سورة القيامة / الآية رقم 39 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ العَاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ الفِرَاقُ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المَسَاقُ فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أن يُحْيِيَ المَوْتَى بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً

القيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالإنسانالإنسانالإنسانالإنسانالإنسانالإنسانالإنسان




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (34) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (35) أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً (36) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى (37) ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (39) أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى (40)}.
التفسير:
قوله تعالى: {أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى} هو دعوة إلى هذا المشرك، الكافر باليوم الآخر، المكذب بالبعث، والحساب، والجزاء- دعوة له إلى ما هو أولى به، وأحسن عاقبة له.
ولم تصرح الآية الكريمة بهذا الأولى، الذي يدعى إليه هذا الضال، بل جعلته مطلقا من غير تحديد.
وفى هذا ما يشير إلى أمور:
فأولا: أن ما فيه هذا الضال من ضلال، هو أمر واضح لا يحتاج بيان ما فيه من نكر، إلى عرض الوجه المقابل له، لأنه مستغن بذاته عن أن يدل على شناعته.
وثانيا: أن أي مذهب يذهبه هذا الضال، هو أهدى سبيلا من طريقه الذي يسير فيه، والذي سيلقى به في التهلكة، إن هو تابع مسيرته عليه.
وثالثا: أن إطلاق هذه الدعوة، التي لا تحمل غير الإشارة إلى أن هناك حالا أولى من تلك الحال التي هو فيها، دون الإشارة إلى الحال التي يراد منه الاتجاه إليها- في هذا ما يوقظ مشاعر هذا الإنسان الغارق في ضلاله، ويهز كيانه كله، حين ينبّه إلى أن هناك خطرا محدقا به، دون أن يكشف له عن طريق النجاة من هذا الخطر.. إن عليه وحده أن يعرف مصدر هذا الخطر، وعليه وحده أن يجد الطريق إلى الفرار منه.. وذلك من شأنه أن يبعث فيه كل القوى الواعية المدركة ليدفع عن نفسه هذا البلاء المشتمل عليه، وليطفىء بيديه هذه النار المشتعلة فيه.
وقد كررت الدعوة في قوله تعالى: {أَوْلى لَكَ فَأَوْلى} للتوكيد.. ثم كررت هذه الدعوة مؤكدة أيضا في قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى} مبالغة في التنبيه والتحذير.
ويرى أكثر المفسرين أن قوله تعالى: {أَوْلى لَكَ فَأَوْلى. ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى} هو تهديد ووعيد، وأن المراد بما هو أولى له، هو النار المعدّة له، وأن ذلك العذاب هو ما يدعى إليه.. هذا المكذب بآيات اللّه والرأى- واللّه أعلم- هو ما ذهبنا إليه، من أن هذا إلفات وتنبيه وإغراء بالرجوع إلى اللّه، وأخذ طريق غير طريق الضلال الذي يركبه هؤلاء الضالون.. والآيات التي جاءت عقب هذا الإلفات تؤيد الرأى الذي ذهبنا إليه، لأنها تحاجّ الإنسان وتفتح له طاقات من نور يمكن أن يرى على ضوئها طريق الحق فيسلكه.
قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً}.
هو تعقيب على هذه الدعوة الموجّهة إلى منكرى البعث والحساب والجزاء.
والإنسان هنا، هو جنس الإنسان المكذب بالبعث والحساب والجزاء.
وفى الاستفهام إنكار لموقف هذا المنكر ليوم القيامة، لأنه يظن أن أن يترك سدى، أي هملا، بلا حساب، أو جزاء.. وهذا ظن خاطئ من وجوه:
فأولا: أن العاقل لا يرضى لنفسه أن ينزل إلى مرتبة الحيوان، وأن ينظر إليه نظرة من يعفى من تبعة أعماله، فتلك حال لا يصير إليها الإنسان إلا إذا كان ناقص الأهلية، أو فاقدها.
وثانيا: الإنسان في هذه الحياة، إذا أحسن عملا انتظر جزاء إحسانه، وتوقع الخير من ورائه، وأنه إذا لم يجد هذا الجزاء، استشعر مرارة الغبن وخفت في نفسه موازين الإحسان، كما أنه إذا أسىء إليه، توقع أن يؤخذ له بحقه ممن أساء إليه، وإلا تحول إلى حيوان يستعمل مخالبه وأنيابه، مهاجما ومدافعا، فكان لا بدّ من حساب يسوّى عليه ما بين الناس من مظالم.
وثالثا: هذا الاختلاف بين مذاهب الناس في الحياة، من محسنين ومسيئين، وعاملين، ومقصرين، وأخيار وأشرار، ومظلومين وظالمين- إلى غير ذلك مما يجعل كل إنسان منهم عالما قائما بذاته- هذا الاختلاف الحاد بينهم في هذه الحياة، لا بد له أن يسوى، فيكون الأخيار في جانب، والأشرار في جانب، بعد أن كشفت تجربة اجتماعهم معا في الحياة عن هذه المتناقضات.. وهذا لا يكون إلا في عالم غير هذا العالم، وفى حياة غير هذه الحياة.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ، ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [35- 36: القلم].
وعلى هذا، فإنه أولى فأولى، ثم أولى فأولى لأهل الضلال أن ينزعوا عن ضلالهم، وأن يطلبوا النجاة والسلامة لأنفسهم من الدينونة والعقاب في الآخرة التي لا بد منها.
قوله تعالى: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى}.
هو دليل من الأدلة الكاشفة عن قدرة اللّه، وأن من متعلقات هذه القدرة بعث الموتى من القبور.
فهؤلاء الموتى، قد كانوا عدما قبل أن تخرجهم القدرة القادرة إلى الحياة، كما يقول سبحانه: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [28: البقرة].
وهذا الإنسان الذي ينكر البعث، ويستبعده على قدرة اللّه- ألا ينظر إلى أثر هذه القدرة فيه؟ ثم ألا يدرس مسيرة حياته، ليعلم من أين بدأ؟
وكيف صار؟ وإلى أين انتهى؟.
إنه لم يك شيئا أبدا: {أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً} [67: مريم].
ثم إنه كان نطفة من منىّ.. لا تعدو أن تكون أشبه بالمخاط، تستقذره النفوس وتمتهنه، كما يقول سبحانه: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ} [20:
المرسلات].. وهو مهين لأنه لا ينتفع به في أي وجه من وجوه النفع، إلا إذا امتدت إليه يد القدرة، فنفخت فيه من روح الحق جل وعلا.
وفى وصف المنى بأنه {يُمْنى} إشارة إلى أنه لا يكون قابلا للإخصاب حتى يمنى، أي يخرج من صلب الرجل، بعد أن ينضج، ويصبح صالحا للقذف به في رحم الأنثى.
قوله تعالى: {ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى}.
أي ثم أصبحت هذه النطفة علقة، وهى النطفة بعد أن تأخذ شكلا جديدا في مسيرتها نحو الحياة، فتكون قطعة من الدم الغليظ المتجمد، لا حياة، فيها، ولا صورة محددة لها.
وقوله تعالى: {فَخَلَقَ فَسَوَّى}.
فاعل خلق هو اللّه سبحانه وتعالى، أي فخلق اللّه سبحانه وتعالى من تلك النطفة، علقة، ثم خلق من تلك العلقة صورا، وأشكالا، فسوّاها حالا بعد حال، وخلقا بعد خلق، حتى كان منها هذا الإنسان السوىّ، الذي يسمع، ويبصر، ويعقل، ويملأ هذه الدنيا خيرا، وشرّا.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ} [6: الزمر].
ولم يذكر فاعل {خلق} لأنه أوضح من أن يذكر، إذ لا خالق غير اللّه سبحانه وتعالى، لا يشاركه أحد في هذا الفعل، فحيث ذكر الخلق كان فاعله هو اللّه سبحانه: {أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [54: الأعراف] وقوله تعالى: {فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى}.
أي فجعل اللّه سبحانه من هذا الخلق السوىّ، الذكر والأنثى، اللذين بهما يتناسل الإنسان وتتكاثر مواليده،.
والخلق- كما قلنا في أكثر من موضع- هو إيجاد المخلوق على الصورة التي أرادها اللّه سبحانه وتعالى له، أمّا الجعل، فهو إعطاء المخلوق الصفة الوظيفية التي يقوم بها.. فالخلق إبداع، والجعل تسخير وتسيير لهذا المخلوق المبدع.. وهذا يعنى أن خلق المرأة والرجل يجرى على نسق واحد، ويقع على صورة واحدة، حتى إذا اكتمل خلق الإنسان، انقسم إلى مخلوقين، أحدهما ذكر والآخر أنثى، كاليدين للإنسان، إحداهما يمين، والأخرى شمال.. وباليدين معا يؤدّى الإنسان وظيفته، وبالرجل والمرأة يتم للإنسان وجوده.. فكلّ من الرجل والمرأة نصف الإنسان، وبهما معا يكمل الإنسان، ويكون له القدرة على أداء وظيفته في الحياة.
أما ما جاء في قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى} فإن هذا في مقام إلفات النظر إلى عالم المخلوقات الحية، حيث تبدو هذه المخلوقات في أجناسها، وكأن كل جنس منها صنف واحد، حيث لا تمايز بين أفراده، مع أنه في الحقيقة صنفان، ذكور وإناث.. فهذا مقام، وذاك مقام.
قوله تعالى: {أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى؟}.
هذه هى القضية التي نصبت لها تلك الأدلة، التي تحدّث عن قدرة اللّه سبحانه وتعالى، والتي كانت السورة كلها معارض لتلك القدرة.
أي: أليس ذلك الإله الذي خلق الإنسان من نطفة، بقادر على أن يحيى الموتى؟
والجواب على هذا السؤال، هو بالإيجاب الملزم لكلّ ذى عقل أن يجيب به، إذا هو استجاب للحق، وأذعن لمنطق العقل، ولم يغلبه الهوى، أو يستبدّ به العناد، ويركبه الحمق والغباء.
وبهذه الآية تختم السورة، التي كان عنوانها القيامة.
فإنه لا قيامة إذا لم يتقرر إمكان بعث الموتى من القبور، فإذا تقرر ذلك، لم يكن الإخبار عن أن هناك بعثا، وقيامة، وحسابا، وجزاء- لم يكن هذا الإخبار بالأمر الذي يمارى فيه، أو يقع موقع الشك أو الإنكار.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال