سورة النازعات / الآية رقم 30 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ المُقَدَّسِ طُوًى اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى فَأَرَاهُ الآيَةَ الكُبْرَى فَكَذَّبَ وَعَصَى ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى فَحَشَرَ فَنَادَى فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الكُبْرَىيَوْمَ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ مَا سَعَى وَبُرِّزَتِ الجَحِيمُ لِمَن يَرَى فَأَمَّا مَن طَغَى وَآثَرَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الجَحِيمَ هِيَ المَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الهَوَى فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأْوَى يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا فِيمَ أَنْتَ مِن ذِكْرَاهَا إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا

النازعاتالنازعاتالنازعاتالنازعاتالنازعاتالنازعاتالنازعاتالنازعاتالنازعاتالنازعاتالنازعاتالنازعاتالنازعاتالنازعاتعبس




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30)}
{والارض بَعْدَ ذَلِكَ} الظاهر أنه إشارة إلى ما تقدم من خلق السماء وأغطاش الليل وإخراج النهار دون خلق السماء فقط وانتصاب الأرض ضمر قيل على شريطة التفسير وقيل تقديره تذكر أو تدبر أو اذكر وستعلم ما في ذلك إن شاء الله تعالى ومعنى قوله تعالى: {دحاها} بسطها ومدها لسكنى أهلها وتقلبهم في أقطارها من الدحو أو الدحى عنى البسط وعليه قول أمية بن أبي الصلت:
وبث الخلق فيها إذ دحاها *** فهم قطانها حتى التنادي
وقيل دحاها سواها وأنشدوا قول زيد بن عمرو بن نفيل:
وأسلمت وجهي لمن أسلمت *** له الأرض تحمل صخرًا ثقالًا
دحاها فلما استوت شدها *** بأيد وارسي عليها الجبالا
والأكثرون على الأول وأنشد الإمام بيت زيد فيه والظاهر أن دحوها بعد خلقها وقيل مع خلقها فالمراد خلقها مدحوة وروى الأول عن ابن عباس ودفع به توهم تعارض بين آيتين أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عنه أن رجلًا قال له آيتان في كتاب الله تعالى تخالف إحداهما الأخرى فقال إنما أتيت من قبل رأيك اقرأ: {قَالَ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بالذى خَلَقَ الارض فِى يَوْمَيْنِ} حتى بلغ {ثم استوى إلى السماء} [فصلت: 9-11] وقوله تعالى: {والارض بَعْدَ ذَلِكَ دحاها} قال خلق الله تعالى الأرض قبل أن يخلق السماء ثم خلق السماء ثم دحا الأرض بعدما خلق السماء وإنما قوله سبحانه دحاها بسطها وتعقبه الإمام بأن الجسم العظيم يكون ظاهره كالسطح المستوي ويستحيل أن يكون هذا الجسم العظيم مخلوقًا ولا يكون ظاهره مدحوًا مبسوطًا وأجيب أنه لعل مراد القائل بخلقها أولًا ثم دحوها ثانيًا خلق مادتها أولًا ثم تركيبها وإظهارها على هذه الصورة والشكل مدحوة مبسوطة وهذا كما قيل في قوله تعالى: {ثُمَّ استوى إِلَى السماءوهي دخان} [فصلت: 11] فسواهن سبع سموات إن السماء خلقت مادتها أولًا ثم سويت وأظهرت على صورتها اليوم وعن الحسن ما يدل على أنها كانت يوم خلقت قبل الدحو كهيئة الفهر ويشعر بأنها لم تكن على عظمها اليوم وتعقبه بعضهم بشيء آخر وهو أنه يأبى ذلك قوله تعالى: {خَلَقَ لَكُم مَّا فِى الارض جَمِيعًا ثم استوى إلى السماء} [البقرة: 29] الآية فإنه يفيد أن خلق ما في الأرض قبل خلق السموات ومن المعلوم أن خلق ما فيها إنما هو بعد الدحو فكيف يكون الدحو بعد خلق السموات وأجيب بأن خلق في الآية عنى قدر أو أراد الخلق ولا يمكن أن يراد به فيها الإيجاد بالفعل ضرورة أن جميع المنافع الأرضية يتجدد إيجادها أولًا فأولًا سلمنا أن المراد الايجاد بالفعل لكن يجوز أن يكون المراد خلق مادة ذلك بالفعل ومن الناس من حمل مثم على التراخي الرتبي لأن خلق السماء أعجب من خلق الأرض وقال عصام الدين أن بعد ذلك هنا كما في قوله تعالى:{عُتُلٍ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} [القلم: 13] يعني فعل بالأرض ما فعل بعدما سمعت في السماء والمراد التأخير في الأخبار فخلق الأرض ودحوها وإخراج مائها ورعاها وإرساء الجبال عليها عنده قبل خلق السماء كل يقتضيه ظاهر آية البقرة وظاهر آية الدخان وأيد حمل البعدية على ما ذكر بأن حملها على ظاهرها مع حمل الإشارة على الإشارة إلى مجموع ما تقدم مما سمعت يلزم عليه أن اغطاش الليل وإبراز النهار كانا قبل خلق الأرض ودحوها وذلك مما لا يتسنى على تقدير أنها غير مخلوقة أصلًا ومما يبعد على تقدير أنها مخلوقة غير عظيمة وأيضًا قيل لو لم تحمل البعدية ما ذكره وقيل بنحو ما قال ابن عباس من تأخر الدحو عن خلق السماء مع تقدم خلق الأرض من غير دحو على خلقها لم تنحسن مادة الاشكال إذ آية الدخان ظاهرة في أن جعل الرواسي في الأرض قبل خلق السماء وتسويتها وهذه الآية إلى آخرها ظاهرة في أن جعل الرواسي بعد وبالجملة أنه قد اختلف أهل التفسير في أن خلق السماء مقدم على خلق الأرض أو مأخر فقال ابن الطاشكبري نقل الواحدي عن مقاتل أن خلق السماء مقدم على خلق الأرض واختاره جمع لكنهم قالوا إن خلق ما فيها مؤخر وأجابوا عما هنا وآية البقرة بأن الخلق فيها عنى التقدير أو عنى الإيجاد وتقدير الإرادة وأن البعدية هاهنا لإيجاد الأرض وجميع ما فيها وعما هنا وآية الدخان بنحو ذلك فقدروا الإرادة في قوله تعالى: {خلق الأرض في يومين} [فصلت: 9] وكذا في قوله سبحانه: {وجعل فيها رواسي} [فصلت: 10] وقالوا يؤيد ما ذكر قوله تعالى: {فقال لها وللأرض أئتيا طوعًا أو كرهًا قالتا أئينا طائعين} [فصلت: 11] فإن الظاهر أن المراد أئتيا في الوجود ولو كانت الأرض موجودة سابقة لما صح هذا فكأنه قال سبحانه أئنكم لتكفرون بالذي أراد إيجاد الأرض وما فيها من الرواسي والأقوات في أربعة أيام ثم قصد إلى السماء فتعلقت إرادته بإيجاد السماء والأرض فأطاعا لأمر التكوين فأوجد سبع سماوات في يومين وأوجد الأرض وما فيها في أربعة أيام ونكتة تقديم خلق الأرض وما فيها في الظاهر في سورتي البقرة والدخان على خلق السموات والعكس هاهنا أن المقام في الأولين مقام الامتنان وتعداد النعم على أهل الكفر والايمان فمقتضاه تقديم ما هو نعمة بالنظر إلى المخاطبين من الفريقين فكأنه قال سبحانه هو الذي دبر أمركم قبل السماء ثم خلق السماء والمقام هنا مقام بيان كمال القدرة فمقتضاه تقديم ما هو أدل انتهى وفي الكشف أطبق أهل التفسير أنه تم خلق الأرض وما فيها في أربعة أيام ثم خلق السماء في يومين إلا ما نقل الواحدي في «البسيط» عن مقاتل أن خلق السماء مقدم على إيجاد الأرض فضلًا عن دحوها والكلام مع من فرق بين الإيجاد والدحو وما قيل إن دحو الأرض متأخر عن خلق السماء لا عن تسويتها يرد عليه بعد ذلك فإنه إشارة إلى السابق وهو رفع السمك والتسوية والجواب بتراخي الرتبة لا يتم لما نقل من أطباق المفسرين فالوجه أن يجعل الأرض منصوبًا ضمر نحو تذكر وتدبر واذكر الأرض بعد ذلك وإن جعل مضمرًا على شريطة التفسير جعل بعد ذلك إشارة إلى المذكور سابقًا من ذكر خلق السماء لا خلق السماء نفسه ليدل على أنه متأخر في الذكر عن خلق السماء تنبيهًا على أنه قاصر في الدلالة عن الأول لكنه تتميم كما تقول جملًا ثم تقول بعد ذلك كيت وكيت وهذا كثير في استعمال العرب والعجم وكان بعد ذلك بهذا المعنى عكسه إذا استعمل لتراخي الرتبة وقد تستعمل بهذا المعنى وكذا الفاء وهذا لا ينافي قول الحسن أنه تعالى خلق الأرض في موضع بيت المقدس كهيئة الفهر عليها دخان ملتزق بها ثم أصعد الدخان وخلق منه السموات وأمسك الفهر في موضعها وبسط منها الأرض وذلك قوله تعالى: {كَانَتَا رَتْقًا ففتقناهما} [الأنبياء: 30] الآية فإنه يدل على أن كون السماء دخانًا سابق على دحو الأرض وتسويتها وهو كذلك بل ظاهر قوله تعالى: {ثم استوى إلى السماء وهي دخان} [فصلت: 11] يدل على ذلك وإيجاد الجوهرة النورية والنظر إليها بعين الجلال لمبطن بالرحمة والجمال وذوبها وامتياز لطيفها عن كثيفها وصعود المادة الدخانية اللطيفة وبقاء الكثيف هذا كله سابق على الأيام الستة وثبت في الخبر الصحيح ولا ينافي الآيات وأما ما نقله الواحدي عن مقاتل واختاره الإمام فلا إشكال فيه ويتعين ثم في سورتي البقرة والسجدة على تراخي الرتبة وهو أوفق لمشهور قواعد الحكماء لكن لا يوافق ما روى أنه تعالى خلق جرم الأرض يوم الأحد ويوم الإثنين ودحاها وخلق ما فيها يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء وخلق السموات وما فيها في يوم الخميس والجمعة وفي آخر يوم الجمعة ثم خلق آدم عليه السلام انتهى والذي أميل إليه أن تسوية السماء بما فيها سابقة على تسوية الأرض بما فيها لظهور أمر العلية في الأجرام العلوية وأمر المعلولية في الأجرام السفلية ويعلم تأويل ما ينافي ذلك مما سمعت أوما الخبر الأخير ففي صحته مقال والله تعالى أعلم بحقيقة الحال وقد مر شيء مما يتعلق بهذا المقام وإنما أعدنا الكلام فيه تذكيرًا لذوي الأفهام فتأمل والله تعالى الموفق لتحصيل المراد وقوله تعالى:




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال