سورة الأنعام / الآية رقم 126 / تفسير تفسير البيضاوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاًّ كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ يَا مَعْشَرَ الجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ

الأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعام




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فأحييناه وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِى الناس} مثل به من هداه الله سبحانه وتعالى وأنقذه من الضلال وجعل له نور الحجج والآيات يتأمل بها في الأشياء، فيميز بين الحق والباطل والمحق والمبطل. وقرأ نافع ويعقوب {مَيْتًا} على الأصل. {كَمَن مَّثَلُهُ} صفته وهو مبتدأ خبره. {فِى الظلمات} وقوله: {لَيْسَ بِخَارِجٍ مّنْهَا} حال من المستكن في الظرف لا من الهاء في مثله للفصل، وهو مثل لمن بقي على الضلالة لا يفارقها بحال. {كذلك} كما زين للمؤمنين إيمانهم. {زُيّنَ للكافرين مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} والآية نزلت في حمزة وأبي جهل وقيل في عمر أو عمار وأبي جهل.
{وكذلك جَعَلْنَا فِي كُلّ قَرْيَةٍ أكابر مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا} أي كما جعلنا في مكة أكابر مجرميها ليمكروا فيها جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها، و{جَعَلْنَا} بمعنى صيرنا ومفعولاه {أكابر مُجْرِمِيهَا} على تقديم المفعول الثاني، أو في كل قرية {أكابر} و{مُجْرِمِيهَا} بدل ويجوز أن يكون مضافاً إليه إن فسر الجعل بالتمكين، وأفعل التفضيل إذا أضيف جاز فيه الإفراد والمطابقة ولذلك قرئ: {أكبر مجرميها}، وتخصيص الأكابر لأنهم أقوى على استتباع الناس والمكر بهم. {وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ} لأن وباله يحيق بهم. {وَمَا يَشْعُرُونَ} ذلك.
{وَإِذَا جَاءتْهُمْ ءايَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حتى نؤتى مِثْلَ مَا أُوتِىَ رُسُلُ الله} يعني كفار قريش لما روي: أن أبا جهل قال زاحمنا بني عبد مناف في الشرف حتى إذا صرنا كفرسي رهان قالوا: منا نبي يوحي إليه والله لا نرضى به إلا أن يأتينا وحي كما يأتيه، فنزلت: {الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} استئناف للرد عليهم بأن النبوة ليست بالنسب والمال وإنما هي بفضائل نفسانية يخص الله سبحانه وتعالى بها من يشاء من عباده فيجتبي لرسالاته من علم أنه يصلح لها، وهو أعلم بالمكان الذي يضعها فيه. وقرأ ابن كثير وحفص عن عاصم {رِسَالَتَهُ} {سَيُصِيبُ الذين أَجْرَمُواْ صَغَارٌ} ذل وحقارة بعد كبرهم. {عَندَ الله} يوم القيامة وقيل تقديره من عند الله. {وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ} بسبب مكرهم أو جزاء على مكرهم.
{فَمَن يُرِدِ الله أَن يَهْدِيَهُ} يعرفه طريق الحق ويوفقه للإيمان. {يَشْرَحْ صَدْرَهُ للإسلام} فيتسع له وينفسح فيه مجاله، وهو كناية عن جعل النفس قابلة للحق مهيأة لحلوله فيها مصفاة عما يمنعه وينافيه، وإليه أشار عليه أفضل الصلاة والسلام حين سئل عنه فقال: «نور يقذفه الله سبحانه وتعالى في قلب المؤمن فينشرح له وينفسح فقالوا: هل لذلك من أمارة يعرف بها فقال: نعم الإِنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزوله».
{وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيّقاً حَرَجاً} بحيث ينبو عن قبول الحق فلا يدخله الإِيمان. وقرأ ابن كثير {ضَيّقاً} بالتخفيف ونافع وأبو بكر عن عاصم حرجاً بالكسر أي شديد الضيق، والباقون بالفتح وصفاً بالمصدر. {كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِى السماء} شبهه مبالغة في ضيق صدره بمن يزاول ما لا يقدر عليه، فإن صعود السماء مثل فيما يبعد عن الاستطاعة، ونبه به على أن الإِيمان يمتنع منه كما يمتنع الصعود. وقيل معناه كأنما يتصاعد إلى السماء نبواً عن الحق وتباعداً في الهرب منه، وأصل يصعد يتصعد وقد قرئ به وقرأ ابن كثير {يَصْعَدُ} وأبو بكر عن عاصم يصاعد بمعنى يتصاعد. {كذلك} أي كما يضيق صدره ويبعد قلبه عن الحق. {يَجْعَلُ الله الرجس عَلَى الذين لاَ يُؤْمِنُونَ} يجعل العذاب أو الخذلان عليهم، فوضع الظاهر موضع المضمر للتعليل.
{وهذا} إشارة إلى البيان الذي جاء به القرآن، أو إلى الإسلام أو ما سبق من التوفيق والخذلان. {صراط رَبّكَ} الطريق الذي ارتضاه أو عادته وطريقه الذي اقتضته حكمته. {مُّسْتَقِيماً} لا عوج فيه، أو عادلاً مطرداً وهو حال مؤكدة كقوله: {وَهُوَ الحق مُصَدّقًا}، أو مقيدة والعامل فيها معنى الإشارة. {قَدْ فَصَّلْنَا الآيات لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} فيعلمون أن القادر هو الله سبحانه وتعالى وأن كل ما يحدث من خير أو شر فهو بقضائه وخلقه، وأنه عالم بأحوال العباد حكيم عادل فيما يفعل بهم.
{لَهُمْ دَارُ السلام} دار الله أضاف الجنة إلى نفسه تعظيماً لها، أو دار السلامة من المكاره أو دار تحيتهم فيها سلام. {عِندَ رَبّهِمْ} في ضمانه أو ذخيرة لهم عنده لا يعلم كنهها غيره. {وَهُوَ وَلِيُّهُم} مواليهم أو ناصرهم. {بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} بسبب أعمالهم أو متوليهم بجزائها فيتولى إيصاله إليهم.
{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً} نصب باضمار اذكر أو نقول، والضمير لمن يحشر من الثقلين. وقرأ حفص عن عاصم وروح عن يعقوب {يَحْشُرُهُمْ} بالياء. {كَانُواْ يَعْبُدُونَ الجن} يعني الشياطين. {قَدِ استكثرتم مّنَ الإنس} أي من إغوائهم وإضلالهم، أو منهم جعلتموهم أتباعكم فحشروا معكم كقوله استكثر الأمير من الجنود. {وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مّنَ الإنس} الذين أطاعوهم. {رَبَّنَا استمتع بَعْضُنَا بِبَعْضٍ} أي انتفع الإنس بالجن بأن دلوهم على الشهوات وما يتوصل به إليها، والجن بالإِنس بأن أطاعوهم وحصلوا مرادهم. وقيل استمتاع الإنس بهم أنهم كانوا يعوذون بهم في المفاوز وعند المخاوف، واستمتاعهم بالإنس اعترافهم بأنهم يقدرون على إجارتهم. {وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الذى أَجَّلْتَ لَنَا} أي البعث وهو اعتراف بما فعلوه من طاعة الشيطان واتباع الهوى وتكذيب البعث وتحسر على حالهم. {قَالَ النار مَثْوَاكُمْ} منزلكم أو ذات مثواكم. {خالدين فِيهَا} حال والعامل فيها مثواكم إن جعل مصدراً، ومعنى الإضافة إن جعل مكاناً {إِلاَّ مَا شَاء الله} إلا الأوقات التي ينقلون فيها من النار إلى الزمهرير وقيل: {إِلاَّ مَا شَاء الله} قبل الدخول كأنه قيل: النار مَثْوَاكُمْ أبداً إلا ما أمهلكم.
{إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ} في أفعاله. {عَلِيمٌ} بأعمال الثقلين وأحوالهم.
{وكذلك نُوَلّى بَعْضَ الظالمين بَعْضاً} نكل بعضهم إلى بعض، أو نجعل بعضهم يتولى بعضاً فيغويهم أولياء بعض وقرناءهم في العذاب كما كانوا في الدنيا. {بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} من الكفر والمعاصي.
{يامعشر الجن والإنس أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنْكُمْ} الرسل من الإِنس خاصة، لكن لما جمعوا مع الجن في الخطاب صح ذلك ونظيره {يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ} والمرجان يخرج من الملح دون العذب وتعلق بظاهره قوم وقالوا بعث إلى كل من الثقلين رسل من جنسهم. وقيل الرسل من الجن رسل الرسل إليهم لقوله تعالى: {وَلَّوْاْ إلى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ} {يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هذا} يعني يوم القيامة. {قَالُواْ} جواباً. {شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا} بالجرم والعصيان وهو اعتراف منهم بالكفر واستيجاب العذاب. {وَغَرَّتْهُمُ الحياة الدنيا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسهم أَنَّهُمْ كَانُواْ كافرين} ذم لهم على سوء نظرهم وخطأ رأيهم، فإنهم اغتروا بالحياة الدنيوية واللذات المخدجة، وأعرضوا عن الآخرة بالكلية حتى كان عاقبة أمرهم أن اضطروا إلى الشهادة على أنفسهم بالكفر والاستسلام للعذاب المخلد تحذير للسامعين مثل حالهم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال