سورة المائدة / الآية رقم 5 / تفسير تفسير الرازي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ اليَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الحِسَابِ الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ المُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ

المائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5)}
قوله تعالى: {اليوم أُحِلَّ لَكُمُ الطيبات}.
اعلم أنه تعالى أخبر في هذه الآية المتقدمة أنه أحل الطيبات، وكان المقصود من ذكره الأخبار عن هذا الحكم، ثم أعاد ذكره في هذه الآية، والغرض من ذكره أنه قال: {اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى} فبين أنه كما أكمل الدين وأتمم النعمة في كل ما يتعلق بالدين، فكذلك أتم النعمة في كل ما يتعلق بالدنيا، ومنها إحلال الطيبات، والغرض من الاعادة رعاية هذه النكتة.
ثم قال تعالى: {وَطَعَامُ الذين أُوتُواْ الكتاب حِلٌّ لَّكُمْ} وفي المراد بالطعام هاهنا وجوه ثلاثة: الأول: أنه الذبائح، يعني أنه يحل لنا أكل ذبائح أهل الكتاب، وأما المجوس فقد سن فيهم سنة أهل الكتاب في أخذ الجزية منهم دون أكل ذبائحهم ونكاس نسائهم، وعن علي رضي الله عنه أنه استثنى نصارى بني تغلب، وقال: ليسوا على النصرانية ولم يأخذوا منها إلاّ شرب الخمر، وبه أخذ الشافعي رحمه الله.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن ذبائح نصارى العرب فقال لا بأس به، وبه أخذوا أبو حنيفة رحمه الله.
والوجه الثاني: أن المراد هو الخبز والفاكهة وما لا يحتاج فيه إلى الذكاة، وهو منقول عن بعض أئمة الزيدية، والثالث: أن المراد جميع المطعومات، والأكثرون على القول الأول ورجحوا ذلك من وجوه:
أحدها: أن الذبائح هي التي تصير طعاماً بفعل الذابح، فحمل قوله: {وَطَعَامُ الذين أُوتُواْ الكتاب} على الذبائح أولى.
وثانيها: أن ما سوى الذبائح فهي محللة قبل أن كانت لأهل الكتاب وبعد أن صارت لهم، فلا يبقى لتخصيصها بأهل الكتاب فائدة.
وثالثها: ما قبل هذه الآية في بيان الصيد والذبائح، فحمل هذه الآية على الذبائح أولى.
ثم قال تعالى: {وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ} أي ويحل لكم أن تطعموهم من طعامكم لأنه لا يمتنع أن يحرم الله أن نطعمهم من ذبائحنا، وأيضاً فالفائدة في ذكر ذلك أن إباحة المناكحة غير حاصلة في الجانبين، وإباحة الذبائح كانت حاصلة في الجانبين، لا جرم ذكر الله تعالى ذلك تنبيهاً على التمييز بين النوعين.
ثم قال تعالى: {والمحصنات مِنَ المؤمنات} وفي المحصنات قولان:
أحدهما: أنها الحرائر، والثاني: أنها العفائف، وعلى التقدير الثاني يدخل فيه نكاح الأمة، والقول الأول أولى لوجوه:
أحدها: أنه تعالى قال بعد هذه الآية {إذا آتيتموهن أجورهن} ومهر الأمة لا يدفع إليها بل إلى سيدها.
وثانيها: أنا بينا في تفسير قوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ المحصنات المؤمنات فَمِنْ مَّا مَلَكَتْ أيمانكم مّن فتياتكم المؤمنات} [النساء: 25] أن نكاح الأمة إنما يحل بشرطين: عدم طول الحرة، وحصول الخوف من العنت.
وثالثها: أن تخصيص العفائف بالحل يدل ظاهراً على تحريم نكاح الزانية، وقد ثبت أنه غير محرم، أما لو حملنا المحصنات على الحرائر يلزم تحريم نكاح الأمة ونحن نقول به على بعض التقديرات.
ورابعها: أنا بينا أن اشتقاق الاحصان من التحصن، ووصف التحصن في حق الحرة أكثر ثبوتاً منه في حق الأمة لما بينا أن الأمة وإن كانت عفيفة إلاّ أنها لا تخلو من الخروج والبروز والمخالطة مع الناس بخلاف الحرة، فثبت أن تفسير المحصنات بالحرائر أولى من تفسيرها بغيرها.
ثم قال تعالى: {والمحصنات مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب مِن قَبْلِكُمْ} وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: ذهب أكثر الفقهاء إلى أنه يحل التزوج بالذمية من الليهود والنصارى وتمسكوا فيه بهذه الآية، وكان ابن عمر رضي الله عنهما لا يرى ذلك ويحتج بقوله: {وَلاَ تَنْكِحُواْ المشركات حتى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] ويقول: لا أعلم شركاً أعظم من قولها: إن ربها عيسى، ومن قال بهذا القول أجابوا عن التمسك بقوله تعالى: {والمحصنات مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب} بوجوه:
الأول: أن المراد الذين آمنوا منهم، فإنه كان يحتمل أن يخطر ببال بعضهم أن اليهودية إذا آمنت فهل يجوز للمسلم أن يتزوج بها أم لا؟ فبيّن تعالى بهذه الآية جواز ذلك، والثاني: روي عن عطاء أنه قال: إنما رخص الله تعالى في التزوج بالكتابية في ذلك الوقت لأنه كان في المسلمات قلة، وأما الآن ففيهن الكثرة العظيمة، فزالت الحاجة فلا جرم زالت الرخصة، والثالث: الآيات الدالة على وجوب المباعدة عن الكفار، كقوله: {لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوّى وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء} [الممتحنة: 1] وقوله: {لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مّن دُونِكُم} [آل عمران: 118] ولأن عند حصول الزوجية ربما قويت المحبة ويصير ذلك سبباً لميل الزوج إلى دينها، وعند حدوث الولد فربما مال الولد إلى دينها، وكل ذلك إلقاء للنفس في الضرر من غير حاجة.
الرابع: قوله تعالى في خاتمة هذه الآية {وَمَن يَكْفُرْ بالإيمان فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الاخرة مِنَ الخاسرين} وهذا من أعظم المنفرات عن التزوج بالكافرة، فلو كان المراد بقوله تعالى: {والمحصنات مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب مِن قَبْلِكُمْ} إباحة التزوج بالكتابية لكان ذكر هذه الآية عقيبها كالتناقض وهو غير جائز.
المسألة الثانية: إن قلنا: المراد بالمحصنات: الحرائر، لم تدخل الأمة الكتابية تحت الآية، وإن قلنا: المراد بالمحصنات: العفائف دخلت، وعلى هذا البحث وقع الخلاف بين الشافعي وأبي حنيفة فعند الشافعي لا يجوز التزوج بالأمة الكاتبية. قال: لأنه اجتمع في حقها نوعان من النقصان: الكفر والرق، وعند أبي حنيفة رحمه الله يجوز، وتمسك بهذه الآية بناء على أن المراد بالمحصنات العفائف وقد سبق الكلام فيه.
المسألة الثالثة: قال سعيد بن المسيب والحسن {والمحصنات مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب} يدخل فيه الذميات والحربيات، فيجوز التزوج بكلهن، وأكثر الفقهاء على أن ذلك مخصوص بالذمية فقط، وهذا قول ابن عباس، فإنه قال: من نساء أهل الكتاب من يحل لنا، ومنهن من لا يحل لنا، وقرأ {قاتلوا الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالله} إلى قوله: {حتى يُعْطُواْ الجزية عَن يَدٍ} [التوبة: 29] فمن أعطى الجزية حل، ومن لم يعط لم يحل.
المسألة الرابعة: اتفقوا على أن المجوس قد سن بهم سنة أهل الكتاب في أخذ الجزية منهم دون أكل ذبائحهم ونكاح نسائهم، وروي عن ابن المسيب أنه قال: إذا كان المسلم مريضاً فأمر المجوسي أن يذكر الله ويذبح فلا بأس، وقال أبو ثور: وإن أمرة بذلك في الصحة فلا بأس.
المسألة الخامسة: قال الكثير من الفقهاء: إنما يحل نكاح الكتابية التي دانت بالتوراة والإنجيل قبل نزول القرآن، قالوا: والدليل عليه قوله: {والمحصنات مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب مِن قَبْلِكُمْ} فقوله: {مِن قَبْلِكُمْ} يدل على أن من دان الكتاب بعد نزول الفرقان خرج عن حكم الكتاب.
ثم قال تعالى: {إذا أتيتموهن أجورهن} وتقييد التحليل بإيتاء الأجور يدل على تأكد وجوبها وأن من تزوج امرأة وعزم على أن لا يعطيها صداقها كان في صورة الزاني، وتسمية المهر بالأجر يدل على أن الصداق لا يتقدر، كما أن أقل الأجر لا يتقدر في الإجارات.
ثم قال تعالى: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِى أَخْدَانٍ} قال الشعبي: الزنا ضربان: السفاح وهو الزنا على سبيل الإعلان، واتخاذ الخدن وهو الزنا في السر، والله تعالى حرّمهما في هذه الآية وأباح التمتع بالمرأة على جهة الاحصان وهو التزوج.
ثم قال تعالى: {وَمَن يَكْفُرْ بالإيمان فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} وفيه مسائل:
المسألة الأولى: في تعلق هذه الآية بما قبلها وجهان:
الأول: أن المقصود منه الترغيب فيما تقدم من التكاليف والأحكام، يعني ومن يكفر بشرائع الله وبتكاليفه فقد خاب وخسر في الدنيا والآخرة، والثاني: قال القفال: المعنى أن أهل الكتاب وإن حصلت لهم في الدنيا فضيلة المناكحة وإباحة الذبائح في الدنيا إلاّ أن ذلك لا يفرق بينهم وبين المشركين في أحوال الآخرة وفي الثواب والعقاب، بل كل من كفر بالله فقد حبط عمله في الدنيا ولم يصل إلى شيء من السعادات في الآخرة ألبتة.
المسألة الثانية: قوله: {وَمَن يَكْفُرْ بالإيمان فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} فيه إشكال، وهو أن الكفر إنما يعقل بالله ورسوله، فأما الكفر بالإيمان فهو محال، فلهذا السبب اختلف المفسرون على وجوه:
الأول: قال ابن عباس ومجاهد {وَمَن يَكْفُرْ بالإيمان} أي ومن يكفر بالله، إنما حسن هذا المجاز لأنه تعالى رب الإيمان، ورب الشيء قد يسمى باسم ذلك الشيء على سبيل المجاز، والثاني: قال الكلبي {وَمَن يَكْفُرْ بالإيمان} أي بشهادة أن لا إله إلاّ الله، فجعل كلمة التوحيد إيماناً، فإن الإيمان بها لما كان واجباً كان الإيمان من لوازمها بحسب أمر الشرع، وإطلاق اسم الشيء على لازمه مجاز مشهور، والثالث: قال قتادة: إن ناساً من المسلمين قالوا: كيف نتزوج نساءهم مع كونهم على غير ديننا!فأنزل الله تعالى هذه الآية أي، ومن يكفر بما نزل في القرآن فهو كذا وكذا، فسمى القرآن إيماناً لأنه هو المشتمل على بيان كل ما لابد منه في الإيمان.
المسألة الثالثة: القائلون بالاحباط قالوا: المراد بقوله: {وَمَن يَكْفُرْ بالإيمان فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} أي عقاب كفره يزيل ما كان حاصلاً له من ثواب إيمانه، والذين ينكرون القول بالاحباط قالوا: معناه أن عمله الذي أتى به بعد ذلك الإيمان فقد هلك وضاع؛ فإنه إنما يأتي بتلك الأعمال بعد الإيمان لاعتقاده أنها خير من الإيمان، فإذا لم يكن الأمر كذلك بل كان ضائعاً باطلاً كانت تلك الأعمال باطلة في أنفسها، فهذا هو المراد من قوله: {فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ}.
المسألة الرابعة: قوله تعالى: {وَهُوَ فِي الاخرة مِنَ الخاسرين} مشروط بشرط غير مذكور في الآية، وهو أن يموت على ذلك الكفر؛ إذ لو تاب عن الكفر لم يكن في الآخرة من الخاسرين، والدليل على أنه لابد من هذا الشرط قوله تعالى: {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [البقرة: 217] الآية.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال