سورة النساء / الآية رقم 89 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً فَمَا لَكُمْ فِي المُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلاَ تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَخُذُوَهُمْ وَاقْتُلُوَهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوَهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِياًّ وَلاَ نَصِيراً إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوَهُمْ وَاقْتُلُوَهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوَهُمْ وَأُوْلائِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً

النساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (89) إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً (90)}
فيه خمس مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} أي تمنوا أن تكونوا كهم في الكفر والنفاق شرع سواء، فأمر الله تعالى بالبراءة منهم فقال: {فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا}، كما قال تعالى: {ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا} والهجرة أنواع: منها الهجرة إلى المدينة لنصرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكانت هذه واجبة أول الإسلام حتى قال: «لا هجرة بعد الفتح». وكذلك هجرة المنافقين مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الغزوات، وهجرة من أسلم في دار الحرب فإنها واجبة. وهجرة المسلم ما حرم الله عليه، كما قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «والمهاجر من هجر ما حرم الله عليه». وهاتان الهجرتان ثابتتان الآن. وهجرة أهل المعاصي حتى يرجعوا تأديبا لهم فلا يكلمون ولا يخالطون حتى يتوبوا، كما فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع كعب وصاحبيه. {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ} يقول: إن أعرضوا عن التوحيد والهجرة فأسروهم واقتلوهم. {حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} عام في الأماكن من حل وحرم. والله أعلم. ثم استثنى وهى: الثانية: فقال: {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ} أي يتصلون بهم ويدخلون فيما بينهم من الجوار والحلف، المعنى: فلا تقتلوا قوما بينهم وبين من بينكم وبينهم عهد فإنهم على عهدهم ثم انتسخت العهود فانتسخ هذا. هذا قول مجاهد وابن زيد وغيرهم، وهو أصح ما قيل في معنى الآية. قال أبو عبيد: يصلون ينتسبون، ومنه قول الأعشى:
إذا اتصلت قالت لبكر بن وائل *** وبكر سبتها والأنوف رواغم
يريد إذا انتسبت. قال المهدوي: وأنكره العلماء، لأن النسب لا يمنع من قتال الكفار وقتلهم.
وقال النحاس: وهذا غلط عظيم، لأنه يذهب إلى أن الله تعالى حظر أن يقاتل أحد بينه وبين المسلمين نسب، والمشركون قد كان بينهم وبين السابقين الأولين أنساب، وأشد من هذا الجهل بأنه كان ثم نسخ، لأن أهل التأويل مجمعون على أن الناسخ له براءة وإنما نزلت: براءة بعد الفتح وبعد أن انقطعت الحروب.
وقال معناه الطبري.
قلت: حمل بعض العلماء معنى ينتسبون على الأمان، أي إن المنتسب إلى أهل الأمان آمن إذا أمن الكل منهم، لا على معنى النسب الذي هو بمعنى القرابة. واختلف في هؤلاء الذين كان بينهم وبين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ميثاق، فقيل: بنو مدلج. عن الحسن: كان بينهم وبين قريش عقد، وكان بين قريش وبين رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عهد.
وقال عكرمة: نزلت في هلال بن عويمر وسراقة بن جعشم وخزيمة بن عامر بن عبد مناف كان بينهم وبين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عهد.
وقيل: خزاعة.
وقال الضحاك عن ابن عباس: أنه أراد بالقوم الذين بينكم وبينهم ميثاق بني بكر بن زيد بن مناة، كانوا في الصلح والهدنة الثالثة: في هذه الآية دليل على إثبات الموادعة بين أهل الحرب وأهل الإسلام إذا كان في الموادعة مصلحة للمسلمين، على ما يأتي بيانه في الأنفال وبراءة إن شاء الله تعالى.
الرابعة: قوله تعالى: {أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} أي ضاقت.
وقال لبيد:
أسهلت وانتصبت كجذع منيفة *** جرداء يحصر دونها جرامها
أي تضيق صدورهم من طول هذه النخلة، ومنه الحصر في القول وهو ضيق الكلام على المتكلم. والحصر الكتوم للسر، قال جرير:
ولقد تسقطني الوشاة فصادفوا *** حصرا بسرك يا أميم ضنينا
ومعنى: {حَصِرَتْ} قد حصرت فأضمرت قد، قال الفراء: وهو حال من المضمر المرفوع في: {جاؤُكُمْ} كما تقول: جاء فلان ذهب عقله، أي قد ذهب عقله.
وقيل: هو خبر بعد خبر قال الزجاج. أي جاءوكم ثم أخبر فقال: {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} فعلى هذا يكون {حَصِرَتْ} بدلا من {جاؤُكُمْ} وقيل: {حَصِرَتْ} في موضع خفض على النعت لقوم.
وفي حرف أبي {إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق حصرت صدورهم} ليس فيه {أَوْ جاؤُكُمْ}.
وقيل: تقديره أو جاءوكم رجالا أو قوما حصرت صدورهم، فهي صفة موصوف منصوب على الحال. وقرأ الحسن {أو جاءوكم حصره صدورهم} نصب على الحال، ويجوز رفعه على الابتداء والخبر.
وحكى {أو جاءوكم حصرات صدورهم}، ويجوز الرفع.
وقال محمد بن يزيد: {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} هو دعاء عليهم، كما تقول: لعن الله الكافر، وقاله المبرد. وضعفه بعض المفسرين وقال: هذا يقتضي ألا يقاتلوا قومهم، وذلك فاسد، لأنهم كفار وقومهم كفار. وأجيب بأن معناه صحيح، فيكون عدم القتال في حق المسلمين تعجيزا لهم، وفي حق قومهم تحقيرا لهم.
وقيل: {أو} بمعنى الواو، كأنه يقول: إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق وجاءوكم ضيقة صدورهم عن قتالكم والقتال معكم فكرهوا قتال الفريقين. ويحتمل أن يكونوا معاهدين على ذلك فهو نوع من العهد، أو قالوا نسلم ولا نقاتل، فيحتمل أن يقبل ذلك منهم في أول الإسلام حتى يفتح الله قلوبهم للتقوى ويشرحها للإسلام. والأول أظهر. والله أعلم. {أَوْ يُقاتِلُوا} في موضع نصب، أي عن أن يقاتلوكم.
الخامسة: قوله تعالى: {وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ} تسليط الله تعالى المشركين على المؤمنين هو بأن يقدرهم على ذلك ويقويهم إما عقوبة ونقمة عند إذاعة المنكر وظهور المعاصي، وإما ابتلاء واختبارا كما قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ}، وإما تمحيصا للذنوب كما قال تعالى: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا}. ولله أن يفعل ما يشاء ويسلط من يشاء على من يشاء إذا شاء. ووجه النظم والاتصال بما قبل أي اقتلوا المنافقين الذين اختلفتم فيهم إلا أن يهاجروا، وإلا أن يتصلوا بمن بينكم وبينهم ميثاق فيدخلون فيما دخلوا فيه فلهم حكمهم، وإلا الذين جاءوكم قد حصرت صدورهم عن أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم فدخلوا فيكم فلا تقتلوهم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال