سورة النساء / الآية رقم 43 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاءَ قَرِيناً وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُواًّ غَفُوراً أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِّنَ الكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ

النساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قلت: جملة {وأنتم سكارى}: حال، وسكارى: جمع سكران، ويجمع على سُكارى بالفتح وسكْرى بالسكون، و{لا جُنُبًا} عطف على جملة الحال، و{جُنب} يستوي فيه الواحد والاثنان والجماعة والمذكر والمؤنث، لأنه يجري مجرى المصدر فلا يُثنى ولا يُجمع. و{إلا عابري} مستثنى من عام الأحوال، وأصل الغائط: الموضع المنخفض من الأرض، ثم أطلق على الواقع فيه مما يخرج من الإنسان.
يقول الحقّ جلّ جلاله: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى}: لا تقوموا إليها وأنتم سكارى من خمر، أو غلبة نوم، أو شدة غفلة، {حتى تعلموا ما تقولون} في صلاتكم، وتتدبروا ما تقرأون فيها، فالصلاة من غير حضور خاوية، وعند الخصوص باطلة، رُوِي أن عبد الرحمن بن عَوف صنَع مأدبة، ودَعَا إليها نفرًا من الصحابة، حين كانت الخمر مباحة، فأكلوا وشربوا حتى ثَمِلُوا، وجاء وقت صلاة المغرب، فتقدم أحدهم ليصلي بهم، فقرأ: أعبد ما تعبدون من غير نفي فنزلت الآية قبل تحريم الخمر، ثم حرمت بآية المائدة.
ولا تقربوها حالة جنابتكم في آي حال كان، {إلا عابري سبيل} أي: في وقت سفركم، حيث لم تجدوا ماءً، بدليل ما يأتي، فيتيمم ويقرب الصلاة وهو جنب، وفيه دليل أن التيمم لا يرفع الحدث، قيل المراد بالصلاة مواضعها، وهي المساجد فلا يدخلها الجنب إلا مارًا، وبه قال الشافعي رضي الله عنه وقال أبو حنيفة: لا يجوز المرور، إلاَّ إذا كان فيه الماء والطريق. وقال مالك: لا يدخل إلا بالتيمم ولا يمر به أصلاً.
فلا تقربوا الصلاة وأنتم جنب {حتى تغتسلوا}.
{وإن كنتم مرضى} تخافون ضرر الماء، أو زيادته، أو تأخر برء، أو منع الوصول إلى الماء، {أو على سفر} لم تجدوه فيه، {أو} كنتم في الحضر مُحدِثِين حيث {جاء أحد منكم من الغائط}، أو البول، أو بغيره من الأحداث، {أو لامستم النساء} أي: مست بشرتكم بشرتهن، بقصد اللذة أو عند وجدانها، وبه قال مالك. وقال الشافعي: ينقض مطلقًا، قصد أم لا، وجد أم لا، ولو بميتة، وقال أبو حنيفة: إن كانت ملامسه فاحشة بحيث يحصل الانتشار نقضت، وإلا فلا.
وقال ابن عباس والحسن البصري ومحمد بن الحسن: لا تنقض الملامسة مطلقًا، ويقاس على اللمس سائر نواقض الأسباب، فتحصَّل أن {أو} تبقى على أصلها من التقسيم، فتكون الآية نصًا في تيمم الحاضر الصحيح، وبه قال مالك، ولا يعيد. وقال الشافعي: يُصلي بالتيمم ويُعيد، وقال أبو حنيفة: لا يُصلي حتى يجد الماء، ومن قال: {أو} بمعنى الواو فخروج عن الأصل بلا داع.
ثم قيّد التيمم في هذه الأحوال بفقد الماء، فقال: {فلم تجدوا ماء} كافيًا، أو لم تقدروا على استعماله، {فتيمموا} أي: اقصدوا {صعيداً طيبًا} أي: ظاهرًا، وهو ما صعد على وجه الأرض من جنسها؛ كتراب، وهو الأفضل، وثلج وخضخاض وحجر ومدر، لا شجر وحشيش ومعدن ذهب وفضة، وما التحق بالعقاقير، كشب، وملح، وكبريت، وغاسول وشبهه، فلا يجوز.
وقال أبو حنيفة: بكل شيء من الأرض وما اتصل بها كشجر وكُحل، وزنيخ، وشب ونورة، وجص، وجوهر، إلا منخالة الذهب والفضة والرصاص. وقال الشافعي: لا يجوز إلا بالتراب المنبت خاصة، وبه فسر الطيب، واشترط علوق التراب بيده، ولم يشترطه غيره.
ثم علّم الكيفية فقال: {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم}. قال مالك: اليد اسم للكف بدليل قطع السارق منه، فجعل المسح إلى المرفق سنة. وقال الشافعي: فرض، قياسًا على الوضوء، {إن الله كان عفوًّا غفورًا} فلذلك يسَّر عليكم ورخص لكم في التيمم.
الإشاره: يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا صلاة الحضرة القدسية، وأنتم سكارى بحب الدنيا الدنية، حتى يذهب عنكم سُكر حبها، وتعلموا ما تقولون في مناجاة خالقها، ولا جنبًا من جنابة الغفلة، إلا ما يمر بالخواطر على سبيل الندرة والقلة، حتى تغتسلوا بماء الغيب، الذي يحصل به طهارة الجنان، ويغيب المتطهر به عن رؤية الأكوان. وإليه أشار ابن العربي الحاتمي: كما في طبقات الشعراني، ونسبها غيرُه للجنيد رضي الله عنهم أجمعين وهو الأصح بقوله:
تَوَضَّأ بماءِ الغَيبِ إن كُنتَ ذا سِرٍّ *** وإلاَّ تَيَمَّم بالصَّعِيدِ أو الصَّخر
وقّدَّم إمَامًا كُنتَ أنتَ إمَامَه *** وصَلِّ صلاة الظُّهرِ في أولِ العَصر
فَهَذِي صَلاةُ العَارِفينَ بربّهِم *** فإن كُنتَ مِنهم فانضَحِ البرِّ بالبَحر
أي: إن لم تقدر على الطهارة الأصلية؛ وهي الغيبة عن الأحداث الكونية، فاقصد العبادة الحسية، وقَّدم الشريعة أو من قام بها من أهل التربية النبوية أمامك، بعد أن كان يطلبك من قبل أن تعرفه، وأجمع ظُهر الشريعة لعصر الحقيقة، فهذه صلاة العارفين، فإن كنت منهم فانضح بَرَّ ظاهرك بحقيقة باطنك، فما كمن في غيب السرائر ظهر في شهادة الظواهر. لهذا أشار تعالى بقوله: {وإن كنتم مرضى} بحب الهوى، {أو على سفر} في عجلة شغل الدنيا، أو جاء أحد منكم من غائط الحس، أو لامستم العلوم الرسمية، وانطبع صُورُ خيالها في قلوبكم، ولم تجدوا من يسقيكم ماء الغيب، وهي الخمرة الآزلية، فاقصدوا الأعمال الحسية، فلعلها توصلكم إلى الأعمال الباطنية، {إن الله كان عفوًا غفورًا}، وفي الحِكَم: (كيف يشرق قلبٌ صورُ الأكوان منطبعة في مرآته؟ أم كيف يرحل إلى الله وهو مكبل بشهواته، أم كيف يطمع أن يدخل حضرة الله وهو لم يتطهر من جنابة غفلاته؟ أم كيف يرجو أن يفهم دقائق الأسرار وهو لم يتب من هفواته؟).




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال