سورة النساء / الآية رقم 126 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَعْدَ اللَّهِ حَقاًّ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلاَ أَمَانِيِّ أَهْلِ الكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِياًّ وَلاَ نَصِيراً وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطاً وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً

النساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126)}
{وَللَّهِ مَا فِى السماوات وَمَا فِي الارض} يحتمل أن يكون متصلًا بقوله تعالى: {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصالحات} [النساء: 124] على أنه كالتعليل لوجوب العمل، وما بينهما من قوله سبحانه: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا} [النساء: 125] اعتراض أي إن جميع ما في العلو والسفل من الموجودات له تعالى خلقًا وملكًا لا يخرج من ملكوته شيء منها فيجازي كلًا وجب أعماله إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر وأن يكون متصلًا بقوله جل شأنه: {واتخذ الله} [ النساء؛ 125] إلخ بناءًا على أن معناه اختاره واصطفاه أي هو مالك لجميع خلقه فيختار من يريده منهم كإبراهيم عليه الصلاة والسلام، فهو لبيان أن اصطفاءه عليه الصلاة والسلام حض مشيئته تعالى. وقيل: لبيان أن اتخاذه تعالى لإبراهيم عليه الصلاة والسلام خليلًا ليس لاحتياجه سبحانه إلى ذلك لشأن من شؤونه كما هو دأب المخلوقين، فإن مدار خلتهم افتقار بعضهم إلى بعض في مصالحهم، بل لمجرد تكرمته وتشريفه، وفيه أيضًا إشارة إلى أن خلته عليه السلام لا تخرجه عن العبودية لله تعالى.
{وَكَانَ الله بِكُلّ شَىْء مُّحِيطًا} إحاطة علم وقدرة بناءًا على أن حقيقة الإحاطة في الأجسام، فلا يوصف الله تعالى بذلك فلابد من التأويل وارتكاب المجاز على ما ذهب إليه الخلف، والجملة تذييل مقرر لمضمونه ما قبله على سائر وجوهه.
هذا ومن باب الإشارة في الآيات: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِى الارض} أي سافرتم في أرض الاستعداد لمحاربة عدو النفس أو لتحصيل أحوال الكمالات {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصلاة} أي تنقصوا من الأعمال البدنية {إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الذين كَفَرُواْ} [النساء: 101] أي حجبوا عن الحق من قوى الوهم والتخيل، وحاصله الترخيص لأرباب السلوك عند خوف فتنة القوى أن ينقصوا من الأعمال البدنية ويزيدوا في الأعمال القلبية كالفكر والذكر ليصفوا القلب ويشرق نوره على القوى فتقل غائلتها فتزكو عند ذلك الأعمال البدنية، ولا يجوز عند أهل الاختصاص ترك الفرائض لذلك كما زعمه بعض الجهلة {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ} ولم تكن غائبًا عنهم بسيرك في غيب الغيب وجلال المشاهدة وعائمًا في بحار «لي مع الله تعالى وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل» {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ} أي الأعمال البدنية {فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مّنْهُمْ مَّعَكَ} وليفعلوا كما تفعل {وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ} من قوى الروح ويجمعوا حواسهم ليتأتى لهم المشابهة، أو ليقفوا على ما في فعلك من الأسرار فلا تضلهم الوسائس {فَإِذَا سَجَدُواْ} وبلغوا الغاية في معرفة ما أقمته لهم وأتوا به على وجهه {فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَائِكُمْ} ذابين عنكم اعتراض الجاهلين، أو قائمين بحوائجكم الضرورية {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أخرى} منهم {لَمْ يُصَلُّواْ} بعد {فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ} وليفعلوا فعلك {وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} كما أخذ الأولون أسلحتهم، وإنما أمر هؤلاء بأخذ الحذر أيضًا حثًا لهم على مزيد الاحتياط لئلا يقصروا فيما يراد منهم اتكالًا على الأخذ بعد ممن أخذ أولًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحاصل هذا الإشارة إلى أن تعليم الشرائع والآداب للمريدين ينبغي أن يكون لطائفة طائفة منهم ليتمكن ذلك لديهم أتم تمكن، وقيل: الطائفة الأولى إشارة إلى الخواص، والثانية إلى العوام ولهذا اكتفى في الأول بالأمر بأخذ الأسلحة، وفي الثاني أمر الحذر أيضًا {وَدَّ الذين كَفَرُواْ} وهم قوى النفس الأمارة {لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ} وهي قوى الروح {وَأَمْتِعَتِكُمْ} وهي المعارف الإلهية {فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَّيْلَةً واحدة} ويرمونكم بنبال الآفات والشكوك ويهلكونكم {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى} بأن أصابكم شؤبوب {مّن مَّطَرٍ} يعني مطر سحائب التجليات {أَوْ كُنتُم مَّرْضَى} بحمى الوجد والغرام وعجزتم عن أعمال القوى الروحانية {أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ} وتتركوا أعمال تلك القوى حتى يتجلى ذلك السحاب وينقطع المطر وتهتز أرض قلوبكم بأزهار رحمة الله تعالى وتطفأ حمى الوجد ياه القرب {وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ} عند وضع أسلحتكم واحفظوا قلوبكم من الالتفات إلى غير الله تعالى: {إِنَّ الله أَعَدَّ للكافرين} من القوى النفسانية {عَذَابًا مُّهِينًا} [النساء: 102] أي مذلًا لهم وذلك عند حفظ القلب وتنور الروح {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصلاة} أي أديتموها {فاذكروا الله} في جميع الأحوال {قِيَامًا} في مقام الروح بالمشاهدة {وَقُعُودًا} في محل القلب بالمكاشفة {وعلى جُنُوبِكُمْ} أي تقلباتكم في مكان النفس بالمجاهدة {فَإِذَا اطمأننتم} ووصلتم إلى محل البقاء {فَإِذَا قَضَيْتُمُ} فأدوها على الوجه الأتم لسلامة القلب حينئذٍ عن الوساوس النفسانية التي هي نزلة الحدث عند أهل الاختصاص {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصلاة فاذكروا الله قياما وَقُعُودًا} [النساء: 103] فلا تسقط عنهم ما دام العقل والحياة {وَلاَ تَهِنُواْ فِى ابتغاء القوم} الذين يحاربونكم وهم النفس وقواها {فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ} منكم لمنعكم لهم عن شهواتهم {كَمَا تَأْلَمونَ} منهم لمعارضتهم لكم عن السير إلى الله تعالى: {وَتَرْجُونَ مِنَ الله} أي تأملون منه سبحانه: {مَا لاَ يَرْجُونَ} لأنكم ترجون التنعم بجنة القرب والمشاهدة، ولا يخطر ذلك لهم ببال، أو تخافون القطيعة وهم لا يخافونها {وَكَانَ الله عَلِيمًا} فيعلم أحوالكم وأحوالهم {حَكِيمًا} [النساء؛ 104] فيفيض على القوابل حسب القابليات {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكتاب} أي علم تفاصيل الصفات وأحكام تجلياتها {بالحق} متلبسًا ذلك الكتاب بالصدق أو قائمًا أنت بالحق لا بنفسك {لِتَحْكُمَ بَيْنَ الناس} خواصهم وعوامهم {ا أَرَاكَ الله} أي بما علمك الله سبحانه من الحكمة {وَلاَ تَكُنْ لّلْخَائِنِينَ} الذين لم يؤدوا أمانة الله تعالى التي أودعت عندهم في الأزل مما ذكر في استعدادهم من إمكان طاعته وامتثال أمره {خَصِيمًا} [النساء: 105] تدفع عنهم العقاب وتسلط الخلق عليهم بالذل والهوان، أو تقول لله تعالى: يا رب لم خذلتهم وقهرتهم فإنهم ظالمون، ولله تعالى الحجة البالغة عليهم.
{واستغفر الله} من الميل الطبيعي الذي اقتضته الرحمة التي أحاطت بك {إِنَّ الله كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا} [النساء: 106] فيفعل ما تطلبه منه وزيادة {وَلاَ تجادل} أحدًا {عَنِ الذين يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ} بتضييع حقوقها {إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا} لنفسه {أَثِيمًا} [النساء: 107] مرتكبًا الإثم ميالًا مع الشهوات {يَسْتَخْفُونَ مِنَ الناس} بكتمان رذائلهم وصفات نفوسهم {وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ الله} بإزالتها وقلعها {وَهُوَ مَعَهُمْ} محيط بظواهرهم وبواطنهم {إِذْ يُبَيّتُونَ} أي يدبرون في ظلمة عالم النفس والطبيعة {مَا لاَ يرضى مِنَ القول} من الوهميات والتخيلات الفاسدة {وَكَانَ الله بما يَعْمَلُونَ مُحِيطًا} [النساء: 108] فيجازيهم حسب أعمالهم {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا} بظهور صفة من صفات نفسه {أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ} بنقص شيء من كمالاتها {ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ الله} ويطلب منه ستر ذلك بالتوجه إليه والتذلل بين يديه {يَجِدِ الله غَفُورًا رَّحِيمًا} [النساء: 110] فيستر ويعطي ما يقتضيه الاستعداد {وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً} بإظهار بعض الرذائل {أَوْ إِثْمًا} حو ما في الاستعداد {ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا} بأن يقول: حملني الله تعالى على ذلك، أو حملني فلان عليه {فَقَدِ احتمل بهتانا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [النساء: 112] حيث فعل ونسب فعله إلى الغير ولو لم تكن مستعدة لذلك طالبة له بلسان الاستعداد في الأزل لم يفض عليه ولم يبرز إلى ساحة الوجود، ولذا أفحم إبليس اللعين أتباعه بما قص الله تعالى لنا من قوله: {إِنَّ الله وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحق} إلى أن قال: {فَلاَ تَلُومُونِى وَلُومُواْ أَنفُسَكُمْ} [إبراهيم: 22]، {وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ} أي توفيقه وإمداده لسلوك طريقه {وَرَحْمَتُهُ} حيث وهب لك الكمال المطلق {لَهَمَّتْ طَّائِفَةٌ مّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ} لعود ضرره عليهم، وحفظك في قلاع استعدادك عن أن ينالك شيء من ذلك {وَأَنزَلَ الله عَلَيْكَ الكتاب} الجامع لتفاصيل العلم {والحكمة} التي هي أحكام تلك التفاصيل مع العمل {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} من علم عواقب الخلق وعلم ما كان وما سيكون {وَكَانَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: 113] حيث جعلك أهلًا لمقام قاب قوسين أو أدنى ومنّ عليك بما لا يحيط به سوى نطاق الوجود {لاَّ خَيْرَ فِى كَثِيرٍ مّن نَّجْوَاهُمْ} وهو ما كان من جنس الفضول، والأمر الذي لا يعني {إِلا} نجوى {مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ} وأرشد إلى فضيلة السخاء الناشىء من العفة، {أَوْ مَعْرُوفٍ} قولي كتعلم علم، أو فعلي كإغاثة ملهوف {أَوْ إصلاح بَيْنَ الناس} الذي هو من باب العدل {وَمَن يَفْعَلْ ذلك} ويجمع بين تلك الكمالات {ابتغاء مَرْضَاتَ الله} لا للرياء والسمعة من كل ما يعود به الفضيلة رذيلة فسوف يؤتيه الله تعالى: {أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 114] ويدخله جنات الصفات {وَمَن يُشَاقِقِ الرسول} أي يخالف ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، أو العقل المسمى عندهم بالرسول النفسي {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المؤمنين} أي غير ما عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن اقتفى أثرهم من الأخيار أو القوى الروحانية {نُوَلّهِ مَا تولى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ} الحرمان {وَسَاءتْ مَصِيرًا} [النساء؛ 115] لمن يصلاها {إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إناثا} وهي الأصنام المسماة بالنفوس إذ كل من يعبد غير الله تعالى فهو عابد لنفسه مطيع لهواها، أو المراد بالإناث الممكنات لأن كل ممكن محتاج ناقص من جهة إمكانه منفعل متأثر عند تعينه فهو أشبه كل شيء بالأنثى {وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شيطانا مَّرِيدًا} [النساء؛ 117] وهو شيطان الوهم حيث قبلوا إغواءه وأطاعوه {لَّعَنَهُ الله} أي أبعده عن رياض قربه {وَقَالَ لاَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا} [النساء؛ 118] وهم غير المخلصين الذين استثنوا في آية أخرى {وَلاَضِلَّنَّهُمْ} عن الطريق الحق {وَلامَنّيَنَّهُمْ} الأماني الفاسدة من كسب اللذات الفانية {وَلاَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتّكُنَّ ءاذَانَ الانعام} أي فليقطعن آذان نفوسهم عن سماع ما ينفعهم {وَلاَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيّرُنَّ خَلْقَ الله} [النساء: 119] وهي الفطرة التي فطر الناس عليها من التوحيد {والذين ءامَنُواْ} ووحدوا {وَعَمِلُواْ الصالحات} واستقاموا {سَنُدْخِلُهُمْ جنات} [النساء: 122] جنة الأفعال وجنة الصفات وجنة الذات {لَّيْسَ} أي حصول الموعود {بأمانيكم وَلا أَمَانِىّ أَهْلِ الكتاب} [النساء: 123] بل لابد من السعي فيما يقتضيه، وفي المثل إن التمني رأس مال المفلس، {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا} أي حالًا {مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله} وسلم نفسه إليه وفنى فيه {وَهُوَ مُحْسِنٌ} مشاهد للجمع في عين التفصيل سالك طريق الإحسان بالاستقامة في الأعمال {واتَّبَعَ مِلَّةَ إبراهيم} في التوحيد {حَنِيفًا} مائلًا عن السوي {واتخذ الله إبراهيم خَلِيلًا} [النساء: 125] حيث تخللت المعرفة جميع أجزائه من حيث ما هو مركب فلم يبق جوهر فرد إلا وقد حلت فيه معرفة ربه عز وجل فهو عارف به بكل جزء منه، ومن هنا قيل: إن دم الحلاج لما وقع على الأرض انكتب بكل قطرة منه الله؛ وأنشد:
ما قدّ لي عضو ولا مفصل *** إلا وفيه لكم ذكر
{وَللَّهِ مَا فِى السموات وَمَا فِي الارض} لأن كل ما برز في الوجود فهو شأن من شؤونه سبحانه: {وَكَانَ الله بِكُلّ شَىْء مُّحِيطًا} [النساء: 126] من حيث إنه الذي أفاض عليه الجود، وهو رب الكرم والجود، لا رب غيره؛ ولا يرجى إلا خيره.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال