سورة البقرة / الآية رقم 90 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الكَافِرِينَ بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلَ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَلَقَدْ جَاءَكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ العِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ العِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُم بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بما أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (90)}
{بِئْسَمَا اشتروا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بما أنزَلَ الله} أي باعوا، فالأنفس نزلة المثمن، والكفر نزلة الثمن لأن أنفسهم الخبيثة لا تشترى بل تباع وهو على الاستعارة أي إنهم اختاروا الكفر على الإيمان وبذلوا أنفسهم فيه، وقيل: هو عناه المشهور لأن المكلف إذا خاف على نفسه من العقاب أتى بأعمال يظن أنها تخلصه فكأنه اشترى نفسه بها فهؤلاء اليهود لما اعتقدوا فيما أتوا به أنه يخلصهم من العقاب ظنوا أنهم اشتروا أنفسهم وخلصوها فذمهم الله تعالى عليه، واعترض بأنه كيف يدعي أنهم ظنوا ذلك مع قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ} [البقرة: 89] فإذا علموا مخالفة الحق كيف يظنون نجاتهم بما فعلوا وإرادة العقاب الدنيوي كترك الرياسة غير صحيح لأنه لا يشتري به الأنفس. ويمكن الجواب بأن المراد أنهم ظنوا على ما هو ظاهر حالهم من التصلب في اليهودية والخوف فيما يأتون ويذرون وادعاء الحقية فيه فلا ينافي عدم ظنهم في الواقع على ما تدل عليه الآية، والمراد بما أنزل الله الكتاب المصدق، وفي تبديل المجىء بالإنزال المشعر بأنه من العالم العلوي مع الإسناد إليه تعالى إيذان بعلو شأنه وعظمه الموجب للإيمان به، وقيل: يحتمل أن يراد به التوراة والإنجيل وأن يراد الجميع، والكفر ببعضها كفر بكلها، واختلف في ما الواقعة بعد بئس ألها محل من الإعراب أم لا؟ فذهب الفراء إلى أنها لا محل لها وأنها مع بئس شيء واحد كحبذا، وذهب الجمهور إلى أن لها محلًا، واختلف أهو نصب أم رفع؟ فذهب الأخفش إلى الأول على أنها تمييز، والجملة بعدها في موضع نصب على الصفة، وفاعل بئس مضمر مفسر بها، والتقدير بئس هو شيئًا اشتروا به، و{أَن يَكْفُرُواْ} هو المخصوص بالذمّ والتعبير بصيغة المضارع لإفادة الاستمرار على الكفر فإنه الموجب للعذاب المهين، ويحتمل على هذا الوجه أن يكون المخصوص محذوفًا، و{ اشتروا} صفة له، والتقدير بئس شيء اشتروا به، و{أَن يَكْفُرُواْ} بدل من المحذوف أو خبر مبتدأ محذوف، وذهب الكسائي إلى النصب على التمييز أيضًا إلا أنه قدر بعدها {ما} أخرى موصولة هي المخصوص بالذم، و{ اشتروا} صلتها، والتقدير بئس شيئًا الذي اشتروا، وذهب سيبويه إلى الثاني على أنها فاعل {بئس} وهي معرفة تامة، والمخصوص محذوف أي: شيء اشتروا، وعزي هذا إلى الكسائي أيضًا، وقيل: موصولة وهو أحد قولي الفارسي، وعزاه ابن عطية إلى سيبويه وهو وهم، ونقل المهدوي عن الكسائي أن ما مصدرية والمتحصل فاعل {بئس} واعترض بأن {بئس} لا تدخل على اسم معين يتعرف بالإضافة إلى الضمير، ولك على هذا التقدير أن لا تجعل ذلك فاعلًا بل تجعله المخصوص والفاعل مضمر والتمييز محذوف لفهم المعنى، والتقدير بئس اشتراء اشتراؤهم فلا يلزم الاعتراض، نعم يرد عود ضمير به على ما والمصدرية لا يعود عليها الضمير لأنها حرف عند غير الأخفش فافهم.
{بَغْيًا أَن يُنَزّلُ الله} البغي في الأصل الظلم والفساد من قولهم بغى الجرح فسد قاله الأصمعي، وقيل: أصله الطلب، وتختلف أنواعه ففي طلب زوال النعمة حسد، والتجاوز على الغير ظلم، والزنا فجور، والمراد به هنا عونة المقام طلب ما ليس لهم فيؤل إلى الحسد، وإلى ذلك ذهب قتادة وأبو العالية والسدي، وقيل: الظلم وانتصابه على أنه مفعول له ليكفرون فيفيد أن كفرهم كان لمجرد العناد الذي هو نتيجة الحسد لا للجهل وهو أبلغ في الذم لأن الجاهل قد يعذر، وذهب الزمخشري إلى أنه علة {اشتروا} ورد بأنه يستلزم الفصل بالأجنبي وهو المخصوص بالذم وهو وإن لم يكن أجنبيًا بالنسبة إلى فعل الذم وفاعله لكن لا خفاء في أنه أجنبي بالنسبة إلى الفعل الذي وصف به تمييز الفاعل، والقول بأن المعنى على ذم ما باعوا به أنفسهم حسدًا وهو الكفر لا على ذم ما باعوا به أنفسهم وهو الكفر حسدًا تحكم، نعم قد يقال: إنما يلزم الفصل بأجنبي إذا كان المخصوص مبتدأ خبره بئسما أما لو كان خبر مبتدأ محذوف وهو المختار فلا لأن الجملة حينئذٍ جواب للسؤال عن فاعل {بئس} فيكون الفصل بين المعلول وعلته بما هو بيان للمعلول ولا امتناع فيه، وجعله بعضهم علة ل {اشتروا} محذوفًا فرارًا من الفصل، ومنهم من أعربه حالًا ومفعولًا مطلقًا لمقدر أي بغوا بغيًا، و{أَن يُنَزّلٍ} إما مفعول من أجله للبغي أي حسدًا لأجل تنزيل الله، وإما على إسقاط الخافض المتعلق بالبغي أي حسدًا على أن ينزل والقول بأنه في موضع خفض على أنه بدل اشتمال من ما في قوله: {ا أنزَلَ الله} بعيد جدًا، ورا يقرب منه ما قيل: إنه في موضع المفعول الثاني، والبغي عنى طلب الشخص ما ليس له يتعدى إليه بنفسه تارة، وباللام أخرى، والمفعول الأول هاهنا أعني محمدًا عليه الصلاة والسلام محذوف لتعينه؛ وللدلالة على أن الحسد مذموم في نفسه كائنًا ما كان المحسود كما لا يخفى وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب {يُنَزّلٍ} بالتخفيف.
{مِن فَضْلِهِ} أراد به الوحي، و من لابتداء الغاية صفة لموصوف محذوف أي شيئًا كائنًا من فضله وجوّز أبو البقاء أن تكون زائدة على مذهب الأخفش {على مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ} أي على من يختاره للرسالة، وفي البحر أن المراد به محمد صلى الله عليه وسلم لأنهم حسدوه لما لم يكن منهم، وكان من العرب ومن ولد إسماعيل ولم يكن من ولده نبي سواه عليه الصلاة والسلام وإضافة العباد إلى ضميره تعالى للتشريف، و{مِنْ} إما موصولة أو موصوفة.
{فَبَاءو بِغَضَبٍ على غَضَبٍ} تفريع على ما تقدم، أي فرجعوا متلبسين بغضب كائن على غضب مستحقين له حسا اقترفوا من الكفر والحسد. وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن الغضب الأول: لعبادة العجل والثاني: لكفرهم به صلى الله عليه وسلم، وقال قتادة: الأول: كفرهم بالإنجيل والثاني: كفرهم بالقرآن، وقيل: هما الكفر بعيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، أو قولهم: {عُزَيْرٌ ابن الله} [التوبة: 30] و{يَدُ الله مَغْلُولَةٌ} [المائدة: 64] وغير ذلك من أنواع كفرهم، وكفرهم الأخير بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا يخفى أن فاء العطف يقتضي صيرورتهم أحقاء بترادف الغضب لأجل ما تقدم، وقولهم: {عُزَيْرٌ ابن الله} مثلًا غير مذكور فيما سبق، ويحتمل أن يراد بقوله سبحانه: {بِغَضَبٍ على غَضَبٍ} الترادف والتكاثر لا غضبان فقط، وفيه إيذان بتشديد الحال عليهم جدًا كما في قوله:
ولو كان رمحًا واحدًا لاتقيته *** ولكنه رمح وثان وثالث
ومن الناس من زعم أن الفاء فصيحة والمعنى فإذا كفروا وحسدوا على ما ذكر باءوا الخ، وليس بشيء.
{وللكافرين عَذَابٌ مُّهِينٌ} اللام في الكافرين للعهد، والإظهار في موضع الإضمار للإيذان بعلية كفرهم لما حاق بهم؛ ويحتمل أن تكون للعموم فيدخل المعهودون فيه على طرز ما مر. والمهين المذل، وأصله مهون فأعل، وإسناده إلى العذاب مجاز من الإسناد إلى السبب والوصف به للتقييد والاختصاص الذي يفهمه تقديم الخبر بالنسبة إليه، فغير الكافرين إذا عذب فإنما يعذب للتطهير لا للإهانة والإذلال ولذا لم يوصف عذاب غيرهم به في القرآن فلا تمسك للخوارج بأنه خص العذاب بالكافرين فيكون الفاسق كافرًا لأنه معذب ولا للمرجئة أيضًا.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال