سورة عبس / الآية رقم 39 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
عَبَسَ وَتَوَلَّى أَن جَاءَهُ الأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنشَرَهُ كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا المَاءَ صَباًّ ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقاًّ فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَباًّ وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً وَحَدَائِقَ غُلْباً وَفَاكِهَةً وَأَباًّ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ أَوْلَئِكَ هُمُ الكَفَرَةُ الفَجَرَةُ

عبسعبسعبسعبسعبسعبسعبسعبسعبسعبسعبسعبسعبسعبسعبس




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (39) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُها قَتَرَةٌ (41) أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (42)}
قوله تعالى: {فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ} لما ذكر أمر المعاش ذكر أمر المعاد، ليتزودوا له بالأعمال الصالحة، وبالإنفاق مما أمتن به عليهم. والصاخة: الصيحة التي تكون عنها القيامة، وهي النفخة الثانية، تصخ الاسماع: أي تصمها فلا تسمع إلا ما يدعى به للاحياء. وذكر ناس من المفسرين قالوا: تصيخ لها الاسماع، من قولك: أصاخ إلى كذا: أي استمع إليه، ومنه الحديث: «ما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة شفقا من الساعة إلا الجن والانس».
وقال الشاعر:
يصيخ للنبأة أسماعه *** إصاخة المنشد للمنشد
قال بعض العلماء: وهذا يؤخذ على جهة التسليم للقدماء، فأما اللغة فمقتضاها القول الأول، قال الخليل: الصاخة: صيحة تصخ الآذان {صخا}؟ أي تصمها بشدة وقعتها. واصل الكلمة في اللغة: الصك الشديد.
وقيل: هي مأخوذة من صخة بالحجر: إذا صكة قال الراجز:
يا جارتي هل لك أن تجالدي *** جلادة كالصك بالجلامد
ومن هذا الباب قول العرب: صختهم الصاخة وباتتهم البائتة، وهي الداهية. الطبري: وأحسبه من صخ فلان فلانا: إذا أصماه. قال ابن العربي: الصاخة التي تورث الصمم، وإنها لمسمعة، وهذا من بديع الفصاحة، حتى لقد قال بعض حديثي الأسنان حديثي الأزمان:
أصم بك الناعي وإن كان اسمعا ***
وقال آخر:
أضمني سرهم أيام فرقتهم *** فهل سمعتم بسر يورث الصمما
لعمر الله إن صيحة القيامة لمسمعة تصم عن الدنيا، وتسمع أمور الآخرة. قوله تعالى: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ} أي يهرب، أي تجئ الصاخة في هذا اليوم الذي يهرب فيه من أخيه، أي من موالاة أخيه ومكالمته، لأنه لا يتفرغ لذلك، لاشتغاله بنفسه، كما قال بعده: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ أي يشغله عن غيره.
وقيل: إنما يفر حذرا من مطالبتهم إياه، لما بينهم من التبعات.
وقيل: لئلا يروا ما هو فيه من الشدة.
وقيل: لعلمه أنهم لا ينفعونه ولا يغنون عنه شيئا، كما قال: {يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً} [الدخان: 41].
وقال عبد الله بن طاهر الأبهري: يفر منهم لما تبين له من عجزهم وقلة حيلتهم، إلى من يملك كشف تلك الكروب والهموم عنه، ولو ظهر له ذلك في الدنيا لما اعتمد شيئا سوى ربه تعالى. {وَصاحِبَتِهِ} أي زوجته. {وَبَنِيهِ} أي أولاده. وذكر الضحاك عن ابن عباس قال: يفر قابيل من أخيه هابيل، ويفر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أمه، وإبراهيم عليه السلام من أبيه، ونوح عليه السلام من ابنه، ولوط من امرأته، وآدم من سوأة بنيه.
وقال الحسن: أول من يفر يوم القيامة من، أبيه: إبراهيم، وأول من يفر من ابنه نوح، وأول من يفر من امرأته لوط. قال: فيرون أن هذه الآية نزلت فيهم وهذا فرار التبرؤ. {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}. في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا قلت، يا رسول الله! الرجال والنساء جميعا ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال: يا عائشة، الامر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض». خرجه الترمذي عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «يحشرون حفاة عراة غرلا فقالت امرأة: أينظر بعضنا، أو يرى بعضنا عورة بعض؟ قال: يا فلانة {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}». قال: حديث حسن صحيح. وقراءة العامة بالغين المعجمة، أي حال يشغله عن الأقرباء. وقرأ ابن محيصن وحميد {يعنيه} بفتح الياء، وعين غير معجمة، أي يعنيه أمره.
وقال القتبي: يعنيه: يصرفه ويصده عن قرابته، ومنه يقال: أعن عني وجهك: أي أصرفه وأعن عن السفيه، قال خفاف:
سيعنيك حرب بني مالك *** عن الفحش والجهل في المحفل
قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ}: أي مشرقة مضيئة، قد علمت مالها من الفوز والنعيم، وهي وجوه المؤمنين. ضاحِكَةٌ أي مسرورة فرحة. مُسْتَبْشِرَةٌ: أي بما آتاها الله من الكرامة.
وقال عطاء الخراساني: مُسْفِرَةٌ من طول ما اغبرت في سبيل الله جل ثناؤه. ذكره أبو نعيم. الضحاك: من آثار الوضوء. ابن عباس: من قيام الليل، لما روى في الحديث: «من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار» يقال: أسفر الصبح إذا أضاء. {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ} أي غبار ودخان تَرْهَقُها أي تغشاها قَتَرَةٌ أي كسوف وسواد. كذا قال ابن عباس. وعنه أيضا: ذلة وشدة. والقتر في كلام العرب: الغبار، جمع القترة، عن أبي عبيد، وأنشد الفرزدق:
متوج برداء الملك يتبعه *** موج ترى فوقه الرايات والقترا
وفي الخبر: إن البهائم إذا صارت ترابا يوم القيامة حول ذلك التراب في وجوه الكفار.
وقال زيد بن أسلم، القترة: ما ارتفعت إلى السماء، والغبرة: ما انحطت إلى الأرض، والغبار والغبرة: واحد. أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ جمع كافر الْفَجَرَةُ جمع فاجر، وهو الكاذب المفترى على الله تعالى.
وقيل: الفاسق، يقال: فجر فجورا: أي فسق، وفجر: أي كذب. وأصله: الميل، والفاجر: المائل. وقد مضى بيانه والكلام فيه. والحمد لله وحده.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال