استئناف مسوق لإعلام بعض أحوال الحاقة له صلى الله عليه وسلم إثر تقرير أنه ما أدراه بها أحد كما في قوله تعالى: {وَمَآ أّدْرَاكَ مَاهِيَة نَارٌ حَامِيَةُ} [القارعة: 10، 11] ونظائره، خلا أن المبَّين هناك نفس المسؤول عنها، وها هنا حال من أحوالها، كما في قوله تعالى: {وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيّلَةٌ القدر لَيّلَةُ القدر خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 2، 3]، كما أن المبيَّن هناك ليس نفس ليلة القدر، بل فضلها وشرفها، كذلك المبيّن هاهنا هولُ الحاقة وعظم شأنها، وكونها بحيث يحق إهلاك مَن يُكَذِّب بها، كأنه قيل: وما أدراك ما الحاقة كذّب بها عاد وثمود فأُهلكوا. اهـ.
{فأمّا ثمودُ فأُهلكوا بالطَّاغية}؛ بالوقعة المتجاوزة للحدّ في الشدة، وهي الصيحة أو الرجفة، وقيل: هي مصدر كالعاقبة، من المعاقبة، أي: بسبب طغيانهم وعصيانهم، والأول أنسب بقوله: {وأمّا عادٌ فأُهلكوا بريحٍ صَرْصَرٍ} أي: شديدة الصوت، لها صرصرة، أو شديدة البرد، تحرق ببردها، من الصِّر، كرّر بردها حتى أحرقهم، {عَاتيةٍ}؛ شديدة الغضب، كأنها عتت على خُزّانها فلم يضبطوها بإذن الله، غضباً على أعداء الله. قال صلى الله عليه وسلم: «ما أرسل الله نسفة من ريح إلاّ بمكيال، ولا قطرة من ماء إلاّ بمكيال، إلاّ يوم عاد ويوم نوح، فإنَّ الماء طغى على الخُزان، وكذلك الريح، طغت على خُزانها» ثم قرأ الآية. أو طغت على عاد فلم يقدروا على ردها.
{سَخَّرَها عليهم} أي: سلَّطها عليهم، وهو استئناف جيء به لبيان كيفية إهلاكهم بها، {سَبْعَ ليالٍ وثمانيةَ أيام حُسوماً} أي: متتابعات، جمع حاسم، كشهود وشاهد، تمثيلاً لتتابعها بتتابع فعل الحاسم في إعادة الكيّ كرة بعد أخرى حتى ينحسم الداء، أو: محسمات، حسمت كل خير واستأصلته، أو قاطعات قطعت دابرهم، وهو حال، ويجوز أن يكون مصدراً، أي: تحسمه حسوماً، أي: تستأصلهم استئصالاْ، ويؤيده قراءة الفتح، وكانت العرب تُسمي هذه الأيام أيام العجوز، من صبيحة الأربعاء إلى غروب الأربعاء الآخر، وإنما سميت بذلك؛ لأنّ عجوزاً من عاد توارت في سِرب، فانتزعَتها الريحُ في اليوم الثامن، فأهلكتها. وقيل: سميت عجوزاً لأنها في عَجُز الشتاء، أي: آخره. وأسماؤها: الصِنُّ، والصنْبَرِ، والوَبْر، والآمر، والمُؤْتمر والمُعلِّل، ومُطْفىء الجمْر، واليوم الثامن مكفي الظُّعن.
{فترى القومَ} إن كنت حاضراً حينئذ {فيها} أي: في تلك الليالي والأيام، أو في مهابَّها، أو في ديارهم {صَرْعَى}؛ موتى هلكى، جمع صريع، {كأنهم أعجازُ نخلٍ} أي: أصول نخل، جمع نخلة، {خاويةٍ}. ساقطة، أو بالية متآكلة الأجواف، وكانت أجسامهم طوالاً، تبلغ مائة ذراعٍ، أو مائتين، ولذلك شُبّهوا بالنخل، {فهل ترى لهم من باقية} أي: بقاء، فيكون مصدراً، كالطاغية، أو مِن نفس باقية. والله تعالى أعلم.
الإشارة: الحاقة هي تجلِّي الحقيقة الأحدية، وظهور الخمرة الأزلية، لقلوب العارفين؛ لأنها تُحق الحق وتُزهق الباطل، تظهر بها حقائق الأشياء على ما هي عليه في الأصل. قال الورتجبي: الحاقة يوم تحق حقائق الأمور عياناً، لا يبقى فيها ريب أهل الظنون، ينكشف الحق لأهل الحق، ولا معارضة للنفس فيها، ويتبين للجاهلين أعلام ولاية العارفين. اهـ. ثم عظَّمها وهوَّل أمرها، فقال: {ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة} لا يدريها إلاّ الشجعان من الرجال الأقوياء، والكمَّال، كما قال الجيلاني رضي الله عنه:
وإيَّاكَ جَزعاً لا يَهُولُكَ أمْرُها *** فَمَا نَالَها إلاَّ الشُّجَاعُ المُقَارعُ
ثم ذكر أنَّ مَن أنكرها أو كذّب بوجودها من النفوس العادية، والقلوب القاسية، يهلك في مهاوي الفروقات، برجفة الوساوس والخواطر، أو رياح الفتن الباطنة والظاهرة، سخّرها عليهم سبع ليالٍ على عدد الجوارح السبعة، وثمانية أيام. قال القشيري: أي: أيام كاشفات لسبع صفات الطبيعية، وهي: الغضب، والشهوة، والحقد، والحسد، والبُخل، والجُبن، والعجب، والشره، حُسوماً، أي: تحسم، وتقطع أمور الحق وأحكامه من الخيرات والمبرّات. اهـ.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال