سورة القيامة / الآية رقم 13 / تفسير تفسير ابن عطية / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى صُحُفاً مُّنَشَّرَةً كَلاَّ بَل لاَّ يَخَافُونَ الآخِرَةَ كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ المَغْفِرَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ القِيَامَةِ وَلاَ أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَن لَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّـسَوِّيَ بَنَانَهُ بَلْ يُرِيدُ الإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ القِيَامَةِ فَإِذَا بَرِقَ البَصَرُ وَخَسَفَ القَمَرُ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ يَقُولُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ المَفَرُّ كَلاَّ لاَ وَزَرَ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المُسْتَقَرُّ يُنَبَّأُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ

المدثرالمدثرالمدثرالمدثرالمدثرالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قرأ جمهور السبعة: {لا أقسم بيوم القيامة. ولا أقسم بالنفس اللوامة} وقرأ ابن كثير والحسن بخلاف عنه والأعرج {لأقسم بيوم القيامة ولأقسم بالنفس}، فأما القراءة الأولى فاختلف في تأويلها فقال ابن جبير: لا استفتاح كلام بمنزلة ألا وأنشدوا على ذلك [المتقارب]
فلا وأبيك ابنة العامري *** لا يعلم القوم أني أفر
وقال أبو علي الفارسي: لا صلة زائدة كما زيدت في قوله {لئلا يعلم أهل الكتاب} [الحديد: 29] ويعترض هذا بأن هذه في ابتداء كلام. ولا تزاد لا وما نحوها من الحروف إلا في تضاعيف كلام. فينفصل عن هذا بأن القرآن كله كالسورة الواحدة وهو في معنى الاتصال فجاز فيه هذا، وقال الفراء: لا نفي لكلام الكفار وزجر لهم ورد عليهم، ثم استأنف على هذه الأقوال الثلاثة قوله: {أقسم}، ويوم القيامة أقسم الله به تنبيهاً منه لعظمه وهوله. وقوله تعالى: {ولا أقسم بالنفس اللوامة} القول في لا على نحو ما تقدم، وأما القراءة الثانية فتحتمل أمرين، إما أن تكون اللام دخلت على فعل الحال، التقدير لأنا أقسم فلا تلحق لأن النون نون التوكيد إنما تدخل في الأكثر لتفرق بين فعل الحال والفعل المستقبل فهي تلزم المستقبل في الأكثر، وإما أن يكون الفعل خالصاً للاستقبال فكأن الوجه والأكثر أن تلحق النون إما الخفيفة وإما الثقيلة، لكن قد ذكر سيبويه أن النون قد تسقط مع إرادة الاستقبال وتغني اللام عنها كما تسقط اللام وتغني النون عنها وذلك في قول الشاعر: [الكامل]
وقتيل مرة أثأرن فإنه *** فرغ وإن قتيلهم لم يثأر
المراد لأثارن، وأما قوله {ولا أقسم بالنفس اللوامة} فقيل لا نافية، وإن الله تعالى أقسم بيوم القيامة، ونفى أن يقسم بالنفس اللوامة نص عليه الحسن، وقد ذهب هذا المذهب قوم ممن قرأ {لا أقسم ولأقسم}، وذلك قلق وهو في القراءة الثانية أمكن وجمهور المتأولين على أن الله تعالى أقسم بالأمرين، واختلف الناس في {النفس اللوامة} ما معناه، فقال الحسن هي {اللوامة} لصاحبها في ترك الطاعة ونحوه، فهي على هذا ممدوحة، ولذلك أقسم الله تعالى بها، وقال ابن عباس: هي الفاجرة الجشعة {اللوامة} لصاحبها على ما فاته من سعي الدنيا وأعراضها فهي على هذا ذميمة وعلى هذا التأويل يحسن نفي القسم بها والنفس في الآية اسم جنس لنفوس البشر، وقال ابن جبير ما معناه: إن القسم بها هي اسم الجنس لأنها تلوم على الخير وعلى الشر، وقيل المراد نفس آدم لأنها لم تزل اللائمة له على فعله الذي أخرجه من الجنة.
قال القاضي أبو محمد: وكل نفس متوسطة ليست بالمطمئنة ولا بالأمارة بالسوء، فإنها لوامة في الطرفين مرة تلوم على ترك الطاعة، ومرة تلوم على فوت ما تشتهي، فإذا اطمأنت خلصت وصفت، وقوله تعالى: {أيحسب الإنسان} تقرير وتوبيخ، و{الإنسان} اسم جنس وهذه أقوال كانت لكفار قريش فعليها هو الرد، وقرأ جمهور الناس: {نجمع عظامَه} بالنون ونصب الميم من العظام، وقرأ قتادة {أن لن يجمع عظامُه} بالياء ورفع الميم من العظام، ومعنى ذلك في القيامة وبعد البعث من القبور، وقرأ أبو عمرو بإدغام العين ثم قال تعالى: {بلى} وهي إيجاب ما نفي، وبابها أن تأتي بعد النفي والمعنى بل يجمعها {قادرين} بنصب {قادرين} على الحال. وقرأ ابن أبي عبلة {قادرون} بالرفع، وقال القتبي: {نسوي بنانه} معناه نتقنها سوية، والبنان: الأصابع، فكأن الكفار لما استبعدوا جمع العظام بعد الفناء والإرمام، قيل لهم إنما تجمع ويسوى أكثرها تفرقاً أجزاء وهي عظام الأنامل ومفاصلها، وهذا كله عند البعث، وقال ابن عباس وجمهور المفسرين: {نسوي بنانه} معناه نجعلها في حياته هذه بضعة أو عظماً واحداً كخف البعير لا تفاريق فيه، فكأن المعنى قادرين لأن في الدنيا على أن نجعلها دون تفرق، فتقل منفعته بيده، فكأن التقدير {بلى} نحن أهل أن نجمعها {قادرين} على إزالة منفعة بيده، ففي هذا توعد ما، والقول الأول أحرى مع رصف الكلام، ولكن على هذا القول جمهور العلماء، وقوله تعالى: {بل يريد الإنسان ليفجر أمامه} قال بعض المتأولين: الضمير في {أمامه} عائد على {الإنسان}، ومعنى الآية أن الأنسان إنما يريد شهواته ومعاصيه ليمضي فيها أبداً قدماً راكب رأسه ومطيع أمله ومسوفاً بتوبته، قاله مجاهد والحسن وعكرمة وابن جبير والضحاك والسدي. وقال السدي: المعنى ليظلم على قدر طاقته، وقال الضحاك المعنى يركب رأسه في طلب الدنيا دائماً، وقوله تعالى: {ليفجر أمامه} تقديره لكن يفجر، وقال ابن عباس ما يقتضي أن الضمير في {أمامه} عائد على {يوم القيامة}، والمعنى أن الإنسان هو في زمن وجوده أمام يوم القيامة وبين يديه، ويوم القيامة خلفه فهو يريد شهواته ليفجر في تكذيبه بالبعث وغير ذلك بين يدي يوم القيامة، وهو لا يعرف قدر الضرر الذي هو فيه، ونظيره قوله تعالى: {ليفجر} قول قيس بن سعد أردت لكيما يعرف الناس أنها سراويل قيس والوفود شهود.
و {بل} في أول الآية هي إضراب على معنى الترك لا على معنى إبطال الكلام الأول، وقد تجيء بل لإبطال القول الذي قبلها، وسؤال الكافر {أيان يوم القيامة} هو على معنى التكذيب والهزء كما تقول لمحدث بأمر تكذبه متى يكون هذا؟ و{أيان} لفظة بمعنى متى، وهي مبينة لتضمنها معنى الاستفهام فأشبهت الحروف المتضمنة للمعاني.
وكان حقها أن تبنى على السكون، لكن فتحت النون لالتقاء الساكنين الألف وهي وقرأ أبو عمرو والحسن ومجاهد وقتادة والجحدري وعاصم والأعمش وأبو جعفر وشيبة {بِرق البصر} بكسر الراء بمعنى شخص وشق وحار. وقرأ نافع وعاصم بخلاف، وعبد الله بن أبي إسحاق وزيد بن ثابت ونصر بن عاصم {بَرق} بفتح الراء، بمعنى لمع وصار له بريق وحار عند الموت، والمعنى متقارب في القراءتين، وقال أبو عبيدة {برَق} بالفتح شق، وقال مجاهد هذا عند الموت، وقال الحسن هذا في يوم القيامة، وقرأ جمهور الناس: {وخسف القمرُ} على أنه فاعل، وقرأ أبو حيوة {خُسِف} بضم الخاء وكسر السين و{القمرُ} مفعول لما يسم فاعله. يقال خسف القمر وخسفه الله، وكذلك الشمس، وقال أبو عبيدة وجماعة من اللغويين الخسوف والكسوف بمعنى واحد، قال ابن أبي أويس: الكسوف ذهاب بعض الضوء، والخسوف ذهاب جميعه، وروي عن عروة وسفيان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقولوا كسفت الشمس ولكن قولوا خسفت» وقوله تعالى: {وجمع الشمس والقمر} غلب عليه التذكير على التأنيث وقيل ذلك لأن تأنيث الشمس غير حقيقي، وقيل المراد بين الشمس والقمر، وكذلك قرأ ابن أبي عبلة. واختلف المتأولون في معنى الجمع بينهما فقال عطاء بن يسار: يجمعان فيقذفان في النار، وقيل في البحر، فتصير نار الله العظمى، وقيل يجمع الضواءن فيذهب بهما، وقرأ جمهور الناس {أين المَفر} بفتح الميم والفاء على المصدر أي أين الفرار، وقرأ ابن عباس والحسن وعكرمة وأيوب السخيتاني وكلثوم بن عياض ومجاهد ويحيى بن يعمر وحماد بن سلمة وأبو رجاء وعيسى وابن أبي إسحاق، {أين المَفِر} بفتح الميم وكسر الفاء عل معنى أين موضع الفرار، وقرأ الزهري: {أين المِفَر} بكسر الميم وفتح الفاء بمعنى أين الجيد من الفرار، و{كلا} زجر يقال للإنسان يومئذ ثم يعلن أنه {لا وزر} له أي ملجأ، وعبر المفسرون عن الوزر بالحبل، قال مطرف بن الشخير وغيره، وهو كان وزر فرار العرب في بلادهم، فلذلك استعمل، والحقيقة أنه الملجأ كان جبلاً أو حصناً أو سلاحاً أو رجلاً أو غيره، وقوله تعالى: {إلى ربك يومئذ المستقر} معناه إلى حكم ربك أو نحوه من التقدير و{المستقر} رفع بالابتداء وخبره في المقدر الذي يتعلق به المجرور المتقدم، تقدير الكلام المستقر ثابت أو كائن إلى ربك يومئذ، و{المستقر}: موضع الاستقرار، وقوله تعالى: {بما قدم وآخر} قسمة تستوي في كل عمل، أي يعلم بكل ما فعل ويجده محصلاً، قال ابن عباس وابن مسعود المعنى {بما قدم} في حياته {وأخر} من سنة يعمل بها بعده، وقال ابن عباس أيضاً: {بما قدم} من المعاصي {وأخر} من الطاعات، وقال زيد بن أسلم: {بما قدم} لنفسه من ماله وبما أخر منه للوارث، وقوله تعالى: {بل الإنسان} إضراب بمعنى الترك لا على معنى إبطال القول الأول، و{بصيرة} يحتمل أن يكون خبراً عن الإنسان ولحقته هاء التأنيث كما لحقت علامة ونسابة، والمعنى فيه وفي عقله وفطرته حجة وطليعة وشاهد مبصر على نفسه، والهاء للتأنيث، ويراد ب البصيرة جوارحه أو الملائكة الحفظة وهذا تأويل ابن عباس، والمعاذير هنا قال الجمهور: هي الأعذار جمع معذرة، وقال السدي والضحاك: هي الستور بلغة اليمن يقولون للستر المعذار، وقال الحسن: المعنى {بل الإنسان على نفسه} بلية ومحنة، كأنه ذهب إلى البصيرة التي هي طريقة الدم وداعية طلب الثأر وفي هذا نظر.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال