سورة الأنعام / الآية رقم 57 / تفسير تفسير الشوكاني / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ المُجْرِمِينَ قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قُل لاَّ أَتَّبِعُ أَهُوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَا مِنَ المُهْتَدِينَ قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ يَقُصُّ الحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الفَاصِلِينَ قُل لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ

الأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعام




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قوله: {قُلْ إِنّى نُهِيتُ} أمره الله سبحانه أن يعود إلى مخاطبة الكفار، ويخبرهم بأنه نهى عن عبادة ما يدعونه ويعبدونه من دون الله، أي: نهاه الله عن ذلك وصرفه وزجره، ثم أمره سبحانه بأن يقول لهم: {لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ} أي لا أسلك المسلك الذي سلكتموه في دينكم، من اتباع الأهواء والمشي على ما توجبه المقاصد الفاسدة التي يتسبب عنها الوقوع في الضلال. قوله: {قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً} أي إن اتبعت أهواءكم فيما طلبتموه من عبادة معبوداتكم، وطرد من أردتم طرده {وَمَا أَنَاْ مِنَ المهتدين} إن فعلت ذلك، وهذه الجملة الإسمية معطوفة على الجملة التي قبلها، والمجيء بها اسمية عقب تلك الفعلية للدلالة على الدوام والثبات، وقرئ: {ضَلَلْتُ} بفتح اللام وكسرها وهما لغتان. قال أبو عمرو: ضللت بكسر اللام لغة تميم، وهي قراءة ابن وثاب وطلحة بن مصرف، والأولى هي الأصح والأفصح؛ لأنها لغة أهل الحجاز، وهي قراءة الجمهور. قال الجوهري: والضلال والضلالة ضدّ الرشاد، وقد ضللت أضلّ، قال الله تعالى: {قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ على نَفْسِى} [سبأ: 50] قال فهذه: يعني المفتوحة لغة نجد وهي الفصيحة، وأهل العالية يقول: {ضللت} بالكسر أضلّ انتهى.
قوله: {قُلْ إِنّى على بَيّنَةٍ مّن رَّبّى} البينة: الحجة والبرهان، أي إني على برهان من ربي ويقين، لا على هوى وشك، أمره الله سبحانه بأن يبين لهم أن ما هو عليه من عبادة ربه هو عن حجة برهانية يقينية، لا كما هم عليه من اتباع الشبه الداحضة والشكوك الفاسدة التي لا مستند لها إلا مجرد الأهوية الباطلة. قوله: {وَكَذَّبْتُم بِهِ} أي بالربّ أو بالعذاب أو بالقرآن أو بالبينة، والتذكير للضمير باعتبار المعنى. وهذه الجملة إما حالية بتقدير قد، أي والحال أن قد كذبتم به، أو جملة مستأنفة مبينة لما هم عليه من التكذيب بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجج الواضحة والبراهين البينة.
قوله: {مَا عِندِى مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ} أخبرهم بأنه لم يكن عنده ما يتعجلونه من العذاب، فإنهم كانوا لفرط تكذيبهم يستعجلون نزوله استهزاء، نحو قوله: {أَوْ تُسْقِطَ السماء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} [الإسراء: 92]، وقولهم: {اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ السماء} [الأنفال: 32]، وقولهم: {متى هذا الوعد إِن كُنتُمْ صادقين} [سبأ: 29]، وقيل: {مَا عِندِى مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ} من الآيات التي تقترحونها عليّ.
قوله: {إِنِ الحكم إِلاَّ الله} أي ما الحكم في كل شيء إلا لله سبحانه، ومن جملة ذلك ما تستعجلون به من العذاب أو الآيات المقترحة. والمراد: الحكم الفاصل بين الحق والباطل.
قوله: {يَقُصُّ الحق} قرأ نافع وابن كثير وعاصم {يَقُصُّ} بالقاف والصاد المهملة، وقرأ الباقون {يَقْضِى} بالضاد المعجمة والياء، وكذا قرأ علي وأبو عبد الرحمن السلمي، وسعيد بن المسيب، وهو مكتوب في المصحف بغير ياء. فعلى القراءة الأولى، هو من القصص، أي يقصّ القصص الحق، أو من قصّ أثره، أي يتبع الحق فيما يحكم به. وعلى القراءة الثانية، هو من القضاء، أي يقضي القضاء بين عباده، و{الحق} منتصب على المفعولية، أو على أنه صفة لمصدر محذوف، أي يقضي القضاء الحق، أو يقص القصص الحق {وَهُوَ خَيْرُ الفاصلين} أي بين الحق والباطل بما يقضي به بين عباده ويفصله لهم في كتابه. ثم أمره الله سبحانه أن يقول لهم: {لَّوْ أَنَّ عِندِى مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ} أي ما تطلبون تعجيله بأن يكون إنزاله بكم مقدوراً إليّ وفي وسعي {لَقُضِىَ الأمر بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ} أي لقضى الله الأمر بيننا بأن ينزله الله سبحانه بكم بسؤالي له وطلبي ذلك، أو المعنى: لو كان العذاب الذي تطلبونه وتستعجلون به عندي، وفي قبضتي لأنزلته بكم، وعند ذلك يقضى الأمر بيني وبينكم {والله أَعْلَمُ بالظالمين} وبالوقت الذي ينزل فيه عذابهم وبما تقتضيه مشيئته من تأخيره استدراجاً لهم وإعذاراً إليهم.
قوله: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغيب لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ} المفاتح جمع مفتح بالفتح وهو المخزن، أي عنده مخازن الغيب، جعل للأمور الغيبية مخازن تخزن فيها على طريق الاستعارة، أو جمع مفتح بكسر الميم، وهو المفتاح، جعل للأمور الغيبية مفاتح يتوصل بها إلى ما في المخازن منها على طريق الاستعارة أيضاً، ويؤيد أنها جمع مفتح بالكسر قراءة ابن السميفع {وَعِندَهُ مَفَاتِيح الغيب} فإن المفاتيح جمع مفتاح والمعنى: إن عنده سبحانه خاصة مخازن الغيب، أو المفاتيح التي يتوصل بها. وقوله: {لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ} جملة مؤكّدة لمضمون الجملة الأولى، وأنه لا علم لأحد من خلقه بشيء من الأمور الغيبية التي استأثر الله بعلمها، ويندرج تحت هذه الآية علم ما يستعجله الكفار من العذاب كما يرشد إليه السياق اندراجاً أوّلياً. وفي هذه الآية الشريفة ما يدفع أباطيل الكهان والمنجمين والرمليين وغيرهم من المدّعين ما ليس من شأنهم، ولا يدخل تحت قدرتهم، ولا يحيط به علمهم، ولقد ابتلى الإسلام وأهله بقوم سوء من هذه الأجناس الضالة، والأنواع المخذولة، ولم يربحوا من أكاذيبهم وأباطيلهم بغير خطة السوء المذكورة في قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: «من أتى كاهناً أو منجماً فقد كفر بما أنزل على محمد»
قوله: {وَيَعْلَمُ مَا فِى البر والبحر} خصهما بالذكر لأنهما من أعظم مخلوقات الله، أي يعلم ما فيهما من حيوان وجماد علماً مفصلاً لا يخفى عليه منه شيء، أو خصهما لكونهما أكثر ما يشاهده الناس ويتطلعون لعلم ما فيهما {وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا} أي من ورق الشجر وهو تخصيص بعد التعميم، أي يعلمها ويعلم زمان سقوطها ومكانه.
وقيل: المراد بالورقة ما يكتب فيه الآجال والأرزاق.
وحكى النقاش عن جعفر بن محمد: أن الورقة يراد بها هنا السقط من أولاد بني آدم، قال ابن عطية: وهذا قول جار على طريقة الرموز، ولا يصح عن جعفر بن محمد ولا ينبغي أن يلتفت إليه {وَلاَ حَبَّةٍ} كائنة {فِى ظلمات الأرض} أي في الأمكنة المظلمة. وقيل: في بطن الأرض {وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ} بالخفض عطفاً على حبة، وهي معطوفة على ورقة. وقرأ ابن السميفع، والحسن، وغيرهما بالرفع عطفاً على موضع {من ورقة} وقد شمل وصف الرطوبة واليبوسة جميع الموجودات. قوله: {إِلاَّ فِى كتاب مُّبِينٍ} هو اللوح المحفوظ، فتكون هذه الجملة بدل اشتمال من {إِلاَّ يَعْلَمُهَا}. وقيل: هو عبارة عن علمه فتكون هذه الجملة بدل كل من تلك الجملة.
وقد أخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي عمران الجوني، في قوله: {قُلْ إِنّى على بَيّنَةٍ مّن رَّبّى} قال: على ثقة.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عكرمة في قوله: {لَقُضِىَ الأمر بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ} قال: لقامت الساعة.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن السديّ في قوله: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغيب} قال: يقول خزائن الغيب.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن ابن عباس في قوله: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغيب} قال: هنّ خمس {إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ الساعة} إلى قوله: {عَلَيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34].
وأخرج أحمد، والبخاري، وغيرهما، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله: لا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر إلا الله، ولا تدري نفس بأيّ أرض تموت إلا الله، ولا يعلم أحد متى تقوم الساعة إلا الله».
وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، عن ابن عباس {وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا} قال: ما من شجرة في برّ ولا بحر إلا وبها ملك يكتب ما يسقط من ورقها.
وأخرج أبو الشيخ، عن مجاهد نحوه.
وأخرج أبو الشيخ، عن محمد بن جحادة في قوله: {وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ} قال: لله تبارك وتعالى شجرة تحت العرش ليس مخلوق إلا له فيها ورقة فإذا سقطت ورقته خرجت روحه من جسده، فذلك قوله: {وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا}.
وأخرج الخطيب في تاريخه بسند ضعيف، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من زرع على الأرض ولا ثمار على أشجار، إلا عليها مكتوب بسم الله الرحمن الرحيم، هذا رزق فلان بن فلان» فذلك قوله تعالى: {وَمَا تَسْقُطُ مِن} الآية.
وقد رواه يزيد بن هارون، عن محمد ابن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره.
وأخرج أبو الشيخ، عن ابن عباس أنه تلا هذه الآية {وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ} فقال: الرطب واليابس من كل شيء.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال