سورة الأنعام / الآية رقم 165 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ المَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَباًّ وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ العِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ

الأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعام




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)}
{وَهُوَ الذى جَعَلَكُمْ خلائف الارض} أي يخلف بعضكم بعضًا كلما مضى قرن جاء قرن حتى تقوم الساعة ولا يكون ذلك إلا من عالم مدبر، وإلى هذا ذهب الحسن، أو جعلكم خلفاء الله تعالى في أرضه تتصرفون فيها كما قيل والخطاب عليهما عام، وقيل: الخطاب لهذه الأمة، وروي ذلك عن السدي أي جعلكم خلفاء الأمم السالفة {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ} في الفضل والغنى كما روي عن مقاتل {درجات} كثيرة متفاوتة {لّيَبْلُوَكُمْ فِى مَا ءاتاكم} أي ليعاملكم معاملة من يبتليكم لينظر ماذا تعملون مما يرضيه وما لا يرضيه.
{إِنَّ رَبَّكَ} تجريد الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع إضافة اسم الرب إليه عليه الصلاة والسلام لإبراز مزيد اللطف به صلى الله عليه وسلم {سَرِيعُ العقاب} أي عقابه سبحانه الأخروي سريع الإتيان لمن لم يراع حقوق ما آتاه لأن كل آت قريب أو سريع التمام عند إرادته لتعاليه سبحانه عن استعمال المبادىء والآلات. وجوز أن يراد بالعقاب عقاب الدنيا كالذي يعقب التقصير من البعد عن الفطرة وقساوة القلب وغشاوة الأبصار وصم الأسماع ونحو ذلك {وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} لمن راعى حقوق ما آتاه الله تعالى كما ينبغي. وفي جعل خبر هذه الجملة هذين الوصفين الواردين على بناء المبالغة مع التأكيد باللام مع جعل خبر الأولى صفة جارية على غير من هي له ما لا يخفى من التنبيه على أنه سبحانه غفور رحيم بالذات لا تتوقف مغفرته ورحمته على شيء كما يشير إليه قوله سبحانه في الحديث القدسي «سبقت رحمتي غضبي» مبالغ في ذلك فاعل للعقوبة بالعرض وبعد صدور ذنب من العبد يستحق به ذلك، وما ألطف افتتاح هذه السورة بالحمد وختمها بالمغفرة والرحمة نسأل الله تعالى أن يجعل لنا الحظ الأوفر منهما إنه ولي الأنعام وله الحمد في كل ابتداء وختام.
ومن باب الإشارة في الآيات: {سَيَقُولُ الذين أَشْرَكُواْ} بالله تعالى وأثبتوا وجودًا غير وجوده {لَوْ شَاء الله} تعالى: {مَا أَشْرَكْنَا} به سبحانه شيئًا {وَلاَ} أشرك {ءابَاؤُنَا} من قبلنا {وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَىْء} قالوا ذلك تكذيبًا للرسل عليهم السلام {كذلك كَذَّبَ الذين مِن قَبْلِهِمْ} وقالوا مثل قولهم {حتى ذَاقُواْ بَأْسَنَا} الذي حل بهم لتكذيبهم وهو الحجاب {قُلْ هَلْ عِندَكُم مّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا} بالبيان {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن} [الأنعام: 148] لأنكم محجوبون في مقام النفس {قُلْ فَلِلَّهِ الحجة البالغة} أي إن كان الأمر كما قلتم فليس لكم حجة بل لله تعالى الحجة عليكم لأنه تعالى لا يشاء إلا ما يعلمه في الأزل ولا يعلم الشيء إلا على ما هو عليه في نفسه فلو لم تكونوا في أنفسكم مشركين سيئي الاستعداد لما شاء الله تعالى ذلك منكم.
{فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: 149] لكنه لم يشأ إذ ليس في استعدادكم الأزلي ذلك. وتحتمل الآية وجوهًا أخر لعلها غير خفية {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا} فإن إثبات موجود غير الله تعالى ظلم عظيم {وبالوالدين} أي الروح والقلب أحسنوا {إحسانا} برعاية حقوقهما {وَلاَ تَقْتُلُواْ} أي تهلكوا {أولادكم} قواكم باستعمالها في غير ما هي له {مّنْ إملاق} أي من أجل فقركم من الفيض الأقدس {نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} بأن نفيض عليكم وعليهم ما تتغذون به من المعارف قدار إذا توجهتم إلينا {وَلاَ تَقْرَبُواْ الفواحش} الأعمال الشنيعة {مَا ظَهَرَ مِنْهَا} كأفعال الجوارح {وَمَا بَطَنَ} كأفعال القلب {وَلاَ تَقْتُلُواْ النفس التى حَرَّمَ الله} تعالى قتلها {إِلاَّ بالحق} [الأنعام: 151] أي إلا بسببه بأن تريدوا توجهها إليه أو إلا قتلًا متلبسًا به، وهو قتلها إذا مالت إلى السوي {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم} أي ما أعد ليتيم القلب المنقطع عن علائق الدنيا والآخرة من المعارف التي هي وراء طور العقل {إِلاَّ بالتى هِىَ أَحْسَنُ} وهي التصديق بذلك إجمالًا وعدم إنكاره {حَقّ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} فيقوى على قبول أنواع التجليات، وحينئذٍ يصح لكم أن تقربوا ما أعد الله تعالى له من هاتيك المعارف لقوة قلوبكم وتقدس أرواحكم. ومن الناس من جعل اليتيم إشارة إلى حضرة الرسالة عليه الصلاة والسلام وهو كما ترى {وَأَوْفُوا الكيل} أي كيل الشرع راعاة الحقوق الظاهرة {والميزان} أي ميزان الحقيقة راعاة الحقوق الباطنة {بالقسط} بالعدل {وَإِذَا قُلْتُمْ فاعدلوا} أي لا تقولوا إلا الحق {وَبِعَهْدِ الله أَوْفُواْ} [الأنعام: 152] وهو التوحيد {وَأَنَّ هذا صراطي مُسْتَقِيمًا} غير مائل إلى اليمين والشمال {فاتبعوه} لتصلوا إلى الله تعالى: {وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل} التي وصفها أهل الاحتجاب {فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153] فتضلوا ولا تصلوا إليه سبحانه. {هَلْ يَنظُرُونَ إِلا أَن تَأْتِيهُمُ الملائكة} لتوفي أرواحهم {أَوْ يَأْتِىَ رَبُّكَ} بالتجلي الصوري يوم القيامة كما صح في ذلك الحديث {هَلْ يَنظُرُونَ إِلا أَن تَأْتِيهُمُ} وهو الكشف عن ساق {يَوْمَ يَأْتِى بَعْضُ ءايات رَبّكَ} وهو الكشف المذكور {لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} [الأنعام: 158] حينئذٍ لانقطاع التكليف. {إِنَّ الذين فَرَّقُواْ دِينَهُمْ} أي جعلوا دينهم أهواء متفرقة كالذين غلبت عليهم صفات النفس {وَكَانُواْ شِيَعًا} فرقًا مختلفة بحسب غلبة تلك الأهواء {لَّسْتَ مِنْهُمْ فِى شَىْء} إذ هم أهل التفرقة والاحتجاب بالكثرة فلا تجتمع هممهم ولا تتحد مقاصدهم {إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى الله} في جزاء تفرقهم {ثُمَّ يُنَبّئُهُم} عند ظهور هيئات أهوائهم المختلفة المتفرقة {ا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} [الأنعام؛ 159] من السيئات واتباع الهوى {مَن جَاء بالحسنة فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بالسيئة فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا} [الأنعام: 160] وذلك لأن السيئة من مقام النفس وهي مرتبة الآحاد والحسنة أول مقاماتها مقام القلب وهي مرتبة العشرات وأقل مراتبها عشرة، وقد يضاعف الحسنة بأكثر من ذلك إذا كانت من مقام الروح أو مقام السر وهذا هو السر في تفاوت جزاء الحسنات التي تشير إليه النصوص {قُلْ إِنَّنِى هَدَانِى رَبّى إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ} هو طريق التوحيد الذاتي {دِينًا قِيَمًا} ثابتًا لا تنسخه الملل والنحل {مِلَّةِ إبراهيم} التي أعرض بها عن السوي {حَنِيفًا} [الأنعام: 161] مائلًا عن كل دين فيه شرك {قُلْ إِنَّ صَلاَتِى} حضوري وشهودي بالروح {وَنُسُكِى} تقربي بالقلب {وَمَحْيَاىَ} بالحق {وَمَمَاتِى} بالنفس {للَّهِ رَبّ العالمين} [الأنعام: 162] لا نصيب لأحد مني في ذلك {لاَ شَرِيكَ لَهُ} في شيء أصلًا إذ لا وجود سواه {وبذلك} الإخلاص وعدم رؤية الغير {أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ المسلمين} [الأنعام: 163] المنقادين للفناء فيه سبحانه. {قُلْ أَغَيْرَ الله أَبْغِى رَبّا} فأطلب مستحيلًا {وَهُوَ رَبُّ كُلّ شَىْء} أي وما سواه باعتبار تفاصيل صفاته سبحانه مربوب {وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا} إذ كسب النفس شرك في أفعاله تعالى وكل من أشرك فوباله عليه. {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى} [الأنعام: 164] لعدم تجاوز الملائكة إلى غير صاحبها {وَهُوَ الذى جَعَلَكُمْ خلائف الارض} بأن جعلكم له مظهر أسمائه {وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ درجات} في تلك المظهرية لأنها حسب الاستعداد وهو متفاوت {لِيَبْلُوَكُمْ فِيمَا *ءاتاكم} ويظهر علمه ن يقوم برعاية ما آتاه ون لا يقوم {إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ العقاب} لمن لم يراع {وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} [الأنعام: 165] لمن يراعي ذلك، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لمراضيه ويجعل مستقبل حالنا خيرًا من ماضيه.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال