سورة الحاقة / الآية رقم 42 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَلَيْسَ لَهُ اليَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ وَلاَ طَعَامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ لاَ يَأْكُلُهُ إِلاَّ الخَاطِئُونَ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ العَالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوَتِينَ فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الكَافِرِينَ وَإِنَّهُ لَحَقُّ اليَقِينِ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العَظِيمِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي المَعَارِجِ تَعْرُجُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَرَاهُ قَرِيباً يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ وَتَكُونُ الجِبَالُ كَالْعِهْنِ وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً

الحاقةالحاقةالحاقةالحاقةالحاقةالحاقةالحاقةالحاقةالمعارجالمعارجالمعارجالمعارجالمعارجالمعارجالمعارج




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ (38) وَما لا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ (41) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (43) وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (44) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (47) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ (50) وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ (51) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (52)}.
التفسير:
قوله تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ وَما لا تُبْصِرُونَ}.
القسم هنا منفى بلا النافية في قوله تعالى {فَلا أُقْسِمُ} وليست {لا} زائدة كما يذهب إلى ذلك كثير من المفسرين.. فنحن على رأى واحد في أن لا زيادة في حرف أو كلمة في نظم القرآن! وهذا القسم المنفي. إما أن يكون نفيه لأن المقسم عليه، وهو القرآن الكريم، وبأنه قول رسول كريم- حقيقة ثابتة، ظاهرة، لا تحتاج إلى قسم.
وإما أن يكون المقسم لهم- وهم هؤلاء- المشركون، لا يصدّفون بهذا الحديث، سواء حلف لهم عليه أم لم يحلف.. وإذن فالأولى أن يكون الحديث إليهم مرسلا من غير قسم، لأن من لا يصدق المتحدّث إليه، بغير قسم، لا يصدقه إذا هو أقسم، بل إن القسم ربما زاد من شكوكه في صدق من يحدّثه.
والذي نبصره، هو ما يقع تحت حواسنا ومدركاننا من هذا الوجود والذي لا نبصره، هو ما لا يقع تحت الحسّ والإدراك، وهو هذا الوجود العظيم، الذي مبلغ علمنا به لا يتجاوز قطرة من محيطات.
وقوله تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ}.
هو المقسم عليه.. وهو القرآن الكريم، وأنه قول رسول كريم.
والرسول الكريم، هو رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، الذي يحدّث القوم بآيات اللّه التي يتلوها عليهم.
ونسبة قول القرآن الكريم إلى الرسول، لأنه هو الذي يتحدث به، ويبلغه إلى الناس، على أنه كلام اللّه، ومن عند اللّه.
فمعنى القول هنا البلاغ.
أي هذا القرآن هو بلاغ من رسول كريم، لا أنه من كلامه هو، ولهذا جاء قوله تعالى بعد ذلك: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ} ليقرر هذه الحقيقة، كما جاء بعد هذا قوله سبحانه: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ. لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ} ليؤكد هذه الحقيقة، ويقطع كل شبهة بأن لرسول اللّه شيئا من هذا القرآن الذي يتلوه على الناس، وإنما هو من كلام ربّ العالمين.
وقد ذهب أكثر المفسرين إلى أن المراد بقوله تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} جبريل عليه السلام، أمين الوحى.
وهذا- واللّه أعلم- مما يحتمله النظم القرآنى، وإن كان الأولى عندنا أن يكون المراد بالرسول الكريم، هو رسول اللّه، إذ كان الموقف هنا موقف دفاع عن الرسول صلوات اللّه وسلامه عليه، وردّا على اتهام المشركين له بأنه كاهن، وبأنه شاعر.. فكان المقام يقضى بأن يوضع الرسول بموضعه الصحيح، وهو أنه رسول كريم، وأن ما ينطق به ليس من منطق الكهانة ولا الشعر، وإنما هو منطق مبعوث كريم من ربّ العالمين، يبلّغ ما أرسل به إلى عباد اللّه.
وفى وصف الرسول بأنه {كريم} إشارة إلى أنه يقدّم هذا الخير العظيم للناس، في سخاء، ويبذله، في غير منّ، لا يطلب عليه أجرا.
قوله تعالى: {وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ.. قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ}.
هو نفى لتهمة الشعر التي يلصقها المشركون بالقرآن.. فالرسول ليس بشاعر، وما ينطق به ليس من باب الشعر، ولا من واردات الشعراء أبدا.
واللّه سبحانه وتعالى يقول: {وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ} [69: يس] وقوله تعالى: {قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ}.
أي أنه مع وضوح هذه الحقيقة وضوحا لا يحتاج إلى طول بحث، ومعاناة نظر، فإنكم أيها المشركون تتمارون في هذه الحقيقة، وترفضون الإيمان بها، وإن وقع لكم شيء من الإيمان بأن هذا الكلام ليس من أودية الشعر، فإنه سرعان ما يغلبكم الهوى، ويطغى عليكم الضلال، فتركبون الحماقة، وتردّدون هذا القول الذي يكذبكم به الواقع المحسوس، إذ كان إيمانكم إيمانا قليلا.. في كيفه وكمّه.
قوله تعالى: {وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ.. قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ}.
أي وليس هذا القرآن من قول كاهن، لأن لغة الكهانة لغة غامضة، معمّاة بالألغاز.. وهذا كلام عربىّ مبين.
وقوله تعالى: {قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ} استبعاد لهم من أن يرجعوا إلى عقولهم، وأن يعرضوا عليها هذا الذي يسمعونه من آيات اللّه، وهذا الذي يحفظونه من مقولات الكهان ليروا بعد ما بينهما، وأنه إن كان لهم من هذا ذكر، فهو أشبه بأطياف الأحلام، لا يلبث أن يقع فريسة للجهل والغفلة.
قوله تعالى: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ}.
هو قولة الحقّ في القرآن الكريم، وأنه منزل من رب العالمين، ليس من كلام بشر، أيّا كان، شاعرا، أو كاهنا، أو حكيما، أو عالما.
قوله تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ}.
هو استبعاد لأن يكون من رسول اللّه في هذا القرآن كلمة من عنده، أضافها إليه، ثم أسندها إلى اللّه.. فإنه لو فعل ذلك- ومحال أن يفعله- لكان عقابه أشد العقاب من اللّه.. {لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} أي لأمسكنا به من يمينه.
{ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ} أي لذبحناه، وقطعنا وريده، الذي هو ينبوع الحياة.
ثم لم يكن لأحد منكم أن يمنع عنه هذا العقاب الذي تأخذه به، ويحجز بينه وبين الجزاء الذي نوقعه عليه. {فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ}.
وإذن، فلم يكذب محمد؟ ولم يقول على اللّه ما لم يقله اللّه؟
ألأجل نفسه يفعل هذا؟ إنه لم يطلب أجرا، ولم ينل منكم كثيرا أو قليلا.. بل كل ما كان له منكم هو هذا الأذى المتصل، وتلك السفاهة الحمقاء.. أم لأجلكم أنتم كان هذا الافتراء؟ ولم يعرّض نفسه لا نتقامنا، وأنتم لن تدفعوا عنه ما نأخذه به من عقاب؟
إن الذي يغامر هذه المغامرة، إما إن تكون لحساب نفسه، ومن أجل هذا يحتمل ما يحتمل في سبيلها.. وإما أن يكون لحساب غيره الذي يجد منه الحماية ساعة الخطر.
فإذا لم يكن هذا أو ذاك، فإنه يصبح من المحال أن تقع منه تلك المغامرة بالافتراء على اللّه، لغير سبب معقول، أو حكمة ظاهرة.
قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ}.
هذا هو القرآن الكريم.. إنه ليس بقول شاعر، ولا بقول كاهن، ولا متقوّل من رسول اللّه على اللّه، وإنما هو تنزيل من رب العالمين.. وهو تذكرة للمتقين، يذكرهم بما في فطرتهم السليمة، من إيمان باللّه، وتقبّل للحق والخير.. فهل بقي لكم من فطرتكم- أيها المشركون- شيء تلتقى به مع الحق، وتؤمن به؟
قوله تعالى: {وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ}.
هو تهديد لهؤلاء المشركين، الذين يكذبون بآيات اللّه، وأن اللّه سبحانه وتعالى يعلم المكذبين بهذا الحديث، والمتهمين للرسول، وإن وراء هذا العلم حسابا، وجزاء، وعذابا أليما.. وفى خطاب المشركين بأن منهم مكذبين.
إشارة إلى أن كثيرا منهم كان يعلم صدق النبي، ولكن الكبر والعناد يحولان بينهم وبين الخضوع للحق، والولاء له، كما يقول سبحانه: {فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [33: الأنعام].
قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ}.
وأي وإن هذا القرآن لحسرة على الكافرين، يوم ينكشف لهم أنهم بتكذيبهم له، وكفرهم به، قد وردوا النار، وألقوا في العذاب المهين.
فتمتلىء لذلك قلوبهم حسرة وكمدا، لأنهم لم يؤمنوا به، ولم يأخذوا طريق النجاة على هداه.. لقد كان مركب نجاة أقلعت، ولن يلحقوا بها.
قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ}.
أي هذا القرآن هو حق من حق.. وأنه الحق المستيقن، الذي لا يأت يه باطل من بين يديه ولا من خلفه.. وفى إضافة الحق إلى اليقين، إشارة إلى أنه من موارد اليقين، وأنه حق هذا اليقين، وخلاصة ما فيه.. فهو حقّ مصفّى من حق، إن كان الحق في حاجة إلى تصفية!! قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ}.
هو دعوة للرسول الكريم أن يلقى هذه المنّة العظيمة بنزول القرآن عليه، بتسبيح ربه العظيم، وبحمده، وتنزيهه، والولاء له.. فهذا هو بعض ما ينبغى في مواجهة نعم اللّه، وفى مقام الشكر عليها.
وإذا كان القرآن الكريم هو مأدبة اللّه التي يصعم منها المؤمنون، وينالون منها الشّبع لقلوبهم، والرىّ لأرواحهم- فإن التسبيح باسم اللّه العظيم مطلوب منهم، بعد هذا الشبع، وذلك الري، للقلوب والأرواح.. فلينتظموا صفوفا وراء إمامهم الكريم، رسول اللّه، وليسبحوا معه باسم ربهم العظيم.
والتسبيح باسم اللّه، هو تسبيح لذات اللّه سبحانه وتعالى، في اسمه الكريم، أما ذاته سبحانه فلا يعرف لها كنه، ولا يقع لها في العقل تصور، تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال