سورة الأنعام / الآية رقم 62 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الحَقِّ أَلاَ لَهُ الحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الحَاسِبِينَ قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ البَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ لِّكُلِّ نَبَأٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ

الأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعام




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلاَّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (59) وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (60) وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ (61) ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ (62)}.
التفسير:
بدأت السورة بآيات فيها عرض لجلال اللّه، وعظمة ملكه، وبسطة سلطانه، وسعة علمه، ثم جاءت بعد ذلك بمواجهة النبي وقومه، وخاصة المشركين منهم، الذين أنفوا أن يستجيبوا للرسول، لأنه بشر مثلهم، وأبوا أن يدخلوا في دين يجعلهم والأرقاء والفقراء على سواء.
ثم تجىء الآيات بعد ذلك، لتعرض جانبا من جلال اللّه وعظمته، ليكون في ذلك ذكرى لمن غفل عن اللّه، ونسى ما ذكّر به من قبل.
وقوله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ} الضمير في {وعنده} يعود إلى اللّه سبحانه وتعالى، حيث جاء لفظ الجلالة في قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ}.
الآية (58).
ومفاتح الغيب: مفاتيحه التي تفتح بها خزائنه المودع فيها الغيب.
والغيب: ما غاب عنا إدراكه بحواسنا أو بعقولنا.
والمعنى: أن الغيب المحجب عنا في أطواء الزمان أو المكان، هو مما استأثر اللّه- سبحانه- بعلمه وأن ما يضمره هؤلاء الظالمون، من شر، وما يبيتونه من سوء، هو واقع في علم اللّه، وسيحاسبون على كل صغيرة وكبيرة منه والتعبير عن الغيب بأنه مودع في خزائن، وأن هذه الخزائن لها مفاتيح، وأن هذه المفاتيح لا يعلمها إلا اللّه- في هذا إشارة إلى أن الغيب الذي استأثر اللّه بعلمه، أبعد من أن ينال، أو أن يطلع عليه أحد، إلا لمن أذن له الرحمن، ممن اصطفاه من خلقه.
وفى هذا يقول سبحانه: {عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ} [26- 27: الجن].
وإظهار الرسول على الغيب، هو إعلامه به من قبل اللّه تعالى، بما يوحى إليه من أنباء الغيب، كما يقول سبحانه: {تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا} [49: هود].
وقوله تعالى: {وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} هو بيان لبعض علم اللّه.
وتخصيص البر والبحر، لأنهما مما يقعان تحت حواسنا، وقوعا دائما متصلا.
ومع هذا فإنهما مما هو غيب عنا، إذ أن كل ما نعلم من أمرهما هو قليل قليل إلى ما لا نعلم.. ثم إن هذا العلم الذي نعلمه هو جهل بالنسبة لعلم اللّه، الذي يعلم حقائق الأشياء، وما أودع فيها من أسرار، أما علمنا فهو واقف عند ظواهرها، لا ينفذ إلى الصميم من أعماقها.
وقوله سبحانه: {وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ} هو تفصيل، بعد تفصيل، بعد إجمال.. فقد جاء علم اللّه عاما شاملا: {وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ} ثم جاء مفصلا {وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} ثم فصل هذا المفصل {وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ} إلا يعلمها، وإلا هى {فِي كِتابٍ مُبِينٍ} أي أن كل شيء وجد أو سيوجد، هو في علمه منذ الأزل، مسجل في كتاب محفوظ، لا يتغير ولا يتبدل: {وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ} [34: الأنعام] والكتاب المبين، هو الواضح، المحكم، المتمكن من كل شىء... {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً} [29: النبأ].
قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ} إشارة إلى نعمة النوم، واليقظة، وأن النوم أشبه بالموت، حيث تسكن فيه الحواس، وتتعطل ملكات الإنسان.. ونوم الإنسان ويقظته كل يوم، فيه تذكير له بالموت والبعث، إن كان مؤمنا، وتصوير لهما إن كان شاكا، ومظاهرة للحجة عليه، إن كان منكرا كافرا.
وفى قوله تعالى: {وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ} بعد قوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ} إمساك بالإنسان وهو في حال النوم، كميّت بين الأموات، ووضعه أمام ما كسب في حال يقظته، قبل أن يحتويه النوم أو يمسكه الموت.
وتلك عملية يرى فيها الإنسان صورة مصغرة لما يكون عليه حسابه يوم القيامة، وأنه ما هى إلا نومة كهذه النومة، حتى يجد نفسه هو وما عمل، بين يدى اللّه، للحساب والجزاء، وللجنة أو النار.
وفى هذا ما يحمل الإنسان على أن يتدبر أمره، ويراجع حسابه، ويستعد لليوم العظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين.
وفى التعبير عن أعمال الناس بالجرح {وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ} إشارة إلى الأعمال السيئة، وأنها عدوان على حرمات اللّه، وجرح لها، حتى لكأنها كائن حىّ، يصاب بطعنة رمح، أو ضربة سيف.. وإذ كانت كذلك فإنه لا بد من قصاص، كما يقول سبحانه: {وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ}.
والسؤال الوارد هنا: إذا كان علم اللّه عامّا شاملا لكل ما يعمل الإنسان من خير وشر، فلم اقتصر به هنا على ما اكتسب الإنسان من سيئات، وما اجترح من حرمات؟.
والجواب على هذا، هو أن سلامة الإنسان قائمة على تجنبه المعاثر، ووقوفه على حدود اللّه.. فإذا كفّ يده عن اجتراح المحارم، فقد فاز ونجا.. ذلك أنه إذا خلّص نفسه من دواعى الإثم والشر، استقامت طريقه على الحق والهدى، وانطلق في حرية إلى حيث أمر اللّه من خير وإحسان.
وقوله تعالى: {ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ} الضمير المجرور بحرف الجر فى يعود إلى النهار.. {وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ} والمراد بالنهار ليس نهارا بعينه، وإنما هو مطلق النهار، حيث تكون فيه يقظة الإنسان والكائنات الحية.. وحيث تقع فيه كل أعمال الإنسان من خير أو شر.
وقوله: {لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى} أي أن هذا البعث الذي يكون باليقظة من النوم إنما هو لاستيفاء الأجل الذي قدره اللّه للإنسان في حياته الدنيا.
وقوله تعالى: {ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أي أنه بعد استيفاء الأجل المقدور لكم، يرجعكم اللّه إليه بالموت، ثم يبعثكم بعد الموت لتروا أعمالكم، وتحاسبوا عليها.
قوله تعالى: {هُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً} بيان لقدرة، وهو أنه- سبحانه- بهذه القدرة، قائم على عباده، آخذ بنواصيهم، لا يملكون شيئا معه من أنفسهم، وأن عليهم حفظة من عنده، يكتبون ما يفعلون، ويحصون عليهم ما يعملون.. {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ} [10- 12: الانفطار] وقوله تعالى: {حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ} مجىء الموت: هو حلول وقته، بانتهاء عمر الإنسان.. فإذا انتهى أجل الإنسان، أدّى رسل اللّه مهمتهم معه، بانتزاع روحه، دون إمهال أو تفريط.
وقوله سبحانه: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ.. أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ} إمارة إلى أن الموت ليس هو نهاية الإنسان، وإنما هو بداية مرحلة جديدة، ونقلة إلى عالم آخر، حيث يبعث الناس، ويردون إلى اللّه مولاهم الحق، كما هو حق سبحانه في ذاته، وكما يراه المؤمنون والكافرون يومئذ.. حيث ينادى منادى الحق: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ؟} فيكون جواب المخلوقات جميعها بصوت واحد: {لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال