سورة عبس / الآية رقم 1 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
عَبَسَ وَتَوَلَّى أَن جَاءَهُ الأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنشَرَهُ كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا المَاءَ صَباًّ ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقاًّ فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَباًّ وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً وَحَدَائِقَ غُلْباً وَفَاكِهَةً وَأَباًّ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ أَوْلَئِكَ هُمُ الكَفَرَةُ الفَجَرَةُ

عبسعبسعبسعبسعبسعبسعبسعبسعبسعبسعبسعبسعبسعبسعبس




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى (2) وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى (4)}
فيه ست مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {عَبَسَ} أي كلح بوجهه، يقال: عبس وبسر. وقد تقدم. {وَتَوَلَّى} أي أعرض بوجهه {أَنْ جاءَهُ} {أَنْ} في موضع نصب لأنه مفعول له، المعنى لان جاءه الأعمى، أي الذي لا يبصر بعينيه. فروى أهل التفسير أجمع أن قوما من أشراف قريش كانوا عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد طمع في إسلامهم، فأقبل عبد الله بن أم مكتوم، فكره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقطع عبد الله عليه كلامه، فأعرض عنه، ففيه نزلت هذه الآية. قال مالك: إن هشام بن عروة حدثه عن عروة، أنه قال: نزلت {عَبَسَ وَتَوَلَّى} في ابن أم مكتوم، جاء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجعل يقول: يا محمد استدنني، وعند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل من عظماء المشركين، فجعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعرض عنه ويقبل على الآخر، ويقول: «يا فلان، هل ترى بما أقول بأسا؟ فيقول: لا والدمى ما أرى بما تقول بأسا»، فأنزل الله: {عَبَسَ وَتَوَلَّى}.
وفي الترمذي مسندا قال: حدثنا سعيد ابن يحيى بن سعيد الأموي، حدثني أبي، قال هذا ما عرضنا على هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، قالت: نزلت {عَبَسَ وَتَوَلَّى} في ابن أم مكتوم الأعمى، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل، يقول: يا رسول الله أرشدني، وعند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل من عظماء المشركين، فجعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعرض عنه، ويقبل على الآخر، ويقول: «أترى بما أقول بأسا» فيقول: لا، ففي هذا نزلت، قال: هذا حديث غريب.
الثانية: الآية عتاب من الله لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في إعراضه وتوليه عن عبد الله بن أم مكتوم. ويقال: عمرو بن أم مكتوم، واسم أم مكتوم عاتكة بنت عامر بن مخزوم، وعمرو هذا: هو ابن قيس بن زائدة بن الأصم، وهو ابن خال خديجة رضي الله عنها. وكان قد تشاغل عنه برجل من عظماء المشركين، يقال كان الوليد بن المغيرة. ابن العربي: قاله المالكية من علمائنا، وهو يكني أبا عبد شمس.
وقال قتادة: هو أمية بن خلص وعنه: أبي بن خلف.
وقال مجاهد: كانوا ثلاثة عتبة وشيبة أبنا ربيعة وأبي بن خلف.
وقال عطاء عتبة بن ربيعة. سفيان الثوري: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع عمه العباس. الزمخشري: كان عنده صناديد قريش: عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأبو جهل بن هشام، والعباس بن عبد المطلب، وأمية بن خلف، والوليد بن المغيرة يدعوهم إلى الإسلام، رجاء أن يسلم بإسلامهم غيرهم. قال ابن العربي: أما قول علمائنا إنه الوليد بن المغيرة فقد قال آخرون إنه أمية بن خلف والعباس وهذا كله باطل وجهل من المفسرين الذين لم يتحققوا الدين، ذلك أن أمية بن خلف والوليد كانا بمكة وابن أم مكتوم كان بالمدينة، ما حضر معهما ولا حضرا معه، وكان موتهما كافرين، أحدهما قبل الهجرة، والآخر ببدر، ولم يقصد قط أمية المدينة، ولا حضر عنده مفردا، ولا مع أحد.
الثالثة: أقبل ابن أم مكتوم والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مشتغل بمن حضره من وجوه قريش يدعوهم إلى الله تعالى، وقد قوي طمعه في إسلامهم وكان في إسلامهم إسلام من وراءهم من قومهم، فجاء ابن أم مكتوم وهو أعمى فقال: يا رسول الله علمني مما علمك الله، وجعل يناديه ويكثر النداء، ولا يدري أنه مشتغل بغيره، حتى ظهرت الكراهة في وجه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقطعه كلامه، وقال في نفسه: يقول هؤلاء: إنما أتباعه العميان والسفلة والعبيد، فعبس وأعرض عنه، فنزلت الآية. قال الثوري: فكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد ذلك إذا رأى ابن أم مكتوم يبسط له رداءه وبقول: «مرحبا بمن عاتبني فيه ربي. ويقول: هل من حاجه؟» وأستخلفه على المدينة مرتين في غزوتين غزاهما. قال أنس: فرأيته يوم القادسية راكبا وعليه درع ومعه راية سوداء.
الرابعة: قال علماؤنا: ما فعله ابن أم مكتوم كان من سوء الأدب لو كان عالما بأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مشغول بغيره، وأنه يرجو إسلامهم، ولكن الله تبارك وتعالى عاتبه حتى لا تنكسر قلوب أهل الصفة، أو ليعلم أن المؤمن الفقير خير من الغني، وكان النظر إلى المؤمن أولى وإن كان فقيرا أصلح وأولى من الامر الآخر، وهو الإقبال على الأغنياء طمعا في إيمانهم، وإن كان ذلك أيضا نوعا من المصلحة، وعلى هذا يخرج قوله تعالى: {ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى} [الأنفال: 67] الآية على ما تقدم.
وقيل: إنما قصد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تأليف الرجل، ثقة بما كان في قلب ابن أم مكتوم من الايمان، كما قال: «إني لأصل الرجل وغيره أحب إلي منه، مخافة أن يكبه الله في النار على وجهه».
الخامسة: قال ابن زيد: إنما عبس النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لابن أم مكتوم وأعرض عنه، لأنه أشار إلى الذي كان يقوده أن يكفه، فدفعه ابن أم مكتوم، وأبى إلا أن يكلم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى يعلمه، فكان في هذا نوع جفاء منه. ومع هذا أنزل الله في حقه على نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَبَسَ وَتَوَلَّى بلفظ الاخبار عن الغائب، تعظيما له ولم يقل: عبست وتوليت. ثم أقبل عليه بمواجهة الخطاب تأنيسا له فقال: {وَما يُدْرِيكَ} أي يعلمك لَعَلَّهُ يعني ابن أم مكتوم يَزَّكَّى بما أستدعى منك تعليمه إياه من القرآن والدين، بأن يزداد طهارة في دينه، وزوال ظلمة الجهل عنه.
وقيل: الضمير في لَعَلَّهُ للكافر يعني إنك إذا طمعت في أن يتزكى بالإسلام أو يذكر، فتقربه الذكرى إلى قبول الحق وما يدريك أن ما طمعت فيه كائن. وقرأ الحسن {آأن جاءه الأعمى} بالمد على الاستفهام ف- أَنْ متعلقة بفعل محذوف دل عليه عَبَسَ وَتَوَلَّى التقدير: آأن جاءه أعرض عنه وتولى؟ فيوقف على هذه القراءة على وَتَوَلَّى، ولا يوقف عليه على قراءة الخبر، وهي قراءة العامة.
السادسة: نظير هذه الآية في العتاب قوله تعالى في سورة الأنعام: {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ} [الأنعام: 52] وكذلك قوله في سورة الكهف: {وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا} [الكهف: 28] وما كان مثله، والله أعلم. {أَوْ يَذَّكَّرُ} يتعظ بما تقول: {فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى} أي العظة. وقراءة العامة: {فتنفعه} بضم العين، عطفا على {يَزَّكَّى}. وقرأ عاصم وابن أبي إسحاق وعيسى فَتَنْفَعَهُ نصبا. وهي قراءة السلمي وزر بن حبيش، على جواب لعل، لأنه غير موجب، كقوله تعالى: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ} [غافر: 36] ثم قال: {فَاطَّلَعَ} [الصافات: 55].




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال