سورة الانفطار / الآية رقم 2 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ وَإِذَا الكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ وَإِذَا البِحَارُ فُجِّرَتْ وَإِذَا القُبُورُ بُعْثِرَتْ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوَهُمْ أَو وَزَنُوَهُمْ يُخْسِرُونَ أَلاَ يَظُنُّ أُوْلَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ

الانفطارالانفطارالانفطارالانفطارالانفطارالانفطارالانفطارالانفطارالانفطارالانفطارالمطففينالمطففينالمطففينالمطففينالمطففين




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ (2) وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ (3) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4) عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ (5) يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (8) كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (10) كِراماً كاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ (12)}.
التفسير:
قوله تعالى: {إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ}.
هو مشابه لقوله تعالى: {إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ}، وانفطار السماء هو تشققها وزوال هذا السقف الذي يبدو منها في مرأى العين.. وقد أشرنا إلى هذا من قبل.. وقلنا إن هذا التغير في نظام الوجود يوم القيامة، هو بسبب تغير حواسنا ومدركاتنا، وانتقالنا من عالم إلى عالم.
وقوله تعالى: {وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ}.
وتناثر الكواكب: هو ظهورها لنا على حقيقتها، فهى تبدو الآن- في موقع النظر- أشبه بالمصابيح المعلقة في السقف.. فإذا كان يوم القيامة ظهرت لنا على حقيقتها، وهى أجرام هائلة، معلقة في الفضاء، كذلك تبدو لنا يوم القيامة في منازل مختلفة في علوّها، فبعضها أعلى من بعض علوّا سحيقا يقدر بألوف السنين الضوئية، على حين تظهر لنا اليوم، وكأنها على درجة واحدة في علوها، حيث تأخذ- كما يبدو لنا- مكانها من هذا السقف المرفوع فوقنا، وكأنها مصابيح مضيئة في سقف مرفوع، على سمت واحد.
وقوله تعالى: {وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ} وتفجير البحار، هو ما يبدو يومئذ من إحاطتها بالكرة الأرضية من جميع جوانبها، على بحين تبدو هذه القارات وكأنها جزر صغيرة غارقة في الماء وقوله تعالى: {وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ}.
وبعثرة القبور، هو إخراج ما فيها من أموات، حيث تنطلق منها الحياة التي كانت مندسّة فيها، وكأنها قذائف تنفجر من باطن الأرض.
قوله تعالى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ}.
هو جواب إذا الشرطية الظرفية، وما بعدها من معطوف عليها.
أي إذا حدثت هذه الأحداث، علمت كل نفس ما قدمت من عمل صالح للآخرة، وما فاتها أن تعمله في الدنيا من خير.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي} [23: 24 الفجر].. وفى تنكير {نفس} إشارة وحدة النفوس في هذا اليوم من حيث العلم بما لها وما عليها، فالنفوس جميعها سواء في هذا العلم الذي يكشف كل شىء، حتى لقد أصبحت نفوس الناس جميعا أشبه بنفس واحدة.
قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ}.
الخطاب بيا أيها الإنسان، استدعاء لمعانى الإنسانية التي أودعها اللّه سبحانه وتعالى في الإنسان، من قوى عاقلة مدركة، من شأنها أن تميز بين الخير والشر، وتفرق بين الإحسان والإساءة، وأن تضع بين يدى الإنسان ميزانا سليما يضع في إحدى كفتيه ما أحسن اللّه به إليه، ويضع في الكفة الأخرى ما يقدر عليه من شكر، وذلك بإحسان العمل، كما يقول سبحانه: {وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ}.
(77: القصص) فإذا رأى الإنسان الكفة التي وضع فيها إحسان اللّه إليه ملأى بالعطايا والمنن، ثم لم يضع في الكفة الأخرى شيئا في مقابل هذا الإحسان، بل وتجاوز هذا، فملأ الكفة كفرا باللّه، ومحادة للّه ولأوليائه- فأىّ إنسان هو؟ وأي جزاء يجزى به؟
وفى اختيار صفة {الكريم} للّه سبحانه وتعالى في هذا المقام، من بين صفاته الكريمة جل شأنه- في هذا إلفات إلى هذا الإحسان العظيم الذي أفاضه اللّه على الإنسان، وإلى مقدار جحود الإنسان وكفرانه، وضلاله، مع هذا الفضل الغامر، الذي يجده الإنسان في كل ذرة من ذراته، ومع كل نفس من أنفاسه.
وفى قوله تعالى: {ما غرك} إنكار على الإنسان أن يدعوه توالى الإحسان عليه، وتكاثر النعم بين يديه، إلى أن يتخذ من ذلك أسلحة يحارب بها ربه المحسن الكريم.
وكرم الكريم، وإحسان المحسن، إذا قوبل ممن أكرم وأحسن إليه، بالاستخفاف، ثم النكران والجحود، ثم بالحرب والعدوان على الحدود- كان من مقتضى الحكمة والعدل معا، أن يؤدّب هذا الجاحد المنكر، وأن يذوق مرارة الحرمان، كما ذاق حلاوة الإحسان.. وإلا فقد الإحسان معناه، وذهب ريحه الطيب، الذي يجده الذين يعرفون قدره، ويؤدون حقه.
يقول المتنبى:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته *** وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا *** مضرّ كوضع السيف في موضع الندى
وقد تأول بعض المتأولين هذه الآية تأويلا فاسدا، حين أقاموا منها حجة لأهل الزيغ والضلال، يلقون بها ربهم، إذا سئل أحدهم من ربه: {ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ؟} فيقول في قحة، وبلا حياء: غرّنى كرمك!! إن ذلك مكر باللّه، واللّه أسرع مكرا! ونعم، إن اللّه كريم كرما لا حدود له.. ولكن هذا الكرم، لا يقع إلا حيث المواقع التي تحيا به، وتثمر أطيب الثمر في ظله.. إنه كرم بحكمة، وحساب وتقدير.. {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ} [8: الرعد] ولقد وسع كرمه سبحانه، سيئات المسيئين، فتقبل توبتهم، وجعل السيئة سيئة، والحسنة عشرا، إلى سبعمائة، وأضعاف السبعمائة: {وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ}.
(261: البقرة) ثم كيف يعرف كرم الكريم، ويطمع في أن ينال منه، من لا يعرف الكريم ذاته، ومن لا يرجو له وقارا؟ إن حجة هؤلاء داحضة، ومكر أولئك يبور! قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ، فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ}.
هو بيان لبعض كرم الكريم، سبحانه وتعالى، على الإنسان، وإحسانه إليه.
فلقد خلق اللّه سبحانه هذا الإنسان في أحسن تقويم، فعدل خلقه، وأحسن صورته، ومنحه عقلا امتاز به على كثير من المخلوقات: {وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا} [70: الإسراء].
وقوله تعالى: {فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ} {ما} هنا للتفخيم، الذي يشير إلى قدرة الصانع، وما أودع في جرم الإنسان الصغير، من قوى عمر بها هذه الأرض، وفتح بها مغالق كنوزها، واستأهل أن يكون خليفة اللّه عليها.
قوله تعالى: {كَلَّا.. بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ. وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ. كِراماً كاتِبِينَ. يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ}.
{كلا} رد على جواب مفترض، ينبغى أن يجيب به الناس على قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} وهو قولهم: لم نغتر بكرمك يا كريم.. فجاء الرد عليهم {كلا} لقد غرّكم كرمى.. وإلا فلما ذا {تكذّبون بيوم الدين}؟ أليس تكذيبكم بما جاءت به رسل اللّه إليكم، مع مواصلة إحسانى إليكم، وتوالى نعمى عليكم- أليس ذلك منكم اغترارا بكرمى؟
وعلى هذا يكون الإنسان المخاطب في قوله: {يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} هو ذلك الإنسان الكافر باللّه، المكذب بآياته.. وهو الغارق في المعاصي، الذي لم يلتفت إلى ما وراء الحياة الدنيا، ولم يعمل للآخرة حسابا، كأنه مكذب بها.
والحافظون، هم الملائكة الموكلون بالناس، وبتسجيل ما يعملون من خير أو شر.. وهم الكرام عند اللّه، المكرمون بفضله وإحسانه، الكاتبون لما يعمل الناس.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال