سورة المائدة / الآية رقم 44 / تفسير تفسير البيضاوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلاَ تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناًّ قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ

المائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَكَيْفَ يُحَكّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التوراة فِيهَا حُكْمُ الله} تعجيب من تحكيمهم من لا يؤمنون به، والحال أن الحكم منصوص عليه في الكتاب الذي هو عندهم، وتنبيه على أنهم ما قصدوا بالتحكيم معرفة الحق وإقامة الشرع، وإنما طلبوا به ما يكون أهون عليهم وإن لم يكن حكم الله تعالى في زعمهم، و{فِيهَا حُكْمُ الله} حال من التوراة إن رفعتها بالظرف، وإن جعلتها مبتدأ فمن ضميرها المستكن فيه وتأنيثها لكونها نظيرة المؤنث في كلامهم لفظاً كموماة ودوداة. {ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذلك} ثم يعرضون عن حكمك الموافق لكتابهم بعد التحكيم، وهو عطف على يحكمونك داخل في حكم التعجيب. {وَمَا أولئك بالمؤمنين} بكتابهم لإِعراضهم عنه أولاً وعما يوافقه ثانياً، أو بك وبه.
{إِنَّا أَنزَلْنَا التوراة فِيهَا هُدًى} يهدي إلى الحق. {وَنُورٌ} يكشف عما استبهم من الأحكام. {يَحْكُمُ بِهَا النبيون} يعني أنبياء بني إسرائيل، أو موسى ومن بعده إن قلنا شرع من قبلنا شرع لنا ما لم ينسخ، وبهذه الآية تمسك القائل به. {الذين أَسْلَمُواْ} صفة أجريت على النبيين مدحاً لهم وتنويهاً بشأن المسلمين، وتعريضاً باليهود وأنهم بمعزل عن دين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام واقتفاء هديهم. {لِلَّذِينَ هَادُواْ} متعلق بأنزل، أو بيحكم أي يحكمون بها في تحاكمهم وهو يدل على أن النبيين أنبياؤهم. {والربانيون والأحبار} زهادهم وعلماؤهم السالكون طريقة أنبيائهم عطف على النبيون {بِمَا استحفظوا مِن كتاب الله} بسبب أمر الله إياهم بأن يحفظوا كتابه من التضييع والتحريف، والراجع إلى ما محذوف ومن للنبيين. {وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاءَ} رقباء لا يتركون أن يغير، أو شهداء يبينون ما يخفى منه كما فعل ابن صوريا. {فَلاَ تَخْشَوُاْ الناس واخشون} نهي للحكام أن يخشوا غير الله في حكوماتهم ويداهنوا فيها خشية ظالم أو مراقبة كبير. {وَلاَ تَشْتَرُواْ بآياتي} ولا تستبدلوا بأحكامي التي أنزلتها. {ثَمَناً قَلِيلاً} هو الرشوة والجاه {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ الله} مستهيناً به منكراً له. {فأولئك هُمُ الكافرون} لاستهانتهم به وتمردهم بأن حكموا بغيره، ولذلك وصفهم بقوله: {الكافرون} و{الظالمون} و{الفاسقون}، فكفرهم لإِنكاره، وظلمهم بالحكم على خلافه، وفسقهم بالخروج عنه. ويجوز أن يكون كل واحدة من الصفات الثلاث باعتبار حال انضمت إلى الامتناع عن الحكم به ملائمة لها، أو لطائفة كما قيل هذه في المسلمين لاتصالها بخطابهم، والظالمون في اليهود، والفاسقون في النصارى.
{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ} وفرضنا على اليهود. {فِيهَا} في التوراة. {أَنَّ النفس بالنفس} أي أن النفس تقتل بالنفس. {والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن} رفعها الكسائي على أنها جمل معطوفة على أن وما في حيزها باعتبار المعنى وكأنه قيل: وكتبنا عليهم النفس بالنفس، والعين بالعين، فإن الكتابة والقراءة تقعان على الجمل كالقول، أو مستأنفة ومعناها: وكذلك العين مفقوءة بالعين، والأنف مجدوعة بالأنف، والأذن مصلومة بالأذن، والسن مقلوعة بالسن، أو على أن المرفوع منها معطوف على المستكن في قوله بالنفس، وإنما ساغ لأنه في الأصل مفصول عنه بالطرف، والجار والمجرور حال مبينة للمعنى، وقرأ نافع {والأذن بالأذن} وفي أذنيه بإسكان الذال حيث وقع.
{والجروح قِصَاصٌ} أي ذات قصاص، وقرأة الكسائي أيضاً بالرفع ووافقه ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر على أنه إجمال للحكم بعد التفضيل. {فَمَن تَصَدَّقَ} من المستحقين. {بِهِ} بالقصاص أي فمن عفا عنه. {فَهُوَ} فالتصدق. {كَفَّارَةٌ لَّهُ} للمتصدق يكفر الله به ذنوبه. وقيل للجاني يسقط عنه ما لزمه. وقرئ: {فهو كفارته له} أي فالمتصدق كفارته التي يستحقها بالتصدق له لا ينقص منها شيء. {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ الله} من القصاص وغيره. {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظالمون}.
{وَقَفَّيْنَا على ءاثارهم} أي وأتبعناهم على آثارهم، فحذف المفعول لدلالة الجار والمجرور عليه، والضمير للنبيون. {بِعَيسَى ابن مَرْيَمَ} مفعول ثان عدي إليه الفعل بالباء. {مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التوراة وءاتيناه الإنجيل} وقرئ بفتح الهمزة. {فِيهِ هُدًى وَنُورٌ} في موضع النصب بالحال. {وَمُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التوراة} عطف عليه وكذا قوله: {وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لّلْمُتَّقِينَ} ويجوز نصبهما على المفعول له عطفاً على محذوف أو تعلقاً به وعطف.
{وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإنجيل بِمَا أَنزَلَ الله فِيهِ} {عليه} في قراءة حمزة، وعلى الأول اللام متعلقة بمحذوف أي وآتيناه ليحكم، وقرئ: {وأن ليحكم} على أَنَّ أَنْ موصولة بالأمر كقولك: أمرتك بأن قم أي وأمرنا بأن ليحكم. {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ الله فأولئك هُمُ الفاسقون} عن حكمه، أو عن الإِيمان إن كان مستهيناً به، والآية تدل على أن الإِنجيل مشتمل على الأحكام وأن اليهودية منسوخة ببعثة عيسى عليه الصلاة والسلام، وأنه كان مستقلاً بالشرع وحملها على وليحكموا بما أنزل الله فيه من إيجاب العمل بأحكام التوراة خلاف الظاهر.
{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكتاب بالحق} أي القرآن. {مُصَدِّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكتاب} من جنس الكتب المنزلة، فاللام الأولى للعهد والثانية للجنس. {وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ} ورقيباً على سائر الكتب يحفظه عن التغيير ويشهد له بالصحة والثبات، وقرئ على بنية المفعول أي هومن عليه وحوفظ من التحريف والحافظ له هو الله سبحانه وتعالى، أو الحفاظ في كل عصر. {فاحكم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ الله} أي بما أنزل الله إليك. {وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الحق} بالانحراف عنه إلى ما يشتهونه فعن صلة للاتتبع لتضمنه معنى لا تنحرف، أو حال من فاعله أي لا تتبع أهواءهم مائلاً عما جاءك. {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ} أيها الناس. {شِرْعَةً} شريعة وهي الطريق إلى الماء شبه بها الدين لأنه طريق إلى ما هو سبب الحياة الأبدية.
وقرئ بفتح الشين. {وَمِنْهَاجاً} وطريقاً واضحاً في الدين من نهج الأمر إذا وضح. واستدل به على أنا غير متعبدين بالشرائع المتقدمة. {وَلَوْ شَاءَ الله لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحدة} جماعة متفقة على دين واحد في جميع الأعصار من غير نسخ وتحويل، ومفعول لو شاء محذوف دل عليه الجواب، وقيل المعنى لو شاء الله اجتماعكم على الإسلام لأجبركم عليه. {ولكن لّيَبْلُوَكُمْ فِيمَا ءاتاكم} من الشرائع المختلفة المناسبة لكل عصر وقرن، هل تعملون بها مذعنين لها معتقدين أن اختلافها بمقتضى الحكمة الإلهية، أم تزيغون عن الحق وتفرِّطون في العمل. {فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ} فابتدروها انتهازاً للفرصة وحيازة لفضل السبق والتقدم. {إلى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً} استئناف فيه تعليل الأمر بالاستباق ووعد ووعيد للمبادرين والمقصرين. {فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} بالجزاء الفاصل بين المحق والمبطل والعامل والمقصر.
{وَأَنِ احكم بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ الله} عطف على الكتاب أي أنزلنا إليك الكتاب والحكم، أو على الحق أي أنزلناه بالحق وبأن احكم، ويجوز أن يكون جملة بتقدير وأمرنا أن أحكم. {وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ واحذرهم أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ الله إِلَيْكَ} أي أن يضلوك ويصرفوك عنه، وأن بصلته بدل من هم بدل الاشتمال أي احذر فتنتهم، أو مفعول له أي احذرهم مخافة أن يفتنوك. روي: «أن أحبار اليهود قالوا: اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه، فقالوا: يا محمد قد عرفت أنا أحبار اليهود وأنا إن اتبعناك اتبعنا اليهود كلهم، إن بيننا وبين قومنا خصومة فنتحاكم إليك فتقضي لنا عليهم ونحن نؤمن بك ونصدقك، فأبى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم» {فَإِن تَوَلَّوْاْ} عن الحكم المنزل وأرادوا غيره. {فاعلم أَنَّمَا يُرِيدُ الله أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ} يعني ذنب التولي عن حكم الله سبحانه وتعالى، فعبر عنه بذلك تنبيهاً على أن لهم ذنوباً كثيرة وهذا مع عظمه واحد منها معدود من جملتها، وفيه دلالة على التعظيم كما في التنكير ونظيره قول لبيد:
أَوْ يَرْتَبِطْ بَعْضُ النُّفُوسِ حِمَامُهَا ***
{وَإِنَّ كَثِيراً مّنَ الناس لفاسقون} لمتمردون في الكفر معتدون فيه.
{أَفَحُكْمَ الجاهلية يَبْغُونَ} الذي هو الميل والمداهنة في الحكم، والمراد بالجاهلية الملة الجاهلية التي هي متابعة الهوى. وقيل نزلت في بني قريظة والنضير طلبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحكم بما كان يحكم به أهل الجاهلية من التفاضل بين القتلى. وقرئ برفع الحكم على أنه مبتدأ، و{يَبْغُونَ} خبره، والراجع محذوف حذفه في الصلة في قوله تعالى: {أهذا الذي بَعَثَ الله رَسُولاً} واستضعف ذلك في غير الشَعر وقرئ أفحكم الجاهلية أي يبغون حاكماً كحكام الجاهلية يحكم بحسب شهيتهم. وقرأ ابن عامر {تبغون} بالتاء على قل لهم أفحكم الجاهلية تبغون. {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله حُكْماً لّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} أي عندهم، واللام للبيان كما في قوله تعالى: {هَيْتَ لَكَ} أي هذا الاستفهام لقوم يوقنون فإنهم هم الذين يتدبرون الأمور ويتحققون الأشياء بأنظارهم فيعلمون أن لا أحسن حكماً من الله سبحانه وتعالى.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال