سورة البقرة / الآية رقم 67 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الخَاسِرِينَ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الجَاهِلِينَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (67) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ (68) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ (71) وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها وَاللَّهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73) ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74)}.
التفسير:
وهذا موقف آخر من مواقف العنت والعناد، من هؤلاء القوم مع اللّه، ومع آيات اللّه، حيث لا تزيدهم الآيات إلا كفرا، ولا يزيدهم النور إلا عمى.
لقد قتل في القوم قتيل فادّارءوا فيه: أي اختلفوا في التعرف على قاتله، إذ رمى بعضهم بعضا به، ودفع بعضهم بعضا إلى موقف الاتهام فيه.
ولجأ القوم إلى موسى يسألونه آية تنطق القتيل باسم قاتله، وهم يريدون بهذا أولا وقبل كل شىء، امتحانا لموسى، واستيقانا من دعواه أنه رسول اللّه، وكليم اللّه!.
وتجىء آية اللّه من وراء ما يقدّر القوم، فتدور لها رءوسهم، وتضطرب لها عقولهم.
يقول لهم موسى ما أمره اللّه به: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}! ويذهل القوم ويدهشون! ما للقتيل والتعرف على قاتله وهذه البقرة التي يؤمرون بذبحها؟ المسافة كما تبدو في ظاهر الأمر.. بعيدة جدا، بين السؤال وجوابه، وبين المطلوب والأسباب الموصلة إليه! ثم إنهم طلبوا آية، فهل في أن تذبح بقرة من البقر آية؟.
ويرى القوم كأن موسى يعبث بهم، فيقولون له: {أَتَتَّخِذُنا هُزُواً}؟
فيجيبهم: {أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ} إن العبث لا يكون إلا عن جهل، ولا يقع إلا من جهّال، وهو نبى معصوم، توجهه السماء، فلا يضل ولا يهزل!! ولا يجد القوم في هذا مقنعا، ويذهب بهم جهلهم وحمقهم إلى أن البقرة المطلوبة ليست مجرد بقرة، وإنما هى على أوصاف نادرة لا تتحقق إلا فيها، حتى يمكن أن تتخلّق منها الآية التي طلبوها.. هكذا فكروا وقدّروا.
{قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ؟} لقد جمعوا بين الجهل والسفاهة، فأبوا أن يقولوا {ادع لنا ربنا} وقالوا: {ادْعُ لَنا رَبَّكَ} وكأنه ربّ موسى وليس ربا لهم! ومع هذا فقد أجابهم اللّه إلى ما طلبوا: {قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ، عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ} أي هى من أواسط البقر في سنها، ليست كبيرة ولا صغيرة.. والفارض هى التي ولدت مرات كثيرة، والبكر، التي لم تلد بعد.. فهى وسط بين هذين الطرفين.
وفى قوله تعالى: {فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ} تنبيه لهم.. إن كانوا يعقلون.
أن ينتهوا عند هذا، وألا يطلبوا وراء هذه الصفات صفات أخرى.
ولكن يأبى القوم إلا أن يلبسوا بقرتهم أثوابا لا ترى على كثير من البقر.
فعادوا إلى موسى يسألونه: {ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها} وفى كل مرة يقولون {ربّك} ولا يقولون {ربّنا} ويجيبهم الرحمن الرحيم إلى ما طلبوا: {إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} ولم يدعهم في هذه المرة إلى أن يفعلوا ما يؤمرون، بل تركهم وما تختار لهم أنفسهم من ركوب هذا المركب الخشن، حتى تحفى أقدامهم وتنهدّ قواهم! ويعودون إلى موسى مرة أخرى: {ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ، إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا}!! والبقر هو البقر.. يشبه بعضه بعضا، ولكنهم يريدونها بقرة لا شبيه لها.. بقرة خلقها الخالق لهذا المطلب، ولم يخلق مثلها..!
ويجيئهم أمر اللّه: {إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ، وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ، مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها} أي إنها بقرة لم يذللها العمل، بل هى بقرة بريّة مرسلة، لم تستخدم في حرث الأرض، ولا في سقى ما يحرث من الأرض، ثم هى بريئة من كل عيب يدخل عليها في أعضائها، أو في لونها: {مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها}.
وهنا يجد القوم أن بقرتهم قد لبست أوصافا لا تكاد تقع إلا في القليل النادر، فيجدّون في البحث عنها، وهم سعداء بهذا الجري اللاهث وراءها.
ويلقون إلى موسى بتلك الفرحة التي ملأت صدورهم، قبل أن يعثروا عليها {الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ}!! الآن فقط! كأنه إنما كان في كل ما جاءهم به من قبل عن هذه البقرة وغيرها، ليس مما هو حق، بل باطل وعبث! {فذبحوها، وما كادوا يفعلون} أي أنهم لم يكادوا يجدون بقرة على تلك الصفة، أو أنهم حين وجدوها صغرت في أعينهم، فكادوا ينصرفون عنها، ويطلبون أوصافا أخرى لبقرة غيرها! فانظر كيف يستبدّ بهم اللجاج والعناد، وكيف يوردهم لجاجهم وعنادهم موارد التّيه والضلال، ولو أنهم امتثلوا ما أمروا به من أول الأمر، وعمدوا إلى أية بقرة من البقر لكانوا قد أدوا ما أمروا به، وكفوا أنفسهم مئونة هذا العناء.
وإذ يذبحون البقرة يفتحون أعينهم وأفواههم إلى موسى قائلين له: ماذا بعد ذلك؟ ويجيئهم الجواب: {فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى، وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}.
ويضرب الميت ببعض لحم البقرة، فتعود إليه الحياة، وينطق باسم قاتله، ثم يعود إلى عالم الموتى، إلى يوم يبعثون! بقدرة اللّه قام هذا الميت، وليس للبقرة ولا لذبحها وضربه ببعض لحمها علاقة بهذه الحياة التي عادت إليه، فقدرة اللّه فوق الأسباب جميعها، ولكن مطلوب من الناس أن يعملوا، وأن يتحركوا إلى الغايات التي ينشدونها، وأن يعلموا أن الأسباب الظاهرة التي يتخذونها طريقا إلى المسببات، ليست هى العاملة في النتائج التي يحصلون عليها، فقد يقدّر المرء أسبابا يراها منتجة لثمرة بعينها، فيقع الأمر على خلاف ما قدر.. فالتلازم بين الأسباب والمسببات مرهون بإرادة اللّه، وبقدرة اللّه.
والملاحظ في هذه القصة- قصة البقرة- أن النظم القرآنى لها، قد قلب أحداثها، فقدّم ما حقه التأخير، وأخر ما من شأنه أن يقدم.. إذ أمر القوم بذبح البقرة بعد أن وقع حادث القتل، وبعد أن تراموا بالتهم فيه، ولكن- وكما يبدو من سياق النظم- أمروا بذبح البقرة أمرا يبدو كأنه لا لغاية يقصد لها، ثم أخذوا في اللجاج والتخبط إلى أن عثروا على البقرة التي استكثروا من أوصافها، وذبحوها.. وهنا، ولأول مرة- تتضح الصلة بين ذبح البقرة وهذا القتيل الذي يؤمرون بضربه ببعضها! وهذا لون من ألوان النكال بالقوم، عقابا لعنادهم وكفرهم بآيات اللّه، إذ يرمون بهذا التيه، حتى وهم في آية من آيات اللّه، لأنهم سيمكرون بها كما مكروا بغيرها مما سبقها، أو مما سيلحق بها، وهذا ما أخبر اللّه سبحانه وتعالى عنه، بعد تلك القصة مباشرة: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ، فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} إنها قلوب لا تلتقى مع الخير أبدا، ولا تنتفع به إذا هو طاف بها وطرق بابها!!




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال