سورة الإنسان / الآية رقم 1 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ العَاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ الفِرَاقُ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المَسَاقُ فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أن يُحْيِيَ المَوْتَى بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً

القيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالقيامةالإنسانالإنسانالإنسانالإنسانالإنسانالإنسانالإنسان




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (1) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً (2) إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً (3)}
قوله تعالى: {هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} هَلْ: بمعنى قد، قاله الكسائي والفراء وأبو عبيدة. وقد حكى عن سيبويه هَلْ بمعنى قد.
قال الفراء: هل تكون جحدا، وتكون خبرا، فهذا من الخبر، لأنك تقول: هل أعطيتك؟ تقرره بأنك أعطيته. والجحد أن تقول: هل يقدر أحد على مثل هذا؟ وقيل: هي بمنزلة الاستفهام، والمعنى: أتى. والإنسان هنا آدم عليه السلام، قاله قتادة والثوري وعكرمة والسدي.
وروى عن ابن عباس. حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ قال ابن عباس في رواية أبي صالح: أربعون سنة مرت به، قبل أن ينفخ فيه الروح، وهو ملقى بين مكة والطائف. وعن ابن عباس أيضا في رواية الضحاك أنه خلق من طين، فأقام أربعين سنة، ثم من حمإ مسنون أربعين سنة، ثم من صلصال أربعين سنة، فتم خلقه بعد مائة وعشرين سنة. وزاد ابن مسعود فقال: أقام وهو من تراب أربعين سنة، فتم خلقه بعد مائة وستين سنة، ثم نفخ فيه الروح.
وقيل: الحين المذكور ها هنا: لا يعرف مقداره، عن ابن عباس أيضا، حكاه الماوردي. لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً قال الضحاك عن ابن عباس: لا في السماء ولا في الأرض.
وقيل: أي كان جسدا مصورا ترابا وطئنا، لا يذكر ولا يعرف، ولا يدرى ما اسمه ولا ما يراد به، ثم نفخ فيه الروح، فصار مذكورا، قال الفراء وقطرب وثعلب.
وقال يحيى بن سلام: لم يكن شيئا مذكورا في الخلق وإن كان عند الله شيئا مذكورا.
وقيل: ليس هذا الذكر بمعنى الاخبار، فإن إخبار الرب عن الكائنات قديم، بل هذا الذكر بمعنى الخطر والشرف والقدر، تقول: فلان مذكور أي له شرف وقدر. وقد قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف: 44]. أي قد أتى على الإنسان حين لم يكن له قدر عند الخليقة. ثم لما عرف الله الملائكة أنه جعل آدم خليفة، وحمله الأمانة التي عجز عنها السموات والأرض والجبال، ظهر فضله على الكل، فصار مذكورا. قال القشيري: وعلى الجملة ما كان مذكورا للخلق، وإن كان مذكورا لله.
وحكى محمد بن الجهم عن الفراء: لَمْ يَكُنْ شَيْئاً قال: كان شيئا ولم يكن مذكورا.
وقال قوم: النفي يرجع إلى الشيء، أي قد مضى مدد من الدهر وآدم لم يكن شيئا يذكر في الخليقة، لأنه آخر ما خلقه من أصناف الخليقة، والمعدوم ليس بشيء حتى يأتي عليه حين. والمعنى: قد مضت عليه أزمنة وما كان آدم شيئا ولا مخلوقا ولا مذكورا لاحد من الخليقة. وهذا معنى قول قتادة ومقاتل: قال قتادة: إنما خلق الإنسان حديثا ما نعلم من خليقة الله جل ثناؤه خليقة كانت بعد الإنسان.
وقال مقاتل: في الكلام تقديم وتأخير، وتقديره: هل أتى حين من الدهر لم يكن الإنسان شيئا مذكورا، لأنه خلقه بعد خلق الحيوان كله، ولم يخلق بعده حيوانا. وقد قيل: الْإِنْسانِ في قوله تعالى هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ عني به الجنس من ذرية آدم، وأن الحين تسعة أشهر، مدة حمل الإنسان في بطن أمه لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً: إذ كان علقة ومضغة، لأنه في هذه الحالة جماد لا خطر له.
وقال أبو بكر رضي الله عنه لما قرأ هذه الآية: ليتها تمت فلا نبتلى. أي ليت المدة التي أتت على آدم لم تكن شيئا مذكورا تمت على ذلك، فلا يلد ولا يبتلى أولاده. وسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا يقرأ: {هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} فقال ليتها تمت. قوله تعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ} أي ابن آدم من غير خلاف مِنْ نُطْفَةٍ أي من ماء يقطر وهو المني، وكل ماء قليل في وعاء فهو نطفة، كقول عبد الله بن رواحة يعاتب نفسه:
مالي أراك تكرهين الجنة *** هل أنت إلا نطفة في شنه
وجمعها: نطف ونطاف. {أَمْشاجٍ}: أخلاط. واحدها: مشج ومشيج، مثل خدن وخدين، قال: رؤبة:
يطرحن كل معجل نشاج *** لم يكس جلدا في دم أمشاج
ويقال: مشجت هذا بهذا أي خلطته، فهو ممشوج ومشيج، مثل مخلوط وخليط.
وقال المبرد: واحد الأمشاج: مشيج، يقال: مشج يمشج: إذا خلط، وهو هنا اختلاط النطفة بالدم، قال الشماخ:
طوت أحشاء مرتجة لوقت *** على مشج سلالته مهين
وقال الفراء: أمشاج: أخلاط ماء الرجل وماء المرأة، والدم والعلقة. ويقال للشيء من هذا إذا خلط: مشيج كقولك خليط، وممشوج كقولك مخلوط.
وروى عن ابن عباس رضي الله عنه قال: الأمشاج: الحمرة في البياض، والبياض في الحمرة. وهذا قول يختاره كثير من أهل اللغة، قال الهذلي:
كأن الريش والفوقين منه *** خلاف النصل سيط به مشيج
وعن ابن عباس أيضا قال: يختلط ماء الرجل وهو أبيض غليظ بماء المرأة وهو أصفر رقيق فيخلق منهما الولد، فما كان من عصب وعظم وقوه فهو من ماء الرجل، وما كان من لحم ودم وشعر فهو من ماء المرأة. وقد روى هذا مرفوعا، ذكره البزار.
وروى عن ابن مسعود: أمشاجها عروق المضغة. وعنه: ماء الرجل وماء المرأة وهما لونان.
وقال مجاهد: نطفة الرجل بيضاء وحمراء ونطفة المرأة خضراء وصفراء.
وقال ابن عباس: خلق من ألوان، خلق من تراب، ثم من ماء الفرج والرحم، وهي نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظم ثم لحم. ونحوه قال قتادة: هي أطوار الخلق: طور وطور علقة وطور مضغة عظام ثم يكسو العظام لحما، كما قال في سورة المؤمنون: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ} [المؤمنون: 12] الآية.
وقال ابن السكيت: الأمشاج الأخلاط، لأنها ممتزجة من أنواع فخلق الإنسان منها ذا طبائع مختلفة.
وقال أهل المعاني: الأمشاج ما جمع وهو في معنى الواحد، لأنه نعت للنطفة، كما يقال: برمة أعشار وثوب أخلاق. وروي عن أبي أيوب الأنصاري: قال جاء حبر من اليهود إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: أخبرني عن ماء الرجل وماء المرأة؟ فقال: «ماء الرجل أبيض غليظ وماء المرأة أصفر رقيق فإذا علا ماء المرأة أنثت وإذا علا ماء الرجل أذكرت فقال الحبر: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله». وقد مضى هذا القول مستوفى في سورة البقرة. {نَبْتَلِيهِ} أي نختبره.
وقيل: نقدر فيه الابتلاء وهو الاختبار. وفيما يختبر به وجهان: أحدهما:
نختبره بالخير والشر، قال الكلبي.
الثاني- نختبر شكره في السراء وصبره في الضراء، قاله الحسن.
وقيل: نَبْتَلِيهِ نكلفه. وفية أيضا وجهان: أحدهما- بالعمل بعد الخلق، قاله مقاتل.
الثاني- بالدين ليكون مأمورا بالطاعة ومنهيا عن المعاصي.
وروى عن ابن عباس: نَبْتَلِيهِ: نصرفه خلقا بعد خلق، لنبتليه بالخير والشر.
وحكى محمد بن الجهم عن الفراء قال: المعنى والله أعلم {فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً} لنبتليه، وهي مقدمة معناها التأخير. قلت: لان الابتلاء لا يقع إلا بعد تمام الخلقة.
وقيل: فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً: يعني جعلنا له سمعا يسمع به الهدى، وبصرا يبصر به الهدى. قوله تعالى: {إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ} أي بينا له وعرفناه طريق الهدى والضلال، والخير والشر ببعث الرسل، فآمن أو كفر، كقوله تعالى: {وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد: 10].
وقال مجاهد: أي بينا له السبيل إلى الشقاء والسعادة.
وقال الضحاك وأبو صالح والسدي: السبيل هنا خروجه من الرحم.
وقيل: منافعه ومضاره التي يهتدي إليها بطبعه وكمال عقله. {إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} أي أيهما فعل فقد بينا له. قال الكوفيون: {إن} ها هنا تكون جزاء و{ما} زائدة أي بينا له الطريق إن شكر أو كفر. واختاره الفراء ولم يجزه البصريون، إذ لا تدخل {إن} للجزاء على الأسماء إلا أن يضمر بعدها فعل.
وقيل: أي هديناه الرشد، أي بينا له سبيل التوحيد بنصب الادلة عليه، ثم إن خلقنا له الهداية اهتدى وآمن، وإن خذلناه كفر. وهو كما تقول: قد نصحت لك، إن شئت فاقبل، وإن شئت فاترك، أي فإن شئت، فتحذف الفاء. وكذا إِمَّا شاكِراً والله أعلم. ويقال: هديته السبيل وللسبيل وإلى السبيل. وقد تقدم في الفاتحة وغيرها. وجمع بين الشاكر والكفور، ولم يجمع بين الشكور والكفور مع اجتماعهما في معنى المبالغة، نفيا للمبالغة في الشكر وإثباتا لها في الكفر، لان شكر الله تعالى لا يؤدى، فانتفت عنه المبالغة، ولم تنتف عن الكفر المبالغة، فقل شكره، لكثرة النعم عليه وكثرة كفره وإن قل مع الإحسان إليه. حكاه الماوردي.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال