سورة الأنعام / الآية رقم 7 / تفسير تفسير النسفي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ

الأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعام




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{الحمد للَّهِ} تعليم اللفظ والمعنى مع تعريض الاستغناء أي الحمد له وإن لم تحمدوه {الذى خَلَقَ السماوات والأرض} جمع السموات لأنها طباق بعضها فوق بعض. والأرض وإن كانت سبعة عند الجمهور فليس بعضها فوق بعض بل بعضها موال لبعض. {جعل} يتعدى إلى مفعول واحد إذا كان بمعنى أحدث وأنشأ كقوله {وَجَعَلَ الظلمات والنور} وإلى مفعولين إن كان بمعنى (صير) كقوله {وَجَعَلُواْ الملئكة الذين هُمْ عِبَادُ الرحمن إناثا} [الزخرف: 19] وفيه رد قول الثنوية بقدم النور والظلمة، وأفرد النور لإرادة الجنس ولأن ظلمة كل شيء تختلف باختلاف ذلك الشيء، نظيره ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة الموضع المظلم يخالف كل واحد منها صاحبها، والنور ضرب واحد لا يختلف كما تختلف الظلمات، وقدم الظلمات لقوله عليه السلام: «خلق اللّه خلقه في ظلمة ثم رش عليهم من نوره فمن أصابه ذلك النور اهتدى ومن أخطأه ضل» {ثْمَّ الذين كَفَرُواْ} بعد هذا البيان {بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} يساوون به الاوثان، تقول عدلت بذا أي ساويته به، والباء في {بِرَبِّهِمْ} لا للكفر، أو ثم الذين كفروا بربهم يعدلون عنه أي يعرضرن عنه فتكون الباء صلة للكفر وصلة {يَعْدِلُونَ} أي عنه محذوفة، وعطف {ثْمَّ الذين كَفَرُواْ} على {الحمد للَّهِ} على معنى أن الله حقيق بالحمد على ما خلق إلا نعمة، ثم الذين كفروا به يعدلون فيكفرون نعمته، أو على خلق السماوات على معنى أنه خلق ما خلق مما لا يقدر عليه أحد سواه ثم هم يعدلون به ما لا يقدر على شيء منه. ومعنى {ثم} استبعاد أن يعدلوا به بعد وضوح آيات قدرته. {هُوَ الذي خَلَقَكُمْ مِّن طِينٍ} {من} لابتداء الغاية أي ابتداء خلق أصلكم يعنى آدم منه {ثُمَّ قضى أَجَلاً} أي حكم أجل الموت {وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ} أجل القيامة، أو الأول ما بين أن يخلق إلى أن يموت، والثاني ما بين الموت والبعث وهو البرزخ. أو الأول، والثاني الموت، أو الثاني هو الأول وتقديره: وهو أجل مسمى أي معلوم، و{أَجَلٍ مُّسَمًّى} مبتدأ والخبر {عِندَهُ} وقدم المبتدأ وإن كان نكرة والخبر ظرفاً وحقه التأخير لأنه تخصص بالصفة فقارب المعرفة {ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ} تشكون من المرية أو تجادلون من المراء. ومعنى {ثم} استبعاد أن يمتروا فيه بعد ما ثبت أنه محييهم ومميتهم وباعثهم {وَهُوَ الله} مبتدأ وخبر {السماوات وَفِي الأرض} متعلق بمعنى اسم الله كأنه قيل: وهو المعبود فيهما كقوله {وَهُوَ الذي فِي السماء إله وَفِي الأرض إله}
[الزخرف: 84] أو المعروف بالإلهية فيهما، أو هو الذي يقال له الله فيهما، والأول تفريع على أنه مشتق وغيره على أنه غير مشتق {يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ} خبر بعد خبر أو كلام مبتدأ أي هو يعلم سركم وجهركم {وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} من الخير والشر ويثيب عليه ويعاقب، و{من} في {وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ ءَايَةٍ} للاستغراق وفي {مِّنْ ءايات رَبِّهِمْ} للتبعيض أي وما يظهر لهم دليل قط من الأدلة التي يجب فيها النظر والاعتبار {إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ} تاركين للنظر لا يلتفتون إليه لقلة خوفهم وتدبرهم في العواقب {فَقَدْ كَذَّبُواْ} مردود على كلام محذوف كأنه قيل: إن كانوا معرضين على الآيات فقد كذبوا {بالحق لَمَّا جَاءَهُمْ} أي بما هو أعظم آية وأكبرها وهو القرآن الذي تُحدوا به فعجزوا عنه {فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أنباؤا مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ} إي أنباء الشيء الذي كانوا به يستهزءون وهو القرآن أي أخباره وأحواله يعني سيعلمون بأي شيء استهزؤوا وذلك عند إرسال العذاب عليهم في الدنيا، أو يوم القيامة، أو عند ظهور الإسلام وعلو كلمته.
{أَلَمْ يَرَوْاْ} يعني المكذبين {كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مّن قَرْنٍ} هو مدة انقضاء أهل كل عصر وهو ثمانون سنة أو سبعون {مكناهم} في موضع جر صفة ل {قرن} وجمع على المعنى {فِي الأرض ما لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ} التمكين في البلاد إعطاء المكنة والمعنى: لم نعط أهل مكة نحو ما أعطينا عاداً وثمود وغيرهم من البسطة في الأجسام والسعة في الأموال والاستظهار بأسباب الدنيا {وَأَرْسَلْنَا السماء} المطر {عَلَيْهِم مِّدْرَاراً} كثيراً وهو حال من السماء {وَجَعَلْنَا الأنهار تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ} من تحت أشجارهم والمعنى عاشوا في الخصب بين الأنهار والثمار وسقيا الغيث المدرار {فأهلكناهم بِذُنُوبِهِمْ} ولم يغن ذلك عنهم شيئاً {وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً ءَاخَرِينَ} بدلاً منهم {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كتابا} مكتوباً {فِي قِرْطَاسٍ} في ورق {فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ} هو للتأكيد لئلا يقولوا سكرت أبصارنا ومن المحتج عليهم العمى {لَقَالَ الذين كَفَرُواْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ} تعنتاً وعناداً للحق بعد ظهوره {وَقَالُواْ لَوْلآ} هلا {أُنزِلَ عَلَيْهِ} على النبي صلى الله عليه وسلم {مَلَكٌ} يكلمنا أنه نبي فقال الله {وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ الأمر} لقضي أمر هلاكهم {ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ} لا يمهلون بعد نزوله طرفة عين لأنهم إذا شاهدوا ملكاً في صورته زهقت أرواحهم من هول ما يشاهدون. ومعنى {ثم} بعدما بين الأمرين قضاء الأمر وعدم الإنظار، جعل عدم الإنظار أشد من قضاء الأمر لأن مفاجأه الشدة أشد من نفس الشدة {وَلَوْ جعلناه مَلَكاً} ولو جعلنا الرسول ملكاً كما اقترحوا لأنهم كانوا يقولون تارة لولا أنزل على محمد ملك، وتارة يقولون ما هذا إلا بشر مثلكم ولو شاء ربنا لأنزل ملائكة {لجعلناه رَجُلاً} لأرسلناه في صورة رجل كما كان جبريل عليه السلام ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أعم الأحوال في صورة دحية، لأنهم لا يبقون مع رؤية الملائكة في صورهم {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ} ولخلطنا وأشكلنا عليهم من أمره إذا كان سبيله كسبيلك يا محمد، فإنهم يقولون إذا رأوا الملك في صورة الإنسان هذا إنسان وليس بملك.
يقال لبست الأمر على القوم وألبسته إذا أشبهته وأشكلته عليهم.
ثم سلى نبيه على ما أصابه من استهزاء قومه بقوله {وَلَقَدِ استهزئ بِرُسُلٍ مّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بالذين سَخِرُواْ مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ} فأحاط بهم الشيء الذي كانوا يستهزئون به وهو الحق حيث أهلكوا من أجل استهزائهم به و{منهم} متعلق ب {سخروا} كقوله {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ} [التوبة: 79] والضمير للرسل والدال مكسورة عند أبي عمرو وعاصم لا لتقاء الساكنين، وضمها غيرهما إتباعاً لضم التاء {قُلْ سِيرُواْ فِي الأرض ثُمَّ انظروا كَيْفَ كَانَ عاقبة المكذبين} والفرق بين فانظروا وبين {ثُمَّ انظروا} إن النظر جعل مسبباً عن السير في {فانظروا} فكأنه قيل: سيروا لأجل النظر ولا تسيروا سير الغافلين. ومعنى {سِيرُواْ فِي الأرض ثُمَّ انظروا} إباحة السير في الأرض للتجارة وغيرها وإيجاب النظر في آثار الهالكين على ذلك ب {ثم} لتباعد ما بين الواجب والمباح {قُل لِّمَن مَّا فِي السماوات والأرض} {من} استفهام و{ما} معنى الذي في موضع الرفع على الابتداء و{لمن} خبره {قُل لِلَّهِ} تقرير لهم أي هو لله لا خلاف بيني وبينكم، ولا تقدرون أن تضيفوا منه شيئاً إلى غيره {كَتَبَ على نَفْسِهِ الرحمة} أصل كتب أوجب ولكن لا يجوز الإجراء على ظاهره إذ لا يجب على الله شيء للعبد، فالمراد به أنه وعد ذلك وعداً مؤكداً وهو منجزه لا محالة. وذكر النفس للاختصاص ورفع الوسائط، ثم أوعدهم على إغفالهم النظر وإشراكهم به من لا يقدر على خلق شيء بقوله {لَيَجْمَعَنَّكُمْ إلى يَوْمِ القيامة} فيجازيكم على إشراككم {لاَ رَيْبَ فِيهِ} في اليوم أو في الجمع {الذين خَسِرُواْ أَنفُسَهُم} نصب على الذم أي أريد الذين خسروا أنفسهم باختيارهم الكفر {فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} وقال الأخفش: {الذين} بدل من {كم} في {لَيَجْمَعَنَّكُمْ} أي ليجمعن هؤلاء المشركين الذين خسروا أنفسهم والوجه هو الأول لأن سيبويه قال: لا يجوز (مررت بي المسكين ولا بك المسكين) فتجعل (المسكين) بدلاً من الياء أو الكاف لأنهما في غاية الوضوح فلا يحتاجان إلى البدل والتفسير.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال