سورة النساء / الآية رقم 147 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللَّهِ قَالُوا ألَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا ألَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ المُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلاً إِنَّ المُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاءِ وَلاَ إِلَى هَؤُلاءِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً إِنَّ المُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ المُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ المُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً

النساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قلت: الدَّرَك والدَّرْك لغتان، كالظَّعَن والظَّعْن، والنَّهَر والنَّهْر، والنَّشَر والنَّشْر، وهي الطبقة السفلى، وسميت طبقاتهم دركات؛ لأنها مُتداركة متتابعة، وهي ضد الدرجات، فالدرجات للعلو، والدركات للسفل.
يقول الحقّ جلّ جلاله: {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} أي: في الطبقة السفلى في قَعر جهنم؛ لإنهم أخبث الكفرة، حيث ضموا إلى الكفر الاستهزاء بالإسلام وخداع المسلمين. قال ابن مسعود رضي الله عنه: (هم في توابيت من النار مقفلة عليهم في النار، مطبقة عليهم).
وعن ابن عمر رضي الله عنه: إن أشد الناس عذابًا يوم القيامة ثلاثة: المنافقون، وممن كفر من أصحاب المائدة، وآل فرعون لقوله: {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} وقال في أصحاب المائدة: {فَإِنْي أُعَذِبُهُ عَذَابًا لآَّ أُعَذِبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالمِينَ} [المَائدة: 115]. وقال: {ادْخِلُوَاْ ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَ الْعَذَابِ} [غافر: 46]، {ولن تجد لهم نصيرًا} يمنعهم من ذلك العذاب. {إلا الذين تابوا} عن النفاق {وأصلحوا} ما أفسدوا في سرائرهم وأعمالهم في حال النفاق، {واعتصموا بالله} أي: وثقوا به وتمسكوا به، دون أحد سواه، {وأخلصوا دينهم لله} لا يريدون بطاعته إلا وجه الله، ولا رياءً ولا سمعةً {فأولئك مع المؤمنين} في الدين. قال الفرَّاء: من المؤمنين، وقال العتبي: حاد عن كلامهم غيظًا عليهم، ولم يقل هم المؤمنون. اهـ. قلت: إنما قال: {مع المؤمنين} ولم يقل: منهم، لأن التخلص من النفاق صعب، ولا يكون من المؤمنين، حتى يتخلص من جميع شعبه، وهو عزيز، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «ثَلاثٌ مَن كُنَّ فيه فهُوَ مُنَافقٌ، وإن صَامَ وصلَّى وزَعم أنه مُسلمٌ، من إذا حدَّثَ كَذَبَ، وإذَا وعَدَ أخلفَ، وإذا ائُتمِنَ خَانَ».
{وسوف يُؤت الله المؤمنين} المخلصين {أجرًا عظيمًا} فيساهُمونَهم فيه إن تابوا وأصلحوا، فإن الله غني عن عذابهم، ولذلك قال: {ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم} أي: لا حاجة له في عذابكم، فلا يُشفى به غيظًا ولا يدفع به ضررًا، أو يستجلب به نفعًا؛ لأنه غنيَّ عن المنافع، وإنما يعاقب المصر بكفره، لأن إصراره عليه كسوء المزاج يؤدي إلى مرض فإن زال بالإيمان والشكر، ونقَّى منه قلبه، تخلص من تبعته. وإنما قدم الشكر؛ لإن الناظر يدرك النعم أولاً فيشكر شكرًا مبهمًا، ثم يمعن النظر حتى يعرف المنعم فيؤمن به. قاله البيضاوي. وقال الثعلبي: فيه تقديم تأخير، أي إن آمنتم وشكرتم، لأن الشكر لا ينفع مع عدم الإيمان. {وكان الله شاكرًا} لأعمال عباده، يقبل اليسير ويعطي الكثير، {عليمًا} بحقيقة شكرهم وإيمانهم، ومقدار أعمالهم، فيضاعفها على قدر تخليصها. والله تعالى أعلم.
الإشارة: لا شيء أصعب على النفس من الإخلاص؛ كلما اجتهد العبد في قطع الرياء؛ نبت على لون آخر، فلا يتطهر العبد منها إلا بتحقيق الفناء والغيبة عن السوى بالكلية.
كما قال الششتري رضي الله عنه:
طهَّرَ العَينَ بالمَدامِعِ سَكبًا *** مِن شُهُودِ السَّوى تَزُل كلُّ عِلَّه
قال بعضهم: لا ينبت الإخلاص في القلب؛ حتى يَسقط من عين الناس، ويُسقط الناسَ من عينه.
والإخلاص من أعمال القلوب، فلا يطَّلع عليه إلا علآَّم الغيوب، فلا يجوز أن يحكم على أحد بالرياء بمجرد ما يرى عليه من الإظهار، وقد تدخل الرياء مع الإسرار، وتتخلص من القلب مع الإظهار، وفي الحكم: (ربما دخل الرياءُ عليك حيث لا ينظر الخلق إليك). فإذا تخلص العبد من دقائق الرياء، وأصلح ما بينه وبين الله واعتصم به دون شيء سواه، كان مع المخلصين المقربين؛ فيكون عمله موفورًا، وسعيه مشكورًا. وبالله التوفيق.
وقد تكلم في الإحياء على هذه الآية فقال: إنما كان المنافقون في الدرك الأسفل؛ لأنهم جحدوا بعد العلم، وإنما تضاعف عذاب العالم في معصيته؛ لأنه عَصَى عن علم. قلت: وافهم منه قوله صلى الله عليه وسلم في أبي طالب: «وَلَولاَ أنَا لَكَانَ فِي الدَّركِ الأسفلَ مِنَ النَّارِ» وذلك لاعراضه مع العلم. وقال في الإحياء أيضًا: شدَّد أمر المنافقين؛ لإن الكافر كفرَ وأظهَرَ، والمنافق كفر وستر، فكان ستره لكفره كفرًا آخر، لأنه استخف بنظر الله إلى قلبه، وعظَّم أمر المخلوقين. اهـ. والحاصل: أن التشديد في الرياء والنفاق؛ لِمَا في ذلك من تعظيم نظر الخلق على نظر الخالق، فكان أعظمَ من الكفر الصريح. اهـ. من الحاشية.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال