سورة التين / الآية رقم 1 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا البَلَدِ الأَمِينِ لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الحَاكِمِينَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْداً إِذَا صَلَّى أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الهُدَى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ

التينالتينالتينالتينالتينالتينالعلقالعلقالعلقالعلقالعلقالعلقالعلقالعلقالعلق




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يقول الحق جلّ جلاله: {والتينِ والزيتونِ}، أقسم بهما تعالى لِما فيهما من المنافع الجمّة. رُوي أنه صلى الله عليه وسلم أُهْدِي له طبقٌ من تينٍ فأكل منه، وقال لأصحابه: «كُلوا، فلو قلتُ إنَّ فاكهةً نزلت من الجنة لقُلتُ هذه، لأن فاكهة الجنة، بلا عَجَمِ، فكلوها فإنها تقْطَعُ البواسير، وتنفَعُ من النقْرسِ». وهو أيضاً فاكهة طيبة لا فضل له، وغذاء لطيف سريع الهضم، كثير النفع، ملين الطبع، ويحلل البلغم، ويُطهر الكليتين، ويزيل ما في المثانة من الرمل، ويسمن البدن، ويفتح سُرد الكبد والطحال. وعن عليّ بن موسى الرضا: التين يزيل نكهة الفم، ويطيل الشعر، وهو أمان من الفالج. اهـ.
وأمّا الزيتون فهو فاكهة وإدام ودواء، ولو لم يكن له سوى اختصاصه بدُهن كثير المنافع لكفى به فضلاً. وشجرته هي الشجرة المباركة، المشهود لها في التنزيل. ومرّ معاذُ بن جبل بشجرة الزيتون، فأخذ منها قضيباً واستاك به. وقال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «نعم السواك الزيتون، هي الشجرة المباركة، يطيب الفم، ويذهب بالحفرة» وقال: «هو سواكي وسواك الأنبياء قبلي» وعن ابن عباس: هو تينكم هذا، وزيتونكم هذا. وقيل: هما جبلان بالشام ينبتانهما.
{وطُورِ سينينَ}، أضيف الطور وهو الجبل إلى {سينين} وهو البقعة، وهو الجبل الذي ناجى موسى عليه السلام ربَّه عليه، ويُقال له: سينين وسيناء. {وهذا البلد الأمين} وهو مكة، شرّفها الله، وأمانتها أنها تحفظ مَن دخلها كما يحفظ الأمين ما يُؤتمن عليه. ووجه الإقسام بهاتين البقعتين المباركتين المشحونتين بخيرات الدنيا والآخرة غني عن الشرح والتبيين.
وجواب القسم: {لقد خلقنا الإِنسانَ} أي: جنس الإنسان {في أحسن تقويمٍ} أي: كائناً في أحسن ما يكون من التقويم والتعديل صورةً ومعنى، حيث جعله اللهُ مستوي القامة، متناسب الأعضاء، متصفاً بصفات البارىء تعالى من القدرة والإرادة والعلم والحياة والسمع والبصر والكلام، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»، وفي رواية: «على صورة الرحمن» على بعض الأقوال. وشرح عجائب الإنسان يطول.
{ثم رددناه أسفلَ سافلين} أي: جعلناه من أهل النار الذين هم أقبح من كل قبيح، وأسفل من كل سافل، لعدم جريانه على موجب ما خَلَقَه عليه من الصفات، التي لو عمل بمقتضاها لكان في أعلى عليين. وقيل: رددناه إلى أرذل العمر، وهو الهرم بعد الشباب، والضعف بعد القدرة، كقوله تعالى: {وَمَن نّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الخلق} [يَس: 68] أي: ثم رددناه بعد ذلك التقويم والتعديل أسفلَ مَن سفُلَ في حُسن الصورة والشكل حيث ننكسه في خلقه فقوَّس ظهره بعد اعتداله، وابْيَضَّ شعره بعد سواده، وتكمش جلده، وكَلّ سمعه وبصره.
{إِلاّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات}، استثناء متصل على التفسير الأول، ومنقطع على الثاني، {فلهم أجرٌ غيرُ ممنونٍ} أي: رددناه أسفل السافلين إلاَّ مَن آمن، أو: لكن الذين آمنوا وكانوا صالحين من الهرمى، فلهم ثواب غير منقطع، لطاعتهم وصبرهم على الشيخوخة والهرم، وعلى مقاساة المشاقّ والقيام بالعبادة، خصوصاً وقت الكبر. وعن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا بلغ المؤمن خمسين سنة خفّف الله حسابه، فإذا بلغ ستين رزقه الله الإنابة، فإذا بلغ سبعين أحبه أهل السماء، فإذا بلغ ثمانين كُتبت حسناته وتجاوز الله عن سيئاته، فإذا بلغ تسعين غُفرت ذنوبه وشفع في أهل بيته، وكان أسير الله في أرضه، فإذا بلغ مائة ولم يعمل كتب له ما كان يعمله في صحته وشبابه».
ودخلت الفاء هنا دون سورة الانشقاق للجمع بين المعنيين هنا. قاله النسفي. والخطاب في قوله: {فما يُكَذِّبُك بعدُ بالدين} للإنسان، على طريقة الالتفات، أي: فما سبب تكذيبك بعد هذا البيان القاطع، والبرهان الساطع بالجزاء، والمعنى: إنَّ خلق الإنسان من نطفةٍ، وتسويته بشراً سويًّا، وتدريجه في مراتب الزيادة إلى أن يكمل ويستوي، ثمّ تنكيسه إلى أن يبلغ أرذل العمر لا ترى دليلاً أوضح منه على قدرة الخالق، وأنَّ مَن قدر على خلق الإنسان على هذا النمط العجيب لم يعجز عن إعادته، فما سبب تكذيبك بالجزاء؟! أو: بالرسول صلى الله عليه وسلم: أي: فمَن ينسبك إلى الكذب بعد هذا الدليل القاطع؟
{أليس اللهُ بأحكم الحاكمين} وعيد للكفار، وأنّه يحكم عليهم بما هو أهله، وهو من الحُكم والقضاء، أي: أليس الله بأفضل الفاصلين فيفصل بينك وبين مكذِّبِيك. وقيل: مِن الحِكمة، بمعنى الإتقان، أي: أليس مَن خلق الإنسان وصوّره في أحسن تقويم بأحكم الحكماء. وكان عليه الصلاة والسلام إذا قرأها قال: «بلى وأنا على ذلك من الشاهدين».
الإشارة: حاصل ما ذكره القشيري: أنه تعالى أقسم بأربعة أشياء، لغاية شرفها؛ الأولى شجرة القلب التينية المثمِرة للعلوم اللدنية الخالصة عن نوى الشكوك العقلية والشبهة الوهمية، والثانية: شجرة الروح المستضيئة من نور السر لكمال استعدادها، وإليه الإشاره بقوله: {يَكَادُ زَيْتُهَا يضياء وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ} [النور: 35] الخ. والثالثة: شجرة السر، الذي هو طور التجلِّي محل المشاهدة والمكالمة والمناجاة. والرابعة: البلد الأمين، الذي هو حال التلبيس والخفاء، بعد التمكين، وهو الرجوع للأسباب، قياماً بآداب الحكمة ورسم العبودية، وهو مقام الكملة. والمقسَم عليه: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} قال القشيري: أي: في المظهر الأكمل والأتم، والمحل الأعم، حامل الأمانة الإلهية، وصاحب الصورة الرحمانية، روحانيته أُم الروحانيات وطبيعته أجمع الأمزجة وأعدلها، ونشأته أوسع النشآت وأشملها. اهـ. قلت: وإليه أشار الششتري بقوله:
وفيك يطوى ما انتشر من الأواني...
وقول الشاعر:
يا تائهاً في مهمهٍ عن سره *** انظر تجد فيك الوجودَ بأسره
أنت الكمال طريقة وحقيقة *** يا جامعاً سر الإله بأسره
وقال في لطائف المنن، حاكياً عن شيخة أبي العباس المرسي: قرأتُ ليلة {والتين والزيتون} إلى أن انتهيت إلى قوله: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين} ففكرتُ في معنى الآية، فكشف لي عن اللوح المحفوظ، فإذا فيه مكتوب: لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم روحاً وعقلاً، ثم رددنا أسفل سافلين نفساً وهوى. اهـ. فقوله تعالى: {إلاّ الذين آمنوا..} الخ؛ هم أهل الروح والعقل، الباقون في حسن التقويم، وغيرهم أهل النفس والهوى، والله تعالى أعلم. وصلّى الله على سيدنا محمد وآله.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال