سورة النازعات / الآية رقم 12 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً وَكَأْساً دِهَاقاً لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذَّاباً جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَاءً حِسَاباً رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفاًّ لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً ذَلِكَ اليَوْمُ الحَقُّ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآباً إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ المَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الحَافِرَةِ أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً قَالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى

النبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنبأالنازعاتالنازعاتالنازعاتالنازعاتالنازعاتالنازعاتالنازعاتالنازعات




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً (1) وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً (2) وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً (3) فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً (4) فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً (5) يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (7) قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ (8) أَبْصارُها خاشِعَةٌ (9) يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ (10) أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً (11) قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ (12) فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ (13) فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (14)}.
التفسير:
قوله تعالى: {وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً. وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً. وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً. فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً. فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً}.
يقول الأستاذ الإمام محمد عبده رحمه اللّه، عن هذه الأقسام التي أقسم اللّه سبحانه وتعالى بها من مخلوقاته- يقول:
جاء في القرآن الكريم ضروب من القسم، بالأزمنة والأمكنة والأشياء.
والقسم إنما يكون بشىء يخشى المقسم إذا حنث في حلفه به أن يقع تحت للؤاخذة- نعوذ باللّه أن يتوهم شيء من هذا في جانب اللّه- وما كان اللّه جل شأنه ليحتاج في تأكيد أخباره إلى القسم بما هو من صنع قدرته، فليس لشىء في الوجود قدر إذا نسب إلى قدره تعالى، الذي لا يقدره القادرون، بل لا وجود لكائن إذا قيس إلى وجوده- سبحانه- إلا لأنه انبسط عليه شعاع من أشعة ظهوره جل شأنه ولهذا، قد يسأل السائل عن هذا النوع من الخبر الذي اختص به القرآن وكيف يوجد في كلام اللّه؟ فيجاب، بأنك إذا رجعت إلى جميع ما أقسم اللّه به، وجدته إما شيئا أنكره بعض الناس، أو احتقره لغفلته عن فائدته، أو ذهل عن موضع العبرة فيه، وعمى عن حكمة اللّه في خلقه، أو انعكس عليه الرأى في أمره، فاعتقد فيه غير الحق الذي قرر اللّه شأنه عليه- فيقسم اللّه به، إما لتقرير وجوده في عقل من ينكره، أو تعظيم شأنه في نفس من يحقره، أو تنبيه الشعور إلى ما فيه عند من لا يذكره، أو لقلب الاعتقاد في قلب من أضله الوهم، أو خانه الفهم ومن ذلك النجوم.. قوم يحقرونها لأنها من جملة عالم المادة، أو يغفلون عن حكمة اللّه فيها، وما ناط بها من المصالح، وآخرون يعتقدونها آلهة تتصرف في الأكوان السفلية تصرّف الرب في المربوب، فيقسم اللّه بأوصاف تدل على أنها من المخلوقات، التي تصرّفها القدرة الإلهية، وليس فيها شيء من صفات الألوهية.
ثم يقول الإمام:
و هناك أمر يجب التنبيه عليه، وهو أن من الأديان السابقة على دين الإسلام، ما ظن أهله أن هذا الكون الجسماني، وما فيه من نور وظلمة، وأجرام، وأعراض- إنما هو كون مادى، لم يشأ اللّه كونه إلا ليكون حبسا للأنفس، وفتنة للأرواح، فمن طلب رضا اللّه، فليعرض عنه، وليبعد عن طيباته، وليأخذ بدنه بضرب من الإعنات والتعذيب وأصناف الحرمان، وليغمض عينيه عن النظر إلى شيء مما يشتمل عليه هذا الكون الفاسد في زعمه- اللهم إلا على نية مقته، والهروب منه.
فأقسم اللّه بكثير من هذه الكائنات، ليبين مقدار عنايته بها، وأنه لا يغضبه من عباده أن يتمتعوا بما متعهم به منها، متى أدركوا حكمة اللّه في هذا المتاع، ووقفوا عند حدوده في الانتفاع.
وقد رأينا أن ننقل رأى الإمام في هذه الأقسام التي أقسم اللّه سبحانه بها في القرآن، لأننا لم نجد قولا خيرا من هذا القول، ولا أوضح منه في هذا المقام.
قوله تعالى: {وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً} اختلف المفسرون- كشأنهم دائما فيما يحتمل التأويل والتخريج- فلم يجتمعوا على رأى في مدلول كلمة {النازعات}.
والرأى عندنا- واللّه أعلم- أنها هى النجوم البعيدة، الغائرة، الغارقة في أطباق السماء العليا.
فالنزع: بمعنى الانطلاق، والنزوح البعيد.
والغرق: بمعنى الإغراق في الأمر، ومجاوزة الحدود.
{وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً} هى النجوم، القريبة- نسبيّا،- منّا، فنرى لها حركات ظاهرة، على خلاف النجوم، الغارقة في أجواء السموات العلا، حيث تبدو وكأنها مقيدة في أماكنها، أما النجوم القريبة، فتظهر عليها الحركة، وتبدو كأنها نشطت من عقالها.
{وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً} هى الكواكب، المطلة علينا في سماء الدنيا، كالشمس، والقمر، والمشترى والمريخ، وزحل، وغيرها.
فهذه الكواكب لقربها منا، نراها سابحة في الجو، كما تسبح الطيور.
{وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [38: يس].
{فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً}.
هى هذه الكواكب السابحة سبحا، وهى- كما يبدو من ظاهر حركاتها- في سباق مع بعضها، حيث ترى الشمس مرة أمام القمر، ويرى القمر مرة أمامها.
{فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً}.
هى أيضا نفس هذه الكواكب، السابحات سبحا، والسابقات سبقا.
إنها في تعاملنا معها، تضبط الزمن، ساعات، وأياما، وشهورا.. {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ} [12: الإسراء].
وتدبير هذه الكواكب لأمورنا، هو فيما يظهر من آثارها في حياتنا، من حرّ وبرد، ومن هبوب رياح، ونزول أمطار، وإنضاج ثمار، ومدّ وجزر في البحار، وغير ذلك مما نشهده من حركة الشمس والقمر، وما يتبع هذه الحركة من آثار في عالمنا الأرضى، برّا، وبحرا، وجوّا.
قوله تعالى: {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ. تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ}.
ليس هذا جواب القسم، فجواب القسم- كما قلنا- هو مادل عليه ختام سورة النبأ، أما هذا فهو بيان لما يجرى في يوم القيامة، الذي جاء القسم لتوكيده، الأمر الذي يقتضى التسليم به، فلم يبق إلا بيان ما يحدث فيه.
والراجفة: الأرض، والرادفة السماء.
فالأرض ترجف يوم القيامة، ثم تتبعها السماء، فيما يقع فيها من أحداث هذا اليوم، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ} [48: إبراهيم].
وقيل: الراجفة: النفخة الأولى، وهى صعقة الموت: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ} [68: الزمر].
والرادفة: النفخة الثانية، وهى نفخة البعث: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ} [68: الزمر].. وجملة {تتبعها الرادفة} حال من {الراجفة}.
وقوله تعالى: {قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ}.
الواجفة: الخائفة، المذعورة: المضطربة.. والوجيف: ضرب من السير السريع المضطرب.
وهو إخبار عن حال المشركين الذين يكذبون بيوم الدين، وذلك حين تطلع عليهم أمارات الساعة، وإرهاصاتها.
وفى الإخبار عن القلوب، دون أصحابها، إشارة إلى أن القلوب في هذا اليوم، هى التي تتلقى هذه الأحداث، وتتفاعل بها، وأن الإنسان في هذا اليوم قد استحال إلى قلب واجف مضطرب، كل جارحة فيه، وكل عضو من أعضائه، قد صار قلبا، يدرك، ويشعر، وينفعل.. وذلك من شدة وقع الأحداث، التي يتنبه لها كيان الإنسان كله.. وفى تنكير القلوب، إشارة إلى أنها قلوب غير تلك القلوب التي عهدها الناس، إنها هذا الإنسان المجتمع فيها بكل أعضائه وجوارحه.
قوله تعالى: {أَبْصارُها خاشِعَةٌ}.
أي أبصار هذه القلوب أو أبصار أصحابها، إذ لا فرق بين الإنسان وقلبه يومئذ.. والخاشعة الذليلة.. وإنما أوقع الذلّ على الأبصار، لأنها هى المرآة التي تتجلى على صفحتها أحوال الإنسان، وما يقع في القلب من مسرات ومساءات.
قوله تعالى: {يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ. أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً}؟.
الحافرة: الحياة الأولى التي كان عليها الإنسان.. يقال رجع إلى حافرته، أي إلى الطريق الذي جاء منه.
والفعل {يقولون} هو الناصب للظرف: {يوم ترجف الراجفة} أي يوم ترجف الراجفة، متبوعة بالرادفة، متبوعة بقلوب يومئذ واجفة، أبصارها خاشعة- في هذا اليوم يقول المشركون: {أإنا لمردودون في الحافرة} أي أنردّ إلى الحياة الدنيا مرة أخرى بعد أن نموت، ونتحول إلى عظام بالية؟ إن هذه الأحداث لتشير إلى أن هناك بعثا وحياة بعد الموت!! لقد قال الذين يحدثوننا عن يوم القيامة إن هناك إرهاصات تسبقه، وهذه هى الإرهاصات.. فهل يقع البعث حقا؟ إن ذلك مما تشهد له هذه الأحداث!.
وهكذا تتردد في صدورهم الخواطر المزعجة، والوساوس المفزعة.
قوله تعالى: {قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ}.
أي عندئذ، وبعد أن يعاين المشركون أمارات الساعة، وهم في هذه الدنيا، وبعد أن يتبين لهم أن أمر البعث جدّ لا هزل، وأنه لا شكّ واقع- عندئذ {قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ} أي رجعة قد خسرنا فيها أنفسنا، إذ لم نكن نتوقعها، ولم نعمل لها حسابا.
قوله تعالى: {فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ، فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ}.
{هى} ضمير الشأن، أي فإنما الحال والشأن زجرة واحدة، أي صيحة واحدة، أو نفخة واحدة.. {فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} أي فإذا هم على ظهر الأرض.
والساهرة: الأرض، وسميت ساهرة، لأنه لا نوم للناس يومئذ فيها، بل هم في سهر دائم، بعد مبعثهم من نومهم في القبور.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال