سورة النساء / الآية رقم 48 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِياًّ وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيراً مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَياًّ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّّطْمِسَ وَجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْماً مُّبِيناً أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِّنَ الكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِيـنَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً

النساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً (47) إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً (48)}.
التفسير:
بعد أن فضح اللّه اليهود، الذين أوتو الكتاب، فمكروا بآيات اللّه، بما حرّفوا وبدّلوا فيه- دعاهم اللّه إلى ترك ما هم فيه من ضلال وزيغ.
وأن يؤمنوا باللّه وبالكتاب الذي في أيديهم إيمانا خالصا، فإنهم إن فعلوا ذلك لم يكن بينهم وبين الإيمان بالكتاب الذي نزله اللّه على محمد حجاز يفصل بينهم وبين الإيمان بهذا الكتاب.. لأنه من عند اللّه، كما أن كتابهم من عند اللّه، وهو مصدق لما معهم فيما جاء به من شرائع وأحكام.
فإذا آمنوا بكتابهم، ولم يؤمنوا بالكتاب الذي نزل على محمد، فهم غير مؤمنين، لأن الكتابين في حكم كتاب واحد.. والإيمان بأحد الكتابين والكفر بالآخر ينقض هذا الإيمان.. وقد أنكر اللّه عليهم دعوى الإيمان التي يدّعونها، حين يقولون، إنهم على كتابهم الذي في أيديهم.. فقال تعالى: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ؟ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ} [85: البقرة].
وقال سبحانه وتعالى فيهم أيضا: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً} [150- 151: النساء] وفيهم يقول سبحانه وتعالى أيضا: {وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [91: البقرة] وفى قوله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ} وعيد لليهود، ونذير راصد لهم باللعنة من عند اللّه، إن لم يؤمنوا بمحمد، وبما أنزل اللّه عليه.
وهذه اللعنة حين تقع عليهم، فإنها لا تبقى على شيء من آدميتهم.. بل إنها ستقلب كيانهم البشرى، وتحيلهم خلقا آخر، يكون مثلة، بين المخلوقات، فإذا كان كل مخلوق له وجه وظهر، فهؤلاء سيكون وجههم وظهرهم سواء! وانظر إلى إنسان استدارت رأسه، فكان الوجه من خلف، والقفا من أمام!! كيف تبدو صورته؟ وكيف يستقيم حاله؟ وكيف يمشى إذا أراد المشي؟
وكيف يأكل إذا أراد الأكل؟ بل كيف ينام إذا أراد أن ينام؟ ما أشقى مثل هذا الكائن الذي تخالفت أعضاؤه، وتضاربت جوارحه! وهذه العقوبة هى الجزاء الوفاق لما ارتكبوا من جرائم وآثام. إنهم أعطوا الناس وجها، وعاشوا فيما بينهم وبين أنفسهم بوجه.. والوجه الذي تعاملوا به مع الناس هو هذا الوجه الظاهر الذي يراهم الناس عليه، أما الوجه الآخر، فقد أخفوا أمره عن الناس، وحجبوه عن أن يواجهوهم به- فكان أن توعدهم اللّه بكشف هذا الوجه المنافق، وفضحه للناس، فلا يبقى لهم إلا هذا الوجه الذي جعلوه وراءهم، في هذا الوضع المقلوب! هذا هو الجزاء الذي ينتظرهم، إن لم يستقيموا على طريق الحق، ويؤمنوا كما آمن الناس، إيمانا خالصا من النفاق! فإن لم يكن في هذا الجزاء ما يردعهم، ويردّ إليهم شارد عقولهم.. فهناك جزاء آخر أقسى وأشد.. وإنه لجزاء يعرفونه في آبائهم وأجدادهم، الذين اعتدوا في السبت، فمسخهم اللّه، وجعلهم قردة في أجساد بشر! أو بشرا في طباع قردة! وفى هذا يقول اللّه تعالى: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ} [65: البقرة].
وقوله تعالى: {أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ} هو نذير بالعقوبة الثانية، بعد النذير بالعقوبة الأولى.
وما أصاب أصحاب السبت معروف لهم! فماذا ينتظرون بعد هذا؟
أيظنون أن اللّه مخلف وعيده لهم.. لأنهم- كما زعموا- أبناء اللّه وأحباؤه؟ وكيف وقد وقع هذا العقاب بآبائهم، وأخذهم اللّه به؟
أم يظنون أن اللّه إذا أراد أمرا بهم، وساق شرا إليهم- أهناك من يدفع ما أراده اللّه بهم؟
فلينتظروا، وسوف يرون ما اللّه فاعل بهم.. {وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} وفى قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ}.
ما يسأل عنه.. وهو: هل أهل الكتاب هؤلاء مشركون، حتى تجىء هذه الآية في سياق الحديث عنهم، وفضح نفاقهم؟
إنهم- كما وصفهم، القرآن في كثير من آياته- كافرون، ومنافقون، ومؤمنون.. يجمعون بين الإيمان والكفر.
أما الشرك فهو الصفة الغالبة التي أطلقها القرآن على كفار قريش، الذين لم ينكروا وجود اللّه، ولكنهم عبدوا أصناما لهم من دون اللّه، وقالوا:
{ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى} [3: الزمر] ومع هذا، فإن بين الكافرين من أهل الكتاب، والمشركين من العرب صلة جامعة، هى الخروج عن سواء السبيل، والتنكّب عن طريق الحق! وإذ جرى ذكر الكافرين المنافقين من أهل الكتاب، وما توعدهم اللّه به إن لم يؤمنوا، إيمانا كاملا- حسن أن يجرى ذكر قرنائهم من مشركى العرب، وأن يلتقى بعضهم ببعض، ويواجه بعضهم بعضا، بهذه الوجوه المنكرة وما بأيديهم من آثام.. وفى ذلك ما فيه من إثارة الذعر والفزع، فيما يرى كل واحد من الفريقين في وجه صاحبه، من وبال ونكال.. إنها حال أشبه بتلك الحال التي يثيرها اجتماع المجرمين- على اختلاف جرائمهم- في ساحة العدل والقصاص، من صور الإيلام، والأسى، والفزع، التي تشتمل على أصحاب هذا الموقف جميعا! والشرك عدوان على اللّه، وإنزال بقدره، حين يسوّى بينه وبين المعبودين، من جماد، وحيوان، وإنسان! ولهذا كان الشرك أعظم من الكفر، إذ الكافر- مع إنكاره للّه- حين يتعرف على اللّه لا يراه على تلك الصورة التي يراه عليها المشرك، ولا ينزل بقدره إلى هذا المستوي المهين! {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}.
فالشرك كبيرة الكبائر، لا يغفر اللّه لمرتكيها، ولا يدخله مدخل عباده، الداخلين في رحمته ومغفرته {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً} [48: النساء] {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} [72: المائدة].




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال