سورة النبأ / الآية رقم 3 / تفسير تفسير أبي السعود / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النَّبَأِ العَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَاداً وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً وَأَنزَلْنَا مِنَ المُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً لِنُخْرِجَ بِهِ حَباًّ وَنَبَاتاً وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً إِنَّ يَوْمَ الفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً وَسُيِّرَتِ الجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً لِلطَّاغِينَ مَآباً لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً جَزَاءً وِفَاقاً إِنَّهُمْ كَانُوا لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّاباًوَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباًفَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً

النبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأ




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{عَمَّ} أصله عَمَّا فحذفَ منه الألفُ إمَّا فرقاً بينَ ما الاستفهاميةِ وغيرِها أو قصداً للخفةِ لكثرةِ استعمالِها. وقد قرئ على الأصلِ. وما فيهَا منَ الإيهامِ للإيذانِ بفخامةِ شأنِ المسؤولِ عنْهُ وهولِهِ وخروجِه عنْ حدودِ الأجناسِ المعهودةِ. أيْ عنْ أيِّ شيءٍ عظيمٍ الشأنِ {يَتَسَاءلُونَ} أيْ أهلُ مكةَ وكانُوا يتساءلونَ عن البعثِ فيما بينهم ويخوضونَ فيه إنكاراً واستهزاءً لكنْ لا على طريقةِ التساؤلِ عن حقيقتِه ومسمَّاهُ بلْ عن وقوعِه الذي هو حالٌ من أحوالِه ووصفٌ من أوصافِه. فإنَّ مَا وإنْ وضعتْ لطلبِ حقائقِ الأشياءِ ومسمياتِ أسمائِها كما في قولك ما الملَكُ وما الروحُ لكنَّها قد يُطلبُ بَها الصفةُ والحالُ تقولُ ما زيدٌ فيقال عالمٌ أو طبيبٌ وقيل: كانُوا يسألونَ عنه الرسولَ عليه الصلاةُ والسلامُ والمؤمنينَ استهزاءً كقولِهم يتداعونهم أو يدعونهم وتحقيقُه أنَّ صيغةَ التفاعلِ في الأفعالِ المتعديةِ موضوعةٌ لإفادةِ صدورِ الفعلِ عن المتعددِ ووقوعِه عليهِ بحيثُ يصيرُ كلُّ واحدٍ من ذلكَ فاعلاً ومفعولاً معاً لكنَّه يرفعُ بإسنادِ الفعلِ إليه ترجيحاً لجانبِ فاعليتِه ويحالُ بمفعوليتِه على دلالةِ العقلِ كما في قولِك تراءَى القومُ أيْ رَأَى كلُّ واحدٍ منُهم الآخرَ وقد تجردَ عن المعنى الثانيِ فيرادُ بها مجردُ صدورِ الفعلِ عن المتعددِ عارياً عن اعتبارِ وقوعِه عليهِ فيُذْكر للفعلِ حينئذٍ مفعولٌ متعدد كمَا في المثالِ المذكورِ أو واحدٌ كما قي قولِك تراءَوا الهلالَ، وقد يحذفُ لظهورهِ كما فيما نحنُ فيهِ فالمَعْنى عن أيِّ شيءٍ يسألُ هؤلاءِ القومُ الرسولَ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ والمؤمنينَ، وربَّما تجردَ عن صدورِ الفعلِ عن المتعددِ أيضاً فيرادُ بها تعددُه باعتبارِ تعددِ متعلَّقِه مع وحدةِ الفاعلِ كما في قولِه تعالَى: {فَبِأَىّ الاء رَبّكَ تتمارى} وقولُه تعالى: {عَنِ النبإ العظيم} بيانٌ لشأن المسؤولِ عنْهُ إثرَ تفخيمِه بإيهام أمرِه وتوجيِه أذهانِ السامعينَ نحوَه وتنزيلِهم منزلَه المستفهمينَ فأن إيرادَهُ عن طريقةِ الاستفهامِ من علاَّمِ الغيوبِ للتنبيهِ على أنَّه لانقطاعِ قرينِه وانعدامِ نظيرِه، خارجٌ عن دائرةِ علومِ الخلقِ، خليقٌ بأنْ يُعتنى بمعرفتِه ويُسألَ عنْهُ كأنَّه قيلَ عنْ أيِّ شيءٍ يتساءلُون هلْ أُخبرِكُم بِه ثمَّ قيلَ بطريقِ الجوابِ عن النبأِ العظيمِ على منهاجِ قولِه تعالى: {لّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار} فعنْ متعلقةٌ بما يدلُّ عليهِ المذكورُ من مضمرٍ حقُّه أنْ يقدرَ بعدَها مسارعةً إلى البيانِ ومراعاةً لترتيبِ السؤالِ هذا هو الحقيقُ بالجزالةِ التنزيليةِ، وقد قيلَ هي متعلقةٌ بالمذكورِ وعمَّ متعلقٌ بمضمرٍ مفسرٍ بهِ وأيدَّ ذلكَ بأنَّه قرئ: {عَمَّه} والأظهرُ أنَّه مبنيٌّ على إجراءِ الوصلِ مُجرى الوقفِ، وقيل: عن الأُولى للتعليل كأنَّه قيلَ: لمَ يتساءلونَ عنِ النبأِ العظيمِ. وقيل قبل عن الثانية استفهام مضمر كأنه قيل عمَّ يتساءلون عن النبأ العظيم والنبأُ الخبرُ الذي له شأنٌ وخطرٌ وقد وصفَ بقولِه تعالى: {الذى هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ} بعد وصفِه بالعظيم تأكيداً لخطره إثرَ تأكيدٍ، وإشعاراً بمدار التساؤلِ عنه، وفيهِ متعلقٌ بمختلفونَ قدم عليه اهتماماً به ورعايةً للفواصلِ، وجعلُ الصلةِ جملةً اسميةً للدلالةِ على الثباتِ أي هُم راسخونَ في الاختلافِ فيهِ فمِن جازمٍ باستحالته يقولُ: {إِنْ هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدهر وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} وشاكَ يقول {ما ندري ما الساعة إن نظن إلاَّ ظناً وما نحن بمستيقنين} وقيلَ: منهُم من ينكرُ المعادَينِ معاً كهؤلاءِ، ومنهُم مَنْ ينكرُ المعادَ الجسمانيَّ فقطَّ كجمهور النَّصارى، وقد حُملَ الاختلافُ على الاختلافِ في كيفيةِ الإنكارِ فمنْهُم مَنْ ينكرُه لإنكارِه الصانعَ المختارَ، ومنهُم مَنْ يُنكرهُ بناءً على استحالة المعدومِ بعينه، وحملُه على الاختلاف بالنَّفي والإثباتِ بناءً على تعميم التساؤلِ لفريَقيْ المسلمينَ والكافرينَ على أنَّ سؤالَ الأولينَ ليزدادُوا خشيةً واستعداداً وسؤالَ الآخرينَ ليزدادُوا كُفراً وعناداً يردُّه قولُه تعالى: {كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ} إلخ فإنَّه صريحٌ في أنَّ المرادَ اختلافُ الجاهلينَ بهِ، المنكرينَ له إذْ عليه يدورُ الردعُ والوعيدُ لا على خلاف المؤمنينَ لهم وتخصيصُهما بالكفرة بناءً على تخصيص ضميرِ سيعلمونَ بهم مع عموم الضميرينِ السابقينِ للكلِّ ممَّا ينبغِي تنزيُه التنزيلِ عن أمثالِه هَذا ما أدَّى إليه جليلُ النظرِ والذي يقتضيِه التحقيقُ ويستدعيهِ النظرُ الدقيقُ أنْ يحملَ اختلافُهم على مخالفتِهم للنبيِّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بأنْ يُعتبرَ في الاختلافِ محضُ صدورِ الفعلِ عن المتعددِ حسبَما ذُكرَ في التساؤلِ فإنَّ الافتعالَ والتفاعلَ صيغتانِ مُتآخيتانِ كالاستباقِ والتسابقِ والانتضالِ والتناضلِ إلى غيرِ ذلكَ يجري في كلَ منَها ما يَجْري في الأُخرى لا على مخالفةِ بعضهِم لبعضٍ من الجانبينِ لأنَّ الكُلَّ وإنِ استحقَ الردعَ والوعيدَ لكنَّ استحقاقَ كلِّ جانبٍ لهُما ليسَ لمخالفتِه للجانبِ الآخرِ إذْ لا حقيّةٌ في شيءٍ منهُمَا حتَّى يستحقَّ مَن يخالفُه المؤاخذةَ بل لمخالفتِه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ فكَلاَّ ردعٌ لهم عن التساؤلِ والاختلافِ بالمعنيينِ المذكورينِ وسيعلمونَ وعيدٌ لهم بطريقِ الاستئنافِ وتعليلٌ للردعِ، والسينُ للتقريبِ والتأكيدِ وليسَ مفعولُه ما ينبىءُ عنه المقامُ من وقوعِ ما يتساءلونَ عنه ووقوعِ ما يختلفونَ فيه كما في قولِه تعالى: {وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أيمانهم لاَ يَبْعَثُ الله مَن يَمُوتُ} إلى قولِه تعالى: {لِيُبَيّنَ لَهُمُ الذى يَخْتَلِفُونَ فِيهِ} الآيةَ فإنَّ ذلكَ عارٍ عن صريحِ الوعيدِ بلْ هُو عبارةٌ عمَّا يلاقونَهُ من فنونِ الدَّواهِي والعقوباتِ، والتعبيرُ عن لقائِها بالعلمِ لوقوعِه في معرضِ التساؤلِ والاختلافِ والمَعْنى ليرتدعُوا عمَّا هُم عليهِ فإنَّهم سيعلمونَ عمَّا قليل حقيقةَ الحالِ إذا حلَّ بهم العذابُ والنكالُ.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال