سورة الأنعام / الآية رقم 50 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَقُطِعَ دَابِرُ القَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ القَوْمُ الظَّالِمُونَ وَمَا نُرْسِلُ المُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ العَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مَنَ الظَّالِمِينَ

الأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعام




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50)}
{قُلْ} أيها الرسول البشير النذير للكفرة الذين يقترحون عليك ما يقترحون: {لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِى خَزَائِنُ الله} أي مقدوراته جمع خزينة أو خزانة وهي في الأصل ما يحفظ فيه الأشياء النفيسة تجوز فيها عما ذكر، وعلى ذلك الجبائي وغيره، ولم يقل: لا أقدر على ما يقدر عليه الله قيل: لأنه أبلغ لدلالته على أنه لقوة قدرته كأن مقدوراته مخزونة حاضرة عنده، وقيل: إن الخزائن مجاز عن المرزوقات من إطلاق المحل على الحال أو اللازم على الملزوم؛ وقيل: الكلام على حذف مضاف أي خزائن رزق الله تعالى أو مقدوراته، والمعنى لا أدعي أن هاتيك الخزائن مفوضة إليَّ أتصرف فيها كيفما أشاء استقلالًا أو استدعاء حتى تقترحوا عليَّ تنزيل الآيات أو إنزال العذاب أو قلب الجبال ذهبًا أو غير ذلك مما لا يليق بشأني.
{وَلا أَعْلَمُ الغيب} عطف على محل {عِندِى خَزَائِنُ الله} فهو مقول: {أَقُولُ} أيضًا، ونظر فيه الحلبي من حيث إنه يؤدي إلى أن يصير التقدير ولا أقول لكم لا أعلم الغيب وليس بصحيح. وأجيب بأن التقدير ولا أقول لكم أعلم الغيب بإضماء القول بين {لا} و{أَعْلَمُ} لا بين الواو و{لا}، وقيل: لا في {لا أَعْلَمُ} مزيدة مؤكدة للنفي. وقال أبو حيان: الظاهر أنه عطف على {لا أَقُولَ} لا معمول له فهو أمر أن يخبر عن نفسه بهذه الجمل الثلاث فهي معمولة للأمر الذي هو {قُلْ}، وتعقب بأنه لا فائدة في الإخبار بأني لا أعلم الغيب وإنما الفائدة في الإخبار بأني لا أقول ذلك ليكون نفيا لا دعاء الأمرين اللذين هما من خواص الإلهية ليكون المعنى إني لا أدعي الإلهية.
{وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنّى مَلَكٌ} ولا أدعي الملكية، ويكون تكرير {لا أَقُولَ} إشارة إلى هذا المعنى. وقال بعض المحققين: إن مفهومي {عِندِى خَزَائِنُ الله}. و{إِنّى مَلَكٌ} لما كان حالهما معلومًا عند الناس لم يكن حاجة إلى نفيهما وإنما الحاجة إلى نفي ادعائهما تبريًا عن دعوى الباطل، ومفهوم {أَنّى لاَ أَعْلَمُ الغيب} لما لم يكن معلومًا احتيج هنا إلى نفيه فدعوى أنه لا فائدة في الإخبار بذلك منظور فيها. والذي اختاره مولانا شيخ الإسلام القول الأول وأن المعنى ولا أدعي أيضًا أني أعلم الغيب من أفعاله عز وجل حتى تسألوني عن وقت الساعة أو وقت إنزال العذاب أو نحوهما.
وخص ابن عباس رضي الله تعالى عنهما الغيب بعاقبة ما يصيرون إليه أي لا أدعي ذلك ولا أدعي أيضًا الملكية حتى تكلفوني من الأفاعيل الخارقة للعادات ما لا يطيقه البشر من الرقي في السماء ونحوه أو تعدوا عدم اتصافي بصفاتهم قادحًا في أمري كما ينبىء عنه قولهم: {مَا لهذا الرسول يَأْكُلُ الطعام وَيَمْشِى فِى الاسواق} [الفرقان: 7] وليس في الآية على هذا دليل على تفضيل الملائكة على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فيما هو محل النزاع كما زعم الجبائي لأنها إنما وردت ردًا على الكفار في قولهم {مَا لهذا الرسول} إلخ وتكليفهم له عليهم الصلاة والسلام بنحو الرقي في السماء. ونحن لا ندعي تميز الأنبياء على الملائكة عليهم الصلاة والسلام في عدم الأكل مثلا والقدرة على الأفاعيل الخارقة كالرقي ونحوه ولا مساواتهم لهم في ذلك بل كون الملائكة متميزين عليهم عليهم الصلاة والسلام في ذلك مما أجمع عليه الموافق والمخالف ولا يوجب ذلك اتفاقًا على أن الملائكة أفضل منهم بالمعنى المتنازع فيه وإلا لكان كثير من الحيوانات أفضل من الإنسان ولا يدعي ذلك الاجماد.
وهذا الجواب أظهر مما نقل عن القاضي زكريا من أن هذا القول منه صلى الله عليه وسلم من باب التواضع وإظهار العبودية نظير قوله عليه الصلاة والسلام: «لا تفضلوني على ابن متى» في رأي بل هو ليس بشيء كما لا يخفى. وقيل: إن الأفضلية مبنية على زعم المخاطبين وهو من ضيق العطن، وقيل: حيث كان معنى الآية لا أدعي الألوهية ولا الملكية لا يكون فيها ترق من الأدنى إلى الأعلى بل هي حينئذ ظاهرة في التدلي، وبذلك تهدم قاعدة استدلال الزمخشري في قوله تعالى: {لَّن يَسْتَنكِفَ المسيح أَن يَكُونَ عَبْدًا للَّهِ وَلاَ الملئكة المقربون} [النساء: 172] على تفضيل الملك على البشر إذ لا يتصور الترقي من الألوهية إلى ما هو أعلا منها إذ لا أعلا ليترقى إليه. وتعقب بأنه لا هدم لها مع إعادة {لا أَقُولَ} الذي جعله أمرًا مستقلًا كالإضراب إذ المعنى لا أدعي الألوهية بل ولا الملكية، ولذا كرر {لا أَقُولَ}.
وقال بعضهم في التفرقة بين المقامين: إن مقام نفي الاستنكاف ينبغي فيه أن يكون المتأخر أعلا لئلا يلغو ذكره، ومقام نفي الادعاء بالعكس فإن من لا يتجاسر على دعوى الملكية أولى أن لا يتجاسر على دعوى الألوهية الأشد استبعادًا، نعم في كون المراد من الأول نفي دعوى الألوهية والتبري منها نظر وإلا لقيل لا أقول لكن إني إله كما قيل {وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنّى مَلَكٌ} وأيضًا في الكناية عن الألوهية بعندي خزائن الله ما لا يخفى من البشاعة، وإضافة الخزائن إليه تعالى منافية لها. ودفع المنافاة بأن دعوى الألوهية ليس دعوى أن يكون هو الله تعالى بل أن يكون شريكًا له عز اسمه في الألوهية فيه نظر لأن إضافة الخزائن إليه تعالى اختصاصية فتنافي الشركة اللهم إلا أن يكون خزائن مثل خزائن أو تنسب إليه وهو كما ترى.
ومن هنا قال شيخ الإسلام: إن جعل ذلك تبريًا عن دعوى الألوهية مما لا وجه له قطعًا.
{إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يوحى إِلَىَّ} أي ما أفعل إلا اتباع ما يوحى إلي من غير أن يكون لي مدخل ما في الوحي أو في الموحي بطريق الاستدعاء أو بوجه آخر من الوجوه أصلًا. وحاصله إني عبد يمتثل أمر مولاه ويتبع ما أوحاه ولا أدعي شيئًا من تلك الأشياء حتى تقترحوا عليّ ما هو من آثارها وأحكامها وتجعلوا عدم إجابتي إلى ذلك دليلًا على عدم صحة ما أدعيه من الرسالة. ولا يخفى أن هذا أبلغ من إني نبي أو رسول ولذا عدل إليه. ولا دلالة فيه لنفاة القياس ولا لمانعي جواز اجتهاده عليه الصلاة والسلام كما لا يخفى. وذهب البعض إلى أن المقصود من هذا الرد على الكفرة كأنه قيل: إن هذه دعوى وليست مما يستبعد إنما المستبعد ادعاء البشر الألوهية أو الملكية ولست أدعيهما. وقد علمت آنفًا ما في دعوى أن المقصود مما تقدم نفي ادعاء الألوهية والملكية.
{قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الاعمى والبصير} أي الضال والمهتدي على الإطلاق كما قال غير واحد. والإستفهام إنكاري، والمراد إنكار استواء من لا يعلم ما ذكر من الحقائق ومن يعلمها مع الإشعار بكمال ظهورها والتنفير عن الضلال والترغيب في الاهتداء، وتكرير الأمر لتثبيت التبكيت وتأكيد الإلزام.
{أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ} عطف على مقدر يقتضيه المقام أي ألا تسمعون هذا الكلام الحق فلا تتفكرون فيه أو أتسمعونه فلا تتفكرون. والاستفهام للتقرير والتوبيخ. والكلام داخل تحت الأمر. ومناط التوبيخ عدم الأمرين على الأول وعدم التفكر مع تحقق ما يوجبه على الثاني. وذكر بعضهم أن في {الاعمى والبصير} ثلاث احتمالات إما أن يكونا مثالًا للضال والمهتدي أو مثالًا للجاهل والعالم أو مثالًا لمدعي المستحيل كالألوهية والملكية ومدعى المستقيم كالنبوة. وإن المعنى لا يستوي هذان الصنفان أفلا تتفكرون في ذلك فتهتدوا أي فتميزوا بين ادعاء الحق والباطل أو فتعلموا أن اتباع الوحي مما لا محيص عنه. والجملة تذييل لما مضى إما من أول السورة إلى هنا أو لقوله سبحانه: {إِنْ أَتَّبِعُ} إلخ أو لقوله عز شأنه {لا أَقُولَ}. ورجح في الكشف الأول ثم الثاني. ولا يخفى بعد هذا الترجيح. واعترض القول بإحالة الملكية بأنها من الممكنات لأن الجواهر متماثلة والمعاني القائمة ببعضها يجوز أن تقوم بكلها. وأجيب بعد تسليم ما فيه أن البشر حال كونه بشرًا محال أن يكون ملكًا لتمايزهما بالعوارض المتنافية بلا خلاف وإقدام آدم عليه الصلاة والسلام بعد سماع {مَا نهاكما رَبُّكُمَا عَنْ هذه الشجرة إِلا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الخالدين} [الأعراف: 20] على الأكل ليس طمعًا في الملكية حال البشرية على أنه يجوز أن يقال: إنه لم يطمع في الملكية أصلًا وإنما طمع في الخلود فأكل.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال