سورة المائدة / الآية رقم 52 / تفسير تفسير الشعراوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الغَالِبُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ

المائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ(52)}
المجال هنا كان عن النهي عن اتخاذ أهل الكتاب أولياء من دون الله، ومن سمع هذا النهي وفي قلبه الإيمان نفّذ النصيحة. ولكن الذي طمس المرض- وهو النفاق- قلبه فهو الذي يتولاهم. وهو يسارع إلى هذه الولاية. ونعرف أن المسارعة هي تقليل الزمن في قطع المسافة الموصلة للغاية فإذا كانت هناك مسافة تقتضي السير لمدة خمس عشرة دقيقة فالمسارعة تفرض على الإنسان أن يقطعها في وقت أقل من ذلك. وهناك (يسارع إلى) و(يسارع في)، مثل قول الحق: {وسارعوا إلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ} [آل عمران: 133].
والغاية هنا هي المغفرة من الله وعلى المؤمن أن يسارع إليها، أما عندما يقال:(يسارع في كذا) أي أنه كان في الأصل منغمساً في هذا الموضوع. وعندما يقول الحق: {يُسَارِعُونَ فِيهِمْ} أي كانهم كانوا مع هؤلاء الكفار من البداية، ولذلك فالمسارعة في ظرفيتهم. وبذلك يتهافتون عليهم. والعلّة العامة أن في قلوبهم مرضاً جعلهم يبتكرون ويلفقون أسباباً، هذه الأسباب هي {نخشى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ}
والموالاة هنا من الخوف أن تدور الدوائر، ونحتاج إليهم لأن عندهم الأموال والسلاح، وهذا ما قاله المنافق عبدالله بن أبيّ؛ فقد قال: أنا رجل أخشى الدوائر. أي أنه يخشى الأحداث والمصائب. مثلما نقول: (الأيام دول). ولكن كلمة (دول) هي انتقالية وقد لا يكون فيها ضرر، أما (دوائر) فهي انتقالية فيها ضرر. وعكس ذلك ما قاله عبادة بن الصامت قال رضي الله عنه:
- أنا سآخذ ولاية الله ورسوله والمؤمنين وسأنفض عني ولاية اليهود والنصارى.
وأورد الحق قول المنافق: {نخشى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى الله أَن يَأْتِيَ بالفتح} وساعة نسمع كلمة (الفتح)، فلنعرف أدلّ مدلولاتها أنه الحكم. {رَبَّنَا افتح بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بالحق} [الأعراف: 89].
أي احكم يا رب بيننا وبينهم.
إذن فقوله الحق: {فَعَسَى الله أَن يَأْتِيَ بالفتح أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ} أي الحكم الذي يضع حدّاً لمسألة موالاة أهل الكتاب والذين لا يعلمون.
والأمر من عند الله هو حكم من الله أيضاً. يخاطب المؤمنين به. والمؤمن بالله له أعمال تؤدى كأسباب إلى مسببات، وقد يأتي للمؤمنين أشياء بدون مقدمات منهم، وهي الفضل من الله. إذن فعسى الله أن يأتي بالفتح، أي بأسباب أنتم تصنعونها وتعدّون ما استطعتم من عِدِّة وعُدَّة وتؤذونهم، ولذلك قال في آية أخرى: {فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ} [الحشر: 6].
مثال ذلك ما حدث لبني النضير، فكان الإجلاء، واستولى المسلمون على أرض بني قريظة، وهذا هو الفتح من عند الله. وسبحانه- إذن- يعامل المؤمنين معاملتين: الأولى أن يصنع المؤمنون مقدمات تؤدي إلى نتائج: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ الله بِأَيْدِيكُمْ} [التوبة: 14].
وهنا جعل الحق قتال المؤمنين سبباً، أما الثانية فهي الأمر من عنده بالنصرة بالربوبية.
وساعة تسمع (عسى) و(لعل) فهذا معناه الرجاء. والرجاء أن المتكلم يرجو أن يقع ما دخلت عليه (عسى). مثال ذلك قولنا:(عسى أن تكرم زيداً). ومن يقولها إنما يرجو سامعها أن يكرم زيداً، وهذا يعني أن القائل ليس في يده إكرام زيد. أما إذا قال القائل:(عسى الله أن يكرم زيداً)، فهذا نقل للرجاء من البشر إلى الله. والقائل هنا بشر ويتكلم عن بشر، والمرجو هو الله، وقدرة الله أوسع من كل قدرة. هنا ندخل في اتساع دائرة الرجاء فما بالنا إذا كان المتكلم هو الله؟ إذن فهذا إطماع من كريم لابد أن يتحقق.
ونتعرف بذلك على درجات الرجاء: رجاء من بشر لبشر، رجاء بشر من إله لبشر، رجاء إله من إله لبشر، ولأن الرجاء الأخير من المالك الأعلى لذاته فهو الذي يعطي {فَيُصْبِحُواْ على ما أَسَرُّواْ في أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} أي أنهم صاروا إلى الندم. وبذلك صار قولهم: {نخشى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ} هو كشف لما في قلوبهم من مرض النفاق، وقد خلعوا على المرض وعبروا عنه بهذا الكلام سترا لما في قلوبهم، فكأن الذي أسروه في نفوسهم هو كراهية هذا الدين وكراهية هذا المنهج وأنهم لا يحبون أن يستعلي هذا المنهج على غيره.
إذن فالحق سبحانه وتعالى يدلنا على أن القول الذي نشأ منهم: {نخشى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ} لم يكن هو السبب المباشر. ولكن السبب هو المرض في قلوبهم. والمرض: أنهم لا يحبون أن ينتصر منهج الإسلام؛ لأنهم يعيشون على ثروات المخالفين للدين، وساعة تكون السيطرة للإسلام ينتهي ثراؤهم. وكذلك كان أهل الكتاب في المدينة قبل أن يأتي الإسلام كانوا أصحاب العلم والمال والجاه، وكانت الأوس والخزرج يأخذون منهم المال بالربا ويشترون منهم السلاح، ويأخذون منهم العلم. ولما جاء الإسلام ضاع من اليهود كل ذلك فتمكن من قلوبهم المرض؛ لأن الإسلام سلبهم السلطة الزمنية، هذه السلطة التي جعلتهم يحرفون كتب الله. فإذا كانوا قد دخلوا مع الله في تحريف كتبه، أفلا يدخلون معكم- أيها المسلمون- في عداوة ويلبسون عليكم بأنهم يعينون وهم يُخَذِّلون؟
{فَيُصْبِحُواْ على ما أَسَرُّواْ في أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} وساعة يسمعون هذا القول الرباني وهو قرآن يتلى ويتعبد بتلاوته ويُقرأ في المساجد ويسمعونه، ولم يكن هناك فتح، ولم يكن هناك أمر، ويخبرهم الله بمصيرهم: {فَيُصْبِحُواْ على ما أَسَرُّواْ في أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} ومعنى ذلك أنه سبحانه كتب الذي في نفوسهم. مثلما قال من قبل: {وَيَقُولُونَ في أَنفُسِهِمْ}. أي أنهم قالوا في أنفسهم وسمعهم الخالق. ولو لم يقولوا في أنفسهم لأعلنوا أنهم لم يقولوا ذلك، لكنهم بهتوا حين كشفهم الحق وفضحهم وسجل ما في أنفسهم وأورد مضمون القول، وكان من اللازم أن يعترفوا بمضمون القول، وكان لابد لهم أن يتجهوا إلى الإيمان. لكنهم لم يفعلوا فصاروا إلى الندم. بنص الآية التي نزلت قبل أن يأتي فتح أو أمر من الله.
ويقول الحق بعد ذلك: {وَيَقُولُ الذين آمَنُواْ...}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال