سورة الانشقاق / الآية رقم 11 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ الكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً وَيَصْلَى سَعِيراً إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً فَلاَ أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبَقٍ فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ القُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ

المطففينالانشقاقالانشقاقالانشقاقالانشقاقالانشقاقالانشقاقالانشقاقالانشقاقالانشقاقالانشقاقالانشقاقالانشقاقالانشقاقالانشقاق




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ (1) وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ (2) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ (4) وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ (5) يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ (6) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً (8) وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً (9) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً (11) وَيَصْلى سَعِيراً (12) إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً (13) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14) بَلى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً (15)}.
التفسير:
قوله تعالى: {إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ} هو مثل قوله تعالى: {إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ} وتشقق السماء وانفطارها يوم القيامة، هو- كما قلنا- لما يكون في قدرة الإنسان يومئذ على التصعيد في آفاق السماء، دون أن يجد لهذا السقف الذي يراه في الدنيا، أثرا.. فهى أبواب مفتحة، ينطلق فيها إلى ما لا حدود له.
{وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً} [19: النبأ] وقوله تعالى: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ}.
أي أصغت، واستجابت لأمر ربها.. يقال أذن فلان لفلان، أي أصغى إليه، وأعطاه أذنه، متقبّلا ما يتحدث به إليه.. {وحقت} أي لزمتها الطاعة، وحقّ عليها الولاء والخضوع لأمر اللّه.. وهل تملك غير هذا؟ فإن لم تستجب لذلك طوعا أجابت كرها.. {فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ} [11: فصلت] قوله تعالى: {وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ. وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ. وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ} ومدّ الأرض، هو ظهورها كالبساط الممدود، فلا ترى العين المحلقة بعيدا فوقها، جبالا ولا هضابا، وإنما تراها على مستوى واحد، لا عوج فيها ولا أمتا.
وإلقاء ما في الأرض: هو إخراج ما فيها من موتى، كما يقول سبحانه:
{وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها} [2: الزلزلة] وفى التعبير هنا بلفظ الإلقاء- إشارة إلى أنها تلفظ ما فيها لفظا، كما يلقى سقط الجنين من بطن أمه.
وقوله تعالى: {وتخلت} أي أنها تخلت عما ألقته من بطنها، فلم تمسك به على ظهرها، وهذا ما يشير إلى أن الحشر سيكون في موضع آخر غير الأرض، اللّه سبحانه وتعالى أعلم به.
قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ}.
هو جواب إذا الشرطية.. أي إذا حدث هذا، فاعلم يا أيها الإنسان أنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ومعنى الكدح: السعى الشديد، وقد أكد بقوله تعالى: {كدحا} أي سعيا جادّا متصلا، لا ينقطع.
أي أنه إذا حدثت هذه الأحداث، فتلك هى أشراط الساعة، وهنا تبدأ مسيرتك إلى المحشر، أيها الإنسان، وإلى لقاء ربك، وذلك على طريق كله أهوال وشدائد، تشيب لها الولدان.
قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً} أي وهناك في موقف الحساب، يؤتى كل إنسان كتابه: {وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} [13- 14: الإسراء] فأما من أوتى كتابه بيمينه، فهو من أهل السلامة والنجاة. إنه يحاسب حسابا يسيرا، لا رهق فيه، لا عسر.. فما هو إلا أن يعرض في موقف الحساب، حتى يخلى سبيله. ففترة العرض والانتظار، هى هذا الحساب اليسير.. ففى الحديث عن عائشة رضى اللّه عنها قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «من حوسب يوم القيامة عذّب» قالت: فقلت يا رسول اللّه: أليس قد قال اللّه: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً} فقال: «ليس ذلك الحساب: إنما ذلك العرض من نوقش الحساب يوم القيامة عذب».
ثم ينقلب من هذا الحساب- وقد برئت ساحته- يزف إلى أهله من إخوانه المؤمنين بشرى نجاته وسلامته، وقد غمره السرور، وفاض عليه البشر فلا يملك إلا أن يهتف بكل من يلقاه من أهل المحشر: {هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ} [19: الحاقة] قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ، فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً، وَيَصْلى سَعِيراً، إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ} إشارة إلى أن المجرم حين رأى هذا الكتاب وما طلع به عليه من نذر الشؤم والبلاء- فرّ منه؟ وطرح يديه وراء ظهره بعيدا عنه، حتى لا يمسه، ولكن أنّى له أن يهرب منه، إنه لا بد أن يأخذه، فإن لم يمد يده هو إلى أخذه، لحق الكتاب به، وتعلق بشماله حيث بلغت مداها من الارتداد وراء ظهره.
وفى هذه الصورة ما يكشف عن حركات النفس، وما يتبعها من حركات ترتسم على الجوارح..!
وقوله تعالى: {فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً} أي أن من أوتى كتابه بهذا الأسلوب، من وراء ظهره، فسوف يصرخ صرخات الثبور، ويولول ولولات الهلاك، نادبا نفسه، ناعيا مصيره.. وكيف لا يكون منه هذا والنار قد فتحت أبوابها له.
وقوله تعالى: {إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً} إشارة إلى ما كان عليه هذا الضال في الدنيا من غرور بنفسه، وإعجاب بحاله، وبما يسوقه إلى المؤمنين من كيد.
وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ} [31: المطففين] وقوله تعالى: {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} أي أن هذا الضالّ ظن أن لن يرجع إلى اللّه، وأن يبعث بعد الموت، ويحاسب على ما كان منه.
وحار: يحور: أي رجع إلى المكان الذي بدأ منه مسيرته، في حركة دائرية تصحبه فيها الحيرة والقلق، والاضطراب.. وهكذا مسيرة الإنسان في الحياة، بتحرك فيها على طريق دائرى، ينتهى من حيث بدأ ويبدأ من حيث انتهى.
وقوله تعالى: {بَلى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً} هو جواب بالإيجاب لما بعد النفي.. أي بلى ليحورنّ، ويرجعنّ إلى اللّه، الذي هو بصير بعباده، يعلم ما يصلحون له، وما يصلح لهم.
وهذه الحياة الأخرى، هى امتداد لحياة الإنسان الأولى على هذه الأرض.
والحياة على أية صورة نعمة من نعم اللّه، وهى على ما تكون عليه، خير من العدم.. ولو كانت الحياة الدنيا هى غاية حياة الإنسان، ثم عاد بعدها إلى العدم لكان شأنه في هذا شأن أحط الحيوانات، من ديدان وحشرات.. وإرادة اللّه سبحانه وتعالى في الإنسان أنه مخلوق مكرم مفضل على كثير من المخلوقات.
ومن مقتضى هذا التفضيل والتكريم أن تمتد حياته، وأن يتصل وجوده، وأن ينقل من عالم الأرض إلى عالم السماء! ولعل هذا هو بعض السر في إضافة هذا الإنسان- على ضلاله- إلى ربه.. {إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً}.
فليتحمل الإنسان الضالّ، هذه النار في سبيل الحياة، وليتطهر من أدرانه بها.
فتلك هى ضريبة الحياة، وإن كانت فادحة على أهل الكفر والضلال، كما كانت الحياة الدنيا ثقيلة على أهل العدل والإحسان.
وأما ما يتمناه الكافر حين يلقى به في النار من قوله: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً} [40: النبأ] فتلك صرخة من صرخات العذاب، إنه ينطق بها، وهو ممسك بالحياة حريص عليها، كما يفعل ذلك كثير من الناس في الدنيا، حين تشتد بهم خطوبها، فيتمنون الموت.. ولو جاءهم الموت لفرّوا منه، وتشبثوا بحياتهم تلك.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال