سورة الأعراف / الآية رقم 34 / تفسير تفسير النسفي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ القِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ

الأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعراف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{فدلاهما} فنزلهما إلى الأكل من الشجرة {بِغُرُورٍ} بما غرهما به من القسم بالله وإنما يخدع المؤمن بالله. وعن ابن عمر رضي الله عنهما: من خدعنا بالله انخدعنا له {فَلَمَّا ذَاقَا الشجرة} وجدا طعمها آخذين في الأكل منها وهي السنبلة أو الكرم {بَدَتْ لَهُمَا سَوْءاتُهُمَا} ظهرت لهما عوراتهما لتهافت اللباس عنهما وكانا لا يريانها من أنفسهما ولا أحدهما من الآخر. وقيل: كان لباسهما من جنس الأظفار أي كالظفر بياضاً في غاية اللطف واللين فبقي عند الأظفار تذكيراً للنعم وتجديداً للندم {وَطَفِقَا} وجعلا يقال طفق يفعل كذا أي جعل {يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الجنة} يجعلان على عورتهما من ورق التين أو الموز ورقة فوق ورقة ليستترا بها كما تخصف النعل.
{وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشجرة} هذا عتاب من الله وتنبيه على الخطأ. وروي أنه قال لآدم عليه السلام: ألم يكن لك فيما منحتك من شجر الجنة مندوحة عن هذه الشجرة؟ فقال: بلى ولكن ما ظننت أن أحداً يحلف بك كاذباً قال: فبعزتي لأهبطنك إلى الأرض ثم لا تنال العيش إلا بكد يمين وعرق جبين، فأهبط وعلم صنعة الحديد وأمر بالحرث فحرث وسقى وحصد ودرس وذرى وطحن وعجن وخبز {وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشيطان لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ * قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسرين} فيه دليل لنا على المعتزلة لأن الصغائر عندهم مغفورة {قَالَ اهبطوا} الخطاب لآدم وحواء بلفظ الجمع لأن إبليس هبط من قبل، ويحتمل أنه هبط إلى السماء ثم هبطوا جميعاً إلى الأرض {بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} في موضع الحال أي متعادين يعاديهما إبليس ويعاديانه {وَلَكُمْ فِى الأرض مُسْتَقَرٌّ} استقرار أو موضع استقرار {ومتاع} وانتفاع بعيش {إلى حِينٍ} إلى انقضاء آجالكم. وعن ثابت البناني: لما أهبط آدم عليه السلام وحضرته الوفاة وأحاطت به الملائكة فجعلت حواء تدور حولهم فقال لها: خلي ملائكة ربي فإنما أصابني ما أصابني فيك. فلما توفي غسلته الملائكة بماء وسدر وتراً وحنطته وكفنته في وتر من الثياب وحفروا له قبراً ودفنوه بسرنديب بأرض الهند وقالوا لبنيه: هذه سنتكم بعده {قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ} في الأرض {وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ} للثواب والعقاب {تُخْرَجُونَ} حمزة وعلي {يابَنِي ءادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا} جعل ما في الأرض منزلاً من السماء لأن أصله من الماء وهو منها {يوارى سَوْءاتِكُمْ} يستر عوراتكم {وَرِيشًا} لباس الزينة استعير من ريش الطير لأنه لباسه وزينته أي أنزلنا عليكم لباسين: لباساً يواري سوءاتكم ولباساً يزينكم {وَلِبَاسُ التقوى} ولباس الورع الذي يقي العقاب وهو مبتدأ وخبره الجملة وهي {ذلك خَيْرٌ} كأنه قيل: ولباس التقوى هو خير لأن أسماء الإشارة تقرب من الضمائر فيما يرجع إلى عود الذكر، أو {ذلك} صفة للمبتدأ و{خَيْرٌ} خبر المبتدأ كأنه قيل: ولباس التقوى المشار إليه خير، أو {لِبَاسَ التقوى} خبر مبتدأ محذوف أي وهو لباس التقوى أي ستر العورة لباس المتقين، ثم قال: {ذلك خَيْرٌ} وقيل: ولباس أهل التقوى من الصوف والخشن.
{وَلِبَاسُ التقوى} مدني وشامي وعلي عطفا على {لِبَاساً} أي وأنزلنا عليكم لباس التقوى {ذلك مِنْ ءايَاتِ الله} الدالة على فضله ورحمته على عباده يعني إنزال اللباس {لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} فيعرفوا عظيم النعمة فيه، وهذه الآية واردة على سبيل الاستطراد عقيب ذكر بدو السوءات وخصف الورق عليها إظهاراً للمنة فيما خلق من اللباس، ولما في العري من الفضيحة وإشعاراً بأن التستر من التقوى.
{يابنى آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشيطان كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مّنَ الجنة} لا يخدعنكم ولا يضلنكم بأن لا تدخلوا الجنة كما فتن أبويكم بأن أخرجهما منها {يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا} حال أي أخرجهما نازعاً لباسهما بأن كان سبباً في أن نزع عنهما. والنهي في الظاهر للشيطان وفي المعنى لبني آدم أي لا تتبعوا الشيطان فيفتنكم {لِيُرِيَهُمَا سَوْءتِهِمَا} عوراتهما {إِنَّهُ} الضمير للشأن والحديث {يَرَاكُمْ هُوَ} تعديل للنهي وتحذير من فتنته بأنه بمنزلة العدو المداجي يكيدكم من حيث لا تشعرون {وَقَبِيلُهُ} وذريته أو وجنوده من الشياطين وهو عطف على الضمير في {يَرَاكُمْ} المؤكد ب {هُوَ}، ولم يعطف عليه لأن معمول الفعل هو المستكن دون هذا البارز وإنما يعطف على ما هو معمول الفعل {مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ} قال ذو النون: إن كان هو يراك من حيث لا تراه فاستعن بمن يراه من حيث لا يراه وهو الله الكريم الستار الرحيم الغفار.
{إِنَّا جَعَلْنَا الشياطين أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ} فيه دلالة خلق الأفعال {وَإِذَا فَعَلُواْ فاحشة} ما يبالغ في قبحه من الذنوب وهو طوافهم بالبيت عراة وشركهم {قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا ءابَاءنَا والله أَمَرَنَا بِهَا} أي إذا فعلوها اعتذروا بأن آبائهم كانوا يفعلونها فاقتدوا بهم، وبأن الله أمرهم بأن يفعلوها حيث أقرنا عليها إذا لو كرهها لنقلنا عنها وهما باطلان، لأن أحدهما تقليد للجهال والثاني افتراء على ذي الجلال {قُلْ إِنَّ الله لاَ يَأْمُرُ بالفحشاء} إذ المأمور به لا بد أن يكون حسناً وإن كان فيه على مراتب على ما عرف في أصول الفقه {أَتَقُولُونَ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ} استفهام إنكار وتوبيخ {قُلْ أَمَرَ رَبّي بالقسط} بالعدل وبما هو حسن عند كل عاقل فكيف يأمر بالفحشاء {وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلّ مَسْجِدٍ} وقل أقيموا وجوهكم أي اقصدوا عبادته مستقيمين إليها غير عادلين إلى غيرها في كل وقت سجود أو في كل مكان سجود {وادعوه} واعبدوه {مُخْلِصِينَ لَهُ الدين} أي الطاعة مبتغين بها وجهه خالصاً {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} كما أنشأكم ابتداء يعيدكم، احتج عليه في إنكارهم الإعادة بابتداء الخلق، والمعنى أنه يعيدكم فيجازيكم على أعمالكم فأخلصوا له العبادة {فَرِيقًا هدى} وهم المسلمون {وَفَرِيقًا} أي أضل فريقاً {حَقَّ عَلَيْهِمُ الضلالة} وهم الكافرون {إِنَّهُمُ} إن الفريق الذين حق عليهم الضلالة {اتخذوا الشياطين أَوْلِيَاء مِن دُونِ الله} أي أنصاراً {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} والآية حجة لنا على أهل الاعتزال في الهداية والإضلال.
{يابنى ءادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ} لباس زينتكم {عِندَ كُلّ مَسْجِدٍ} كلما صليتم. وقيل: الزينة المشط والطيب، والسنة أن يأخذ الرجل أحسن هيئاته للصلاة لأن الصلاة مناجاة الرب فيستحب لها التزين والتعطر كما يجب التستر والتطهر {وَكُلُواْ} من اللحم والدسم {واشربوا وَلاَ تُسْرِفُواْ} بالشروع في الحرام أو في مجاوزة الشبع {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المسرفين} وعن ابن عباس رضي الله عنهما: كل ما شئت، واشرب ما شئت، والبس ما شئت، ما أخطأتك خصلتان: سرف ومخيلة. وكان للرشيد طبيب حاذق فقال لعليّ بن الحسين بن واقد: ليس في كتابكم من علم الطب شيء والعلم علمان: علم الأبدان وعلم الأديان. فقال له عليّ: قد جمع الله الطب كله في نصف آية من كتابه وهو قوله {وكُلُواْ واشربوا وَلاَ تُسْرِفُواْ} فقال النصراني: ولم يرو عن رسولكم شيء في الطب فقال: قد جمع رسولنا الطب في ألفاظ يسيرة وهي قوله عليه السلام: «المعدة بيت الداء والحمية رأس كل دواء وأعط كل بدن ما عودته» فقال النصراني: ما ترك كتابكم ولا نبيكم لجالينوس طباً. ثم استفهم إنكاراً على محرم الحلال بقوله.
{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله} من الثياب وكل ما يتجمل به {التى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} أي أصلها يعني القطن من الأرض والقز من الدود {والطيبات مِنَ الرزق} والمستلذات من المآكل والمشارب. وقيل: كانوا إذا أحرموا حرموا الشاة وما يخرج منها من لحمها وشحمها ولبنها {قُلْ هِى لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ فيالحياة الدنيا} غير خالصة لهم لأن المشركين شركاؤهم فيها {خَالِصَةً يَوْمَ القيامة} لا يشركهم فيها أحد. ولم يقل للذين آمنوا ولغيرهم لينبه على أنها خلقت للذين آمنوا على طريق الأصالة والكفار تبع لهم. {خَالِصَةٌ} بالرفع: نافع ف {هِىَ} مبتدأ خبره {لِلَّذِينَ ءامَنُواْ} و{فيالحياة الدنيا} ظرف للخبر، أو {خَالِصَةٌ} خبر ثانٍ أو خبر مبتدأ محذوف أي هي خالصة، وغيره نصبها على الحال من الضمير الذي في الظرف الذي هو الخبر أي هي ثابتة للذين آمنوا في الحياة الدنيا في حال خلوصها يوم القيامة {كذلك نُفَصّلُ الآيات} نميز الحلال من الحرام {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} أنه لا شريك له.
{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبّيَ الفواحش} {رَبّي} حمزة {الفواحش} ما تفاحش قبحه أي تزايد {مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} سرها وعلانيتها {والإثم} أي شرب الخمر أو كل ذنب {والبغي} والظلم والكبر {بِغَيْرِ الحق} متعلق بالبغي. ومحل {وَأَن تُشْرِكُواْ بالله مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ سلطانا} حجة النصب كأنه قال حرم الفواحش وحرم الشرك {يُنَزّلٍ} بالتخفيف: مكي وبصري، وفيه تهكم إذ لا يجوز أن ينزل برهاناً على أن يشرك به غيره {وَأَن تَقُولُواْ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ} وأن تتقولوا عليه وتفتروا الكذب من التحريم وغيره {وَلِكُلّ أُمَّةٍ أَجَلٌ} وقت معين يأتيهم فيه عذاب الاستئصال إن لم يؤمنوا، وهو وعيد لأهل مكة بالعذاب النازل في أجل معلوم عند الله كما نزل بالأمم {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} قيد بساعة لأنها أقل ما يستعمل في الإمهال {يابنى آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ} هي {إن} الشرطية ضمت إليها {ما} مؤكدة لمعنى الشرط، لأن {ما} للشرط ولذا لزمت فعلها النون الثقيلة أو الخفيفة {رُسُلٌ مّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ ءاياتى} يقرءون عليكم كتبي وهو في موضع رفع صفة ل {رُسُلُ} وجواب الشرط {فَمَنِ اتقى} الشرك {وَأَصْلَحَ} العمل منكم {فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} أصلاً {فَلاَ خَوْفٌ} يعقوب {والذين كَذَّبُواْ} منكم {بئاياتنا واستكبروا عَنْهَا} تعظموا عن الايمان بها {أُولَئِكَ أصحاب النار هُمْ فِيهَا خالدون}.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال