سورة المدثر / الآية رقم 30 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ البَشَرِ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِّلْبَشَرِ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً وَلاَ يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ كَلاَّ وَالْقَمَرِ وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ إِنَّهَا لإِحْدَى الكُبَرِ نَذِيراً لِّلْبَشَرِ لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلاَّ أَصْحَابَ اليَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ المُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ المِسْكِينَ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الخَائِضِينَ وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتَانَا اليَقِينُ

المدثرالمدثرالمدثرالمدثرالمدثرالمدثرالمدثرالمدثرالمدثرالمدثرالمدثرالمدثرالمدثرالمدثرالمدثر




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ (30) وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَما هِيَ إِلاَّ ذِكْرى لِلْبَشَرِ (31)}
قوله تعالى: {عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ} أي على سقر تسعة عشر من الملائكة يلقون فيها أهلها. ثم قيل: على جملة النار تسعة عشر من الملائكة هم خزنتها، مالك وثمانية عشر ملكا. ويحتمل أن تكون التسعة عشر نقيبا، ويحتمل أن يكون تسعة عشر ملكا بأعيانهم. وعلى هذا أكثر المفسرين. الثعلبي: ولا ينكر هذا، فإذا كان ملك واحد يقبض أرواح جميع الخلائق كان أحرى أن يكون تسعة عشر على عذاب بعض الخلائق.
وقال ابن جريج: نعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خزنة جهنم فقال: «فكأن أعينهم البرق، وكان أفواههم الصياصي، يجرون أشعارهم، لأحدهم من القوة مثل قوة الثقلين، يسوق أحدهم الامة وعلى رقبته جبل، فيرميهم في النار، ويرمى فوقهم الجبل». قلت: وذكر ابن المبارك قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن رجل من بني تميم قال: كنا عند أبي العوام، فقرأ هذه الآية: وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ. لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ. لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ. عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ فقال ما تسعة عشر؟ تسعة عشر ألف ملك، أو تسعة عشر ملكا؟ قال: قلت: لا بل تسعة عشر ملكا. فقال: وأنى تعلم ذلك؟ فقلت: لقول الله عز وجل: {وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} قال: صدقت هم تسعة عشر ملكا، بيد كل ملك منهم مرزبة لها شعبتان، فيضرب الضربة فيهوى بها في النار سبعين ألفا. وعن عمرو بن دينار: كل واحد منهم يدفع بالدفعة الواحدة في جهنم أكثر من ربيعة ومضر. خرج الترمذي عن جابر بن عبد الله. قال: قال ناس من اليهود لأناس من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هل يعلم نبيكم عدد خزنة جهنم؟ قالوا: لا ندري حتى نسأل نبينا. فجاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا محمد غلب أصحابك اليوم، فقال: «وماذا غلبوا»؟ قال: سألهم يهود: هل يعلم نبيكم عدد خزنة جهنم؟ قال: «فماذا قالوا» قال: قالوا لا ندري حتى نسأل نبينا. قال: «أفغلب قوم سئلوا عما لا يعلمون، فقالوا لا نعلم حتى نسأل نبينا؟ لكنهم قد سألوا نبيهم فقالوا أرنا الله جهرة، علي بأعداء الله! إني سائلهم عن تربة الجنة وهي الدرمك». فلما جاءوا قالوا: يا أبا القاسم كم عدد خزنة جهنم؟ قال: «هكذا وهكذا» في مرة عشرة وفي مرة تسعة. قالوا: نعم. قال لهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما تربة الجنة» قال: فسكتوا هنيهة ثم قالوا: أخبزة يا أبا القاسم؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الخبز من الدرمك». قال أبو عيسى: هذا حديث غريب، إنما نعرفه من هذا الوجه من حديث مجالد عن الشعبي عن جابر.
وذكر ابن وهب قال: حدثنا عبد الرحمن بن زيد، قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في خزنة جهنم: «ما بين منكبي أحدهم كما بين المشرق والمغرب».
وقال ابن عباس: ما بين منكبي الواحد منهم مسيرة سنة، وقوه الواحد منهم أن يضرب بالمقمع فيدفع بتلك الضربة سبعين ألف إنسان في قعر جهنم. قلت: والصحيح إن شاء الله أن هؤلاء التسعة عشر، هم الرؤساء والنقباء، وأما جملتهم فالعبارة تعجز عنها، كما قال الله تعالى: {وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} وقد ثبت في الصحيح عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها».
وقال ابن عباس وقتادة والضحاك: لما نزل: {عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ} قال أبو جهل لقريش: ثكلتكم أمهاتكم! أسمع ابن أبي كبشة يخبركم أن خزنة جهنم تسعة عشر، وأنتم الدهم- أي العدد- والشجعان، فيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا بواحد منهم! قال السدي: فقال أبو الأسود بن كلدة الجمحي: لا يهولنكم التسعة عشر، أنا أدفع بمنكبي الأيمن عشرة من الملائكة، وبمنكبي الأيسر التسعة، ثم تمرون إلى الجنة، يقولها مستهزئا. في رواية: أن الحرث بن كلدة قال أنا أكفيكم سبعة عشر، واكفوني أنتم اثنين.
وقيل: إن أبا جهل قال أفيعجز كل مائة منكم أن يبطشوا بواحد منهم، ثم تخرجون من النار؟ فنزل قوله تعالى: {وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً} أي لم نجعلهم رجالا فتتعاطون مغالبتهم.
وقيل: جعلهم ملائكة لأنهم خلاف جنس المعذبين من الجن والانس، فلا يأخذهم ما يأخذ المجانس من الرأفة والرقة، ولا يستروحون إليهم، ولأنهم أقوم خلق الله بحق الله وبالغضب له، فتؤمن هوادتهم، ولأنهم أشد خلق الله بأسا وأقواهم بطشا. {وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً} أي بلية. وروي عن ابن عباس من غير وجه قال: ضلالة للذين كفروا، يريد أبا جهل وذويه.
وقيل: إلا عذابا، كما قال تعالى: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ} [الذاريات: 14]. أي جعلنا ذلك سبب كفرهم وسبب العذاب.
وفي تِسْعَةَ عَشَرَ سبع قراءات: قراءة العامة تِسْعَةَ عَشَرَ. وقرأ أبو جعفر بن القعقاع وطلحة بن سليمان {تسعة عشر} بإسكان العين. وعن ابن عباس {تسعة عشر} بضم الهاء. وعن أنس بن مالك {تسعة وعشر} وعنه أيضا {تسعة وعشر}. وعنه أيضا {تسعة أعشر} ذكرها المهدوي وقال: من قرأ {تسعة عشر} أسكن العين لتوالي الحركات. ومن قرأ {تسعة وعشر} جاء به على الأصل قبل التركيب، وعطف عشرا على تسعة، وحذف التنوين لكثرة الاستعمال، وأسكن الراء من عشر على نية السكوت عليها. ومن قرأ {تسعة عشر} فكأنه من التداخل، كأنه أراد العطف وترك التركيب، فرفع هاء التأنيث، ثم راجع البناء وأسكن. وأما {تسعة أعشر}: فغير معروف، وقد أنكرها أبو حاتم. وكذلك {تسعة وعشر} لأنها محمولة على {تسعة أعشر} والواو بدل من الهمزة، وليس لذلك وجه عند النحويين. الزمخشري: وقرئ: {تسعة أعشر} جمع عشير، مثل يمين وأيمن.
قوله تعالى: {لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ} أي ليوفن الذين أعطوا التوراة والإنجيل أن عدة خزنة جهنم موافقة لما عندهم، قاله ابن عباس وقتادة والضحاك ومجاهد وغيرهم. ثم يحتمل أنه يريد الذين آمنوا منهم كعبد الله بن سلام. ويحتمل أنه يريد الكل. {وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً} بذلك، لأنهم كلما صدقوا بما في كتاب الله آمنوا، ثم ازدادوا إيمانا لتصديقهم بعدد خزنة جهنم. وَلا يَرْتابَ أي ولا يشك الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ أي أعطوا الكتاب وَالْمُؤْمِنُونَ أي المصدقون من أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أن عدة خزنة جهنم تسعة عشر. {وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} أي في صدورهم شك ونفاق من منافقي أهل المدينة، الذين ينجمون في مستقبل الزمان بعد الهجرة ولم يكن بمكة نفاق وإنما نجم بالمدينة.
وقيل: المعنى، أي وليقول المنافقون الذين ينجمون في مستقبل الزمان بعد الهجرة. وَالْكافِرُونَ أي اليهود والنصارى {ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا} يعني بعدد خزنة جهنم.
وقال الحسين بن الفضل: السورة مكية ولم يكن بمكة نفاق، فالمرض في هذه الآية الخلاف والْكافِرُونَ أي مشركو العرب. وعلى القول الأول أكثر المفسرين. ويجوز أن يراد بالمرض: الشك والارتياب، لان أهل مكة كان أكثرهم شاكين، وبعضهم قاطعين بالكذب وقوله تعالى إخبارا عنهم: ماذا أَرادَ اللَّهُ أي ما أراد بِهذا العدد الذي ذكره حديثا، أي ما هذا من الحديث. قال الليث: المثل الحديث، ومنه: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ أي حديثها والخبر عنها كَذلِكَ أي كإضلال الله أبا جهل وأصحابه المنكرين لخزنة جهنم يُضِلُّ اللَّهُ أي يخزي ويعمي مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي أي ويرشد مَنْ يَشاءُ كإرشاد أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقيل: كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ عن الجنة مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إليها مَنْ يَشاءُ. {وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} أي وما يدري عدد ملائكة ربك الذين خلقهم لتعذيب أهل النار إِلَّا هُوَ أي إلا الله جل ثناؤه. وهذا جواب لابي جهل حين قال: أما لمحمد من الجنود إلا تسعة عشر! وعن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقسم غنائم حنين، فأتاه جبريل فجلس عنده، فأتى ملك فقال: إن ربك يأمرك بكذا وكذا، فخشي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يكون شيطانا، فقال: «يا جبريل أتعرفه»؟ فقال: هو ملك وما كل ملائكة ربك أعرف.
وقال الأوزاعي: قال موسى: يا رب من في السماء؟ قال ملائكتي. قال كم عدتهم يا رب؟ قال: اثنى عشر سبطا. قال: كم عدة كل سبط؟ قال: عدد التراب ذكرهما الثعلبي.
وفي الترمذي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته لله ساجدا». قوله تعالى: {وَما هِيَ إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ} يعني الدلائل والحجج والقرآن.
وقيل: وَما هِيَ أي وما هذه النار التي هي سقر إِلَّا ذِكْرى أي عظة لِلْبَشَرِ أي للخلق.
وقيل: نار الدنيا تذكرة لنار الآخرة. قاله الزجاج.
وقيل: أي ما هذه العدة إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ أي ليتذكروا ويعلموا كمال قدرة الله تعالى، وأنه لا يحتاج إلى أعوان وأنصار، فالكناية على هذا في قوله تعالى: {وَما هِيَ} ترجع إلى الجنود، لأنه أقرب مذكور.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال