سورة النساء / الآية رقم 90 / تفسير تفسير أبي حيان / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً فَمَا لَكُمْ فِي المُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلاَ تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَخُذُوَهُمْ وَاقْتُلُوَهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوَهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِياًّ وَلاَ نَصِيراً إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوَهُمْ وَاقْتُلُوَهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوَهُمْ وَأُوْلائِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً

النساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


الإركاس: الرد والرجع. قيل: من آخره على أوله، والركس: الرجيع. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في «الروثة هذا ركس» وقال أمية بن أبي الصلت:
فأركسوا في حميم النار أنهم *** كانوا عصاة وقالوا الإفك والزورا
وحكى الكسائي والنضر بن شميل: ركس وأركس بمعنى واحد أي: رجعهم. ويقال: ركَّس مشدّداً بمعنى أركس، وارتكس هو أي ارتجع. وقيل: أركسه أوبقه قال:
بشؤمك أركستني في الخنا *** وأرميتني بضروب العنا
وقيل: أضلهم. وقال الشاعر:
وأركستني عن طريق الهدى *** وصيرتني مثلاً للعدا
وقيل: نكسه. قاله الزجاج قال:
ركسوا في فتنة مظلمة *** كسواد الليل يتلوها فتن
الدية: ما غرم في القتل من المال، وكان لها في الجاهلية أحكام ومقادير، ولها في الشرع أحكام ومقادير، سيأتي ذكر شيء منها. وأصلها: مصدر أطلق على المال المذكور، وتقول: منه ودي، يدي، وديا ودية. كما تقول: وشى يشي، وشيا وشية، ومثاله من صحيح اللام: زنة وعدة.
التعمد والعمد: القصد إلى الشيء {الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه} قال مقاتل: نزلت فيمن شك في البعث، فاقسم الله ليبعثنه. ومناسبتها لما قبلها ظاهرة وهي: أنه تعالى لما ذكر أن الله كان على كل شيء حسيباً، تلاه بالاعلام بوحدانية الله تعالى والحشر والبعث من القبور للحساب. ويحتمل أن يكون لا إله إلا هو خبر عن الله، ويحتمل أن يكون جملة اعتراض، والخبر الجملة المقسم عليها، وحذف هنا القسم للعلم به. وإلى إما على بابها ومعناها: من الغاية، ويكون الجمع في القبور، أو يضمن معنى: ليجمعنكم معنى: ليحشرنكم، فيعدى بإلى. قيل: أو تكون إلى بمعنى في، كما أولوه في قول النابغة:
فلا تتركني بالوعيد كأنني *** إلى الناس مطلى به القار أجرب
أي: في الناس. وقيل: إلى بمعنى مع. والقيامة والقيام بمعنى واحد، كالطلابة والطلاب. قيل: ودخلت الهاء للمبالغة لشدة ما يقع فيه من الهول، وسمي بذلك إما لقيامهم من القبور، أو لقيامهم للحساب. قال تعالى: {يوم يقوم الناس لرب العالمين} ولما كان الحشر جائزاً بالعقل، واجباً بالسمع، أكده بالقسم قبله وبالجملة بعده من قوله: لا ريب فيه. واحتمل الضمير في فيه أن يعود إلى اليوم، وهو الظاهر. وأن يعود على المصدر المفهوم من قوله تعالى: ليجمعنكم. وتقدم تفسير لا ريب فيه في أول البقرة.
{ومن أصدق من الله حديثاً}. هذا استفهام معناه النفي، التقدير: لا أحد أصدق من الله حديثاً. وفسر الحديث بالخبر أو بالوعد قولان، والأظهر هنا الخبر. قال ابن عطية: وذلك أنّ دخول الكذب في حديث البشر إنما علته الخوف أو الرجاء أو سوء السجية، وهذه منفية في حق الله تعالى، والصدق في حقيقته أن يكون ما يجري على لسان المخبر موافقاً لما في قلبه، والأمر المخير عنه في وجوده انتهى.
وقال الماتريدي: أي إنكم تقبلون حديث بعضكم من بعض مع احتمال صدقه وكذبه، فإنْ تقبلوا حديث من يستحيل عليه الكذب في كل ما أخبركم به من طريق الأولى. وطوّل الزمخشري هنا إشعاراً بمذهبه فقال: لا يجوز عليه الكذب، وذلك أنَّ الكذب مستقل بصارف عن الإقدام عليه وهو قبحه الذي هو كونه كذباً وإخباراً عن الشيء بخلاف ما هو عليه، فمن كذب لم يكذب إلا لأنه محتاج إلى أن يكذب، ليجرّ منفعة، أو يدفع مضرة، أو هو غني عنه، إلا أنه يجهل غناه، أو هو جاهل بقبحه، أو هو سفيه لا يفرق بين الصدق والكذب في أخباره، ولا يبالي بأيهما نطق، وربما كان الكذب أحلى على حنكه من الصدق. وعن بعض السفهاء: أنه عوتب على الكذب فقال: لو غرغرت لهراتك به، ما فارقته. وقيل لكذاب: هل صدقت قط؟ فقال: لولا أني صادق في قولي لا، لقلتها. فكان الحكيم الغني الذي لا تجوز عليه الحاجات، العالم بكل معلوم، منزهاً عنه كما هو منزه عن سائر القبائح انتهى. وكلامه تكثير لا يليق بكتابه، فإنه مختصر في التفسير. وقرأ حمزة والكسائي: أصدق بإشمام الصاد زاياً، وكذا فيما كان مثله من صاد ساكنة بعدها دال، نحو: يصدقون وتصدية. وأما إبدالها زاياً محضة في ذلك فهي لغة كلب. وأنشدوا:
يزيد الله في خيراته *** حامي الذمار عند مصدوقاته
يريد: عند مصدوقاته.
{فما لكم في المنافقين فئتين} ذكروا في سبب نزولها أقوالاً طولوا بها وملخصها: أنّهم قوم أسلموا فاستوبئوا المدينة فخرجوا، فقيل لهم: أما لكم في الرسول أسوة؟ أو ناس رجعوا من أحد لِما خرج الرسول، وهذا في الصحيحين من قول زيد بن ثابت. أو ناس بمكة تكلموا بالإسلام وهم يعينون الكفار، فخرجوا من مكة. قال الحسن، ومجاهد: خرجوا الحاجة لهم، فقال قوم من المسلمين، اخرجوا إليهم فاقتلوهم، فإنهم يظاهرون عدوكم. وقال قوم: كيف نقتلهم وقد تكلموا بالإسلام؟ رواه ابن عطية عن ابن عباس. أو قوم قدموا المدينة وأظهروا الإسلام ثم رجعوا إلى مكة فأظهروا الشرك، أو قوم أعلنوا الإيمان بمكة وامتنعوا من الهجرة قاله: الضحاك. أو العرنيون الذين أغاروا على السرح وقتلوا يساراً، أو المنافقون الذين تكلموا في حديث الإفك.
وما كان من هذه الأقوال يتضمن أنهم كانوا بالمدينة، يردّه قوله: {حتى يهاجروا في سبيل الله} إلا إنْ حملت المهاجرة على هجرة ما نهى الله عنه، والمعنى: أنه تعالى أنكر عليهم اختلافهم في نفاق من ظهر منه النفاق أي: من ظهر منه النفاق قطع بنفاقه، ولو لم يكونوا بادياً نفاقهم، لما أطلق عليه اسم النفاق.
وفي المنافقين متعلق بما تعلق به لكم، وهو كائن أي: أيّ شيء كائن لكم في شأن المنافقين. أو بمعنى فئتين أي: فرقتين في أمر المنافقين. وانتصب فئتين على الحال عند البصريين من ضمير الخطاب في لكم، والعامل فيها العامل في لكم. وذهب الكوفيون إلى أنه منصوب على إضمار كان أي: كنتم فئتين. ويجيزون مالك الشاتم أي: كنت الشاتم، وهذا عند البصريين لا يجوز، لأنه عندهم حال، والحال لا يجوز تعريفها.
{والله أركسهم بما كسبوا} أي: رجّعهم وردّهم في كفرهم قاله: ابن عباس، واختار الفراء والزجاج: أوبقهم. روى عن ابن عباس: أو أضلهم، قاله السدي. أو أهلكهم قاله قتادة، أو نكسهم قاله الزجاج. وكلها متقاربة. ومن عبر به عن الإهلاك فإنه أخذ بلازم الإركاس. ومعنى بما كسبوا أي: بما أجراه الله عليهم من المخالفة، وذلك الاركاس هو بخلق الله واختراعه، وينسب للعبد كسباً.
وقال الزمخشري: والله أرسكهم أي: ردّهم في حكم المشركين كما كانوا بما كسبوا من ارتدادهم، ولحوقهم بالمشركين، واحتيالهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم. أو أركسهم في الكفر بأنْ خذلهم حتى ارتكسوا فيه لما علم من مرض قلوبهم انتهى. وهو جار على عقيدته الاعتزالية، فلا ينسب الاركاس إلى الله حقيقة، بل يؤوّله على معنى الخذلان وترك اللطف، أو على الحكم بكونهم من المشركين. إذ هم فاعلو الكفر ومخترعوه، لا الله تعالى الله عن قولهم.
وقرأ عبد الله: ركسهم ثلاثياً. وقرئ: ركسهم ركسوا فيها بالتشديد، قال الراغب: الركس والنكس الرذل، والركس أبلغ من النكس، لأن النكس ما جعل أسفله أعلاه، والركس أصله ما رجع رجيعاً بعد أن كان طعاماً فهو كالرجس وصف أعمالهم به، كما قال: {إنما المشركون نجس} وأركسه أبلغ من ركسه، كما أنَّ أسقاه بلغ من سقاه انتهى. وهذه الجملة في موضع الحال، أنكر تعالى عليهم اختلافهم في هؤلاء المنافقين في حال أنّ الله تعالى قد ردهم في الكفر، ومن يرده الله إلى الكفر لا يختلف في كفره.
{أتريدون أن تهدوا من أضلّ الله} هذا استفهام إنكار أي: من أراد الله ضلاله، لا يريد أحد هدايته لئلا تقع إرادته مخالفة لإرادة الله تعالى، ومَن قضى الله عليه بالضلال لا يمكن إرشاده، ومن أضل الله اندرج فيه المركسون وغيرهم. ممن أضله الله فكأنه قيل: أتريدون أن تهدوا هؤلاء المنافقين؟ ومن أضله الله تعالى من غيرهم واندراجهم في عموم من بعد قوله: والله أركسهم، هو على سبيل التوكيد، إذ ذكروا أولاً على سبيل الخصوص، وثانياً على سبيل اندراجهم في العموم. وقال الزمخشري: أتريدون أن تجعلوا من جملة المهتدين؟ من أضله الله من جعله من الضلال وحكم عليه بذلك، أو خذله حتى ضل انتهى.
وهو على طريقته الاعتزالية من أنه لا ينسب الإضلال إلى الله على سبيل الحقيقة.
{ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً} أي: فلن تجد لهدايته سبيلاً. والمعنى: لخلق الهداية في قلبه، وهذا هو المنفى. والهداية بمعنى الإرشاد والتبيين، هي للرسل. وخرج من خطابهم إلى خطاب الرسول على سبيل التوكيد في حق المختلفين، لأنه إذا لم يكن له ذلك، فالأحرى أن لا يكون ذلك لهم. وقيل: من يحرمه الثواب والجنة لا يجد له أحد طريقاً إليهما. وقيل: من يهلكه الله فليس لأحد طريق إلى نجاته من الهلاك. وقيل: ومن يضلل الله فلن تجد له مخرجاً وحجة.
{ودّوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء} مَن أثبت أن لو تكون مصدرية قدره: ودُّوا كفركم كما كفروا. ومَن جعل لو حرفاً لما كان سيقع لوقوع غيره، جعل مفعول ودُّوا محذوفاً، وجواب لو محذوفاً، والتقدير: ودُّوا كفركم لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء، لسرُّوا بذلك. وسبب ودّهم ذلك إمّا حسداً لما ظهر من علوّ الإسلام كما قال في نظيرتها: {حسداً من عند أنفسهم} وإمّا إيثاراً لهم أن يكونوا عباد أصنام لكونهم يرون المؤمنين على غير شيء، وهذا كشف من الله تعالى لخبيث معتقدهم، وتحذير للمؤمنين منهم. وفتكونون معطوف على قوله: تكفرون.
قال الزمخشري: ولو نصب على جواب التمني لجاز، والمعنى: ودُّوا كفركم وكونكم معهم شرعاً واحداً فيما هم عليه من الضلال واتباع دين الآباء انتهى. وكون التمني بلفظ الفعل، ويكون له جواب فيه نظر. وإنما المنقول أنَّ الفعل ينتصب في جواب التمني إذا كان بالحرف نحو: ليت، ولو وإلا، إذا أشربتا معنى التمني، أما إذا كان بالفعل فيحتاج إلى سماع من العرب. بل لو جاء لم تتحقق فيه الجوابية، لأن ودّ التي تدل على التمني إنما متعلقها المصادر لا الذوات، فإذا نصب الفعل بعد الفاء لم يتعين أن تكون فاء جواب، لاحتمال أن يكون من باب عطف المصدر المقدر على المصدر الملفوظ به، فيكون من باب: للبس عباءة وتقرّ عيني.
{فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله} لما نص على كفرهم، وأنَّهم تمنوا أن تكونوا مثلهم بانت عداوتهم لاختلاف الدّينين، فهي تعالى أن يوالي منهم أحد وإن آمنوا، حتى يظاهروا بالهجرة الصحيحة لأجل الإيمان، لا لأجل حظ الدّنيا، وإنما غياباً بالهجرة فقط لأنها تتضمن الإيمان. وفي هذه الآية دليل على وجوب الهجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ولم يزل حكمها كذلك إلى أن فتحت مكة، فنسخ بقوله صلى الله عليه وسلم: «لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا». وخالف الحسن البصري فقال بوجوبها، وإن حكمها لم ينسخ، وهو باق فتحرم الإقامة بعد




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال