سورة الأنعام / الآية رقم 43 / تفسير تفسير النسفي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَن يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَن يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِن شَاءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلاَ إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ

الأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعام




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إلى أُمَمٍ مّن قَبْلِكَ} رسلاً فالمفعول محذوف فكذبوهم {فأخذناهم بالبأساء والضراء} بالبؤس والضر، والأول القحط والجوع والثاني المرض ونقصان الأنفس والأموال {لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ} يتذللون ويتخشعون لربهم ويتوبون عن ذنوبهم فالنفوس تتخشع عند نزول الشدائد.
{فَلَوْلا إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ} أي هلا تضرعوا بالتوبة ومعناه نفي التضرع كأنه قيل: يتضرعوا إذ جاءهم بأسنا ولكنه جاء ب {لولا} ليفيد أنه لم يكن لهم عذر في ترك التضرع إلا عنادهم {ولكن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ} فلم يزجروا بما ابتلوا به {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ} وصاروا معجبين بأعمالهم التي زينها الشيطان لهم {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ} من البأساء والضراء أي تركوا الاتعاظ به ولم يزجرهم {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أبواب كُلِّ شَيْءٍ} من الصحة والسعة وصنوف النعمة {فَتَحْنَا} شامي {حتى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ} من الخير والنعمة {أخذناهم بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ} آيسون متحسرون وأصله الإطراق حزناً لما أصابه أو ندماً على مافاته و{إذا} للمفاجأة {فَقُطِعَ دَابِرُ القوم الذين ظَلَمُواْ} أي أهلكوا عن آخرهم ولم يترك منهم أحد {والحمد للَّهِ رَبِّ العالمين} إيذان بوجوب الحمد لله عند هلاك الظلمة وأنه من أجل النعم وأجزل القسم، أو احمدوا الله على إهلاك من لم يحمد الله.
ثم دل على قدرته وتوحيده بقوله {قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ الله سَمْعَكُمْ وأبصاركم} بأن أصمكم وأعماكم {وَخَتَمَ على قُلُوبِكُمْ} فسلب العقول والتمييز {مَّنْ إله غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِهِ} بما أخذ وختم عليه. {مِنْ} رفع بالابتداء و{إِلَهٌ} خبره و{غَيْرِ} صفة ل {إله} وكذا {يَأْتِيَكُمُ} والجملة في موضع مفعولي {أَرَءيْتُمْ} وجواب الشرط محذوف {انظر كَيْفَ نُصَرِّفُ} لهم {الآيات} نكررها {ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ} يعرضون عن الآيات بعد ظهورها، والصدوف الإعراض عن الشيء {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أتاكم عَذَابُ الله بَغْتَةً} بأن لم تظهر أماراته {أَوْ جَهْرَةً} بأن ظهرت أماراته. وعن الحسن: ليلاً أو نهاراً {هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ القوم الظالمون} ما يهلك هلاك تعذيب وسخط إلا الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم بربهم {وَمَا نُرْسِلُ المرسلين إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ} بالجنان والنيران للمؤمنين والكفار، ولن نرسلهم ليقترح عليهم الآيات بعد وضوح أمرهم بالبراهين القاطعة والأدلة الساطعة {فَمَنْ ءَامَنَ وَأَصْلَحَ} أي داوم على إيمانه {فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} فلا خوف يعقوب.
{والذين كَذَّبُواْ بئاياتنا يَمَسُّهُمُ العذاب} جعل العذاب ماساً كأنه حي يفعل بهم ما يريد من الآلام {بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ} بسبب فسقهم وخروجهم عن طاعة الله تعالى بالكفر {قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ الله} أي قسمه بين الخلق وأرزاقه، ومحل {وَلا أَعْلَمُ الغيب} النصب عطفاً على محل {عِندِي خَزَائِنُ الله} لأنه من جملة المقول كأنه قال: لا أقول لكم هذا القول ولا هذا القول: {وَلآ أَقُولُ لَكُمْ إِنّي مَلَكٌ} أي لا أدعي ما يستبعد في العقول أن يكون لبشر من ملك خزائن الله وعلم الغيب ودعوى الملكية، وإنما أدعي ما كان لكثير من البشر وهو النبوة {إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يوحى إِلَىَّ} أي ما أخبركم إلا بما أنزل الله علي {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأعمى والبصير} مثل للضال والمهتدي، أو لمن اتبع ما يوحى إليه ومن لم يتبع، أو لمن يدعي المستقيم وهو النبوة والمحال وهو الإلهية {أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ} فلا تكونوا ضالين أشباه العميان أو فتعلموا أني ما ادعيت ما لا يليق بالبشر، أو فتعلموا أن اتباع ما يوحى إلي مما لا بد لي منه، {وَأَنذِرْ بِهِ} بما يوحى {الذين يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إلى رَبّهِمْ} هم المسلمون المقرّون بالبعث إلا أنهم مفرطون في العمل فينذرهم بما أوحي إليه، أو أهل الكتاب لأنهم مقرون بالبعث {لَيْسَ لَهُمْ مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ} في موضع الحال من {يُحْشَرُواْ} أي يخافون أن يحشروا غير منصورين ولا مشفوعاً لهم {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} يدخلون في زمرة أهل التقوى.
ولما أمر النبي عليه السلام بإنذار غير المتقين ليتقوا، أمر بعد ذلك بتقريب المتقين ونهى عن طردهم بقوله:
{وَلاَ تَطْرُدِ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بالغداة والعشي} وأثنى عليهم بأنهم يواصلون دعاء ربهم أي عبادته ويواظبون عليها. والمراد بذكر الغداة والعشي الدوام، أو معناه يصلون صلاة الصبح والعصر أو الصلوات الخمس. {بالغُدوة} شامي. ووسمهم بالإخلاص في عبادتهم بقوله {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} فالوجه يعبر به عن ذات الشيء وحقيقته، نزلت في الفقراء بلال وصهيب وعمار وأضرابهم حين قال رؤساء المشركين: لو طردت هؤلاء السقاط لجالسناك. فقال عليه السلام: {ما أنا بطارد المؤمنين} فقالوا: اجعل لنا يوماً ولهم يوماً وطلبوا بذلك كتاباً فدعا علياً رضي الله عنه ليكتب فقام الفقراء وجلسوا ناحية فنزلت، فرمى عليه الصلاة والسلام بالصحيفة وأتى الفقراء فعانقهم {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ} كقوله {إِنْ حِسَابُهُمْ إِلاَّ على رَبّي} [الشعراء: 113] {وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مّن شَيْءٍ} وذلك أنهم طعنوا في دينهم وإخلاصهم فقال: حسابهم عليهم لازم لهم لا يتعداهم إليك كما أن حسابك عليك لا يتعداك إليهم {فَتَطْرُدَهُمْ} جواب النفي وهو {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم} {فَتَكُونَ مِنَ الظالمين} جواب النهي وهو {وَلاَ تَطْرُدِ} ويجوز أن يكون عطفاً على {فَتَطْرُدَهُمْ} على وجه التسبيب لأن كونه ظالماً مسبب عن طردهم {وكذلك فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} ومثل ذلك الفتن العظيم ابتليتا الأغنياء بالفقراء {لِّيَقُولُواْ} أي الأغنياء {أهؤلاءآء مَنَّ الله عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا} أي أنعم الله عليهم بالإيمان ونحن المقدمون والرؤساء وهم الفقراء إنكاراً لأن يكون أمثالهم على الحق وممنوناً عليهم من بينهم بالخير ونحوه: {لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} [الأحقاف: 11] {أَلَيْسَ الله بِأَعْلَمَ بالشاكرين} بمن يشكر نعمته.
{وَإِذَا جَاءَكَ الذين يُؤْمِنُونَ بئاياتنا فَقُلْ سلام عَلَيْكُمْ} إِما أن يكون أمراً بتبليغ سلام الله إليهم، وإما أن يكون أمراً بأن يبدأهم بالسلام إكراماً لهم وتطييباً لقلوبهم. وكذا قوله {كَتَبَ رَبُّكُمْ على نَفْسِهِ الرحمة} من جملة ما يقول لهم ليبشرهم بسعة رحمة الله وقبوله التوبة منهم ومعناه وعدكم بالرحمة وعداً مؤكداً {أَنَّهُ} الضمير للشأن {مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءا} ذنباً {بِجَهَالَةٍ} في موضع الحال أي عمله وهو جاهل بما يتعلق به من المضرة، أو جعل جاهلاً لإيثاره المعصية على الطاعة {ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ} من بعد السوء أو العمل {وَأَصْلَحَ} أخلص توبته {فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} {أَنَّهُ} {فَإِنَّهُ} شامي وعاصم. الأول بدل الرحمة، والثاني خبر مبتدأ محذوف أي فشأنه أنه غفور رحيم. {أَنَّهُ} {فَإِنَّهُ} مدني الأول بدل الرحمة، والثاني مبتدأ. {إِنَّهُ} {فَإِنَّهُ} غيرهم على الاستئناف كأن الرحمة استفسرت فقيل: إنه من عمل منكم {وكذلك نُفَصَّلُ الآياتِ وَلتستبينَ} وبالياء: حمزة وعلي وأبو بكر {سَبِيلُ المجرمين} بالنصب: مدني. غيره: بالرفع. فرفع السبيل مع التاء والياء لأنها تذكر وتؤنث، ونصب السبيل مع التاء على خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم يقال استبان الأمر وتبين واستبنته وتبينته، والمعنى ومثل ذلك التفصيل البين نفصل آيات القرآن ونلخصها في صفة أحوال المجرمين من هو مطبوع على قلبه ومن يرجى إسلامه ولتستوضح سبيلهم فتعامل كلاً منهم بما يجب أن يعامل به فصلنا ذلك التفصيل.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال