سورة البقرة / الآية رقم 91 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الكَافِرِينَ بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلَ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَلَقَدْ جَاءَكُم مُّوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ العِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ العِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُم بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قلت: بئس ونعم: فعلان جامدان مختصان بالدخول على ما يدل على العموم، إما نكرة، فتنصب على التمييز المفسر للضمير الفاعل، أو معروف بأل الجنسية، فيرتفع على الفاعلية، تقول: بئس رجلاً زيدٌ، وبئس الرجل زيد، ويذكر بعد ذلك المخصوص: إما خبر عن مبتدأ مضمر، أو مبتدأ والخبر مقدم. وإنما اخْتُصَّتَا بالدخول على ما يدل على العموم؛ لأن {نعم} مستوفية لجميع المدح، و{بئس} مستوفية لجميع الذم. فإذا قلت: نعم الرجل زيد، فكأنك قلت: استحق زيدٌ المدحَ الذي يكون في سائر جنسه، وكذلك تقول في بئس.
و{ما} المتصلة ببئس ونعم: نكرة منصوبة على التمييز، أي: بئس شيئاً اشتروا به أنفسهم، وهو كفرهم، أو معرفة تامة مرفوعة على الفاعل، أي: بئس الشيء شيء اشتروا به أنفسهم. و{اشتروا} هنا بمعنى باعوا، كشَروا على خلاف الأصل، وقد يمكن ان يبقى على أصله، على ما يأتي في بيان المعنى.
و{بغيا} مفعول من اجله ليكفروا، و{يكفرون} حال من الفاعل في {قالوا}، و{وراء} في الأصل: مصدر جُعل ظرفاً، ويضاف إلى الفاعل ويراد به ما يتوارى به وهو خلفه، وإلى المفعول فيراد به ما يواريه وهو قدامه، ولذلك عد من الأضداد، قاله البيضاوي.
يقول الحقّ جلّ جلاله: في شأن اليهود: بئس شيئاً باعوا به حظ أنفسهم، وهو كفرهم بما أنزر الله، أو {بئسما اشتروا به أنفسهم} بحسب ظنهم، فإنهم ظنوا أنهم خلّصوا أنفسهم من العذاب بما فعلوا، وهو كفرهم بما أنزل الله على محمد نبيه صلى الله عليه وسلم بغياً وحسداً أن يكون النبيّ من غيرهم، فانقلبوا {بِغَضَبِ عَلَى غَضَبٍ} للكفر والحسد لمن هو أفضل الخلق، أو لكفرهم بمحمد- عليه الصلاة والسلام- بعد عيسى عليه السلام، أو لتضييعهم التوراة، وكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ} أي: يذلهم ويخزيهم في الدنيا والآخرة، بخلاف عذاب العاصي فإنه كفارة لذنوبه.
{وَإِذَا قِيلَ} لهؤلاء اليهود: {آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللّهُ} على محمد صلى الله عليه وسلم {قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا} من التوراة، وهم {يَكْفُرُونَ بِمَا ورَاءَهُ} أي: بما سواه، وهو القرآن، حال كونه {مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ} من التوراة ومهيمناً عليه. {قُلْ} لهم يا محمد: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللّهِ مِن قَبْل} هذا الزمان، وهو محرم عليكم في التوراة، {إِن كُنتُم مُؤْمِنِينَ} به؟ فهذا يبطل دعواكم الإيمان بالتوراة؛ إذ الإيمان بالكتاب يقتضي العمل به، وإلاَّ كان دعوى، وإن فعله أسلافكم فأنتم راضون به وعازمون عليه.
الإشارة: اعلم أن قاعدة تفسير أهل الإشارة هي أن كل عتاب توجه لمن ترك طريق الإيمان، وأنكر على أهله يتوجه مثله لمن ترك طريق مقام الإحسان، وأنكر على أهله.
وكل وعيد توعد به أهل الكفران يتوعد به مَن ترك السلوك لمقام الإحسان، غير أن عذاب أهل الكفر حسي بدني، وعذاب أهل الحجاب معنوي قلبي.
فنقول فيمن رضي بعيبه وأقام على مرض قلبه وأنكر الأطباء ووجود أهل التربية، بئسما اشتروا به أنفسهم، وهو كفرهم بما أنزل الله من الخصوصية على قلوب أوليائه بغياً وحسداً، أو جهلاً وسوء ظن، أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده، فباؤوا بغضب الحجاب على غضب البعد والارتياب، أو بغضب سقم القلوب على غضب الإصرار على المساوئ والعيوب. (من لم يتغلغل في علمنا هذا مات مصراً على الكبائر وهو لا يشعر) كما قال الشاذلي رضي الله عنه، ولا يصح التغلغل فيه إلا بصحبة أهله. وللكافرين بالخصوصية عذاب الطمع وسجن الأكوان، وهما شجرة الذل والهوان.
وإذا قيل لهم: آمنوا بما أنزل الله من أسرار الحقيقة وأنوار الطريقة، قالوا: نؤمن بما أنزل علينا من ظواهر الشريعة، ويكفرون بما وراءه من أسرار الحقيقة، ككشف أسرار الذات وأنوار الصفات، وهو- أي: علم الحقيقة- الحق؛ لأنه خالص لب الشريعة، ولله در صاحب المباحث الأصلية حيث قال:
هل ظاهِرُ الشرع وعلمُ الباطِنْ *** إلا كجِسمٍ فيه رُوحٌ سَاكِنْ
وقال أيضاً:
ما مَثلُ المعقولِ والمنقولِ *** إلا كَدُرِّ زاخرٍ مَجْهُولِ
حتى إذا أخْرَجَهُ الغِوَّاصُ *** لم يكُ لِلدُرِّ إذن خَلاصُ
وإنام خَلاصُهُ في الكَشْفِ *** عن الغِطَاءِ حيثُ لا يسْتَخْفِي
فَالصّدَفُ الظاهرُ ثم الدرُّ *** مَعْقولُه والجهلُ ذاك البحْرُ
وكان الشيخ عز الدين بن عبد السلام يقول: (هل ثَمَّ شيءٌ غيرُ ما فهمناه من الكتاب والسنة؟)، كان يقول ذلك إذا قيل له: إن الشيخ الشاذلي فاض اليوم بعلوم وأسرار، فلا التقى بالشيخ وأخذ بيده، قال: (أي والله... ما قعد على قواعد الشريعة التي لا تنهدم إلا الصوفية). ويقال لمن ادعى التمسك بالشريعة وأنكر ما وراءها: فلم تشتغل بجمع الدنيا واحتكارها وتخاف من الفقر، وتهتم بأمر الرزق وتجزع من المصائب، والشريعة تنادي عليك بذم ذلك كله إن كنت مؤمناً؟!! وبالله التوفيق.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال