سورة المرسلات / الآية رقم 13 / تفسير تفسير أبي حيان / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً إِنَّ هَؤُلاءِ يُحِبُّونَ العَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفاً وَالنَّاشِرَاتِ نَشْراً فَالْفَارِقَاتِ فَرْقاً فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْراً عُذْراً أَوْ نُذْراً إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ وَإِذَا الجِبَالُ نُسِفَتْ وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ لِيَوْمِ الفَصْلِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الفَصْلِ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ أَلَمْ نُهْلِكِ الأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخِرِينَ كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ

الإنسانالإنسانالإنسانالإنسانالإنسانالإنسانالمرسلاتالمرسلاتالمرسلاتالمرسلاتالمرسلاتالمرسلاتالمرسلاتالمرسلاتالمرسلات




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قال ابن مسعود وأبو هريرة وأبو صالح ومقاتل والفرّاء: {والمرسلات}: الملائكة، أرسلت بالعرف ضد النكر وهو الوحي، فبالتعاقب على العباد طرفي النهار. وقال ابن عباس وجماعة: الأنبياء، ومعنى عرفاً: إفضالاً من الله تعالى على عباده، ومنه قول الشاعر:
لا يذهب العرف بين الله والناس ***
وانتصابه على أنه مفعول له، أي أرسلن للإحسان والمعروف، أو متتابعة تشبيهاً بعرف الفرس في تتابع شعره وأعراف الخيل. وتقول العرب: الناس إلى فلان عرف واحد إذا توجهوا إليه متتابعين، وهم عليه كعرف الضبع إذا تألبوا عليه، وانتصابه على الحال. وقال ابن مسعود أيضاً وابن عباس أيضاً ومجاهد وقتادة: الرّياح. وقال الحسن: السحاب. وقرأ الجمهور: {عرفاً} بسكون الراء، وعيسى: بضمها.
{فالعاصفات}، قال ابن مسعود: الشديدات الهبوب. وقيل: الملائكة تعصف بأرواح الكفار، أي تزعجها بشدّة، أو تعصف في مضيها كما تعصف الرّياح تحققاً في امتثال أمره. وقيل: هي الآيات المهلكة، كالزلازل والصواعق والخسوف. {والناشرات}، قال السدّي وأبو صالح ومقاتل: الملائكة تنشر صحف العباد بالأعمال. وقال الربيع: الملائكة تنشر الناس من قبورهم. وقال ابن مسعود والحسن ومجاهد وقتادة: الرّياح تنشر رحمة الله ومطره. وقال أبو صالح: الأمطار تحيي الأرض بالنبات. وقال الضحاك: الصحف تنشر على الله تعالى بأعمال العباد، فعلى هذا تكون الناشرات على معنى النسب، أي ذات النشر. {فالفارقات}، قال ابن عباس وابن مسعود وأبو صالح ومجاهد والضحاك: الملائكة تفرق بين الحق والباطل، والحلال والحرام. وقال قتادة والحسن وابن كيسان: آيات القرآن فرقت بين الحلال والحرام. وقال مجاهد أيضاً: الرّياح تفرق بين السحاب فتبدّده. وقيل: الرسل، حكاه الزجاج. وقيل: السحاب الماطر تشبيهاً بالناقة الفاروق، وهي الحامل التي تجزع حين تضع. وقيل: العقول تفرق بين الحق والباطل، والصحيح والفاسد. {فالملقيات ذكراً}، قال ابن عباس وقتادة والجمهور: الملائكة تلقي ما حملت من الوحي إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. وقال قطرب: الرسل تلقي ما أنزل عليها إلى الأمم. وقال الرّبيع: آيات القرآن ألقيت على النبي صلى الله عليه وسلم.
واختار الزمخشري من الأقوال أن تكون {والمرسلات} إلى آخر الأوصاف: إما للملائكة، وإما للرّياح. فللملائكة تكون عذراً للمحققين، أو نذراً للمبطلين؛ وللرّياح يكون المعنى: فألقين ذكراً، إما عذراً للذين يعتذرون إلى الله تعالى بتوبتهم واستغفارهم إذا رأوا نعمة الله في الغيث ويشكرونها، وإما إنذاراً للذين يغفلون عن الشكر لله وينسبون ذلك إلى الأنواء، وجعلن ملقيات للذكر لكونهن سبباً في حصوله إذا شكرت النعمة فيهن، أو كفرت، قاله الزمخشري. والذي أراه أن المقسم به شيئان، ولذلك جاء العطف بالواو في {والناشرات}، والعطف بالواو يشعر بالتغاير، بل هو موضوعه في لسان العرب. وأما العطف بالفاء إذا كان في الصفات، فيدل على أنها راجعة إلى العاديات، وهي الخيل؛ وكقوله:
يا لهف زيابة للحارث فالصا *** بح فالغانم فالآيب
فهذه راجعة لموصوف واحد وهو الحارث. فإذا تقرر هذا، فالظاهر أنه أقسم أولاً بالرياح، فهي مرسلاته تعالى، ويدل عليه عطف الصفة بالفاء، كما قلنا، وأن العصف من صفات الريح في عدّة مواضع من القرآن. والقسم الثاني فيه ترق إلى أشرف من المقسم به الأول وهم الملائكة، ويكون {فالفارقات}، {فالملقيات} من صفاتهم، كما قلنا في عطف الصفات وإلقاؤهم الذكر، وهو ما أنزل الله، يصح إسناده إليهم. وقرأ الجمهور: {فالملقيات} اسم فاعل خفيف، أي نطرقه إليهم؛ وابن عباس: مشدد من التلقية، وهي أيضاً إيصال الكلام إلى المخاطب. يقال: لقيته الذكر فتلقاه. وقرأ أيضاً ابن عباس، فيما ذكره المهدوي: بفتح اللام والقاف مشددة اسم مفعول، أي تلقته من قبل الله تعالى.
وقرأ إبراهيم التيمي والنحويان وحفص: {عذراً أو نذراً} بسكون الذالين؛ وزيد بن ثابت وابن خارجة وطلحة وأبو جعفر وأبو حيوة وعيسى والحسن: بخلاف؛ والأعشى، عن أبي بكر: بضمهما؛ وأبو جعفر أيضاً وشيبة وزيد بن علي والحرميان وابن عامر وأبو بكر: بسكونها في عذراً وضمها في نذراً، فالسكون على أنهما مصدران مفردان، أو مصدران جمعان. فعذراً جمع عذير بمعنى المعذرة، ونذراً جمع نذير بمعنى الإنذار. وانتصابهما على البدل من {ذكراً}، كأنه قيل: فالملقيات عذراً أو نذراً، أو على المفعول من أجله، أو على أنهما مصدران في موضع الحال، أي عاذرين أو منذرين. ويجوز مع الإسكان أن يكونا جمعين على ما قررناه. وقيل: يصح انتصاب {عذراً أو نذراً} على المفعول به بالمصدر الذي هو {ذكراً}، أي فالملقيات، أي فذكروا عذراً، وفيه بعد لأن المصدر هنا لا يراد به العمل، إنما يراد به الحقيقة لقوله: {أألقي عليه الذكر}. والإعذار هي بقيام الحجة على الخلق، والإنذار هو بالعذاب والنقمة. {إنما توعدون}: أي من الجزاء بالثواب والعقاب، {لواقع}: وما موصولة، وإن كانت قد كتبت موصولة بأن. وهذه الجملة هي المقسم عليها. وقرأ الجمهور: {أو نذراً} بواو التفصيل؛ وإبراهيم التيمي: ونذراً بواو العطف.
{فإذا النجوم طمست}: أي أذهب نورها فاستوت مع جرم السماء، أو عبر عن إلحاق ذواتها بالطمس، وهو انتثارها وانكدارها، أو أذهب نورها ثم انتثرت ممحوقة النور. {وإذا السماء فرجت}: أي صار فيها فروج بانفطار. وقرأ عمرو بن ميمون: طمست، فرجت، بشد الميم والراء؛ والجمهور: بخفهما. {وإذا الجبال نسفت}: أي فرقتها الرياح، وذلك بعد التسيير وقبل كونها هباء. وقرأ الجمهور: {أقتت} بالهمز وشد القاف؛ وبتخفيف القاف والهمز النخعي والحسن وعيسى وخالد. وقرأ أبو الأشهب وعمرو بن عبيد وعيسى أيضاً وأبو عمرو: بالواو وشد القاف. قال عيسى: وهي لغة سفلى مضر. وعبد الله والحسن وأبو جعفر: بواو واحدة وخف القاف؛ والحسن أيضاً: ووقتت بواوين على وزن فوعلت، والمعنى: جعل لها وقت منتظر فحان وجاء، أو بلغت ميقاتها الذي كانت تنتظره وهو يوم القيامة، والواو في هذا كله أصل والهمزة بدل.
قال الزمخشري: ومعنى توقيت الرسل: تبيين وقتها الذي يحضرون فيه للشهادة على أممهم، وجواب إذا محذوف لدلالة ما قبله عليه وتقديره: إذا كان كذا وكذا وقع ما توعدون. {لأي يوم أجلت}: تعظيم لذلك اليوم، وتعجيب لما يقع فيه من الهول والشدة. والتأجيل من الأجل، أي ليوم عظيم أخرت، {ليوم الفصل}: أي بين الخلائق. {ويل}: تقدم الكلام فيه في أول ثاني حزب من سورة البقرة، يومئذ: يوم إذ طمست النجوم وكان ما بعدها. وقرأ الجمهور: {نهلك الأولين} بضم النون، وقتادة: بفتحها. قال الزمخشري: من هلكه بمعنى أهلكه. قال العجاج:
ومهمه هالك من تعرجا ***
وخرج بعضهم هالك من تعرجاً على أن هالكاً هو من اللازم، ومن موصول، فاستدل به على أن الصفة المشبهة باسم الفاعل قد يكون معمولهاً موصولاً. وقرأ الجمهور: {نتبعهم} بضم العين على الاستئناف، وهو وعد لأهل مكة. ويقوي الاستئناف قراءة عبد الله: ثم سنتبعهم، بسين الاستقبال؛ والأعرج والعباس عن أبي عمرو: بإسكانها؛ فاحتمل أن يكون معطوفاً على {نهلك}، واحتمل أن يكون سكن تخفيفاً، كما سكن {وما يشعركم}، فهو استئناف. فعلى الاستئناف يكون الأولين الأمم التي تقدمت قريشاً أجمعاً، ويكون الآخرين من تأخر من قريش وغيرهم. وعلى التشريك يكون الأولين قوم نوح وإبراهيم عليهما السلام ومن كان معهم، والآخرين قوم فرعون ومن تأخر وقرب من مدة رسول الله صلى الله عليه وسلم. والإهلاك هنا إهلاك العذاب والنكال، ولذلك جاء {كذلك نفعل بالمجرمين}، فأتى بالصفة المقتضية لإهلاك العذاب وهي الإجرام.
ولما ذكر إفناء الأولين والآخرين، ذكر ووقف على أصل الخلقة التي يقتضي النظر فيها تجويز البعث، {من ماء مهين}: أي ضعيف هو مني الرجل والمرأة، {في قرار مكين}: وهو الرحم، {إلى قدر معلوم}: أي عند الله تعالى، وهو وقت الولادة. وقرأ عليّ بن أبي طالب: فقدرنا بشد الدال من التقدير، كما قال: {من نطفة خلقه فقدره}؛ وباقي السبعة: بخفها من القدرة؟ وانتصب {أحياء وأمواتاً} بفعل يدل عليه ما قبله، أي يكفت أحياء على ظهرها، وأمواتاً في بطنها. واستدل بهذا من قال: إن النباش يقطع، لأن بطن الأرض حرز للكفن، فإذا نبش وأخذ منه فهو سارق. وقال الزمخشري: ويجوز أن يكون المعنى: نكفتكم أحياء وأمواتاً، فينتصبا على الحال من الضمير لأنه قد علم أنها كفات الإنس. انتهى. و{رواسي}: جبالاً ثابتات، {شامخات}: مرتفعات، ومنه شمخ بأنفه: ارتفع، شبه المعنى بالجرم. {وأسقيناكم}: جعلناه سقياً لمزراعكم ومنافعكم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال