سورة الأنعام / الآية رقم 97 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَمُخْرِجُ المَيِّتِ مِنَ الحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ البَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَباًّ مُّتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

الأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعام




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (97) وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (98) وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99)}.
التفسير:
تتابع الآيات في عرض مبدعات القدرة الإلهية وتدبيرها أمر هذا الوجود، والهيمنة على نظامه البديع.
فمن مبدعات القدرة الإلهية، هذه النجوم التي هى زينة للناظرين في هذا السقف المرفوع، وهى علامات للسائرين ليلا في البر أو البحر.
وفى إضافة الظلمات إلى البر والبحر إشارة إلى أن الظلام هو الذي يلبسهما ويستولى عليهما، فكأن السائر في الليل، يقطع قطعا من الظلام، سواء أكان في البر أو البحر.
والمراد بالظلمات هنا، ليس هو الظلام الذي يلبس الوجود في الليل، وإنما هى هذا التيه الذي يستولى على راكب البحر، أو راكب الصحراء أو نحوها، في الليل، حيث لا يعرف الإنسان أين يتجه، وهو في هذا الكون الفسيح الذي لا معلم فيه.. والنجوم هى المعالم التي تكشف لراكب البحر أو الصحراء طريقه، وتشير له إلى متجهه، نحو الشرق أو الغرب، أو الشمال أو الجنوب وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [16: النحل] ومن مبدعات القدرة الإلهية أن عالم الإنسان- وهو واحد من عوالم كثيرة لا تحصى- هو ثمرة نفس واحدة، كان منها هذا العالم الإنسانى كله، في أممه، وشعوبه، المنتشرة في آفاق الأرض كلها. {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ}.
وقوله تعالى: {فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} أي فمستقر ومستودع هو الذي تتوالدون منه وتتكاثرون، والمستقر هو النطفة في صلب الرجل، والمستودع هو النطفة تستودع في رحم المرأة.. ومن المستقر والمستودع يكون التناسل والتوالد.. أو فمستقر على الأرض مدة حياتكم، ومستودع في باطنها بعد موتكم.
وفى فاصلة الآية هنا: {قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ}، وفى الفاصلة قبلها {قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} توافق كلّ فاصلة مع الحال الداعية إليها في آيتها.
فعملية الخلق، والتوالد، والتناسل، عملية تحتاج إلى دقة نظر، ومزيد علم، ولهذا كان مطلوبها أن ينظر فيها من يعلم، ويتدبر ما لا يعلم، وهو الفقيه.
{لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ}.
أما النجوم وما يأخذ النظر منها من هداية في الظلام، فلا يحتاج من يريد التعرف على هذه الخاصة منها إلى أكثر من نظر يفيد علما بالواقع كما هو:
{لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.
ومن مبدعات هذه القدرة، هذا الماء المنزل من السماء، أي من جهة عالية، تعلو وجه الأرض، فكل ما علا الأرض فهو سماء.. فمن هذا الماء يخرج كل حىّ، من إنسان وحيوان ونبات.. كما يقول سبحانه وتعالى: {وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [30: الأنبياء] ثم خصّ اللّه سبحانه بالذكر هنا عالم النبات، إذ كان أكثر الكائنات الحية تفاعلا مع الماء واعتمادا عليه.. إذ هو غذاؤه وحياته، لا شيء له غيره، به يحيا، وبفقده يذيل ويموت.. أما الكائنات الأخرى، وإن كان الماء حياتها كالنبات تماما، إلا أنها تعتمد على أشياء أخرى تقوم إلى جانب الماء لتمسك عليها الحياة، وهو ما يتغذّى من طعام.
وقوله تعالى: {فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً} أي نباتا ذا خضرة، حيث الخضرة هى الروح السارية في حياة النبات، وبغير تلك الخضرة لا ينبض فيه عرق الحياة أبدا.
وقوله سبحانه: {نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً} أي من هذه الخضرة التي تمسك حياة النبات وتمده بالقوة والنماء- من هذه الخضرة يبلغ النبات غايته من النماء، فيزهو، ويثمر، ويخرج حبا متراكبا، أي يركب بعضه بعضا، كما هو الشأن في سنابل القمح، وعناقيد العنب ونحوهما.
وقوله سبحانه: {وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ} أي كما أخرجنا من الخضر حبا متراكبا، كذلك كان شأن النخل، الذي نخلق من طلعه قنوانا دانية.
والطلع، لقاح النخل، والقنوان: جمع قنو، وهو العذق، أي سباطة البلح أو الكباسة.
وفى هذا الذي بين طلع النخل، وما يتخلق منه من قنوان دانية الثمر، ما يلفتنا إلى الخضر الذي في النبات وما ينشأ عنه من حبّ متراكب.
وكأن هذه الخضرة هى اللقاح الذي لولاه ما أثمر نبات.
وفى وصف القنوان بأنها قنوان دانية، مع أنها قد تكون والنخلة سابحة في السماء- في هذا الوصف ما يشير إلى اشتهاء النفس لهذا الثمر الذي يحمله النخل، وتطلعها إليه، ورغبتها فيه- الأمر الذي يجعل بعيده قريبا، وكلّ صعب في الوصول إليه هينا.. هكذا المحبوب المشتهى أبدا.
وقوله سبحانه: {وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ} معطوف على قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ} أي وأخرجنا به- أي بالماء- جنات من أعناب وقوله تعالى: {وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ} معطوف على جنات من أعناب.
وقوله سبحانه: {مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ} أي أن الزيتون والرمان، منه ما يشبه بعضه بعضا، ومنه ما يختلف بعضه عن بعض.. في اللون، أو الحجم، أو الطعم.
ويمكن أن يفهم قوله تعالى: {مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ} على وجه آخر.
وهو أن هذه الأشجار من الزيتون والرمان، وإن بدت أفراد كل جنس منها متشابهة في هيئتها وثمارها، إلا أنها في حقيقة أمرها غير متشابهة، فبين كل شجرة وأخرى فروق دقيقة، في هيئنها، وفى ثمارها.. وهذا من بديع صنع اللّه، ومن كمال قدرته.. حيث تتنوع أفراد الجنس الواحد.. شجرة شجرة، وتختلف ثمرات الشجرة.. ثمرة ثمرة.. وعلى هذا تكون الواو في قوله تعالى: {وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ} وهى واو الحال، والجملة بعدها حالية.
وذلك في قراءة من قرأ وغير بالرفع، أي يبدو مشتبها، والحال أنه غير متشابه، وهذا هو السرّ في اختلاف النظم بين مشتبه ومتشابه!! وقوله تعالى: {انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ} إغراء بتوجيه النظر، وإعمال الفكر في هذه المخلوقات، وما يجىء منها إلى الناظر إليها وهى في حال إزهارها وإثمارها، من جمال رائع، وحسن فتّان، يشيع في النفس البهجة والمسرّة، ويثير في العقل أشواقا وتطلعات إلى التعرف على أسرار هذا الجمال واستكشاف ينابيعه ومصادره الأولى التي يجىء منها.
والإنسان إذ يلقى الطبيعة وهى في نضارة شبابها، وروعة حسنها، إنما يتيح له ذلك مجالا فسيحا للاندماج بها، والتعايش معها، الأمر الذي يسمح للطبيعة أن تبوح له بكثير من أسرارها، وتأتمنه على الكثير مما احتفظت به في كيانها، وضنّت به على من لا يدنون منها، ولا يتعاطفون معها.
أليس هذا شأن كل أمر يريد الإنسان أن ينتفع منه، ويملأ يديه من الخير الذي فيه؟. إنه لن ينال شيئا من أي أمر يعالجه، ويريد فتح مغالقه، إلا إذا تألّفه وأحبّه وأنس به، وأقبل عليه في حبّ وشوق! ومن هنا كانت دعوة القرآن بالنظر إلى الطبيعة وهى في حلل جمالها وبهائها- هى في الواقع دعوة ضمنية إلى التزود من العلم والمعرفة، إذ يكون النظر إليها في تلك الحال نظرا جادّا، باحثا، مستلهما، لا نظرا عابثا، لاهيا، متفكها بألوانها، وأصباغها.
وانظر إلى معارض هذه الآيات الكريمة، وما يحمل كل معرض منها من دعوة إلى أناس كلّهم طلاب علم، ولكنّهم درجات متفاوتة، فيما يعلمون!.
النجوم... {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.
وخلق الناس من نفس واحدة... {لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ}.
والماء وأثره في الحياة، وفى عالم النبات.. {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}.
فهذه النظرات المردّدة في الكون.. تجىء أول ما تجىء بالعلم، فإذا كان لصاحب هذا العلم نظرة تجمع الحقائق الجزئية، وتقيم منها حقائق كلية.. كان علمه هذا فقها. فإذا اتخذ من هذه الفقه مادة لجمع الحقائق الكلية ودرجها تحت حقيقة كليّة كبرى، كان فقهه هذا هو الإيمان..
الإيمان القائم على النظر الاستدلالي، والبحث الاستقصائى، لا على الإيمان التقليدى، الذي يعتمد على مشاعر غامضة، ووجدانات باهتة، لا تصل الإنسان باللّه إلا بخيط واه ضعيف ينقطع عند أول هزّه تمرّ به.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال