سورة القيامة / الآية رقم 22 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ العَاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ الفِرَاقُ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المَسَاقُ فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أن يُحْيِيَ المَوْتَى بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً

القيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالإنسانالإنسانالإنسانالإنسانالإنسانالإنسانالإنسان




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (22) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (23) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (24) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ (25)}
قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ} الأول من النضرة التي هي الحسن والنعمة. والثاني من النظر أي وجوه المؤمنين مشرقة حسنة ناعمة، يقال: نضرهم الله ينضرهم نضرة ونضارة وهو الإشراق والعيش والغنى، ومنه الحديث: «نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها». إِلى رَبِّها إلى خالقها ومالكها {ناظِرَةٌ} أي تنظر إلى ربها على هذا جمهور العلماء.
وفي الباب حديث صهيب خرجه مسلم وقد مضى في يونس عند قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ}. وكان ابن عمر يقول: أكرم أهل الجنة على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية، ثم تلا هذه الآية: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ. إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ وروى يزيد النحوي عن عكرمة قال: تنظر إلى ربها نظرا. وكان الحسن يقول: نضرت وجوههم ونظروا إلى ربهم.
وقيل: إن النظر هنا انتظار ما لهم عند الله من الثواب. وروي عن ابن عمر ومجاهد.
وقال عكرمة: تنتظر أمر ربها. حكاه الماوردي عن ابن عمر وعكرمة أيضا. وليس معروفا إلا عن مجاهد وحده. واحتجوا بقوله تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ} [الأنعام: 103] وهذا القول ضعيف جدا، خارج عن مقتضى ظاهر الآية والاخبار.
وفي الترمذي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وأزواجه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية» ثم قرأ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ. إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ قال هذا حديث غريب. وقد روى عن ابن عمرو ولم يرفعه.
وفي صحيح مسلم عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن».
وروى جرير بن عبد الله قال: كنا عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جلوسا، فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال: «إنكم سترون ربكم عيانا كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا». ثم قرأ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ متفق عليه. وخرجه أيضا أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح. وخرج أبو داود عن أبي رزين العقيلي قال: قلت يا رسول الله أكلنا يرى ربه؟ قال ابن معاذ: مخليا به يوم القيامة؟ قال: «نعم يا أبا رزين» قال: وما آية ذلك في خلقه؟ قال: «يا أبا رزين أليس كلكم يرى القمر» قال ابن معاذ: ليلة البدر مخليا به. قلنا: بلى. قال: «فالله أعظم» قال ابن معاذ قال: «فإنما هو خلق من خلق الله- يعني القمر- فالله أجل وأعظم».
وفي كتاب النسائي عن صهيب قال: «فيكشف الحجاب فينظرون إليه، فو الله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر، ولا أقر لأعينهم» وفي التفسير لابي إسحاق الثعلبي عن الزبير عن جابر قال:
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يتجلى ربنا عز وجل حتى ينظروا إلى وجهه، فيخرون له سجدا، فيقول ارفعوا رءوسكم فليس هذا بيوم عبادة» قال الثعلبي: وقول مجاهد إنها بمعنى تنتظر الثواب من ربها ولا يراه شيء من خلقه، فتأويل مدخول، لان العرب إذا أرادت بالنظر الانتظار قالوا نظرته، كما قال تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ} [الزخرف: 66] {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ} [الأعراف: 53]، {وما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً} [يس: 49] وإذا أرادت به التفكر والتدبر قالوا: نظرت فيه، فأما إذا كان النظر مقرونا بذكر إلى، وذكر الوجه فلا يكون إلا بمعنى الرؤية والعيان.
وقال الأزهري: إن قول مجاهد تنتظر ثواب ربها خطأ، لأنه لا يقال نظر إلى كذا بمعنى الانتظار، وإن قول القائل: نظرت إلى فلان ليس إلا رؤية عين، كذلك تقوله العرب، لأنهم يقولون نظرت إليه: إذا أرادوا نظر العين، فإذا أرادوا الانتظار قالوا نظرته، قال:
فإنكما إن تنظراني ساعة *** من الدهر تنفعني لدى أم جندب
لما أراد الانتظار قال تنظراني، ولم يقل تنظران إلي، وإذا أرادوا نظر العين قالوا: نظرت إليه، قال:
نظرت إليها والنجوم كأنها *** مصابيح رهبان تشب لقفال
وقال آخر:
نظرت إليها بالمحصب من منى *** ولي نظر لولا التحرج عارم
وقال آخر:
إني إليك لما وعدت لناظر *** نظر الفقير إلى الغني الموسر
أي إني أنظر إليك بذل، لان نظر الذل والخضوع أرق لقلب المسئول، فأما ما استدلوا به من قوله تعالى: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ} [الأنعام: 103] فإنما ذلك في الدنيا. وقد مضى القول فيه في موضعه مستوفى.
وقال عطية العوفي: ينظرون إلى الله لا تحيط أبصارهم به من عظمته، ونظره يحيط بها، يدل عليه: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ} [الأنعام: 103] قال القشيري أبو نصر: وقيل: إِلى واحد الآلاء: أي نعمه منتظرة وهذا أيضا باطل، لان واحد الآلاء يكتب بالألف لا بالياء، ثم الآلاء: نعمه الدفع، وهم في الجنة لا ينتظرون دفع نقمه عنهم، والمنتظر للشيء متنغص العيش، فلا يوصف أهل الجنة بذلك.
وقيل: أضاف النظر إلى الوجه، وهو كقوله تعالى: {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ} [المائدة: 119] والماء يجري في النهر لا النهر. ثم قد يذكر الوجه بمعنى العين، قال الله تعالى: {فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً} [يوسف: 93] أي على عينيه. ثم لا يبعد قلب العادة غدا، حتى يخلق الرؤية والنظر في الوجه، وهو كقوله تعالى: {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ} [الملك: 22]، فقيل: يا رسول الله! كيف يمشون في النار على وجوههم؟ قال: «الذي أمشاهم على أقدامهم قادر أن يمشيهم على وجوههم». {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ} أي وجوه الكفار يوم القيامة كالحة كاسفة عابسة.
وفي الصحاح: وبسر الفحل الناقة وابتسرها: إذا ضربها من غير ضبعة. وبسر الرجل وجهه بسورا أي كلح، يقال: عبس وبسر.
وقال السدي: باسِرَةٌ أي متغيرة والمعنى واحد. {تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ} أي توقن وتعلم، والفاقرة: الداهية والامر العظيم، يقال: فقرته الفاقرة: أي كسرت فقار ظهره. قال معناه مجاهد وغيره.
وقال قتادة: الفاقرة الشر. السدي: الهلاك. ابن عباس وابن زيد: دخول النار. والمعنى متقارب واصلها الوسم على أنف البعير بحديدة أو نار حتى يخلص إلى العظم، قاله الأصمعي. يقال: فقرت أنف البعير: إذا حززته بحديدة ثم جعلت على موضع الحز الجرير وعليه وتر ملوي، لتذلله بذلك وتروضه، ومنه قولهم: قد عمل به الفاقرة.
وقال النابغة:
أبى لي قبر لا يزال مقابلي *** وضربة فأس فوق رأسي فاقرة
أي كاسرة.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال