سورة الأنعام / الآية رقم 28 / تفسير تفسير الرازي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُوا يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ وَلَوْ تَرَى إِذْ وَقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا العَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاءَ مَا يَزِرُونَ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِن نَّبَأِ المُرْسَلِينَ وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الجَاهِلِينَ

الأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعام




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (27) بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (28)}
اعلم أنه تعالى لما ذكر صفة من ينهى عن متابعة الرسول عليه الصلاة والسلام، وينأى عن طاعته بأنهم يهلكون أنفسهم شرح كيفية ذلك الهلاك بهذه الآية وفيها مسائل:
المسألة الأولى: قوله: {وَلَوْ تَرَى} يقتضي الله جواباً وقد حذف تفخيماً للأمر وتظيماً للشأن، وجاز حذفه لعلم المخاطب به وأشباهه كثيرة في القرآن والشعر. ولو قدرت الجواب، كان التقدير: لرأيت سوء منقلبهم أو لرأيت سوء حالهم وحذف الجواب في هذه الأشياء أبلغ في المعنى من إظهاره، ألا ترى: أنك لو قلت لغلامك، والله لئن قمت إليك وسكت عن الجواب، ذهب بفكره إلى أنواع المكروه، من الضرب، والقتل، والكسر، وعظم الخوف ولم يدر أي الأقسام تبغي.
ولو قلت: والله لئن قمت إليك لأضربنك فأتيت بالجواب، لعلم أنك لم تبلغ شيئاً غير الضرب ولا يخطر بباله نوع من المكروه سواه، فثبت أن حذف الجواب أقوى تأثيراً في حصول الخوف.
ومنهم من قال جواب {لَوْ} مذكور من بعض الوجوه والتقدير ولو ترى إذ وقفوا على النار ينوحون ويقولون يا ليتنا نرد ولا نكذب.
المسألة الثانية: قوله: {وُقِفُواْ} يقال وقفته وقفاً، ووقفته وقوفاً كما يقال رجعته رجوعاً.
قال الزجاج: ومعنى {وُقِفُواْ عَلَى النار} يحتمل ثلاثة أوجه: الأول: يجوز أن يكون قد وقفوا عندها وهم يعاينونها فهم موقوفون على أن يدخلوا النار.
والثاني: يجوز أن يكونوا وقفوا عليها وهي تحتهم، بمعنى أنهم وقفوا فوق النار على الصراط، وهو جسر فوق جهنم.
والثالث: معناه عرفوا حقيقتها تعريفاً من قولك وقفت فلاناً على كلام فلان؛ أي علمته معناه وعرفته، وفيه وجه رابع: وهم أنهم يكونون في جوف النار، وتكون النار محيطة بهم، ويكونون غائصين فيها وعلى هذا التقدير فقد أقيم (على) مقام (في) وإنما صح على هذا التقدير، أن يقال: وقفوا على النار، لأن النار دركات وطبقات، وبعضها فوق بعض فيصح هناك معنى الاستعلاء.
فإن قيل: فلماذا قال: {وَلَوْ تَرَى}؟ وذلك يؤذن بالاستقبال ثم قال بعده إذ وقفوا وكلمة {إِذْ} للماضي ثم قال بعده، فقالوا وهو يدل على الماضي.
قلنا: أن كلمة (إذ) تقام مقام (إذا) إذا أراد المتكلم المبالغة في التكرير والتوكيد، وإزالة الشبهة لأن الماضي قد وقع واستقر، فالتعبير عن المستقبل باللفظ الموضوع للماضي، يفيد المبالغة من هذا الاعتبار.
المسألة الثالثة: قال الزجاج: الامالة في النار حسنة جيدة، لأن ما بعد الألف مكسور وهو حرف الراء، كأنه تكرر في اللسان فصارت الكسرة فيه كالكسرتين.
أما قوله تعالى: {فَقَالُواْ ياليتنا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بئايات رَبّنَا وَنَكُونَ مِنَ المؤمنين} ففيه مسائل:
المسألة الأولى: {يا ليتنا نُرَدُّ} يدل على أنهم قد تمنوا أن يردوا إلى الدنيا.
فأما قوله: {وَلاَ نُكَذّبَ بئايات رَبّنَا وَنَكُونَ مِنَ المؤمنين} ففيه قولان:
أحدهما: أنه داخل في التمني والتقدير أنهم تمنوا أن يردوا إلى الدنيا ولا يكونوا مكذبين وأن يكونوا مؤمنين.
فإن قالوا هذا باطل لأنه تعالى حكم عليهم بكونهم كاذبين بقوله في آخر الآية {وَإِنَّهُمْ لكاذبون} والمتمني لا يوصف بكونه كاذباً.
قلنا: لا نسلم أن المتمني لا يوصف بكونه كاذباً لأن من أظهر التمني، فقد أخبر ضمناً كونه مريداً لذلك الشيء فلم يبعد تكذيبه فيه، ومثاله أن يقول الرجل: ليت الله يرزقني مالاً فأحسن إليك، فهذا تمن في حكم الوعد، فلو رزق مالاً ولم يحسن إلى صاحبه لقيل إنه كذب في وعده.
القول الثاني: أن التمني تمّ عند قوله: {ياليتنا نُرَدُّ} وأما قوله: {وَلاَ نُكَذّبَ بئايات رَبّنَا وَنَكُونَ مِنَ المؤمنين} فهذا الكلام مبتدأ وقوله تعالى في آخر الآية {وَإِنَّهُمْ لكاذبون} عائد إليه وتقدير الكلام يا ليتنا نرد، ثم قالوا ولو رددنا لم نكذب بالدين وكنا من المؤمنين، ثم إنه تعالى كذبهم وبيّن أنهم لو ردوا لكذبوا ولأعرضوا عن الإيمان.
المسألة الثانية: قرأ ابن عامر نرد ونكذب بالرفع فيهما ونكون بالنصب، وقرأ حمزة وحفص عن عاصم نرد بالرفع، ونكذب ونكون بالنصب فيهما، في الثلاثة، فحصل من هذا أنهم اتفقوا على الرفع في قوله: {نُرَدُّ} وذلك لأنه داخلة في التمني لا محالة، فأما الذين رفعوا قوله: {وَلاَ نُكَذّبَ وَنَكُونَ} ففيه وجهان:
الأول: أن يكون معطوفاً على قوله: {نُرَدُّ} فتكون الثلاثة داخل في التمني، فعلى هذا قد تمنوا الرد وأن لا يكذبوا وأن يكونوا من المؤمنين.
والوجه الثاني: أن يقطع ولا نكذب وما بعده عن الأول، فيكون التقدير: يا ليتنا نرد ونحن لا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين، فهم ضمنوا أنهم لا يكذبون بتقدير حصول الرد. والمعنى يا ليتنا نرد ونحن لا نكذب بآيات ربنا رددنا أو لم نرد أي قد عاينا وشاهدنا ما لا نكذب معه أبداً.
قال سيبويه: وهو مثل قولك دعني ولا أعود، فهاهنا المطلوب بالسؤال تركه.
فأما أنه لا يعود فغير داخل في الطلب، فكذا هنا قوله: {يا ليتنا نُرَدُّ} الداخل في هذا التمني الرد، فأما ترك التكذيب وفعل الإيمان فغير داخل في التمني، بل هو حاصل سواء حصل الرد أو لم يحصل، وهذان الوجهان ذكرهما الزجاج والنحويون قالوا: الوجه الثاني أقوى، وهو أن يكون الرد داخلاً في التمني، ويكون ما بعده إخباراً محضاً.
واحتجوا عليه بأن الله كذبهم في الآية الثانية فقال: {وَإِنَّهُمْ لكاذبون} والمتمني لا يجوز تكذيبه، وهذا اختيار أبي عمرو. وقد احتج على صحة قوله بهذه الحجة، إلا أنا قد أجبنا عن هذه الحجة، وذكرنا أنها ليست قوية، وأما من قرأ {وَلاَ نُكَذِّبَ وَنَكُونَ} بالنصب ففيه وجوه:
الأول: بإضمار (أن) على جواب التمني، والتقدير: يا ليتنا نرد وأن لا نكذب.
والثاني: أن تكون الواو مبدلة من الفاء، والتقدير: يا ليتنا نرد فلا نكذب، فتكون الواو هاهنا بمنزلة الفاء في قوله: {لَوْ أَنَّ لِى كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ المحسنين} [الزمر: 58] ويتأكد هذا الوجه بما روي أن ابن مسعود كان يقرأ {فَلا نُكَذّبَ} بالفاء على النصب، والثالث: أن يكون معناه الحال، والتقدير: يا ليتنا نرد غير مكذبين، كما تقول العرب لا تأكل السمك وتشرب اللبن أي لا تأكل السمك شارباً للبن.
واعلم أن على هذه القراءة تكون الأمور الثلاثة داخلة في التمني.
وأما أن المتمن كيف يجوز تكذيبه فقد سبق تقريره.
وأما قراءة ابن عامر وهي أنه كان يرفع {وَلاَ نُكَذّبَ} وينصب {وَنَكُونَ} فالتقدير: أنه يجعل قوله: {وَلاَ نُكَذّبَ} داخلاً في التمني، بمعنى أنا إن رددنا غير مكذبين نكن من المؤمنين والله أعلم.
المسألة الثالثة: قوله: {فَقَالُواْ ياليتنا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذّبَ} لا شبهة في أن المراد تمني ردهم إلى حالة التكليف لأن لفظ الرد إذا استعمل في المستقبل من حال إلى حال، فالمفهوم منه الرد إلى الحالة الأولى. والظاهر أن من صدر منه تقصير ثم عاين الشدائد والأحوال بسبب ذلك التقصير أنه يتمنى الرد إلى الحالة الأولى، ليسعى في إزالة جميع وجوه التقصيرات. ومعلوم أن الكفار قصروا في دار الدنيا فهم يتمنون العود إلى الدنيا لتدارك تلك التقصيرات، وذلك التدارك لا يحصل بالعود إلى الدينا فقط، ولا بترك التكذيب، ولا بعمل الإيمان بل إنما يحصل التدارك بمجموع هذه الأمور الثلاثة فوجب إدخال هذه الثلاثة تحت التمني.
فإن قيل: كيف يحسن منهم تمني الرد مع أنهم يعلمون أن الرد يحصل لا ألبتة.
والجواب من وجوه:
الأول: لعلّهم لم يعلموا أن الرد لا يحصل.
والثاني: أنهم وإن علموا أن ذلك لا يحصل؛ إلا أن هذا العلم لا يمنع من حصول إرادة الرد كقوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النار} [المائدة: 37] وكقوله: {أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الماء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ الله} [الأعراف: 50] فلما صح أن يريدوا هذه الأشياء مع العلم بأنها لا تحصل، فبأن يتمنوه أقرب، لأن باب التمني أوسع، لأنه يصح أن يتمنى ما لا يصح أن يريد من الأمور الثلاثة الماضية.
ثم قال تعالى: {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ} وفيه مسائل:
المسألة الأولى: معنى {بَلْ} هاهنا رد كلامهم، والتقدير: أنهم ما تمنوا العود إلى الدنيا، وترك التكذيب، وتحصيل الإيمان لأجل كونهم راغبين في الإيمان، بل لأجل خوفهم من العقاب الذي شاهدوه وعاينوه.
وهذا يدل على أن الرغبة في الإيمان والطاعة لا تنفع إلا إذا كانت تلك الرغبة رغبة فيه، لكونه إيماناً وطاعة، فأما الرغبة فيه لطلب الثواب، والخوف من العقاب فغير مفيد.
المسألة الثانية: المراد من الآية: أنه طهر لهم في الآخرة ما أخفوه في الدنيا. وقد اختلفوا في ذلك الذي أخفوه على وجوه:
الأول: قال أبو روق: إن المشركين في بعض مواقف القيامة يجحدون الشرك فيقولون {والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} فينطق الله جوارحهم فتشهد عليهم بالكفر، فذلك حين بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل.
قال الواحدي: وعلى هذا القول أهل التفسير.
الثاني: قال المبرد: بدا لهم وبال عقائدهم وأعمالهم وسوء عاقبتها، وذلك لأن كفرهم ما كان بادياً ظاهراً لهم، لأن مضار كفرهم كانت خفية، فلما ظهرت يوم القيامة لا جرم قال الله تعالى: {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ} الثالث: قال الزجاج: بدا للأتباع ما أخفاه الرؤساء عنهم من أمر البعث والنشور.
قال والدليل على صحة هذا القول أنه تعالى ذكر عقيبه {وَقَالُواْ إِنْ هِىَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثين} [الأنعام: 29] وهذا قول الحسن.
الرابع: قال بعضهم: هذه الآية في المنافقين، وقد كانوا يسرون الكفر ويظهرون الإسلام، وبدا لهم يوم القيامة، وظهر بأن عرف غيرهم أنهم كانوا من قبل منافقين.
الخامس: قيل بدا لهم ما كان علماؤهم يخفون من جحد نبوّة الرسول ونعته وصفته في الكتب والبشارة به، وما كانوا يحرفونه من التوراة مما يدل على ذلك.
واعلم أن اللفظ محتمل لوجوه كثيرة. والمقصود منها بأسرها أنه ظهرت فضيحتهم في الآخرة وانهتكت أستارهم. وهو معنى قوله تعالى: {يَوْمَ تبلى السرائر} [الطارق: 9].
ثم قال تعالى: {وَلَوْ رُدُّواْ لعادوا لِمَا نُهُواْ عَنْهُ} والمعنى أنه تعالى لو ردهم لم يحصل منهم ترك التكذيب وفعل الإيمان، بل كانوا يستمرون على طريقتهم الأولى في الكفر التكذيب.
فإن قيل: إن أهل القيامة قد عرفوا الله بالضرورة، وشاهدوا أنواع العقاب والعذاب فلو ردهم الله تعالى إلى الدنيا فمع هذه الأحوال كيف يمكن أن يقال: إنهم يعودون إلى الكفر بالله وإلى معصية الله.
قلنا: قال القاضي: تقرير الآية {وَلَوْ رُدُّواْ} إلى حالة التكليف، وإنما يحصل الرد إلى هذه الحالة لو لم يحصل في القيامة معرفة الله بالضرورة، ولم يحصل هناك مشاهدة الأهوال وعذاب جهنم، فهذا الشرط يكون مضمراً لا محالة في الآية إلا أنا نقول هذا الجواب ضعيف، لأن المقصود من الآية بيان غلوهم في الاصرار على الكفر وعدم الرغبة في الإيمان، ولو قدرنا عدم معرفة الله تعالى في القيامة، وعدم مشاهدة أهوال القيامة لم يكن في إصرار القوم على كفرهم الأول مزيد تعجب، لأن إصرارهم على الكفر يجري مجرى إصرار سائر الكفار على الكفر في الدنيا، فعلمنا أن الشرط الذي ذكره القاضي لا يمكن اعتباره ألبتة.
إذا عرفت هذا فنقول: قال الواحدي: هذه الآية من الأدلة الظاهرة على فساد قول المعتزلة، وذلك لأن الله تعالى أخبر عن قوم جرى عليهم قضاؤه في الأزل بالشرك. ثم إنه تعالى بين أنهم لو شاهدوا النار والعذاب، ثم سألوا الرجعة ورُدُّوا إلى الدنيا لعادوا إلى الشرك، وذلك القضاء السابق فيهم، وإلا فالعاقل لا يرتاب فيما شاهد، ثم قال تعالى: {وَإِنَّهُمْ لكاذبون} وفيه سؤال وهو أن يقال: إنه لم يتقدم ذكر خبر حتى يصرف هذا التكذيب إليه.
والجواب: أنا بينا أن منهم من قال الداخل في التمني هو مجرد قوله: {يا ليتنا نُرَدُّ} أما الباقي فهو إخبار، ومنهم من قال بل الكل داخل في التمني، لأن إدخال التكذيب في التمني أيضاً جائز، لأن التمني يدل على الاخبار على سبيل الضمن والصيرورة، كقول القائل ليت زيداً جاءنا فكنا نأكل ونشرب ونتحدث فكذا هاهنا. والله أعلم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال