سورة النساء / الآية رقم 163 / تفسير تفسير الرازي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً رُسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً

النساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساءالنساء




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164) رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165)}
في الآية مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أنه تعالى لما حكى أن اليهود سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم أن ينزل عليهم كتاباً من السماء، وذكر تعالى بعده أنهم لا يطلبون ذلك لأجل الاسترشاد ولكن لأجل العناد واللجاج، وحكى أنواعاً كثيرة من فضائحهم وقبائحهم، وامتد الكلام إلى هذا المقام، شرع الآن في الجواب عن تلك الشبهة فقال: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إلى نُوحٍ والنبيين مِن بَعْدِهِ} والمعنى: أنا توافقنا على نبوّة نوح وإبراهيم وإسماعيل وجميع المذكورين في هذه الآية، وعلى أن الله تعالى أوحى إليهم، ولا طريق إلى العلم بكونهم أنبياء الله ورسله إلا ظهور المعجزات عليهم ولكل واحد منهم نوع آخر من المعجزات على التعيين، وما أنزل الله على كل واحد من أنواع المعجزات عليهم، علمنا أن هذه الشبهة زائلة، وأن إصرار اليهود على طلب هذه المعجزة باطل، وتحقيق القول فيه أن إثبات المدلول يتوقف على ثبوت الدليل، ثم إذا حصل الدليل وتم فالمطالبة بدليل آخر تكون طلباً للزيادة وإظهاراً للتعنت واللجاج، والله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، فلا اعتراض عليه لأحد بأنه لم أعطى هذا الرسول هذه المعجزة وذلك الرسول الآخر معجزاً آخر، وهذا الجواب المذكور هاهنا هو الجواب المذكور في قوله تعالى: {وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعًا} [الإسراء: 90] إلى قوله: {قُلْ سبحان رَبّى هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَرًا رَّسُولاً} [الإسراء: 93] يعني أنك إنما ادعيت الرسالة، والرسول لابد له من معجزة تدلّ على صدقه، وذلك قد حصل، وأما أن تأتي بكل ما يطلب منك فذاك ليس من شرط الرسالة، فهذا جواب معتمد عن الشبهة التي أوردها اليهود، وهو المقصود الأصلي من هذه الآية.
المسألة الثانية: قال الزجاج: الإيحاء الإعلام على سبيل الخفاء، قال تعالى: {فأوحى إِلَيْهِمْ أَن سَبّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً} [مريم: 11] أي أشار إليهم، وقال: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الحواريين أَنْ ءامِنُواْ بِى} [المائدة: 111] وقال: {وأوحى رَبُّكَ إلى النحل} [النحل: 68] {وَأَوْحَيْنَا إلى أُمّ موسى} [القصص: 7] والمراد بالوحي في هذه الآيات الثلاثة الإلهام.
المسألة الثالثة: قالوا إنما بدأ تعالى بذكر نوح لأنه أول نبي شرع الله تعالى على لسانه الأحكام والحلال والحرام، ثم قال تعالى: {والنبيين مِن بَعْدِهِ} ثم خصّ بعض النبيّين بالذكر لكونهم أفضل من غيرهم كقوله: {وَمَلئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وميكال} [البقرة: 98].
واعلم أن الأنبياء المذكورين في هذه الآية سوى موسى عليه السلام إثنا عشر ولم يذكر موسى معهم، وذلك لأن اليهود قالوا: إن كنت يا محمد نبياً فأتنا بكتاب من السماء دفعة واحدة كما أتى موسى عليه السلام بالتوراة دفعة واحدة، فالله تعالى أجاب عن هذه الشبهة بأن هؤلاء الأنبياء الأثنى عشر كلهم كانوا أنبياءً ورسلاً مع أن واحداً منهم ما أتى بكتاب مثل التوراة دفعة واحدة، ثم ختم ذكر الأنبياء بقوله: {وَءاتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً} يعني أنكم اعترفتم بأن الزبور من عند الله، ثم إنه ما نزل على داود دفعة واحدة في ألواح مثل ما نزلت التوراة دفعة واحدة على موسى عليه السلام في الألواح، فدل هذا على أن نزول الكتاب لا على الوجه الذي نزلت التوراة لا يقدح في كون الكتاب من عند الله، وهذا إلزام حسن قوي.
المسألة الرابعة: قال أهل اللغة: الزبور الكتاب، وكل كتاب زبور، وهو فعول بمعنى مفعول، كالرسول والركوب والحلوب، وأصله من زبرت بمعنى كتبت، وقد ذكرنا ما فيه عند قوله: {جَاءوا بالبينات والزبر} [آل عمران: 184].
المسألة الخامسة: قرأ حمزة {زَبُوراً} بضم الزاي في كل القرآن، والباقون بفتحها، حجة حمزة أن الزبور مصدر في الأصل، ثم استعمل في المفعول كقولهم: ضرب الأمير، ونسج فلان فصار اسماً ثم جمع على زبر كشهود وشهد، والمصدر إذا أقيم مقام المفعول فإنه يجوز جمعه كما يجمع الكتاب على كتب، فعلى هذا، الزبور الكتاب، والزبر بضم الزاي الكتب، أما قراءة الباقين فهي أولى لأنها أشهر، والقراءة بها أكثر.
ثم قال تعالى: {وَرُسُلاً قَدْ قصصناهم عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ}.
وأعلم أنه انتصب قوله: {رُسُلاً} بمضمر يفسره قوله: {قَدْ قصصناهم عَلَيْكَ} والمعنى أنه تعالى إنما ذكر أحوال بعض الأنبياء في القرآن، والأكثرون غير مذكورين على سبيل التفصيل.
ثم قال: {وَكَلَّمَ الله موسى تَكْلِيماً} والمراد أنه بعث كل هؤلاء الأنبياء والرسل وخص موسى عليه السلام بالتكلم معه، ولم يلزم من تخصيص موسى عليه السلام بهذا التشريف الطعن في نبوّة سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فكذلك لم يلزم من تخصيص موسى بإنزال التوراة عليه دفعة واحدة طعن فيمن أنزل الله عليه الكتاب لا على هذا الوجه، وعن إبراهيم ويحيى بن وثاب أنهما قرأ {وَكَلَّمَ الله} بالنصب، وقال بعضهم: وكلم الله معناه وجرح الله موسى بأظفار المحن ومخالب الفتن وهذا تفسير باطل.
ثم قال تعالى: {رُّسُلاً مُّبَشّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى الله حُجَّةٌ بَعْدَ الرسل وَكَانَ الله عَزِيزاً حَكِيماً} وفيه مسائل:
المسألة الأولى: في انتصاب قوله: {رُسُلاً} وجوه:
الأول: قال صاحب الكشاف: الأوجه أن ينتصب على المدح.
والثاني: أنه انتصب على البدل من قوله: {وَرُسُلاً} الثالث: أن يكون التقدير: أوحينا إليهم رسلاً فيكون منصوباً على الحال والله أعلم.
المسألة الثانية: اعلم أن هذا الكلام أيضاً جواب عن شبهة اليهود، وتقريره أن المقصود من بعثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أن يبشروا الخلق على اشتغالهم بعبودية الله، وأن ينذروهم على الإعراض عن العبودية، فهذا هو المقصود الأصلي من البعثة، فإذا حصل هذا المقصود فقد كمل الغرض وتمّ المطلوب، وهذا المقصود الأصلي حاصل بإنزال الكتاب المشتمل على بيان هذا المطلوب، ومن المعلوم أنه لا يختلف حال هذا المطلوب بأن يكون ذلك الكتاب مكتوباً في الألواح أو لم يكن، وبأن يكون نازلاً دفعة واحدة أو منجماً مفرقاً، بل لو قيل: إن إنزال الكتاب منجماً مفرقاً أقرب إلى المصلحة لكان أولى لأن الكتاب إذا نزل دفعة واحدة كثرت التكاليف وتوجهت بأسرها على المكلفين فيثقل عليهم قبولها، ولهذا السبب أصر قوم موسى عليه السلام على التمرد ولم يقبلوا تلك التكاليف، أما إذا نزل الكتاب منجماً مفرقاً لم يكن كذلك، بل ينزل التكاليف شيئاً فشيئاً وجزءاً فجزءاً، فحينئذٍ يحصل الانقياد والطاعة من القوم وحاصل هذا الجواب أن المقصود من بعثة الرسل وإنزال الكتب هو الإعذار والإنذار، وهذا المقصود حاصل سواء إنزل الكتاب دفعة واحدة أو لم يكن كذلك، فكان اقتراح اليهود في أنزال الكتاب دفعة واحدة اقتراحاً فاسداً.
وهذا أيضاً جواب عن تلك الشبهة في غاية الحسن، ثم ختم الآية بقوله: {وَكَانَ الله عَزِيزاً حَكِيماً} يعني هذا الذي يطلبونه من الرسول أمر هين في القدرة، ولكنكم طلبتموه على سبيل اللجاج وهو تعالى عزيز، وعزته تقتضي أن لا يجاب المتعنت إلى مطلوبه فكذلك حكمته تقتضي هذا الامتناع لعلمه تعالى بأنه لو فعل ذلك لبقوا مصرين على لجاجهم، وذلك لأنه تعالى أعطى موسى عليه السلام هذا التشريف ومع ذلك فقومه بقوا معه على المكابرة والإصرار واللجاج، والله أعلم.
المسألة الثالثة: احتج أصحابنا بهذه الآية على أن وجوب معرفة الله تعالى لا يثبت إلا بالسمع قالوا لأن قوله: {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى الله حُجَّةٌ بَعْدَ الرسل} يدل على أن قبل البعثة يكون للناس حجة في ترك الطاعات والعبادات، ونظيره قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء: 15] وقوله: {وَلَوْ أَنَّا أهلكناهم بِعَذَابٍ مّن قَبْلِهِ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ ءاياتك مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ ونخزى} [طه: 134].
المسألة الرابعة: قالت المعتزلة: دلت هذه الآية على أن العبد قد يحتج على الرب، وأن الذي يقوله أهل السنة من أنه تعالى لا اعتراض عليه في شيء، وأن له أن يفعل ما يشاء كما يشاء ليس بشيء قالوا: لأن قوله: {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى الله حُجَّةٌ بَعْدَ الرسل} يقتضي أن لهم على الله حجة قبل الرسل، وذلك يبطل قول أهل السنة.
والجواب: المراد لئلا يكون للناس على الله حجة أي ما يشبه الحجة فيما بينكم.
قالت المعتزلة: وتدل هذه الآية أيضاً على أن تكليف ما لا يطاق غير جائز لأن عدم إرسال الرسل إذا كان يصلح عذراً فبأن يكون عدم المكنة والقدرة صالحاً لأن يكون عذراً كان أولى، وجوابه المعارضة بالعلم، والله أعلم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال