سورة الطارق / الآية رقم 16 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ النَّجْمُ الثَّاقِبُ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَخُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ وَالأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً فَمَهِّلِ الكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى وَالَّذِي أَخْرَجَ المَرْعَى فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الجَهْرَ وَمَا يَخْفَىوَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الكُبْرَى ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَى قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى

الطارقالطارقالطارقالطارقالطارقالطارقالطارقالأعلىالأعلىالأعلىالأعلىالأعلىالأعلىالأعلىالأعلى




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ (1) وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ (4) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ (7) إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ (9) فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ (10) وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ (11) وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ (12) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَما هُوَ بِالْهَزْلِ (14) إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (15) وَأَكِيدُ كَيْداً (16) فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً (17)}.
التفسير:
قوله تعالى: {وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ. وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ. النَّجْمُ الثَّاقِبُ}.
القسم هنا، بشيئين، هما: السماء، والطارق! ولأن السماء معروفة، وهى هذا البناء القائم ذو السقف المرفوع فوقنا- فلهذا لم يكشف القرآن عن وجهها.
أما {الطارق} فهو مما لا يعرف على وجه التحديد، فإن لفظ {الطارق} يحتمل معانى كثيرة.. فكل ما طرق الإنسان وجاءه على غير انتظار، فهو طارق، سواء أكان شخصا أم حدثا.. وفى الحديث الشريف: {أعوذ بك من طوارق الليل والنهار إلّا طارقا يطرق بخير يا رحمن}.
ولهذا فقد جاء القرآن بهذا السؤال عنه: {وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ}؟ حتى ينبّه إليه، ويبعث على التطلع إلى معرفته.. ثم بينه اللّه سبحانه وتعالى بقوله: {النَّجْمُ الثَّاقِبُ} فهذا هو الطارق.. إنه النجم الثاقب! والنجم الثاقب: قد يكون نجما واحدا، وهو النجم القطبي، الذي يثقب ظلمة الليل بضوئه المشع، كما أشرنا إلى ذلك في سورة النجم.
وقد يكون مرادا به، جنس النجم، أي كل ما يظهر في السماء من نجوم، تثقب بضوئها أديم السماء المعتم.
وقد يكون المراد به تلك الشهب الراصدة، التي ترجم بها الشياطين، وهى النيازك التي ترى ساقطة من السماء إلى الأرض في الليل، ثاقبة الظلام المنعقد بين السماء والأرض.
وهذا، هو الأنسب، لأنه يتّسق مع قوله تعالى بعد ذلك: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ} أي أنه كما للسماء حفظة يحفظونها من أن تدخل الشياطين حماها، كما يقول سبحانه وتعالى على لسان الجن: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً} [8: الجن].. وكما يقول جل شأنه: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ} [5: الملك] وكما يقول سبحانه: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ} [6، 7: الصافات]- أي كما جعلنا للسماء حفظة يحفظونها، كذلك جعلنا على كل نفس حافظا موكّلا بها من عندنا، يسجل أعمالها، كما يقول سبحانه:
{وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ، كِراماً كاتِبِينَ} [10، 11 الانفطار] وكما يقول تعالى: {لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [11: الرعد].
وقوله تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ}.
هو جواب القسم.
أي ما كل نفس إلّا عليها حافظ، أي حارس أمين، ضابط لكل ما تعمل من خير أو شر، أو أن كل نفس يقوم عليها من كيانها ما يحفظ عليها وجودها، وذلك بما أودع الخالق جل وعلا فيها، من قوى مادية ومعنوية، تجعل منها جميعا أسلحة عاملة، تحمى الإنسان، وتدفع عنه ما يعترض طريقه على مسيرة الحياة، وإن أظهر حافظ يحفظ الإنسان هو عقله، الذي يميز به الخير من الشر، والخبيث من الطيب، ولعلّ هذا أقرب إلى الصواب، إذ جاءت بعد هذه الآية دعوة للإنسان إلى أن يستعمل عقله، وينظر في أصل خلقه، ومادة وجوده.
وهوقوله تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ} أي وإذ كان مع كل إنسان حافظ، هو عقله، فلينظر بهذا العقل الحافظ، إلى قدرة اللّه سبحانه وتعالى، في ذاته هو، وإلى قدرة اللّه سبحانه في إبداع هذه الذات وتصويرها.. فإنه لو نظر بهذا العقل إلى هذا الذي يوجّه إليه من حقائق، لعرف طريق الحق، وسلك مسالك الهدى.
فمن أين خلق هذا الإنسان، ذو العقل والبصر؟ خلق من ماء دافق، أي ماء سائل، جار، لا كون له، ولا تماسك بين أجزائه.
وقوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ} إشارة إلى مورد هذا الماء الدافق، وأنه ماء مخرجه من بين الصلب والترائب.
والصلب، فقار الظهر، والمراد به صلب الرجل، أي ظهره.
والترائب: جمع تريبة، وهى موضع القلادة من الصدر.. والمراد بالتربية هنا تريبة المرأة.
فالماء الذي يخلق منه الإنسان، هو ماء الرجل والمرأة معا، حين يلتقيان في رحم المرأة.
وفى وصف الماء بالتدفق، إشارة إلى أنه ماء قد خرج خروجا طبيعيا، بعد أن استوى ونضج في صلب الرجل، وتربية المرأة، وأنه ليس ماء انتزع انتزاعا من موضعه قبل أن ينضج ويستوى.
قوله تعالى: {إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ}.
أي أن اللّه سبحانه الذي خلق هذا الإنسان من هذا الماء الدافق، قادر على أن يرجعه إلى الحياة بعد الموت، ويخلقه خلقا آخر، كما خلقه أول مرة.. فهذا الماء لا يختلف- في تقدير الإنسان- عن هذا التراب الذي الذي يبعث منه الإنسان بعد موته.. كلاهما شيء بعيد عن صورة الإنسان.. فما أبعد ما بين الإنسان، وبين الماء، أو التراب!
وقوله تعالى: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ} إشارة إلى الوقت الذي يبعث فيه هذا الإنسان إلى الحياة مرة أخرى، فذلك هو يوم {تبلى السرائر} أي يوم يخرج كل ما انطوى في سريرة الإنسان، وكل ما احتفظ به في صدره من أسرار، فلا يبقى سر إلا ظهر على الملأ، يوم الحساب والجزاء.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ. وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ. إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ} [9- 11: العاديات].
قوله تعالى: {فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ}.
أي في هذا اليوم، يوم يكشف عما في الصدور، ويوضع موضع الفحص والاختبار، ليتبين الخبيث من الطيب- في هذا اليوم لا يكون للإنسان قوة من ذات نفسه، يدفع بها السوء عنه، كما أنه لا يجد ناصرا ينصره ويعينه.
فكل إنسان مشغول بما هو فيه: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}.
(37: عبس) وقوله تعالى: {وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ، وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ، إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ، وَما هُوَ بِالْهَزْلِ}.
هو قسم بالسماء ذات الرجع، أي ذات المطر الذي ينزل من السحاب، وسمى المطر رجعا، لأنه خرج من الأرض، وإليها يرجع.. وقسم آخر بالأرض ذات الصدع، أي التي تتشقق ليخرج منها النبات، الذي يتخلق في رحمها من هذا الماء المصبوب فيها.
فالسماء التي ينزل منها الماء، إنما تعيد هذا الماء إلى الأرض الذي خرج منها إلى السماء، والأرض التي تتصدع عن النبات تعيد هذا النبات الذي نقذ إليها من ظهرها- تعيد إلى ظهرها مرة أخرى. وفى هذا، وذاك، دليل على تلك الدورة التي يدور فيها الإنسان، فينقل من ظهر الأرض إلى بطنها، ثم يعود من بطنها إلى ظهرها.
وقوله تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ، وَما هُوَ بِالْهَزْلِ}.
هو المقسم عليه بالقسمين السابقين، وهو أن هذا القول الذي تنطق به آيات اللّه، هو قول حقّ، واقع لا شك فيه، وليس هو بالهزل الذي لا تقصد به دلالاته ومعانيه.
وقوله تعالى: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً}.
هو تعقيب على قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ، وَما هُوَ بِالْهَزْلِ} وهو في موقع جواب عن سؤال هو: ماذا كان موقف المشركين من هذا القول الفصل؟
فكان الجواب: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً} أي يمكرون مكرا، ويستقبلون هذا القول بالمماحكة والجدل، وينصبون الشراك له، ويقيمون المعاثر في طريقه، ليصدّوا الناس عنه.. إنهم في حرب معه، يكيدون له بكل يقدرون عليه، مجتمعين، أو فرادى.
وقوله تعالى: {وَأَكِيدُ كَيْداً}.
هو ردّ على كيد هؤلاء الكائدين، لإبطال كيدهم ولقتلهم بالسلاح الذي يحاربون به كلام اللّه.. وهذا مثل قوله تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ، وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ}.
فهم إذا كادوا للقرآن، ودبروا أمرهم بليل، فإن اللّه سبحانه وتعالى كيدا، حيث يأخذهم العذاب، وهم لا يشعرون.
قوله تعالى: {فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً} هو تهديد للمشركين بما ينتظرهم من وراء كيدهم هذا.. وإنه ليس إلا أيام قليلة يقضونها في دنياهم، حتى يلقاهم اليوم الذي يوعدون، وحيث يأخذهم عذاب اللّه، وليس لهم من دون اللّه من ولى ولا نصير.
وفى هذا عزاء للنبى الكريم، وتثبيت لقدمه على طريق دعوته، التي تقوم على طريقها هذه الذئاب المتربصة بها.. إنه في حراسة اللّه، فليمض في طريقه وليدع للّه سبحانه ردّ هذا الكيد الذي يكادله.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال