سورة المائدة / الآية رقم 96 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ البَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ البَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ جَعَلَ اللَّهُ الكَعْبَةَ البَيْتَ الحَرَامَ قِيَاماً لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ البَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ قُل لاَّ يَسْتَوِي الخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ القُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلاَ سَائِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ

المائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (95) أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96)}.
التفسير:
ما زالت الآيات، تتحدث إلى المؤمنين، ويناديهم الحق سبحانه وتعالى بهذه الصفة، صفة الإيمان، فيما يشرّع لهم من حدود ما يطعمون من طيبات، وما يتجنبون من خبائث.
وواضح من هذا، عناية الشريعة الإسلامية بهذا الأمر، والتفاتها إليه، والتقاؤها بالمسلمين على كل طريق يكون لهم فيه داع يدعوهم إلى مطعوم أو مشروب.
ذلك أن أكثر ما يبتلى به المؤمنون في دينهم ما كان مورده من جهة طعامهم.. إذ الطعام قوام الحياة، وإليه ينصرف أكثر جهد الإنسان وعمله، فإذا لم يتحرّ الحلال فيما يأكل، لم يتحرّ الحق فيما يعمل ويكسب.. ولهذا أعطى اللّه سبحانه وتعالى صفة الأكل لكل مال يقع ليد الإنسان من حرام، فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} [10: النساء] وقال سبحانه: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ} [275: البقرة] وقال: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [188: البقرة].
من أجل هذا كانت عناية الشريعة تلك العناية البالغة ببيان الحلال والحرام، من طعام الإنسان وشرابه، ليقيم وجهه على ما أحلّ اللّه له من طيبات. وليعرض عما حرّم عليه من خبائث.
وفى هاتين الآيتين يبيّن اللّه سبحانه وتعالى للمؤمنين حكم الصيد، وما لهم منه، وما عليهم فيه، وهم محرمون.
فيقول سبحانه وتعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} والخطاب للمؤمنين، لأنهم أهل لأن يستمعوا لهذا النداء الكريم، وأن يستجيبوا له، وهم متحلّون بهذه الصفة، صفة الإيمان، وإلا فقد آذنوا أنفسهم بأن يتخلّوا عنها، وأن يكونوا من غير جماعة المؤمنين.
والمراد بالصيد المنهي عن صيده هنا، هو صيد البرّ، ويكشف عن هذا المراد قوله تعالى {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ} لأن صيد البحر لا يقتل، وإنما الذي يقتل هو صيد البر، كما يكشف عنه قوله تعالى بعد ذلك: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ...}.
فهو استثناء وارد على تحريم الصيد، وبهذا يعرف المراد من الصيد المنهي عن صيده، وهو صيد البر.
والنهى عن صيد حيوان البر مقيد بحال الإحرام فقط، أما بعد أن يتحلل المسلم من إحرامه فالصيد مباح له.
وقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} وهو بيان للكفارة الواجبة، والدية المطلوبة من كل من قتل صيدا متعمدا وهو محرم.
وهذه الدية لا تفى بالمطلوب إلا إذا كانت مثل الحيوان المقتول، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: {فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} أي فجزاء القاتل أن يغرم حيوانا مثل هذا الحيوان الذي قتله، إن لم يكن مثله عينا كان مثله قيمة وثمنا.
وقوله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ} هو بيان للعملية التي يتم بها تقويم الحيوان الذي قتل، وتحديد قيمته.. وذلك يكون بالرجوع إلى رجلين عدلين لهما نظر وخبرة، يحتكم إليهما في تقدير قيمة هذا الحيوان.
وقوله تعالى: {هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ} هو حال من الضمير في {به} الذي يعود إلى قوله تعالى: {فَجَزاءٌ}.
أي أن ما يحكم به الحكمان يساق هديا إلى إلى البيت الحرام {بالغ الكعبة} أي مساقا إلى الكعبة.
وقوله تعالى: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً} هو تخيير فيما يجبر به هذا الذنب، ويقع كفارة له.. فالكفارة إما أن تكون هدايا يساق إلى الكعبة أي البيت الحرام، مقدّرا قيمته بقيمة الحيوان الذي قتل، وإما أن يكون بإطعام مساكين بقدر هذه القيمة، وإما بصيام يعدل ما كان يمكن أن يطعم من مساكين، من قيمة هذا الصيد المقتول.
وهل يكون حساب الصوم باعتبار اليوم الواحد مقابلا لإطعام مسكين واحد، كما في قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ}، أو أن يكون الحساب قائما على أن يكون صوم كل ثلاثة أيام مقابلا لإطعام عشرة مساكين، كما قوله تعالى: {إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ، أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ}؟ وهل يكون الصوم هنا متتابعا متصلا، أو مفرّقا غير متصل؟
والذي عليه أكثر المفسرين والفقهاء أن يكون الصوم يوما واحدا، في مقابل كل مسكين يمكن أن يطعم من قيمة الحيوان المقتول.
كما أنّ الذي عليه الرأى في إفراد الصيام أو تتابعه، أن يكون باختيار الصائم، إن شاء أفرد أو إن شاء تابع ووصل.
كذلك اتفق رأى المفسرين والفقهاء على أن قتل الصيد خطأ من المحرم، يلحق بقتله عمدا منه، حيث ثبت عندهم أن السّنة ألحقت قتل الخطأ بالقتل العمد في هذا المقام.
وأمر آخر.. لم اختلف النظم في قوله تعالى: {هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً}؟ ولم لم يكن العطف عطف نسق بين قوله تعالى: {هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ} وبين ما بعده.. {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً}؟ أو بمعنى آخر.. لم كان العطف على القطع، ولم يكن على النسق. مع أن الأمر على التخيير فيها جميعا بحيث يجزىء أىّ منها.. الهدى، أو الإطعام، أو الصيام؟
والجواب على هذا:
أولا: أن تقويم قيمة الصّيد المقتول يكون منظورا فيه إلى حيوان آخر مثله، قيمة وقدرا، وأن ذلك الحيوان هو الأصل في الموازنة بينه وبين الحيوان المقتول، فكان من الحكمة استحضاره في تلك الحال، وجعله حالا قائمة في نظر الحكمين اللذين يرجع إليهما في الحكم في هذا الأمر.. وذلك من شأنه أن يجعل الحيوان المقتول، والحيوان المنظور إلى إحلاله محله في مجال نظر الحكمين، مما يجعل حكمهما أقرب إلى الصحة والسلامة.
وثانيا: تأسيسا على هذا يصبح الحيوان الذي يساق هديا إلى الكعبة أصلا يقاس عليه، عند العدول إلى غيره، مما يساوى قيمته، من إطعام مساكين، أو صيام أيام تعادل ما يطعم من مساكين. ويكون تقدير النظم القرآنى على هذا الوجه يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة، أو ما يقوم مقامه من إطعام مساكين، أو ما يعدل إطعامهم من صيام. ومن هنا كان القطع لازما، بعد تقرير الحكم، وتقدير الحيوان الذي يحلّ محلّ الصيد المقتول.
وفى قوله تعالى: {لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ} الفاعل هنا هو المحرم الذي قتل الصيد، والوبال: هو السوء والضرّ، ومنه قولهم طعام وبيل، وماء وبيل، إذا كانا فاسدين لم تسفهما النفس، ومن ذلك قوله تعالى في فرعون: {فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلًا} [16: المزمل].
وفى قوله تعالى: {لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ} تشنيع على الاعتداء على حرمات اللّه، وعلى العدوان على من لاذبحماه، ولو كان حيوانا أحل اللّه ذبحه وأكله، فمن فعل ذلك فقد عرّض نفسه لبلاء شديد يلقاه من عذاب اللّه.
وتظهر بشاعة هذا الفعل، وشناعته من وجوه:
فأولا: هذه الكفارة التي تقدّم بها قاتل الصيد في الحرم، أو وهو محرم- هذه الكفارة عن تقديم هدى مثله إلى الكعبة أو إطعام مساكين أو صيام-
لم تكن لتغسل هذا الدّم الذي أريق، فمازال عالقا بمن أراقه بعض الإثم، ولهذا جاء التعبير القرآنى- في أعقاب تقديم هذه القربات- بهذا اللفظ المؤذن بأن تلك القربات كانت ضربا من العقاب والنكال لمن قدمها: {لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ..}.
وثانيا: أن الشريعة هنا لم تعف القتل الخطأ من إلحاقه بالعمد، وأخذ القاتل خطأ بما أخذ به القاتل عمدا.
وفى ذلك ما يشعر بأن القاتل عمدا هنا أشبه بمن قتل نفسا مؤمنة عمدا، وأنه إذا كان قد أخذ بما أخذ به القاتل خطأ، فذلك من فضل اللّه ورحمته بعباده.
فالشريعة الإسلامية قد رفعت الإثم عمّا وقع من المسلم خطأ من المنكرات.
ولكنها في باب الدماء، قد جعلت للخطأ وضعا خاصا، فلم تعف الذي قتل نفسا خطأ من الأخذ بشىء من العقاب، صيانة لدم الإنسان، وتكريما له أن أن يذهب هدرا من غير حساب.
{وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} [91: النساء] وقد ألحق الحيوان اللائذ بحمى اللّه، بالإنسان.. وفى ذلك ما يوقع في نفس المسلم كثيرا من التأثم والتحرج لأيّة قطرة دم تراق بغير حقّ، ولو كانت دم حيوان! ثالثا: في التعبير عن صيد الحيوان بالقتل في قوله تعالى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}- في هذا ما يشعر بأن عملية الصيد في هذا الموطن، وفى تلك الحال هى عملية قتل.
تلك الكلمة التي تثير في النفس مشاعر القتل الذي يقع على الإنسان، والذي يكاد يكون لفظا خاصا به.
وإذا ذكرنا أن الأمة العربية- في جاهليتها- كانت مستخفة بالدماء، مستبيحة لحرماتها، مستهينة بإزهاق الأرواح وإراقة الدماء- إذا عرفنا ذلك- لم نستغرب، ولم ندهش لهذا التدبير الحكيم في أخذ النّاس بتلك الأحكام في قتل الحيوان، في حال ما، وهو الذي أبيح ذبحه وأكله، في غير هذه الحال، فما كان لمجتمع ألف الولوغ في دم الإنسان، أن تنتزع منه هذه المشاعر المتحجرة إلا بمثل هذا الأدب السماوي الحكيم.
ثم إن هذا الأدب، لن يبطل حكمه، ولن تفتقد حكمته في أي مجتمع، وفى أي زمان أو مكان.. فالناس هم الناس، في عدوان بعضهم على بعض، وفى إراقة بعضهم دم بعض.. وحسب هذه الحروب المشبوبة اليوم، في كل آفاق الأرض، وما يراق فيها من دماء، وما يزهق فيها من أرواح- شاهدا على أن الناس هم اليوم أشد حاجة إلى هذا الأدب السماوي من حاجة العرب الجاهليين إليه.
وقوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ} هو رفع للحرج، وغسل الإثم الذي وقع لبعض المسلمين من قتل الصيد عمدا أو خطأ، قبل أن ينزل هذا الحكم، ويصبح أمرا ملزما، بعد أن بلّغه الرسول، وعرفه المسلمون.
قوله تعالى: {وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ} هو وعيد لمن تجاوز اللّه سبحانه وتعالى له، عما كان منه من هذا الأمر، قبل أن يأتى حكم اللّه فيه، ثم وقع منه هذا المحظور بعد النهى عنه.. فهو حينئذ معرّض لنقمة اللّه، واقع تحت عقابه.. {وَاللَّهُ عَزِيزٌ} لا يفلت من سلطانه أحد {ذُو انْتِقامٍ} يأخذ بمن اعتدى على حرماته، بنقمته، وعذابه.
قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} هو بيان من اللّه سبحانه وتعالى، يفرّق به بين حكم صيد البرّ وصيد البحر.. فإذا كان صيد البر قد أقيم عليه هذا الحظر في حال الإحرام، فإن صيد البحر حلّ مباح، لا حرج على المحرم أن ينال منه ما يشاء، فيصطاده، ويبيعه، ويأكل منه.. {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ} أي والأكل منه.. {مَتاعاً لَكُمْ} أي زادا لكم تتزودن به، وتطعمون منه.. {وَلِلسَّيَّارَةِ} أي وللسائرين الذين ليسوا في حال إحرام.. أي أن صيد حيوان البحر يستوى فيه المحرم وغير المحرم، حيث لم يكن للإحرام أثر في هذا النوع مما يصاد من حيوان.
وقوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً} هو توكيد لحرمة صيد البر في حال الإحرام، واحتراس من أن يكون رفع الحظر عن صيد البحر مؤذنا يرفع الحظر عن صيد البر، الذي تقرر حكمه من قبل، وفى هذا مزيد عناية بتقرير هذا الحكم الواقع على صيد البر وحراسة له من أن يقع فيه لبس، أو شك، ولو على سبيل الاحتمال البعيد.
وقوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} هو حراسة مشدّدة على الحدّ الذي أقامه اللّه سبحانه وتعالى على حرمة صيد البرّ في حال الإحرام أو في الحرم.. وتلك الحراسة هى الخوف من اللّه، والتحذير من عقابه للخارجين على حدوده، والمعتدين على حرماته.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال