سورة الفجر / الآية رقم 12 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ العِمَادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي البِلادِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِي البِلادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الفَسَادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ فَأَمَّا الإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ اليَتِيمَ وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ المِسْكِينِ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَّماً وَتُحِبُّونَ المَالَ حُباًّ جَماًّ كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكاًّ دَكاًّ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفاًّ صَفاًّ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى

الفجرالفجرالفجرالفجرالفجرالفجرالفجرالفجرالفجرالفجرالفجرالفجرالفجرالفجرالفجر




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَالْفَجْرِ (1) وَلَيالٍ عَشْرٍ (2) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (3) وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (4) هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ (5) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ (6) إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ (14)}.
التفسير:
الليالى العشر.. ما تأويلها:
قوله تعالى: {وَالْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ}؟
هذه خمسة أقسام، أقسم اللّه سبحانه وتعالى بها، مفتتحا بها هذه السورة الكريمة.
وهى: الفجر، والليالى العشر، والشفع، والوتر، والليل.
والفجر، معروف في اللغة، ودلالته محددة لا اختلاف عليها.. وهو أول مطلع النهار، في جلد الليل الأسود.
أما الشفع، فهو الزوج من كل شىء.. فالاثنان في العدد شفع، والاثنان من الناس، أو الأنعام، أو الشجر، شفع.. وذلك على خلاف الوتر، الذي يدل على واحد فرد، لم يشفع بواحد آخر من جنسه.
ولكن ما دلالة: {ليال عشر}.
إنها إذا أخذت على إطلاقها، صحّ أن يقال إنها أي ليال عشر مقتطعة من ليالى الزمن على امتداده، فهى إذن ليست ليال على صفة خاصة، ولهذا جاءت منكّرة، ومع هذا فقد كثرت فيها أقوال المفسرين، فقيل هى الليالى العشر الأولى من ذى الحجة، وقيل هى العشر الأواخر من رمضان، التي بدىء بنزول القرآن فيها، والتي فيها ليلة القدر، وقيل هى عشر ليالى موسى التي كانت من الليالى الأربعين التي واعده اللّه سبحانه وتعالى فيها، كما يقول تبارك اسمه: {وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ} [142: الأعراف].
وقيل، وقيل كثير غير هذا.
وكذلك كانت المقولات في الشفع، والوتر.. فقيل إن الشفع صلاة الصبح، والوتر صلاة المغرب، وقيل إن الشفع هو الخلق، وما فيه من تزاوج بين المخلوقات، كالذكر والأنثى، والليل والنهار، والأرض، والسماء، والخير والشر.. ونحوها.. والوتر، هو الخالق سبحانه وتعالى، لأنه جل شأنه الواحد، المتفرد بالوحدانية.
ولم يخل من هذا الاختلاف إلا الليل فهو الذي أجراه المفسرون على إطلاقه.. حتى الفجر الذي قلنا إن دلالته محدودة في اللغة، لم يسلم من هذا الخلاف، فالذين قالوا إن الليالى العشر، هى العشر الأواخر من ذى الحجة- قالوا إن الفجر هو فجر الليلة العاشرة التي تمّ فيها مناسك الحج، وتنحر مع فجرها الأضحيات.
وتقطيع الوحدة الزمنية مع هذه الأوقات التي أقسم اللّه سبحانه وتعالى بها، يجعل الجمع بينها خلوا من المناسبة التي تجمع بينها، وتؤلف منها كيانا متسقا متلاحما، الأمر الذي لا يفوت النظم القرآنى، في أىّ موضع يجتمع فيه شيء إلى شىء، سواء أكان هذا الجمع على سبيل التوافق أو التضاد.
ولعل خير موقف نأخذه عند النظر في هذه الأقسام، للخروج من هذا التضارب في دلالاتها، هو أن نقف بها عند مدلولها اللفظي، مطلقا من كل قيد.
فالفجر، هو الفجر.. أي فجر يكون!
والليالي العشر: هى ليال عشر، من أي ليالى الزمن كله على امتداده.
والشفع والوتر، هو العدد الزوجى، أو الفردى، من الليالى.
والليل، هو أي ليل يقابل النهار، من أي يوم من أيام الزمن.
وفى هذا نجد أن المقسم به هنا هو الزمن، في وحدات زمنية منه، هى:
الفجر، والليل، وعشر ليال من هذا الليل.
أما الشفع والوتر، وإن لم يكن من المتعيّن أن المعدود بهما قطع من الزمن، فإن السياق الذي جاءا فيه، يقضى بأن يكون المعدود- زوجا أو فردا- قطعا من الزمن، وأقرب هذه القطع أن تكون من الليالى، شفعا أو وترا.
إذ سبقهما قوله تعالى: {وليال عشر} وهى عدد شفع، وتلاهما قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ} وهو عدد وتر! ويكون القسم بالليالي العشر جملة، ثم القسم بها ليلتين ليلتين، وليلة ليلة.
فإذا ذهبنا- وهذا من التكلف الذي لا بأس به- إذا ذهبنا نلتمس الحكمة في القسم بهذه القطع من الزمن، دون غيرها: فإنا نقول- واللّه أعلم- إن القسم بالفجر إشارة إلى تفجر النور من أحشاء هذا الظلام الموحش، الذي يطبق على الوجود ويلفه في رداء ثقيل، أشبه بالأكفان التي يلف فيها الموتى.
إنه إشارة إلى بعث جديد للحياة، ودعوة مجددة للأحياء أن يكتحلوا بهذا النور، وأن يأخذوا مواقفهم فيه على طريق العمل.
والليالى العشر، هى الليالى العشر الأولى من أول كل شهر قمرى، وهى الليالى العشر في وسطه، ثم هى الليالى الأخيرة منه، فهى عشر في أول الشهر القمري، وعشر في وسطه، وعشر في آخره.
ويكاد يكون سلطان القمر في العشر الليالى الأولى من الشهر، وفى العشر الأواخر منه- يكاد يكون سلطانه على حدّ سواء فيهما، من حيث غلبة الظلام عليه.. أما عشر الليالى المتوسطة بين العشر الأولى والأخيرة، فهى التي يكون سلطان القمر فيها غالبا على ظلام الليل.
وعلى هذا يكون الشفع، هو العشر الليالى الأولى، والعشر الأخيرة من كل شهر قمرى. باعتبارهما وحدتين زمنيتين متماثلتين.
وأما الوتر، فهو العشر الليالى المتوسطة من الشهر، باعتبارها وحدة زمنية واحدة! ومن هذا يكون القسم بالليالي العشر، واقعا على الليالى كلها، في امتداد الزمن، ولكن مع دعوة إلى مراقبة الزمن، وملاحظة التغيرات التي تجرى على الليل.. ليلة ليلة.. فالليل يلبس في كل ليلة ثوبا جديدا مع القمر على مدى ثلاثين ليلة.. ثم يعود فيبدأ دورته من جديد معه، من هلال إلى بدر، إلى محاق.
وقوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ} هو إطلاق لليل من هذا القيد الذي شدّه إلى القمر ودورته معه.. فهو ليل مطلق، يسرى في غلالته السوداء، مع القمر في كل منزل من منازله منه.. فهو في كل حال، ليل يسرى، وببسط سلطانه على الكائنات، وأنه لا يوقف مسيرة الليل إلا الفجر.
وفى التعبير عن حركة الليل بالسّرى: {إذا يسر} إشارة إلى أنه يتحرك في مسيرته والأحياء نيام لا يشعرون به، كما يتحرك الذين يسيرون فيه دون أن يشعر بهم أحد.
فالأقسام- كما ترى- هى أقسام بوحدات من الزمن، وفى هذه الوحدات، يبدو الزمن كائنا حيّا، يعايش الناس، ويشاركهم تقلبهم في الحياة، وفى هذا ما يبعث على النظر، والتدبر، والتفكر، مما يكشف عن قدرة الخالق وعظمته، وحكمته.
وبهذه المراقبة للزمن، والالتفات الواعي إلى حركته، يعرف الإنسان قيمة الزمن- ويحرص على الانتفاع بكل لحظة تمر منه.
وقوله تعالى: {هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} الحجر: العقل، وسمى العقل حجرا، لأنه يحجر صاحبه ويحميه من الضلال والضياع، ومنه الحجر على السفيه، صيانة لما له، من تصرفاته الحمقاء.. ومنه سميت الحجرة، لأنها تحجر من يداخلها، وتحميه من الحر، والبرد، ومن أيدى اللصوص، ونظرات المتلصصين.. والاستفهام هنا دعوة إلى أصحاب العقول أن ينظروا في هذه الأقسام التي تمجد من شأن الزمن، وتجعل من كل قطعة منه آية من آيات القدرة الإلهية، لا يراها إلا أصحاب العقول، ولا يدرك سر القسم بها إلا أولو البصائر والأبصار وفى دعوة العقول إلى النظر والملاحظة لسير الزمن وحركاته بالليل، إشارة إلى أن الليل هو الوقت الذي تهدأ فيه النفس، وتسكن الجوارح، فيجد العقل فيه فرصته للانطلاق، والقدرة على التأمل، والتفكير.. كما أن أكثر الناس يغفلون عن الليل، ولا يرونه إلا قبرا يحتوى أجسامهم، فلا يكون لهم وجود فيه، ولا يكون لعقولهم تعامل معه، في حين أنه يمثل جزءا كبيرا من حياتهم يعادل نصف هذه الحياة.. وإنه لخسران عظيم للإنسان أن يدع هذا النصف من عمره يذهب هباء، فكيف بمن يخسر عمره كلّه؟
وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ}.
الاستفهام هنا تقريرى، تهديدى.. أي انظر كيف فعل ربك بعباد.
وكذلك يفعل ربك بالطاغين والمتجبرين.
وعاد، قبيلة قديمة من العرب البائدة، وكانت ديارهم بالأحقاف، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: {وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ} [21. الأحقاف] وإرم، هى موطن عاد، وهى بدل من كلمة عاد أي ألم تر كيف فعل ربك بأرم ذات العماد، التي عمرتها قبيلة عاد، وأعملت فيها قوتها الجسدية، وجلبت لها كل ما قدرت عليه من مل، ومتاع.. فكانت كما وصفها اللّه سبحانه: {لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ} أي لم يكن لها مثيل فيما جاورها من بلاد.
وكان النبي الذي أرسله اللّه إليهم، هو هود عليه السلام، وقد دعاهم إلى اللّه، وترفق بهم، وذكّرهم بآلاء اللّه عليهم، وإحسانه إليهم، فلم يزدهم ذلك إلا عنادا، وضلالا.. وفيما كان يقول هود لهم، ما جاء في قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [69: الأعراف] وقد أهلكهم اللّه بريح صرصر عاتية، كما يقول سبحانه: {وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ، سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً، فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ، فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ} [6- 8: الحاقة] وسمى بناء المدينة وإقامتها على هذه الصورة العجيبة من القوة، والضخامة، والإحكام- سمى هذا خلقا، لأنها من عمل مخلوقات للّه، وكل ما يعمل فيه الناس، هو من خلق اللّه، كما يقول سبحانه: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ} [96: الصافات] ومناسبة قصة عاد وثمود وفرعون، لما قبلها، هى أنها تعرض قضية من القضايا التي تستحق من العقل أن يناقشها، وان يستحضر وجوده كله لها، وذلك بعد أن استدعى هذا الاستدعاء القوى الذي شدّ إليه بالقسم، لينظر في الزمن، وما تلد آناته ولحظاته من عجائب.
والقضية التي يدعى إليها العقل هنا، هى سنة من سنة اللّه سبحانه وتعالى، فيما يأخذ به أهل الزيغ والضلال، من بأساء وضراء في الدنيا، وما أعد لهم في الآخرة من عذاب السعير.
وفى عاد وثمود وفرعون، يتمثل وجه كريه من وجوه الكفر والضلال، والعتوّ.. وقد أخذهم اللّه أخذ عزيز مقتدر، فاقتلعهم من جذورهم، وقطع نسلهم، وأتى على ما بنوا، وشيدوا.
وقوله تعالى: {وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ} معطوف على قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ} وكيف فعل ربك بثمود؟ وثمود، هم قوم صالح عليه السلام، وهم من العرب البائدة، وديارهم بالحجر بين الشام والعراق، وقد مر بها النبي، صلى اللّه عليه وسلم- في غزوة تبوك فسجّى ثوبه على وجهه، وأمر أصحابه أن يمروا بها مسرعين، وقال: «لا تدخلوا بيوت الذين ظلموا إلا وأنتم باكون، خوفا أن يصيبكم مثل ما أصابهم» وقوله تعالى: {جابوا الصخر} أي قطعوه، وشقوه كما يشق الجيب، وهو فتحة الثوب التي يلبس منها.. ومعنى ذلك أنهم نحتوا الصخر في الوادي الذي يسكنون فيه، وجعلوا بيوتهم منحوتة في كيان الصخر، فكانت أشبه بحصون.. كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ} [149: الشعراء] قوله تعالى: {وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ} معطوف على {وثمود}.
والأوتاد جمع وتد، وهى تلك الأهرامات العظيمة التي أقامها فراعين مصر، فكانت أشبه بالجبال، التي هى أوتاد الأرض، كما يقول سبحانه: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً. وَالْجِبالَ أَوْتاداً} [6، 7: النبأ] وقوله تعالى: {الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ، فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ} {الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ} هو وصف لعاد، وثمود، وفرعون.. فهم جميعا من الطغاة الباغين، الذين استبدوا بالبلاد، وبالعباد، فأشاعوا الفساد حيث كانوا، ولهذا أخذهم اللّه جميعا بالعذاب فصّبه صبّا عليهم.
والسوط: أصله من ساط الشيء يسوطه، أي خلطه بغيره، لأن السوط يختلط بالجلد، حين يضرب به.
وسوط العذب، هو خليط من ألوان العذاب، وقد أخذ اللّه سبحانه كلّ جماعة من أهل الضلال بلون من ألوان الهلاك كما يقول سبحانه: {فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا} [40: العنكبوت].
وإذ قد جمع اللّه سبحانه وتعالى بين عاد، وثمود، وفرعون، في سياق قصة واحدة- فكان من إعجاز النظم القرآنى أن يجمع عذابهم، وما أخذ به كل فريق منهم، في إناء واحد، وأن يصبّه عليهم جميعا، فإذا وقع بهم، أخذ كل فريق لون العذاب المسلّط عليه! وقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ} المرصاد: المكان العالي، الذي يقوم فيه الراصد، ليرقب ما يجرى هنا وهناك.
وفى هذا إشارة إلى أن اللّه سبحانه وتعالى رقيب على أعمال الناس، يرى كل ما يعملون، وسيحاسبهم على ما عملوا، دون أن يقلت أحد منهم، لأن اللّه سبحانه متمكن منهم، بهذا العلو الذي لا يدانى.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال