سورة الليل / الآية رقم 10 / تفسير تفسير القرطبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى

الشمسالشمسالشمسالشمسالشمسالشمسالشمسالشمسالليلالليلالليلالليلالليلالليلالليل




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (10)}
فيه أربع مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى} قال ابن مسعود: يعني أبا بكر رضي الله عنه، وقاله عامة المفسرين. فروى عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال: كان أبو بكر يعتق على الإسلام عجائز ونساء، قال: فقال له أبوه قحافة: أي بني! لو أنك أعتقت رجالا جلدا يمنعونك ويقومون معك؟ فقال: يا أبت إنما أريد ما أريد. وعن ابن عباس في قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطى} أي بذل. وَاتَّقى أي محارم الله التي نهى عنها. {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى} أي بالخلف من الله تعالى على عطائه. {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى} وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا».
وروى من حديث أبي الدرداء: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «ما من يوم غربت شمسه إلا بعث بجنبتها ملكان يناديان يسمعهما خلق الله كلهم إلا الثقلين: اللهم أعط منفقا خلفا، وأعط ممسكا تلفا» فأنزل الله تعالى في ذلك في القرآن: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطى} الآيات.
وقال أهل التفسير: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطى} المعسرين.
وقال قتادة: أعطى حق الله تعالى الذي عليه.
وقال الحسن: أعطى الصدق من قلبه. {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى} أي بلا إله إلا الله، قاله الضحاك والسلمى وابن عباس أيضا.
وقال مجاهد: بالجنة، دليله قوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ} [يونس: 26] الآية.
وقال قتادة: بموعود الله الذي وعده أن يثيبه. زيد بن أسلم: بالصلاة والزكاة والصوم. الحسن: بالخلف من عطائه، وهو اختيار الطبري. وتقدم عن ابن عباس، وكله متقارب المعنى، إذ كله يرجع إلى الثواب الذي هو الجنة.
الثانية: قوله تعالى: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى} أي نرشده لأسباب الخير والصلاح، حتى يسهل عليه فعلها.
وقال زيد بن أسلم: لِلْيُسْرى للجنة.
وفي الصحيحين والترمذي عن علي رضي الله عنه قال: كنا في جنازة بالبقيع، فأتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجلس وجلسنا معه، ومعه عود ينكت به في الأرض، فرفع رأسه إلى السماء فقال: ما من نفس منفوسة إلا قد كتب مدخلها فقال القوم: يا رسول الله، أفلا نتكل على كتابنا؟ فمن كان من أهل السعادة فانه يعمل للسعادة، ومن كان من أهل الشقاء فإنه يعمل للشقاء. قال: بل اعملوا فكل ميسر، أما من كان من أهل السعادة فإنه ييسر لعمل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاء فإنه ييسر لعمل الشقاء- ثم قرأ- {فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى} لفظ الترمذي.
وقال فيه: حديث حسن صحيح. وسأل غلامان شابان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالا: العمل فيه جفت به الأقلام وجرت به المقادير؟ أم في شيء يستأنف؟ فقال عليه السلام: «بل فيما جفت به الأقلام، وجرت به المقادير قالا: ففيم العمل؟ قال: اعملوا، فكل ميسر لعمل الذي خلق له قالا: فالآن نجد ونعمل».
الثالثة: قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى} أي ضن بما عنده، فلم يبذل خيرا. وقد تقدم بيانه وثمرته في الدنيا في سورة آل عمران.
وفي الآخرة مآله النار، كما في هذه الآية. روى الضحاك عن ابن عباس {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى} قال: سوف أحول بينه وبين الايمان بالله وبرسوله. وعنه عن ابن عباس قال: نزلت في أمية بن خلف وروى عكرمة عن ابن عباس: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى} يقول: بخل بماله، واستغنى عن ربه. {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى} أي بالخلف.
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد: {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى} قال: بالجنة. وبإسناد عنه آخر قال: {بِالْحُسْنى} أي بلا إله إلا الله. {فَسَنُيَسِّرُهُ} أي نسهل طريقه {لِلْعُسْرى} أي للشر. وعن ابن مسعود: للنار.
وقيل: أي فسنعسر عليه أسباب الخير والصلاح حتى يصعب عليه فعلها. وقد تقدم أن الملك ينادي صباحا ومساء: «اللهم أعط منفقا خلفا، وأعط ممسكا تلفا». رواه أبو الدرداء.
مسألة:
قال العلماء: ثبت بهذه الآية وبقوله: {وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة: 3]، وقوله: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً} [البقرة: 274] إلى غير ذلك من الآيات، أن الجود من مكارم الأخلاق، والبخل من أرذلها. وليس الجواد الذي يعطي في غير موضع العطاء، ولا البخيل الذي يمنع في موضع المنع، لكن الجواد الذي يعطي في موضع العطاء، والبخيل الذي يمنع في موضع العطاء، فكل من استفاد بما يعطي أجرا وحمدا فهو الجواد. وكل من استحق بالمنع ذما أو عقابا فهو البخيل. ومن لم يستفد بالعطاء أجرا ولا حمدا، وإنما استوجب به ذما فليس بجواد، وإنما هو مسوف مذموم، وهو من المبذرين الذين جعلهم الله إخوان الشياطين، وأوجب الحجر عليهم. ومن لم يستوجب بالمنع عقابا ولا ذما، واستوجب به حمدا، فهو من أهل الرشد، الذين يستحقون القيام على أموال غيرهم، بحسن تدبيرهم وسداد رأيهم.
الرابعة: قال الفراء: يقول القائل: كيف قال: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى} وهل في العسرى تيسير؟ فيقال في الجواب: هذا في إجازته بمنزلة قوله عز وجل: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: 21]، والبشارة في الأصل على المفرح والسار، فإذا جمع في كلامين هذا خير وهذا شر، جاءت البشارة فيهما. وكذلك التيسير في الأصل على المفرح، فإذا جمع في كلامين هذا خير وهذا شر، جاء التيسير فيهما جميعا. قال الفراء: وقوله تعالى: {فَسَنُيَسِّرُهُ} سنهيئه. والعرب تقول: قد يسرت الغنم: إذا ولدت أو تهيأت للولادة. قال:
هما سيدانا يزعمان وإنما *** يسوداننا أن يسرت غنماهما




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال