سورة النبأ / الآية رقم 37 / تفسير تفسير الثعلبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً وَكَأْساً دِهَاقاً لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذَّاباً جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفاًّ لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً ذَلِكَ اليَوْمُ الحَقُّ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآباً إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ المَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الحَافِرَةِ أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً قَالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى

النبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنازعاتالنازعاتالنازعاتالنازعاتالنازعاتالنازعاتالنازعاتالنازعات




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا (34) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35) جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا (36) رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا (37) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (38) ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا (39) إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (40)}
{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً} فوزاً ونجاة من النار إلى الجنة، وقال ابن عباس والضحاك: متنزّهاً. {حَدَآئِقَ وَأَعْنَاباً * وَكَوَاعِبَ} نواهد قد تكعبت ثديهنّ واحدتها كاعب، قال بشر بن أبي حازم:
وكم من حصان قد حوينا كريمة *** ومن كاعب لم تدر ما البؤس معصر
{أَتْرَاباً} مستويات في السنّ {وَكَأْساً دِهَاقاً} قال الحسن وابن عباس وقتادة وابن زيد: مترعة مملوة، وقال سعيد بن جبير ومجاهد: متتابعة {لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذَّاباً} تكذيباً وهي قراءة العامة، وخفّفه الكسائي وهي قراءة أمير المؤمنين علي كرّم الله وجهه، وهما مصدران للتكذيب.
وقال قوم: الكذاب بالتخفيف مصّدر الكاذبة وقيل: هو الكذب، قال الأعشى:
فصدقتها وكذبتها *** والمرء تنفعه كذابه
وإنّما خففها هنا لأنها ليست بمقيّدة بفعل يصيّرها مصدراً له، وشدد قوله: {وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا كِذَّاباً} لأن كذبوا يقيد الكذاب بالمصدر.
{جَزَآءً مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً حِسَاباً} كثيراً كافياً وافياً يقال: أحسبت فلاناً أي أعطيته ما يكفيه حتى قال: حسبي. قال الشاعر:
ونقفي وليد الحيّ إن كان جائعاً *** ونحسبه إن كان ليس بجائع
أي يعطيه حتى يقول حسبّي.
وقيل: جزاء بقدر أعمالهم وقرأ أبو هاشم {عَطَآءً حِسَاباً} بفتح الحاء وتشديد السين على وزن فعّال أي كفافاً. قال الأصمعي: تقول العرب حسّبت الرجل بالتشديد إذا أكرمته، وأنشد:
إذا أتاه ضيفه يحسُّبه *** من حاقن أو من صريح يُحلبُه
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن حبيش قال: حدّثنا الطُهراني قال: أخبرنا يحيى بن الفضل قال: حدّثنا وهب بن عمر قال: أخبرنا هارون بن موسى عن حنظلة عن شهر عن ابن عباس أنه قرأ {عطاء حسناً} بالنون.
{رَّبِّ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا الرحمن} قرأ ابن مسعود والأشهب وأبو جعفر وشيبة ونافع وأبو عمرو سلام ويعقوب برفع الباء والنون، وقرأ ابن عامر وعيسى وعاصم كلاهما خفضاً واختاره أبو حاتم، وقرأ ابن كثير ومحيض ويحيى وحمزة والكسائي {رَّبِّ} خفضاً و{الرحمن} رفعاً، واختاره أبو عبيد، وقال: هذه أعدلها عندي أن يخفض الأوّل منهما لقربه من قوله: {جَزَآءً مِّن رَّبِّكَ} فتكون نعتاً له ونرفع {الرحمن} لبعده منه.
{لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً} كلاماً وقال الكلبي: شفاعة إلاّ بإذنه.
{يَوْمَ يَقُومُ الروح} اختلفوا فيه، فأخبرنا ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن خُرجة قال: حدّثنا عبد الله بن العباس الطيالسي قال: حدّثنا أحمد بن عبد الله قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا إبراهيم ابن طهمان عن مسلم الأعور عن مجاهد عن ابن عباس قال: أتى نفر من اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أخبرنا عن الروح ما هو؟ قال: «هو جند من جند الله ليسوا بملائكة، لهم رؤوس وأيد وأرجل يأكلون الطعام ثم قرأ {يَوْمَ يَقُومُ الروح والملائكة صَفّاً} الآية، قال: هؤلاء جند وهؤلاء جند».
وقال ابن عباس: هو من أعظم الملائكة خلقاً، وأخبرنا ابن فنجويه قال: حدّثنا موسى قال: حدّثنا ابن علوية قال: حدّثنا إسماعيل قال: حدّثنا المسيب قال: حدّثنا ثابت أبو حمزة عن عامر عن علقمة عن ابن مسعود قال: الروح ملك أعظم من السموات ومن الجبال وأعظم من الملائكة، وهو في السماء الرابعة تسبح كلّ يوم إثني عشر تسبيحة يخلق من كل تسبحه ملك يجيء يوم القيامة صفاً وحده، وقال الشعبي والضحاك: هو جبريل، وروى الضحاك عن ابن عباس قال: إنّ عن يمين العرش نهراً من نور مثل السموات السبع والأرضين السبع والبحار السبع يدخل جبريل عليه السلام فيه كل فجر فيغتسل فيزداد نوراً إلى نوره وجمالا إلى جماله وعظماً إلى عظمه، ثم ينتفض فيخرج الله سبحانه من كل قطرة تقع من ريشه كذا وكذا ألف ملك يدخل منهم كلّ يوم سبعون ألف ملك البيت المعمور في الكعبة سبعون ألفاً لا يعودون إليه إلى أن تقوم الساعة، وقال وهب: إنّ جبريل عليه السلام واقف بين يدي الله سبحانه ترعد فرائصه يخلق الله سبحانه وتعالى من كلّ رعدة ألف ملك، فالملائكة صفوف بين يدي الله منكّسوا رؤوسهم، فإذا أذن الله سبحانه لهم في الكلام قالوا: لا إله إلاّ أنت وهو قوله سبحانه: {يَوْمَ يَقُومُ الروح والملائكة صَفّاً}.
{لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن وَقَالَ صَوَاباً} يعني لا إله إلاّ الله، وقال مجاهد: هم خلق على صورة بني آدم يأكلون ويشربون، أبو صالح: خلق يشبهون الناس وليسوا، وقال الحسن وقتادة: هم بنو آدم، قال قتادة: وهذا مما كان يكتمه ابن عباس، وروى ابن مجاهد عن ابن عباس قال: الروح خلق من الله وصورهم على صور بني آدم وما ينزل من السماء ملك إلاّ ومعه واحد من الروح، عطية: هي أرواح الناس يقوم مع الملائكة فيما بين النفختين قبل أن تُرد الأرواح إلى الأجساد، وقال ابن زيد: كان أبي يقول: هو القرآن وقرأ {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52].
{يَوْمَ يَقُومُ الروح والملائكة صَفّاً} قال الشعبي: هما سماطا ربّ العالمين يوم القيامة سماطا من الروح وسماطا من الملائكة لا يتكلمون إلاّ من أذن له الرحمن وقال صوابا قال: لا إله إلاّ الله في الدنيا.
{ذَلِكَ اليوم الحق فَمَن شَآءَ اتخذ إلى رَبِّهِ مَآباً} مرجعاً وسبيلا إلى طاعته، {إِنَّآ أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً} يعني القيامة وقيل القتل ببدر.
{يَوْمَ يَنظُرُ المرء مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الكافر ياليتني كُنتُ تُرَاباً} قال عبد الله بن عمر: إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مدّ الأديم وحشرت الدواب والبهائم والوحش ثم يجعل القصاص بين الدواب حتى يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء نطحتها، فإذا فرغ من القصاص قال لها: كوني تراباً، فعند ذلك يقول الكافر: يا ليتني كنت تراباً.
قال مجاهد: يقاد يوم القيامة للمنقورة وللمنطوحة من الناطحة، وقال المقاتلان: إنّ الله سبحانه وتعالى يجمع الوحوش والهوام والطير كلّ شيء غير الثقلين فيقول: من ربّكم فيقولون: الرحمن الرحيم، فيقول لهم الرب تبارك وتعالى بعدما يقضي بينهم حتّى يقتص للجماء من القرناء: أنا خلقتكم وسخرّتكم لبني آدم وكنتم مطيعين أيام حياتكم فارجعوا إلى الذي كنتم كونوا تراباً فيكونون تراباً، فإذا التفت الكافر إلى شيء صار تراباً يتمنى فيقول: يا ليتني كنت في الدنيا في صورة خنزير رزقي كرزقه وكنت اليوم في الآخرة تراباً. قال عكرمة: بلغني أنّ السباع والوحوش والبهائم إذا رأينَ يوم القيامة بني آدم وما هم فيه من الغمّ والحزن قلن: الحمد لله الذي لم يجعلنا مثلكم فلا جنّة نرجوا ولا ناراً نخاف، وأخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا محمّد بن خالد قال: حدّثنا داود بن سليمان قال: حدّثنا عبد بن حميد قال: حدّثنا الحسن بن موسى قال: حدّثنا يعقوب بن عبد الله قال: حدّثنا جعفر عن عبد الله بن ذكوان أبي الزياد قال: إذا قضي بين الناس وأمر أهل الجنة إلى الجنّة وأهل النار إلى النار قيل لسائر الأمم ولمؤمني الجنّ: عودوا تراباً فيعودون تراباً، فعند ذلك يقول الكافر حيث يراهم قد عادوا تراباً: يا ليتني كنت تراباً، وبه قال ليث بن سليم: مؤمنوا الجن يعودون تراباً، وقال عمر بن عبد العزيز: إن مؤمنين الجن حول الجنّة في ريض ورحاب وليسوا فيها.
وسمعتُ أبا القاسم بن جبير يقول: رأيت في بعض التفاسير أن الكافر هاهنا إبليس وذلك أنه عاب آدم بأنه خُلق من تراب وافتخر بأنه خلق من النار، فإذا عاين يوم القيامة ما فيه آدم وبنوه المؤمنون من الثواب والراحة والرحمة ورأى ما هو وذويه فيه من الشدّة والعذاب تمنّى أنه بمكان آدم فيقول حينئذ: يا ليتني كنت تراباً.
وقال أبو هريرة: فيقول التراب للكافر: لا ولا كرامة لك من جعلك مثلي.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال