سورة نوح / الآية رقم 12 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً مَا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقاً وَجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً وَاللَّهُ أَنْبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتاً ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطاً لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَاراً وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً وَقَالُوا لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَداًّ وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً مِّمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَاراً وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الكَافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً

نوحنوحنوحنوحنوحنوحنوحنوحنوحنوحنوحنوحنوحنوحنوح




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحق جلّ جلاله: {قال} نوح شاكياً إلى الله تعالى: {رَبِّ إِني دعوتُ قومي} إلى الإيمان والطاعة {ليلاً ونهاراً} دائماً بلا فتور ولا توان، {فلم يَزِدْهُم دعائي إِلاَّ فِراراً} مما دعوتهم إليه، ونسب ذلك إلى دعائه لحصوله عنده، وإن لم يكن في الحقيقة سبباً للفرار، وهو كقوله: {وَأَمَّا الذين فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا} [التوبة: 125]، والقرآن لا يكون سبباً لزيادة الرجس، لكن لمّا حصل عنده نُسب إليه، وكان الرجل منهم يذهب بابنه إلى نوح عليه السلام ويقول له: احذر هذا، فلا يعرنّك، فإنّ أبي قد أوصاني بهذا. اهـ.
{وإِني كلما دعوتُهم} إلى الإيمان بك {لتغفرَ لهم} أي: ليؤمنوا فتغفر لهم، فاكتفى بذكر المسبَّب، {جعلوا أصابعَهم في آذانهم} أي: سدُّوا مسامعهم لئلا يسمعوا كلامي، {واستَغْشوا ثيابَهُم} أي: وتغطُّوا بثيابهم لئلا يُبصروني، كراهة النظر إلى وجه مَن ينصحهم في دين الله، {وأصَرُّوا}؛ أقاموا على كفرهم {واسْتَكْبَروا استكباراً} أي: تعاظموا عن إجابتي تعاظماً كبيراً. وذِكْرُ المصدر دليل على فرط استكبارهم.
{ثم إِني دَعَوتهم جِهاراً} أي: مجاهراً، فيكون حالاً، أو: مصدر دعوت، كقعد القرفصاء؛ لأنّ الجهار أحد نوعَي الدعاء. يعني: أظهرت الدعوة في المحافل والمجالس. {ثم إِني أعلنتُ لهم وأَسررتُ لهم إِسراراً} أي: جَمَعْتُ لهم بين دعاء العلانية والسر، فكنتُ أدعو كل مَن لقيت، فرداً وجماعة. والحاصل: أنه دعاهم ليلاً ونهاراً في السر، ثم دعاهم جِهاراً، ثم دعاهم في السر والعلن، وهكذا يفعل المذكِّر في الأمر بالمعروف، يبتدىء بالأهون فالأشد، افتتح بالمناصحة بالسر، فلما لم يُطيعوا ثنّى بالمجاهرة، فلما لم تؤثر ثلّث بالجمع بين الإسرار والإعلان. و{ثم} تدل على تباعد الأحوال؛ لأنَّ الجِهار أغلظ من الإسرار، والجمع بين الأمرين أغلظ من إفراد أحدهما.
{فقلتُ استغفِروا ربكم} بالتوبة من الكفر والمعاصي فالاستغفار: طلب المغفرة، فإن كان المستغفِر كافراً فهو من الكفر، وإن كان مؤمناً فهو من الذنوب، {إِنه كان غفَّاراً} لم يزل غَفَّار الذنوب لمَن يُنيب إليه، {يُرسل السماءَ} بالمطر {عليكم مِذراراً}؛ كثير الدُّرور، أي: البروز، ومِفعال يستوي فيه المذكر والمؤنث، {ويُمددكم بأموال وبنينَ} أي: يزدكم أمولاً وبنين على ما عندكم، {ويجعل لكم جنات}؛ بساتين {ويجعل لكم أنهاراً} جارية لمزارعكم وبساتينكم. وكانوا يُحبون الأموال والأولاد، فحرّكوا بهذا على الإيمان، وقيل: لمّا كذّبوه بعد طول تكرار الدعوة حبس الله عنهم القطر، وأعقم نساءهم أربعين سنة، أو سبعين، فوعدهم نوح أنهم إن آمنوا رزقهم الله الخِصب، ورفع عنهم ما كانوا فيه. وعن عمر رضي الله عنه: أنه خرج يستسقي فما زاد على الاستغفار، فمُطر فقيل له: ما رأيناك استسقيت؟ فقال: لقد استقيت بمجاديح السماء التي لا تخطىء، ثم قرأ الآية.
وفي القاموس: ومجاديح السماء: أنواؤها. اهـ. وشكى رجلٌ إلى الحسن الجدوبة، فقال له: استغفِر الله، وشكى إليه آخر الفقر، وآخر قلة النسل، وآخر قلة غلة أرضه، فأمرهم كلّهم بالاستغفار، فقيل له في ذلك، فقال: ما قلت من عندي شيئاً، ثم تلا الآية.
{ما لكم لا ترجون لله وَقَاراً} أي: لا تخافون لله عظمةً. قال الأخفش: الرجاء هنا: الخوف؛ لأنّ مع الرجاء طرفاً من الخوف واليأس. والوقار: العظمة. وقال أبو السعود: الرجاء هنا بمعنى الاعتقاد. وجملة {ترجون}: حال من ضمير المخاطبين، و{لله} متعلق بمضمر، حال من {وقارا}، ولو تأخر لكان صفة له، أي: أيُّ سبب حصل لكم حال كونكم غير معتقدين لله تعالى عظمة موجبة للتعظيم بالإيمان والطاعة. اهـ. أو: لا تأملون له توقيراً، أي: تعظيماً، والمعنى: ما لكم لا تكونون على حال تأملون فيه تعظيم الله إياكم في دار الثواب، {وقد خَلَقَكم أطواراً} في موضع الحال، أي: ما لكم لا تؤمنون بالله، والحال أنكم على حال منافية لِما أنتم عليه بالكلية، وهي أنكم تعلمون أنه خلقكم أطواراً، أي: أحوالاً مختلفة، خَلَقَكم أولاً نُطفاً، ثم خلقكم علقاً ثم مُضغاً، ثم عظاماً ولحماً، ثم إنساناً، ثم خلقاً آخر، وبعد ظهوره إلى هذا العالم يكون شباباً، ثم كهلاً، ثم شيخاً، بالتقصير في توقير مَن هذه شؤونه من القدرة القاهرة والإحسان التام، مع العلم بها، مما لا يكاد يصدر عن العاقل. والله تعالى أعلم.
الإشارة: ينبغي للداعي أن يكون على قدم أولي العزم، لا يمل من التذكير والدعاء إلى الله، ويكرر ذلك ليلاً ونهاراًن ولو قُوبل بالرد والإنكار، فلأن يهدي الله به رجلاً واحداً خير له مما طلعت عليه الشمس. وقوله تعالى: {وأصَرُّوا واستكبروا}، قال القشيري: ويقال: لَمَّا دام إصرارهُم تَولَّدَ منه استكبارُهم، قال تعالى: {فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمد فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} [الحديد: 16]. وقال الورتجبي: مَن أصرَّ على المعصية أورثه التمادي على الضلالة، حتى يرى قبيح أفعاله مستحسناً، فإذا رآه مستحسناً يستكبر، ويعلو على أولياء الله، ولا يقبل بعد ذلك نصحتهم. قال سهل: الإصرار على الذنب يورث الاستكبار، والاستكبار يورث الجهل، والجهل يورث التخطي في الباطل، وذلك يورث قساوة القلب، وهي تورث النفاق، والنفاق يورث الكفر. اهـ.
وقوله تعالى: {استغفِروا ربكم} قال القشيري: ليعلم العاملون أنَّ الاستغفار قَرْعُ أبوابِ النعمة، ومَن وقعت له إلى الله حاجة فلا يَصِل إلى مرادِه إلاّ بتقديم الاستغفار. ويقال: مَن أراد التفضُّل فعليه بالعُذْر والتنصُّل. اهـ. وقوله: {ما لكم لا ترجون لله وقاراً} أي: ما لكم لا تعتقدون لله تعظيماً وإجلالاً، فلا تراقبونه، ولا تخافون سطوته، فإنَّ المشاهدة على قدر المراقبة، فمَن لم يُحْكِم أمر المراقبة لم يظفر بغاية المشاهدة. وقد خلقكم أطواراً، أي: درّج بشريتكم في أطوار مُختلفة، وهي سبعة: النطفة، ثم العلقة، ثم المضغة، ثم الجنين، ثم الطفولية، ثم الكهولة، ثم الشيخوخة، ثم يرتحل إلى دار الدوام، وكذلك الروح لها سبعة أطوار: التوبة ثم الورع، ثم الزهد، ثم التوكُّل، ثم الرضاء والتسليم، ثم المراقبة، ثم المشاهدة. والله تعالى أعلم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال