سورة المعارج / الآية رقم 37 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ المُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ وَفَصِيلَتِهِ الَتِي تُؤْوِيهِ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى وَجَمَعَ فَأَوْعَى إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الخَيْرُ مَنُوعاً إِلاَّ المُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ العَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ عَنِ اليَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ كَلاَّ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ

المعارجالمعارجالمعارجالمعارجالمعارجالمعارجالمعارجالمعارجالمعارجالمعارجالمعارجالمعارجالمعارجالمعارجالمعارج




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحق جلّ جلاله: {فَمَالِ الذين كفروا}، وكُتب مفصولاً اتباعاً للمصحف، أي: أيُّ شيء حصل لهم حتى كانوا {قِبلك} أي: حولَك {مُهطِعينَ} مُسرعين، مادّين أعناقهم إليك، مقبلين بأبصارهم عليك، {عن اليمين وعن الشمال} أي: عن يمينك وشمالك {عِزينَ}؛ متفرقين فرقاً شتّى. جمع: عِزَة، وأصلها: عِزوة، من العزو، فعُوِّضت التاء من الواو، كأنّ كل فرقة تُعزى إلى غير مَن تُعزى إليه الأخرى. والعزة: الفرقة القليلة، ثلاثة أو أربعة. كان المشركون إذا رأوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الكعبة يقومون من مجالسهم مسرعين إليه، ويُحلِّقون حوله حِلقاً حِلقاً، وفِرقاً فِرقاً، يستمعون ويستهزئون بكلامه صلى الله عليه وسلم ويقولون: شاعر، كاهن، مفتر، ثم يقولون: إن دخل هؤلاء الجنة كما يقول محمد، فلندخلنها قبلهم، فنزلت: {أيَطْمَعُ كلُّ امرىءٍ منهم أن يُدخَلَ جنةَ نعيم} بلا أيمان.
{كلاَّ}، ردع لهم عن ذلك الطمع الفارغ، وهو دخولهم الجنة بلا إيمان {إِنَّا خلقناهم مما يعلمون}، تعليل للردع، أي: إنَّا خلقناهم من نطفةٍ مَذِرة، فلا يستأهل الكرامة إلاَّ مَن تحلّى بالإيمان والطاعة، وكسا لوث بشريته بنور إيمانه، وحلّها بالتقوى، التي بها العز والشرف والارتفاع في أوج القُربى والكرامة التي محلها الجنة، إنما تكون بمخالفة الطبيعة، وغلبة الروح على الطينة الأرضية، والفرض لعدم ذلك منهم، فلا يطمعون في كرامات الروحانية، مع تمحُّض الطينة الجسمانية، فإنه محال بمقتضى الحكمة. قال أبو السعود: وقيل معناه: إنّا خلقناهم من نطفة مذرة، فمن أين يتشرّفون ويدّعون التقدُّم، ويقولون: لَندخلن الجنةّ قبلهم؟ والفرض أنهم مخلوقون من نطفة قذرة، لا تُناسب عالم القدس، فمَن لم يستكمل الإيمان والطاعة، ولم يتخلّق بأخلاق الملائكة، لم يتأهّل لدخولها. ثم قال: ولا يخفى ما في الكل من التمحُّل، والأقرب: أنه كلام مستأنف، سيق تمهيداً لِما بعده مِن بيان قدرته تعالى، على أن يهلكهم، لكفرهم بالبعث والجزاء، واستهزائهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وبما نزل عليه من الوحي، وادعائهم دخول الجنة بطريقة السخرية، وينشىء بدلهم قوماً آخرين، فإنَّ قدرته على ما يعلمون من النشأة الأولى حجة بيِّنة على قدرته تعالى على ذلك، كما يُفصح عنه الفاء الفصيحة في قوله تعالى: {فلا أُقسم بربِّ المشارِق والمغاربِ}، والمعنى: إذا كان الأمر كما ذكرنا من أنّا خلقناهم مما يعلمون فأُقسم برب المشارق والمغارب {إِنَّا لقادِرون على أن نُبدِّل خيراً منهم} أي: نُهلكهم بالمرة، حسبما تقتضيه جنايتهم، ونأتي بدلهم بخلقٍ آخرين ليسوا على صفتهم. اهـ. {وما نحن بمسبوقين}؛ بعاجزين، أو بمغلوبين إن أردنا ذلك، لكن مشيئتَنا المبنية على الحِكمة البالغة اقتضت تأخير عقوبتهم.
{فَذَرْهم}؛ فدع المكذِّبين {يخوضوا} في باطلهم، التي من جملتها ما حكي عنهم، {ويلعبوا} في دنياهم {حتى يُلاقوا يومَهم الذي يوعدون}، وهو يوم البعث عند النفخة الثانية، يدل عليه قوله تعالى: {يوم يَخرجون من الأجدَاثِ}؛ القبور {سِراعاً}؛ جمع سريع، وهو حال من ضمير {يَخرجون} أي: مسرعين إلى الداعي {كأنهم إِلى نُصُبٍ}، وهو كل ما نُصب وعُبد من دون الله، وفيه السكون والفتح.
{يُوفضون}؛ يُسرعون، {خاشعةً أبصارُهم}، ذليلة، لا يرفعونها خوفاً وذِلة، {ترهقهم ذِلةٌ}: يغشاهم هوان شديد، {ذلك} أي: الذي ذكر ما سيقع فيه من الأحوال الهائلة هو {اليومُ الذي كانوا يُوعَدون} في الدنيا، وهم يكذّبون به.
الإشارة: فما لأهل الإنكار والغفلة قِبَلك أيها الداعي مسرعين، يُحبون الخصوصية بلا مجاهدة، أيطمع كل امرىءٍ منهم أن يُدخل جنةَ نعيم الأرواح، وهي جنة المعارف، كلاً، إنّا خلقناهم مما يعلمون من الطينة الأرضية، فلا يطمع أحدٌ في الخصوصية، حتى تستولي روحانيتُه على بشريته، ومعناه على حسه، وتخنس الطينية الطبيعية تحت أنوار الحقيقة القدسية. قال الورتجبي: امتنَّ اللهُ على أوليائه الصادقين أنه يلبغهم إلى جواره؛ لأنهم خُلقوا من تربة الجنة، وخُلقت أرواحهم من نور الملكوت، وإلى مواضعها ترجع، وللقائه خَلَقَهم، ومن نوره أوجدهم، وإنَّ أهل الخذلان خُلقوا من عالم الشهواني والشيطاني، ومنبعُهما النار، فيدخلون مواضعهم؛ لأنهم ليسوا من أهل جواره، ونحن لا ننظر إلى ما خلقنا منه من النطفة والطين، ولا نعتبر بهما، نحن نعتبر بالاصطفائية والخاصية في المعرفة، فإنَّ بهما نصل إلى جوار الله تعالى. اهـ.
قلت: والتحقيق أنّ البشرية كلها من الطين، والروح كلها من النور الملكوتي، فمَن غلب منهما فالحُكم له، فإنْ غلبت الروحُ تنوّرت البشرية بأنوار الهداية، وأشرق الباطن بأسرار المعارف، وإن غلبت البشرية تظلّمت الروح، فتارة يبقى لها شعاع الإيمان، وهو مقام أهل اليمين، وتارة ينطمس عنها، وهو مقام الكفر، والعياذ بالله. وقوله: لأنهم خُلقوا من تربة الجنة، أي: من التربة التي رش عليها من ماء الجنة، حتى أضيفت إليها، وقد تقدّم عن القشيري. والله تعالى أعلم. ثم أقسم تعالى على أنه قادر على تبديل الأشباح فيبدل الخبيث إلى الطيب، وبالعكس، على حسب مشيئته، ثم قال: فذر أهل الغفلة يخوضوا في بواطنهم مع الخواطر، ويلعبوا في ظواهرهم في أمور دنياهم، حتى يُلاقوا ما يُوعدون، فيقع الندم حيث لا ينفع. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد، وآله.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال