فصل: بَابُ تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ...} الآيَة كُلِّهَا

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أحكام القرآن ***


تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآيَة

قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ‏:‏ ‏{‏وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ‏}‏، فَكَانَ هَذَا مِمَّا اخْتُلِفَ فِي قِرَاءَتِهِ، فَقَرَأَهُ قَوْمٌ‏:‏ ‏{‏وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ‏}‏ بِالنَّصْبِ وَقَرَأَهُ قَوْمٌ‏:‏ ‏"‏ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةُ لِلَّهِ ‏"‏ بِالرَّفْعِ، فَمِمَّا قَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ ما‏:‏

1590- قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبِي، وَالشَّعْبِيَّ، يَتَذَاكَرَانِ الْعُمْرَةَ، فَقَالَ الشَّعْبِيُّ‏:‏ مَا أَرَاهَا إِلَّا تَطَوُّعًا، قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ‏:‏ ‏"‏ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةُ لِلَّهِ ‏"‏، بِالرَّفْعِ وَقَالَ أَبِي‏:‏ مَا أَرَاهَا إِلَّا وَاجِبَةً، قَالَ اللهُ‏:‏ ‏{‏وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ‏}‏، بِالنَّصْبِ ‏"‏ فَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ وَاجِبَةٌ كَوُجُوبِ الْحَجِّ، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ مِنْ أَقْوَالِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما‏:‏

1591- قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ الصُّبَيُّ بْنُ مَعْبَدٍ‏:‏ كُنْتُ أَعْرَابِيًّا نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمْتُ، وَكُنْتُ حَرِيصًا عَلَى الْجِهَادِ، وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيَّ، فَأَتَيْتُ رَجُلًا مِنْ عَشِيرَتِي يُقَالُ لَهُ‏:‏ هُذَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ‏:‏ اجْمَعْهُمَا ثُمَّ اذْبَحْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، فَأَهْلَلْتُ بِهِمْ جَميعا، فَلَمَّا أَتَيْتُ الْعُذَيْبَ لَقِيَنِي سَلْمَانُ بن رَبِيعَةَ، وَزَيْدُ بْنُ صُوحَانَ، وَأَنَا أُهِلُّ بِهِمْ جَمِيعًا، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ‏:‏ مَا هَذَا بِأَفْقَهِ مِنْ بَعِيرِهِ، فَأَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقُلْتُ‏:‏ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي أَسْلَمْتُ، وَأَنَا حَرِيصٌ عَلَى الْجِهَادِ، وَإِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيَّ، فَأَتَيْتُ هُذَيْمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، فَقُلْتُ‏:‏ يَا هَنَاة، وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيَّ، فَقَالَ‏:‏ اجْمَعْهُمَا، ثُمَّ اذْبَحْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، فَأَهْلَلْتُ بِهِمَا، فَلَمَّا أَتَيْتُ الْعُذَيْبَ لَقِيَنِي سَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَزَيْدُ بْنُ صُوحَانَ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ‏:‏ مَا هَذَا بِأَفْقَهِ مِنْ بَعِيرِهِ ‏"‏ قَدْ هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏"‏ وَكَانَ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلَ الصُّبَيِّ بْنِ مَعْبَدٍ لِعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ‏:‏ إِنِّي وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيَّ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ عُمَرُ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اسْتِوَاءِ حُكْمِهِمَا عِنْدَهُ، وَأَنَّ الْعُمْرَةَ مَكْتُوبَةٌ كَمَا الْحَجُّ مَكْتُوبٌ‏.‏

1592- وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، أَيْضًا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْجَرِيرِيِّ، عَنْ حَيَّانَ بْنِ عُمَيْرٍ الْقَيْسِيِّ، قَالَ‏:‏ سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏"‏ أَأَعْتَمِرُ قَبْلَ أَنْ أَحُجَّ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ نُسُكَانِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكَ، فَلَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِمَا بَدَأْتَ ‏"‏‏.‏

1593- وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ حَيَّانَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ‏.‏

1594- وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّازُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ ‏"‏

صَلَاتَانِ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِمَا بَدَأْتَ‏:‏ الْحَجُّ، وَالْعُمْرَةُ ‏"‏‏.‏

1595- وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ بْنُ نَاصِحٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَاجِبَتَانِ ‏"‏‏.‏

1596- وَبِمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَنِ الْحَسَنِ، قَالَ أَحَدُهُمَا‏:‏ ‏"‏ نُسُكَانِ ‏"‏، وَقَالَ الْآخَرُ‏:‏ ‏"‏ صَلَاتَانِ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِمَا بَدَأْتَ‏:‏ الْحَجُّ، وَالْعُمْرَةُ ‏"‏ وَذَهَبَ الْآخَرُونَ إِلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا، وَأَنَّهَا لَيْسَتْ وَاجِبَةً كَوُجُوبِ الْحَجِّ، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِما‏:‏

1597- قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَعَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، وَالْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، وَعَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْعُمْرَةِ، أَوَاجِبَةٌ، فَرِيضَةً كَفَرِيضَةِ الْحَجِّ‏؟‏ قَالَ‏:‏ لَا، وَلَكِنْ تَعْتَمِرُ خَيْرٌ لَكَ ‏"‏ وَلَمْ يَرْفَعِ ابْنُ جُرَيْجٍ وَالْحَجَّاجُ حَدِيثَهُمَا وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيمَا رُوِيَ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ نَجِدْ فِيهِ دَلِيلًا عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَذْهَبَيْنِ، فَنَجْعَلُهُ قَائِمًا لَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ الْآخَرِ مِنْهُما‏:‏

1598- وَإِذَا أَبُو أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ‏.‏

1598- قَدْ حَدَّثَانَا جَمِيعًا، قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ‏:‏ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ ‏"‏‏.‏

1599- وَإِذَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ أَبَاهُ، حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ ‏"‏ وَجَدْتُ الْإِسْلَامَ بُنِيَ عَلَى خَمْسٍ‏:‏ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ الْبَيْتِ ‏"‏‏.‏

1600- وَإِذَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَارِثِ الْأَزْدِيُّ الْبَاغِنْدِيُّ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَنْظَلَةُ وَهُوَ ابْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْجُمَحِيُّ الْمَكِّيُّ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ بْنَ خَالِدٍ، يُحَدِّثُ طَاوُسًا، قَالَ‏:‏ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ‏:‏ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَلَا تَغْزُو‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ إِنْيِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ‏:‏ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ ‏"‏ فَكَانَتْ هَذِهِ الْآثَارُ الْمَرْوِيَّةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ مَا بُنِيَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ، فَذَكَرَ فَرَائِضَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ الْعُمْرَةَ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُكْمَهَا لَيْسَ كَحُكْمِ الْحَجِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْفَرَائِضِ، الَّتِي ذَكَرَهَا‏.‏

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَقَدْ رُوِّيتُمْ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَاجِبَانِ، فَسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْوُجُوبِ، وَقَدْ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ ‏"‏، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَهُ يَنْفِي وُجُوبَ الْعُمْرَةِ‏؟‏ قِيلَ لَهُ‏:‏ مَا فِي قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا فَرِيضَةٌ، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وُجُوبًا عَلَى مَا يَقُومُ بِهِ الْخَاصُّ مِنْهُمْ كَوُجُوبِ الْجِهَادِ عِنْدَ الَّذِينَ يُوجِبُونَهُ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ كَانُوا يَقُولُونَ‏:‏ الْجِهَادُ وَاجِبٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا إِلَّا أَنَّ مَنْ قَامَ بِهِ مِنْهُمْ أَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْ بَقِيَّتِهِمْ، وَسَقَطَ بِهِ الْفَرْضُ عَنْهُمْ، كَوُجُوبِ الصَّلَوَاتِ عَلَى الْجَنَائِزِ، وَغُسْلِ الْمَوْتَى، فَذَلِكَ وَاجِبٌ فِي عَيْنِهِ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، غَيْرَ أَنَّ مَنْ قَامَ بِهِ مِنْهُمْ سَقَطَ بِذَلِكَ الْفَرْضُ عَنْ بَقِيَّتِهِمْ وَكَذَلِكَ مَا خَاطَبَ بِهِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ الصُّبَيُّ بْنُ مَعْبَدٍ فِي قَوْلِهِ‏:‏ وَجَدْتُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيَّ، وَتَرْكُ عُمَرَ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِ، لَيْسَ لِأَنَّ عُمَرَ جَعَلَ وُجُوبَ الْعُمْرَةِ كَوُجُوبِ الْحَجِّ، وَلَكِنْ عَلَى أَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ وَاجِبًا كَوُجُوبِ الْجِهَادِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ مَذْهَبِهِ فِيهِ ما‏:‏

1601- قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الْأَعْمَشُ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ، يُحَدِّثُ عَنْ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِذَا حَلَلْتُمُ السُّرُوجَ فَشُدُّوا الرِّحَالَ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَإِنَّهَا أَحَدُ الْجِهَادَيْنِ ‏"‏ أَفَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَدْ قَرَنَ الْعُمْرَةَ بِالْحَجِّ، وَقَالَ‏:‏ ‏"‏ فَشُدُّوا الرِّحَالَ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ‏"‏، ثُمَّ قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَإِنَّهَا أَحَدُ الْجِهَادَيْنِ ‏"‏، فَشَبَّهَهَا خَاصَّةً بِالْجِهَادِ الَّذِي حُكْمُهُ كَمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيهِ مِنْ سُقُوطِ فَرْضِهِ عَنْ جَمِيعِ النَّاسِ بِقِيَامِ الْخَاصِّ مِنْهُمْ‏.‏

1602- وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ يَزِيدَ الْأَوْدِيُّ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ ‏"‏‏.‏

1603- وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ اللَّاحِقِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الْبَجَلِيُّ، عَنْ زَاذَانَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ‏:‏ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي مَسِيرٍ لَهُ، فَسَأَلَهُ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَحَجُّ الْبَيْتِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَتَكْرَهَ لِلنَّاسِ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ ‏"‏‏.‏

1604- وَإِذَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ، وَإِذَا أَبُو أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَا‏:‏ أَخْبَرَنَا كُهَيْمِشُ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ‏:‏ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، مَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا نَعْرِفُهُ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَهُ إِلَى رُكْبَتِهِ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخْذِهِ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ‏"‏ قَالَ‏:‏ فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ فَقَدْ أَسْلَمْتُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ نَعَمْ ‏"‏ قَالَ‏:‏ صَدَقْتَ‏.‏

1605- وَإِذَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمُنَقِّرِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَطَرٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُمَرَ، قَالَ‏:‏ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَهُ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِي الْحَجِّ‏:‏ ‏"‏ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ‏"‏‏.‏

1606- وَإِذَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنِ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو سِنَانٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، قَالَ‏:‏ كُنْتُ أَنَا وَيَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ جَالِسَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ، فَجَاءَ ابْنُ عُمَرَ، فَأَنْشَأَ يُحَدِّثُ، قَالَ‏:‏ بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ اللُّمَّةِ، طَيِّبُ الرِّيحِ، حَسَنُ الثِّيَابِ، فَسَلَّمَ، فَقَالَ‏:‏ أَدْنُو مِنْكَ يَا رَسُولَ اللهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ادْنُ‏"‏ قَالَ‏:‏ حَيْثُ أَسْأَلُكَ عَنْ شَرَائِعِ الْإِيمَانِ قَالَ‏:‏ ‏"‏تُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَقُومُ رَمَضَانَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ، وَتَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ‏"‏ قَالَ‏:‏ صَدَقْتَ فَعَجِبْنَا مِنْ قَوْلِهِ‏:‏ صَدَقْتَ‏.‏

1607- وَإِذَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَكَمِ الْحِيرِيُّ الْكُوفِيُّ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ كُنَّا نُهِينَا فِي الْقُرْآنِ أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ قَالَ‏:‏ وَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ الْعَاقِلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَيَسْأَلُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ أَجْرَأَ عَلَى ذَلِكَ مِنَّا قَالَ‏:‏ فَجَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ‏:‏ يَا مُحَمَّدُ، أَتَانَا رَسُولُكَ، فَزَعَمَ أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرْسَلَكَ قَالَ‏:‏ صَدَقَ قَالَ‏:‏ وَزَعَمَ أَنَّ عَلَيْنَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِنَا وَلَيْلَتِنَا قَالَ‏:‏ صَدَقَ قَالَ‏:‏ فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ، آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ قَالَ‏:‏ وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا زَكَاةَ أَمْوَالِنَا قَالَ‏:‏ صَدَقَ قَالَ‏:‏ فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ، آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ قَالَ‏:‏ وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا صَوْمَ شَهْرٍ فِي سَنَتِنَا قَالَ‏:‏ صَدَقَ قَالَ‏:‏ فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ، آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ قَالَ‏:‏ وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا حَجَّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا‏؟‏ قَالَ‏:‏ صَدَقَ قَالَ‏:‏ فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ، آللَّهُ أَمَرَ بِهَذَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ قَالَ‏:‏ فَقَالَ‏:‏ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَزِيدُ عَلَيْهِنَّ شَيْئًا، وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُنَّ شَيْئًا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ وَاللهِ لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ ‏"‏‏.‏

1608- وَإِذَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْرَقُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ سَعِيدٍ النُّورِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَيُّوبَ يَعْنِي‏:‏ ابْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُكَرِّرٍ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ‏:‏ قُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْعَمَلُ الَّذِي يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ، وَيُنَجِّينِي مِنَ النَّارِ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ لَقَدْ سَأَلْتَ عَظِيمًا، وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ‏:‏ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَحَجُّ الْبَيْتِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ ‏"‏ فَهَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَخْبَرَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ بِفَرَائِضِ الْإِسْلَامِ الَّتِي بُنِيَ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ الْعُمْرَةَ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهَا لَيْسَتْ فَرِيضَةً كَفَرْضِ الْحَجِّ الْمَذْكُورِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الصَّلَاةِ، وَمَعَ صَوْمِ رَمَضَانَ، وَمَعَ مَا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ الْآثَارِ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا مَا بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَيْهِ، وَمَا إِذَا أَتَى بِهِ الرَّجُلُ، وَقَصَّرَ عَمَّا سِوَاهُ، لَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ مِنَ الْفَرَائِضِ، إِذْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ لِلرَّجُلِ فِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الَّذِي رُوِّينَا‏:‏ ‏"‏ لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ ‏"‏ فَهَذَا حُكْمُ الْعُمْرَةِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ، وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ‏:‏ ‏"‏ نُسُكَانِ أَوْ صَلَاتَانِ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِمَا بَدَأْتَ ‏"‏، يُرِيدُهَا وَيُرِيدُ الْحَجَّ، مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهَا عِنْدَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ‏:‏ نُسُكَانِ وَاجِبَانِ، وَلَا‏:‏ صَلَاتَانِ وَاجِبَتَانِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏"‏ نُسُكَانِ ‏"‏‏؟‏ قِيلَ لَهُ‏:‏ قَدْ يَكُونُ النُّسُكُ تَطَوُّعًا، وَقَدْ يَكُونُ فَرِيضَةً، فَأَمَّا مَا يَكُونُ تَطَوُّعًا فَمَا نَسَكَهُ النَّاسُ مِمَّا يَتَقَرَّبُونَ بِهِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْهَدْيِ بِالتَّطَوُّعِ، وَمِمَّا سِوَى ذَلِكَ فَإِنْ قَالَ‏:‏ فَقَدْ قَرَنَ بَيْنَهُمَا، قَالَ‏:‏ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ نُسُكَانِ أَوْ صَلَاتَانِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اسْتِوَاءِ حُكْمِهِمَا كَانَ عِنْدَهُ‏؟‏

قِيلَ لَهُ‏:‏ مَا فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِوَاءِ حُكْمِهِمَا كَانَ عِنْدَهُ، لِأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يُقْرَنُ بِالشَّيْءِ وَحُكْمُهُمَا مُخْتَلِفٌ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ثَنَاؤُهُ‏:‏ ‏{‏فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ‏}‏، وَالرَّفَثُ يُفْسِدُ الْحَجَّ، وَالْجِدَالُ لَا يُفْسِدُهُ، فَقَرَنَ بَيْنَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عَلَى اخْتِلَافِ أَحْكَامِهَا فِي أَنْفُسِهَا وَالْفَرَائِضُ فَإِنَّمَا تُعْلَمُ بِالتَّوْقِيفِ عَلَيْهَا، فَلَمَّا لَمْ يَقِفْ عَلَى فَرْضِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الْعُمْرَةَ عَلَى عِبَادِهِ لَمْ يَجْعَلْهَا فَرِيضَةً عَلَيْهِمْ فَقَالَ قَائِلٌ‏:‏ الْقِيَاسُ يُوجِبُ أَنَّهَا فَرِيضَةٌ قَالَ‏:‏ وَذَلِكَ أَنَّا لَمْ نَرَ شَيْئًا يُتَطَوَّعُ بِهِ إِلَّا وَلَهُ أَصْلٌ فِي الْفَرْضِ، مِنْ ذَلِكَ الْحَجُّ، يُتَطَوَّعُ بِهِ، وَلَهُ أَصْلٌ فِي الْفَرْضِ، وَمِنْ ذَلِكَ الصَّلَاةُ، يُتَطَوَّعُ بِهَا، وَلَهَا أَصْلٌ فِي الْفَرْضِ، وَمِنْ ذَلِكَ الصَّدَقَةُ، يُتَطَوَّعُ بِهَا، وَلَهَا أَصْلٌ فِي الْفَرْضِ، وَمِنْ ذَلِكَ الصِّيَامُ، يُتَطَوَّعُ بِهِ، وَلَهُ أَصْلٌ فِي الْفَرْضِ قَالَ‏:‏ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْعُمْرَةَ لَمَّا كَانَتْ يُتَطَوَّعُ بِهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَّا وَلَهَا أَصْلٌ فِي الْفَرْضِ فَقِيلَ لِقَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ‏:‏

فَقَدْ رَأَيْنَا الِاعْتِكَافَ يُتَطَوَّعُ بِهِ، وَلَا أَصْلَ لَهُ فِي الْفَرْضِ، فَفَسَدَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ مَا احْتَجَّ بِهِ وَكَانَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ مَقْلُوبًا، وَإِنَّمَا هُوَ مَا يُتَطَوَّعُ بِهِ كَالصَّلَاةِ وَكَالصَّدَقَةِ وَكَالْحَجِّ، فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا لَا شَيْءَ فِيهِ يُوجِبُ فَرْضَ الْعُمْرَةَ وَمِمَّنْ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ مِنَ التَّطَوُّعِ الَّذِي لَا يَنْبَغِي تَرْكُهُ، أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَدْ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ الْعُمْرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا مَنْ أَرَادَهَا مِنَ الْحَرَمِ، وَإِنَّمَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا مِنَ الْحِلِّ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِّينَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ بِإِخْرَاجِ عَائِشَةَ إِلَى التَّنْعِيمِ لِيُعْمِرَهَا مِنْهُ‏.‏

1609- وَقَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ أَمَرَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُرْدِفَ عَائِشَةَ إِلَى التَّنْعِيمِ فَأُعْمِرَهَا ‏"‏ مَعَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَخَاهَا بِإِعْمَارِهَا مِنَ التَّنْعِيمِ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ أَمَرَهُ بِإِعْمَارِهَا مِنَ الْحِلِّ، فَكَانَ أَدْنَى الْحِلِّ إِلَيْهِ التَّنْعِيمَ، فَأَعْمَرَهَا مِنْهُ كَما‏:‏

1610- قَدْ حدَثَّنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ‏:‏ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَرَفَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ مَا ذَاكَ‏؟‏ ‏"‏ قُلْتُ‏:‏ حِضْتُ قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَلَا تَبْكِينَ، اصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ ‏"‏ فَقَدِمْنَا مَكَّةَ، ثُمَّ أَتَيْنَا مِنًى، ثُمَّ غَدَوْنَا إِلَى عَرَفَةَ، ثُمَّ رَمَيْنَا الْجَمْرَةَ تِلْكَ الْأَيَّامَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّفْرِ ارْتَحَلَ، فَنَزَلَ الْحَصْبَةَ، قَالَتْ‏:‏ وَاللهِ مَا نَزَلَ إِلَّا مِنْ أَجْلِي، فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ احْتَمِلْ أُخْتَكَ، فَأَحْرِمْهَا مِنَ الْحَرَمِ ‏"‏، قَالَتْ‏:‏ وَاللهِ مَا ذَكَرَ الْجِعْرَانَةَ، وَلَا التَّنْعِيمَ، ‏"‏ فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ ‏"‏، فَكَانَ أَدْنَانَا مِنَ الْحَرَمِ التَّنْعِيمَ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ، فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ، وَسَعَيْنَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ، ثُمَّ أَتَيْنَاهُ، فَارْتَحَلَ وَلَا نَعْلَمُ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّ الْعُمْرَةَ هَذَا حُكْمُهَا، وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُحْرِمَ بِهَا مِنَ الْحَرَمِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ فَإِحْرَامُهُ بِهَا مِنْ حَيْثُ يُؤْمَرُهُ مَنْ آثَرَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ، أَنْ يُحْرِمَ مِنْهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ مَوَاقِيتِ الْحَجِّ وَالْمُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ يَجْتَنِبُ مَا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ مِنَ اللِّبَاسِ، وَالطِّيبِ، وَالنِّسَاءِ، وَالصَّيْدِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ ما‏:‏

1611- قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ، حَدَّثَهُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ‏"‏ أَنَّ رَجُلًا لَبَّى بِعُمْرَةٍ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ، وَشَيْءٌ مِنْ خَلُوقٍ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْزِعَ الْجُبَّةَ، وَيَمْسَحُ خَلُوقَهُ، وَيَصْنَعُ فِي عُمْرَتِهِ مَا يَصْنَعُ فِي حَجَّتِهِ ‏"‏‏.‏

1612- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ‏.‏

1613- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ ‏"‏ اغْسِلْ عَنْكَ أَثَرَ الْخَلُوقِ أَوِ الصُّفْرَةِ ‏"‏‏.‏

1614- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِعْرَانَةِ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ، وَهُوَ مُصَفِّرٌ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ، فَقَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدْ أَحْرَمْتُ وَأَنَا كَمَا تَرَى‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ انْزِعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ، وَاغْسِلْ عَنْكَ الصُّفْرَةَ، وَمَا كُنْتَ صَانِعًا فِي حَجِّكَ فَاصْنَعْهُ فِي عُمْرَتِكَ ‏"‏ وَيَجِبُ عَلَى الْمُعْتَمِرِ فِيمَا أَصَابَ فِي عُمْرَتِهِ مِنْ صَيْدٍ وَمِنْ غَيْرِهِ مِثْلُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لَوْ أَصَابَهُ فِي حَجَّتِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ أَصَابَهُ عَلَى جَهْلٍ كان مِنْهُ أَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ فِي عُمْرَتِهِ، أَوْ أَصَابَهُ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ أَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الْكَفَّارَاتِ، لَا يَخْتَلِفُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ إِثْمًا فِي الْعِلْمِ، وَغَيْرَ إِثْمٍ فِيمَا سِوَاهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ كَذَلِكَ، وَلَمْ يَأْمُرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ فِي حَدِيثِ يَعْلَى بِكَفَّارَةٍ لِمَا كَانَ مِنْهُ‏؟‏ قِيلَ لَهُ‏:‏ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَ ذَلِكَ لِأَنَّ الرَّجُلَ مِمَّنْ لَمْ تَكُنِ الْحُجَّةُ قَامَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ انْتِهَاكِهِ الْحُرْمَةَ الَّتِي كَانَ فِيهَا وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفَرْضُ فِي اجْتِنَابِ ذَلِكَ فِي الْعُمْرَةِ إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ سُؤَالِ ذَلِكَ الرَّجُلِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَبْلَ جَوَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ بِمَا أَجَابَهُ بِهِ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ، فَوَجَدْنَا‏:‏

1615- أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْقَاسِمِ الْكُوفِيُّ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ، وَعَلَيْهِ رَدْعٌ مِنْ خَلُوقٍ، أَوْ قَالَ‏:‏ أَثَرُ صُفْرَةٍ، فَقَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ، مَا تَأْمُرُنِي فِي عُمْرَتِي‏؟‏ فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَزَلَ عَلَى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيُ قَالَ‏:‏ وَكَانَ يَعْلَى يَقُولُ‏:‏ لَوَدِدْتُ أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ‏:‏ أَيَسُرُّكَ أَنْ تَرَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ‏؟‏ فَرَفَعَ طَرَفَ الثَّوْبِ، قَالَ‏:‏ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَلَهُ غَطِيطٌ قَالَ‏:‏ أَحْسَبُهُ، قَالَ‏:‏ كَغَطِيطِ البَكْرِ قَالَ‏:‏ فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ أَيْنَ السَّائِلُ‏؟‏ ‏"‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ اخْلَعِ الْجُبَّةَ، وَاغْسِلْ عَنْكَ أَثَرَ الْخَلُوقِ، أَوْ قَالَ‏:‏ أَثَرَ الصُّفْرَةِ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا صَنَعْتَ فِي حَجَّتِكَ ‏"‏‏.‏

1616- وَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ، وَعَلَيْهِ أَثَرُ خَلُوقٍ، أَوْ صُفْرَةٍ، وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ، فَقَالَ‏:‏ كَيْفَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَصْنَعَ فِي عُمْرَتِي‏؟‏ قَالَ‏:‏ وَأُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيُ، فَسُتِرَ بِثَوْبٍ، وَكَانَ يَعْلَى يَقُولُ‏:‏ وَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ‏:‏ يَسُرُّكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ‏؟‏ فَرَفَعَ طَرَفَ الثَّوْبِ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ، وَلَهُ غَطِيطٌ كَغَطِيطِ الْبَكْرِ فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْعُمْرَةِ‏؟‏ اخْلَعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ، أَوِ اغْسِلْ عَنْكَ أَثَرَ الْخَلُوقِ أَوِ الصُّفْرَةِ، وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا صَنَعْتَ فِي حَجِّكَ ‏"‏ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ أَحْكَامَ الْعُمْرَةِ تَحْرِيمُ اللِّبَاسِ، وَالطِّيبِ فِيهَا، وَرَدُّ حُكْمِهَا فِيهِمَا إِلَى حُكْمِ الْحَجَّةِ، إِنَّمَا طَرَأَ عَلَى فِعْلِ السَّائِلِ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، فَلَمْ يَأْمُرْهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْكَفَّارَةِ لِذَلِكَ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَقْتُلَ الْمُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ الذِّئْبَ كَمَا يَقْتُلُهُ الْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ، وَهُوَ لَاحِقٌ بِالْخَمْسِ سِوَاهُ الَّتِي أَبَاحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلَهَا فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِيمَا تَقَّدَمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَأَعَدْنَاهُ هَاهُنَا، لِأَنَّا لَمْ نَذْكُرْ فِيهِ شَيْئًا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي فُتْيَاهُ فِي قَتْلِ الذِّئْبِ فِي الْإِحْرَامِ كَما‏:‏

1617- قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، عَنْ وَبْرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ‏:‏ أَقْتُلُ الذِّئْبَ وَأَنَا مُحْرِمٌ‏؟‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ ‏"‏ وَابْنُ عُمَرَ فَقَدْ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْسِ الَّتِي أَبَاحَ قَتْلَهَا فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ لَيْسَ فِيهَا الذِّئْبُ، ثُمَّ أَفْتَى بِقَتْلِ الذِّئْبِ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا وَقَدْ ثَبَتَ عِنْدَهُ بِدُخُولِهِ فِي الْخَمْسِ، أَوْ إِلْحَاقِهِ بِهَا وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَقْطَعُ فِيهِ الْمُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ التَّلْبِيَةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ إِنْ كَانَتْ عُمْرَتُهُ مِنَ التَّنْعِيمِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ حِينَ يَرَى الْبَيْتَ، وَإِنْ كَانَتْ عُمْرَتُهُ مِنْ بَعْضِ الْمَوَاقِيتِ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إِذَا انْتَهَى إِلَى الْحَرَمِ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، بِذَلِكَ وَلَا وَجْهَ لِهَذَا التَّفْرِيقِ عِنْدَنَا، لِأَنَّا رَأَيْنَا أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ كُلَّهَا تَسْتَوِي أَحْكَامُهَا مِنْ حَيْثُ أُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ، لَا يَخْتَلِفُ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْعُمْرَةِ الَّتِي أُحْرِمَ بِهَا مِنَ الْمَوَاقِيتِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ يُلَبِّي الْمُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ بِهَا إِلَى أَنْ يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ، ثُمَّ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ لَهَا حِينَئِذٍ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، فِيمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا فَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فِيما‏:‏

1618- قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا قَيْسٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ‏"‏ أَنَّهُ كَانَ يُلَبِّي فِي الْعُمْرَةِ حَتَّى يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ ‏"‏‏.‏

1619- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، ‏"‏ أَنَّهُ كَانَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ، يَعْنِي فِي الْعُمْرَةِ، إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ ‏"‏ وَلَا نَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرِهِمَا فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، فَنَظَرْنَا فِيمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ، فَرَأَيْنَا عُرُوشَ مَكَّةَ، وَرَوِيَّةَ الْبَيْتِ، وَبُلُوغَ الْحَرَمِ، لَا يَقْطَعُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ التَّلْبِيَةَ فِي الْحَجِّ، فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ رَوِيَّتَهَا فِي الْعُمْرَةِ لَا تَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ أَيْضًا وَلَمَّا انْتَفَى أَنْ تُقْطَعَ التَّلْبِيَةُ فِي الْعُمْرَةِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَّا الْقَوْلَانِ اللَّذَانِ رُوِّينَاهُمَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ فِيهِ، فَانْتَفَى أَحَدُهُمَا، وَثَبَتَ الْآخَرُ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِنَا هَذَا السَّعْيَ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ، وَرُوِّينَا فِيهِ عَنِ ابن عُمَرَ مَا يُوجِبُ إِبَاحَةَ تَرْكِ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ كَثِيرِ بْنِ جُمْهَانَ، ثُمَّ وَجَدْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ‏.‏

1620- عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، ‏"‏ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْعَى فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ ‏"‏ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَثْبِيتُ سَعْيِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسِيلِ، وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْعَلَ فِي ذَلِكَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَهَذَا خِلَافُ مَا رُوِّينَاهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْعُمْرَةِ، هَلْ هِيَ مُبَاحَةٌ فِي كُلِّ السَّنَةِ أَوْ مَحْظُورَةٌ فِي وَقْتٍ مِنْهَا خَاصٍّ‏؟‏ فَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَقُولُونَ‏:‏ هِيَ مُبَاحَةٌ فِي كُلِّ السَّنَةِ غَيْرَ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَيَوْمِ النَّحْرِ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَإِنَّهَا مَحْظُورَةٌ فِيهِنَّ هَكَذَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي ذَلِكَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ جَمِيعًا، وَلَمْ يَحْكِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا وَقَدْ كَانَ أَبُو يُوسُفَ حَكَى هَذَا الْقَوْلَ أَيْضًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي إِمْلَائِهِ بِبَغْدَادَ، وَحَكَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، أَنَّ أَبَا يُوسُفَ قَدْ كَانَ بِبَغْدَادَ أَمْلَى عَلَيْهِمْ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْعُمْرَةِ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَأَنَّ الْأَيَّامَ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الْعُمْرَةُ عِنْدَهُ إِنَّمَا هِيَ يَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ وَقَالَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ‏:‏ وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ‏:‏ تَمَّتِ الْعُمْرَةُ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا إِلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ‏:‏ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَيَوْمَ النَّحْرِ، وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَبَلَغَنَا عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ‏:‏ تَمَّتِ الْعُمْرَةُ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا إِلَّا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ‏:‏ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ‏:‏ وَهَذَا عِنْدَنَا أَصَحُّ الْحَدِيثَيْنِ عَنْهَا، لِأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْعُمْرَةِ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ هَذَا كَلَامُ أَبِي يُوسُفَ الَّذِي حَكَاهُ عِنْدَهُ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَقَدْ كَانَ قَوْمٌ يَقُولُونَ‏:‏ لَا بَأْسَ بِالْعُمْرَةِ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا إِلَّا فِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَفِي يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَكَانَ آخَرُونَ سِوَاهُمْ يَقُولُونَ‏:‏ لَا بَأْسَ بِالْعُمْرَةِ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا إِلَّا يَوْمَ عَرَفَةَ، وَيَوْمَ النَّحْرِ، وَيَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَإِنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَصْلُحُ فِيهِنَّ وَقَدْ كَانَ قَوْمٌ يَقُولُونَ‏:‏ لَا بَأْسَ بِالْعُمْرَةِ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا وَمِمَّنْ قَالَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ قَالَ أَحْمَدُ‏:‏ وَهَذَا مِمَّا إِنْ حُمِلَ عَلَى الْقِيَاسِ كَانَتِ الْعُمْرَةُ مُبَاحَةً فِي السَّنَةِ كُلِّهَا، وَلَكِنَّا قَدْ وَجَدْنَا فِي ذَلِكَ أَثَرًا قَدْ رُوِيَ فِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَهُوَ أَنَّ‏:‏

1621- مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ تَمَّتِ الْعُمْرَةُ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا إِلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامِ‏:‏ يَوْمَ النَّحْرِ، وَيَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ‏"‏ هَكَذَا رَوَى قَتَادَةُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُعَاذَةَ، عَنْ عَائِشَةَ وَأَمَّا يَزِيدُ الرِّشْكُ فَرَوَاهُ عَنْ مُعَاذَةَ، عَنْ عَائِشَةَ عَلَى خِلَافِ هَذَا الْمَعْنَى، وَذَلِكَ أَنَّ‏.‏

1622- سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكُ، عَنْ مُعَاذَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ تَمَّتِ الْعُمْرَةُ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا إِلَّا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ‏:‏ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَيَوْمَ النَّحْرِ، وَيَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ‏"‏ فَزَادَ يَزِيدُ الرِّشْكُ فِي حَدِيثِهِ هَذَا يَوْمَ عَرَفَةَ عَلَى قَتَادَةَ فِي حَدِيثِهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ وَلَمْ نَجِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ غَيْرَ حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا وَلَمْ نَجِدْ لِمَا حَكَاهُ أَبُو يُوسُفَ عَنْهَا فِي كَرَاهَةِ الْعُمْرَةِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مَخْرَجًا وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ عَائِشَةَ مِنَ الْمَنْعِ مِنَ الْعُمْرَةِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَيَّامِ الَّتِي ذَكَرَهَا يَزِيدُ الرِّشْكُ فِي حَدِيثِهِ، مِمَّا نَعْلَمُ أَنَّهَا لَمْ تَقُلْهُ رَأْيًا، وَإِنَّمَا قَالَتْهُ تَوْقيِفًا، لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ، فَقَوْلُهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عِنْدَنَا فِي هَذَا كَالْحَدِيثِ الْمُتَّصِلِ، وَقَدْ ثَبَتَ بِهِ عِنْدَنَا الْمَنْعُ مِنَ الْعُمْرَةِ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَفِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَفِي يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَأَمَّا الْيَوْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَلَمْ نَجِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهْيًا عَنِ الْعُمْرَةِ فِيهِ، وَلَا وَجَدْنَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ تَابِعِيهِمْ نَهْيًا عَنِ الْعُمْرَةِ فِيهِ غَيْرَ طَاوُسٍ، فَإِنَّ‏.‏

1623- عَبْدَ اللهِ بْنَ الْمُبَارَكِ، ذَكَرَ عَنْ سعيد بن حسان‏:‏

1623- أنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَحْيَى بْنِ بَابَاهَ أَخْبَرَهُ، قَالَ‏:‏ كُنْتُ عِنْدَ طَاوُسٍ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ‏:‏ فِي أَيِّ الشَّهْرِ تَأْمُرُنِي أَنْ أَعْتَمِرَ‏؟‏ قَالَ ‏"‏ أَيِّهَا شِئْتَ، إِلَّا يَوْمَ عَرَفَةَ، وَأَيَّامَ مِنًى، اعْتَمِرْ فِيمَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَفِيمَا بَعْدَهُ ‏"‏ فَهَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ مِنْ كَلَامِ طَاوُسٍ الْمَنْعُ مِنَ الْعُمْرَةِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَالْمَنْعِ مِنْهَا فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَفِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَفِي الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَهَذَا عِنْدَنَا مِنْ طَاوُسٍ فَعَلَى تَوْقيِفٍ قَدْ وُقِّفَ عَلَيْهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَهُ، لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يُوجَدُ مِنْ جِهَةِ الرَّأْيِ، وَلَا مِنْ جِهَةِ الِاسْتِخْرَاجِ، وَلَا الِاسْتِنْبَاطِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ فِي كَرَاهَةِ الْعُمْرَةِ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَيَوْمِ النَّحْرِ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا مِما‏:‏

1624- أَجَازَهُ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْبَرْزِيُّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ الْأَوْزَاعِيَّ، عَنِ الرَّجُلِ يُفْرِدُ بِالْحَجِّ ثُمَّ يُرِيدُ الْعُمْرَةَ، أَيُقِيمُ إِلَى الْمُحَرَّمِ أَمْ يَعْتَمِرُ فِي ذِي الْحَجَّةِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ عَطَاءً، يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ يَعْتَمِرُ بَعْدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ إِنْ شَاءَ اللهُ ‏"‏ وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ‏:‏ إِذَا مَضَتْ خَمْسَةُ أَيَّامٍ حَلَّتِ الْعُمْرَةُ‏:‏ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ ‏"‏ قَالَ‏:‏ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُقِيمُ إِلَى الْمُحَرَّمِ‏.‏

بَابُ تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآيَة كُلِّهَا

قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ‏:‏ ‏{‏فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ‏}‏‏.‏

فَأَمَّا الْمُتَمَتِّعُ الَّذِي يُوجِبُ الْهَدْيَ الَّذِي ذَكَرْنَا، أَوِ الصِّيَامَ الَّذِي وَصَفْنَا، فَإِنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ‏:‏ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ، وَزُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَالشَّافِعِيُّ، كَانُوا يَقُولُونَ‏:‏ مَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَأَنْشَأَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَهِيَ‏:‏ شَوَّالٌ، وَذَوُ الْقَعْدَةِ، وَالْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ، فَطَافَ لَهَا فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ، وَحَلَّ مِنْهَا، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجِعْ فِيمَا بَيْنَ عُمْرَتِهِ وَحَجَّتِهِ إِلَى أَهْلِهِ، فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ، وَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُتَمَتِّعِ عَلَى مَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا، وَإِنْ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ بَيْنَ عُمْرَتِهِ وَبَيْنَ حَجَّتِهِ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا هَكَذَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، بِمَا ذَكَرْنَا وَهَكَذَا‏.‏

1625- حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، أَخْبَرَهُ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ مَنِ اعْتَمَرَ فِي شَوَّالٍ، أَوْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، أَوْ فِي ذِي الْحَجَّةِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ هَدْيٌ، إِنَّمَا الْهَدْيُ عَلَى مَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ أَقَامَ قَبْلَ الْحَجِّ، ثُمَّ حَجَّ ‏"‏ قَالَ أَحْمَدُ‏:‏ وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ، مِنْهُمْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، كَما‏:‏

1626- قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِذَا اعْتَمَرَ الرَّجُلُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ هَدْيٌ ‏"‏ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، مثله‏.‏

1628- وكما قد حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَطَاءٍ، مِثْلَهُ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَيْضًا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَطَاءٍ، وَالنَّخَعِيِّ، مثله‏.‏

1627- وكما قد حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن خزيمة، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قال حدثنا ليث عن عطاء، ومجاهد مثله‏.‏

1628- وكما قد حدثنا محمد قال حدثنا حجاج قال حماد عن قيس عن عطاء مثله‏.‏

1629- وكما قد حدثنا محمد أيضاً قال حدثنا حماد عن عطاء والنخعى مثله‏.‏

1630- وكما قد حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِذَا قَدِمَ الرَّجُلُ مُعْتَمِرًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى الْمَدِينَةِ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ هَدْيٌ وَإِنْ خَرَجَ إِلَى مَا لَا تُقْصَرُ إِلَيْهِ الصَّلَاةُ، ثُمَّ حَجَّ، فَعَلْيِهِ الْهَدْيُ ‏"‏ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ هَؤُلَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ خُرُوجِ الْمُتَمَتِّعِ مِنَ الْمُتْعَةِ بِرُجُوعِهِ إِلَى أَهْلِهِ بَيْنَ عُمْرَتِهِ وَبَيْنَ حَجَّتِهِ، فَفِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَّلَ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالُوهُ فِيهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ عَزَّ وَجَّلَ ذَكَرَ الْمُتْعَةَ وَمَا يَجِبُ عَلَى أَهْلِهَا، ثُمَّ قَالَ‏:‏ ‏{‏ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ‏}‏ فَاسْتَثْنَى حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِمَّنْ أَبَاحَ لَهُ الْمُتْعَةَ، فَمَنَعَهُمْ مِنْهَا، وَكَانَ حَاضِرُو الْمَسْجِدِ الْحَرَامَ هُمُ الْمُقِيمُونَ فِي أَهْلِيهِمْ بَيْنَ عُمَرِهِمْ وَبَيْنَ حِجَجِهِمْ، فَإِذَا صَارَ الْمُعْتَمِرُ الَّذِي لَيْسَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى أَهْلِهِ بَيْنَ عُمْرَتِهِ وَبَيْنَ حَجَّتِهِ، كَانَ فِي رُجُوعِهِ إِلَى أَهْلِهِ، وَفِي إِقَامَتِهِ فِيهِمْ بَيْنَ عُمْرَتِهِ وَحَجَّتِهِ كَحَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، فَخَرَجَ بِذَلِكَ مِنَ الْمُتْعَةِ فَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَرَجَعَ بَيْنَ عُمْرَتِهِ وَبَيْنَ حَجَّتِهِ إِلَى أُفُقٍ مِنَ الْآفَاقِ سِوَى الْأُفُقِ الَّذِي فِيهِ أَهْلُهُ، فَقَدْ حَكَيْنَا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِذَا قَدِمَ مُعْتَمِرًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى الْمَدِينَةِ، ثُمَّ رَجَعَ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ هَدْيٌ، وَإِنْ خَرَجَ إِلَى مَا لَا تَقْصُرُ إِلَيْهِ الصَّلَاةُ، ثُمَّ حَجَّ، فَعَلْيِهِ الْهَدْيُ ‏"‏، فَقَدْ وَقَفْنَا بِهِ عَلَى أَنَّ قَوْلَ عَطَاءٍ فِيمَنْ يَرْجِعُ إِلَى مَوْضِعٍ الْمَسَافَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ مِقْدَارُ مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي فِيهِ أَهْلُهُ، فَقَدْ خَرَجَ بِذَلِكَ مِنَ الْمُتْعَةِ، وَصَارَ رُجُوعُهُ إِلَى مَا هُنَاكَ كَرُجُوعِهِ إِلَى أَهْلِهِ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالنَّخَعِيِّ فِي ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ مَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْهُمْ وَقَصْدُهُمْ فِي إِخْرَاجِهِ مِنَ الْمُتْعَةِ بِالرُّجُوعِ إِلَى أَهْلِهِ فِيمَا بَيْنَ عُمْرَتِهِ وَبَيْنَ حَجَّتِهِ، لَا إِلَى مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الْآفَاقِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا أَهْلُهُ وَرُوِّينَا عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا، مِنْ حَدِيثِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، وَالْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، مِثْلُ الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالنَّخَعِيِّ فَقَدْ صَارَ هَذَا الْمَعْنَى مُخْتَلَفًا فِيهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ بَعْدِهِمْ فِي الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ، مِنْ غَيْرِ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِذَا رَجَعَ بَيْنَ عُمْرَتِهِ وَبَيْنَ حَجَّتِهِ إِلَى أُفُقٍ مِنَ الْآفَاقِ، سِوَى الْأُفُقِ الَّذِي فِيهِ أَهْلُهُ، هَلْ يَخْرُجُ بِذَلِكَ مِنَ الْمُتْعَةِ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ مِمَّا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ‏؟‏ أَوْ لَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنِ التَّمَتُّعِ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الَّذِي فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ‏؟‏ فَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَقُولَانِ‏:‏ لَا يَخْرُجُ مِنَ الْمُتْعَةِ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْوَاجِبُ فِيهَا مِمَّا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ إِلَّا بِرُجُوعِهِ إِلَى الْأُفُقِ الَّذِي فِيهِ أَهْلُهُ، لَا إِلَى مَا سِوَاهُ مِنَ الْآفَاقِ، وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي يَرْوِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَأَمَّا أَصْحَابُ الْإِمْلَاءِ فَذَكَرُوا عَنْ أَبِي يُوسُفَ، أَنَّهُ أَمْلَى عَلَيْهِمْ، أَنَّهُ إِذَا رَجَعَ إِلَى أُفُقٍ مِنَ الْآفَاقِ، أَوْ رَجَعَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ فِيمَا بَيْنَ عُمَرِهِمْ وَحِجَجِهِمْ، خَرَجُوا بِذَلِكَ مِنَ الْمُتْعَةِ، وَسَقَطَ عَنْهُمْ مَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ كَانَ فِي رُجُوعِهِ إِلَى مَا هُنَاكَ كَرُجُوعِهِ إِلَى الْأُفُقِ الَّذِي فِيهِ أَهْلُهُ وَلَمَّا كَانَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَعَزَّ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ فِي الْمُتْعَةِ‏:‏ ‏{‏

ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ‏}‏، فَذَكَرَ الْأَهْلَ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْآفَاقَ، وَجَعَلَ مَنْ كَانَ أَهْلُهُ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مَمْنُوعًا مِنَ الْمُتْعَةِ، كَانَ رُجُوعُهُ إِلَى مَا يَمْنَعُهُ مِنَ الْمُتْعَةِ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ الَّذِي أَوْجَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ مَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ وَكَانَ رُجُوعُهُ إِلَى غَيْرِهِ لَا مَعْنًى لَهُ يَخْرُجُ بِهِ مِنَ الْمُتْعَةِ، وَيَسْقُطُ بِهِ عَنْهُ مَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا فِيمَا حَكَيْنَا فِيهِ هَذَا الِاخْتِلَافَ الَّذِي وَصَفْنَا مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْمُوَافِقِ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلِقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الَّذِي حَكَيْنَاهُ عَنْهُمَا، وَالْمُخَالِفِ لَهُ الَّذِي قَالَهُ فِي إِمْلَائِهِ، مَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ الَّذِي وَافَقَ أَبَا حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَكُونُ غَيْرُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مُتَمَتِّعًا بِإِحْرَامِهِ فِيهِ بِعُمْرَةٍ وَبِحَجَّةٍ فِي عَامِهِ ذَلِكَ قَبْلَ رُجُوعِهِ إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ إِذَا أَحْرَمَ بِهَا فِي شَوَّالٍ، أَوْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، أَوْ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ، وَقَضَاهَا، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، كَانَ مُتَمَتِّعًا قَالُوا‏:‏ وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ هَذِهِ الْأَشْهُرِ الَّتِي ذَكَرْنَا، ثُمَّ طَافَ أَكْثَرَ طَوَافِهَا فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ الَّتِي وَصَفْنَا، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى أَهْلِهِ، كَانَ مُتَمَتِّعًا قَالُوا‏:‏ وَإِنْ كَانَ طَافَ قَبْلَ هَذِهِ الْأَشْهُرِ أَكْثَرَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ، ثُمَّ طَافَ بَقِيَّةَ طَوَافِهَا فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى أَهْلِهِ، لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ مُتَمَتِّعًا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ وَكَانَ الَّذِي رَاعُوهُ مِنْ ذَلِكَ هُوَ الْأَكْثَرُ مِنْ طَوَافِ الْعُمْرَةِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ سُنَّةً فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ اللَّاتِي ذَكَرْنَا، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى أَهْلِهِ، كَانَ مُتَمَتِّعًا وَإِنْ كَانَ الَّذِي طَافَهُ لِعُمْرَتِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ الْأَقَلَّ مِنْ طَوَافِهَا، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى أَهْلِهِ، لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ مُتَمَتِّعًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ إِذَا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ مِنَ السَّنَةِ، وَحَلَّ مِنْهَا، ثُمَّ حَجَّ من عَامَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى أَهْلِهِ، كَانَ بِذَلِكَ مُتَمَتِّعًا وَلَا نَعْلَمُ هَذَا الْقَوْلَ رُوِيَ عَنْ أَحَدٍ غَيْرِ طَاوُسٍ‏.‏

1631- فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ‏.‏

1631- حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنِ الْجَهْمِ الْعَبْدِيُّ الْمُؤَذِّنُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ طَاوُسٌ‏:‏ ‏"‏ مَنِ اعْتَمَرَ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا فِي الْمُحَرَّمِ فَمَا سِوَاهُ مِنَ الشُّهُورِ، فَأَقَامَ حَتَّى يَحُجَّ، فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ ‏"‏ وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ أَشْهُرُ الْحَجِّ قَبْلَ إِحْلَالِهِ مِنْ عُمْرَتِهِ، فَحَلَّ مِنْهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، كَانَ بِذَلِكَ مُتَمَتِّعًا، وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ هَذَا الْقَوْلُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ‏.‏

1632- حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، حَدَّثَهُ، قَالَ ‏"‏ مَنِ اعْتَمَرَ فِي رَمَضَانَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ شَوَّالٌ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ، فَهُوَ مِثْلُ مَنِ اعْتَمَرَ فِي شَوَّالٍ، وَذِي الْقَعْدَةِ، وَذِي الْحَجَّةِ، ثُمَّ حَجَّ، يَجِبُ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُعْتَمِرِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ‏"‏ فَكَانَ الَّذِي رَاعَى أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ الْإِحْلَالَ مِنَ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، لَا مَا سِوَاهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ‏:‏ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا بِمَا ذَكَرْنَا حَتَّى يَكُونَ قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ طَوَافِ عُمْرَتِهِ شَوْطٌ فَأَكْثَرُ مِنْهُ، فَيَطُوفُ الْبَاقِي عَلَيْهِ مِنْهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ يَحِلُّ، ثُمَّ يَحُجُّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، وَلَا يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيهِ، فَوَجَدْنَا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ‏}‏، لَمْ يُبَيِّنْ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ كَيْفِيَّةَ التَّمَتُّعِ، وَوَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ جَمِيعًا لَا يَخْتَلِفُونَ فِيمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي سَنَةٍ مِنَ السِّنِينَ، فَطَافَ بِهَا، وَحَلَّ مِنْهَا، ثُمَّ أَقَامَ حَتَّى حَجَّ فِي السَّنَةِ الَّتِي بَعْدَ تِلْكَ السَّنَةِ، لَا فِي السَّنَةِ الْأُولَى، أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُتَمَتِّعًا، فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ لَيْسَ هُوَ اتِّبَاعَ الْحَجِّ الْعُمْرَةَ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ، وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ عَلَى اتِّبَاعِ الْحَجِّ الْعُمْرَةَ فِي وَقْتٍ خَاصٍّ، وَلَا يَدْخُلُ فِيمَا عَلِمْنَا مِنْ أَدَاءِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ خَاصًّا، إِلَّا مَا أَجْمَعُوا عَلَى دُخُولِهِ فِيهِ وَقَدْ أَجْمَعُوا فِي الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِيمَنْ طَافَ أَكْثَرَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى أَهْلِهِ، أَنَّهُ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا، وَلَمْ يُجْمِعُوا عَلَى مَا سِوَى مَا ذَكَرْنَا، فَأَدْخَلْنَا فِي الْآيَةِ مَا أَجْمَعُوا عَلَى دُخُولِهِ فِيهَا، وَلَمْ يَدْخُلْ فِيهَا مَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يُجْمِعُوا عَلَى دُخُولِهِ فِيهَا، فَثَبَتَ بِذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ‏}‏، فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ هُوَ مَا اسْتَيْسَرَ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ خَاصَّةً، لَا مَا سِوَاهُمَا مِنَ الْغَنَمِ وَقَدْ كَانَ مِمَّنْ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةُ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ‏.‏

1633- كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، قَالَا‏:‏ ‏"‏ ‏{‏فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ‏}‏، مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ ‏"‏‏.‏

1634- وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ لَا يَكُونُ الْهَدْيُ إِلَّا مِنَ الْبَقَرِ وَالْإِبِلِ ‏"‏‏.‏

1635- وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ‏"‏ ‏{‏فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ‏}‏، قَالَ‏:‏ جَزُورٌ أَوْ بَقَرَةٌ ‏"‏‏.‏

1636- وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ وَبْرَةَ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ مَنْ تَمَتَّعَ فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ ‏"‏ فَذُكِرَ لَهُ الشَّاةُ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ الصِّيَامُ أَعْجَبُ إِلَيَّ مِنَ الشَّاةِ ‏"‏

وَقَالَ بَعْضُهُمُ‏:‏ الْهَدْيُ مِنَ الْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَزُفَرُ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَقَدْ رَوَى هَذَا الْقَوْلَ أَيْضًا عن عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ‏.‏

1637- كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَى الشَّاةَ ‏{‏فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ‏}‏ ‏"‏‏.‏

1638- وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ ‏{‏فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ‏}‏، شَاةٌ ‏"‏‏.‏

1639- وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ‏:‏ ‏{‏فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ‏}‏، قَالَ‏:‏ جَزُورٌ، أَوْ بَقَرَةٌ، أَوْ شَاةٌ، أَوْ شِرْكٌ فِي دَمٍ ‏"‏‏.‏

1640- وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏"‏ ‏{‏فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ‏}‏، قَالَ‏:‏ شَاةٌ ‏"‏ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ ذَبَحَ عَنْ مُتْعَتِهِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَيْسًا‏.‏

1641- كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّارُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بن أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنَمًا إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُقَسِّمَهَا فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عِلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَسَّمَهَا حَتَّى بَقِيَ تَيْسٌ، فَذَبَحَهُ سَعْدٌ عَنْ نَفْسِهِ، وَتَمَتَّعَ ‏"‏‏.‏

1642- وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّارُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَى سَعْدٍ ‏"‏، ثُمَّ ذَكَرَهُ مِثْلَهُ فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ يَدُلُّ عَلَى مَذْهَبِهِ كَانَ فِيمَا‏:‏ ‏{‏اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ‏}‏، أَنَّهُ كَانَ كَمَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ الْفِعْلُ كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عِلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ أَهْدَى غَنَما‏:‏

1643- كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، ‏"‏ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَى غَنَمًا مَرَّةً ‏"‏‏.‏

1644- وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، ‏"‏ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَى غَنَمًا مُقَلَّدَةً ‏"‏‏.‏

1645- وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ أَهْدَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنَمًا إِلَى الْبَيْتِ وَقَلَّدَهَا ‏"‏‏.‏

1646- وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ كُنْتُ أَفْتُلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنَمًا، ثُمَّ لَا يُحْرِمُ عَنْ شَيْءٍ ‏"‏‏.‏

1647- وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْغَنَمِ، ثُمَّ لَا يُحْرِمُ عَنْ شَيْءٍ ‏"‏‏.‏

1648- وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ كُنْتُ أَفْتُلُ الْقَلَائِدَ لِهَدْيِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْغَنَمِ، وَيُقِيمُ فِينَا حَلَالًا ‏"‏‏.‏

1649- وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي الْحَجَّاجِ، الَّذِي يُقَالُ لَهُ‏:‏ الزَّمنُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ كُنَّا نُقَلِّدُ الشَّاةَ فَنَبْعَثُ بِهَا، أَوْ قَالَتْ‏:‏ فَنُرْسِلُ بِهَا، وَرِسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَلَالٌ لَمْ يَحْرُمْ مِنْهُ شَيْءٌ ‏"‏‏.‏

1650- وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو زُبَيْدٍ عَنْبَرُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ كَانَ فِيمَا أَهْدَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَّلَمَ غَنَمٌ مُقَلَّدَةٌ ‏"‏

فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْدَى غَنَمًا، فَقَدْ ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْغَنَمَ قَدْ تَكُونُ هَدْيًا وَقَدْ أَنْكَرَ مُنْكِرٌ هَذَا الْحَدِيثَ، وَدَفَعَهُ بِمَا رَوَاهُ الْقَاسِمُ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ لَا تَرَى الْغَنَمَ مِنْ ‏{‏مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ‏}‏ عَلَى مَا قَدْ رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ فَكَانَ مِنْ حُجَّتِنَا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي رَوَاهُ الْقَاسِمُ عَنْهَا إِنَّمَا هُوَ عَلَى هَدْيِ التَّمَتُّعِ، وَأَنَّ الَّذِي رَوَاهُ الْأَسْوَدُ عَنْهَا إِنَّمَا هُوَ عَلَى هَدْيِ التَّطَوُّعِ أَلَا تَرَاهَا تَقُولُ فِي حَدِيثِ الْأَسْوَدِ ‏"‏ ثُمَّ يُقِيمُ فِينَا حَلَالًا، لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ ‏"‏، دَفْعًا مِنْهَا لِقَوْلِ مَنْ كَانَ يَقُولُ‏:‏ إِذَا وَجَّهَ الرَّجُلُ بِهَدْيِ تَطَوُّعٍ، فَقَلَّدَ أَوْ أَشْعَرَ، حَرُمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَبْسُ الثِّيَابِ وَالطِّيبُ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي‏:‏ ‏{‏مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ‏}‏ كَمَا ذَكَرْنَا، فَأَدْخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِيهِ الْغَنَمَ، وَلَمْ يُدْخِلْهَا ابْنُ عُمَرَ، وَلَا عَائِشَةُ فِيهِ، نَظَرْنَا فِيمَا أَجْمَعُوا عِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، فَوَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ‏:‏ ‏{‏هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ‏}‏، فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْغَنَمُ بِاتِّفَاقِهِمْ، كَمَا دَخَلَتِ الْإِبِلُ، وَالْبَقَرُ وَصَارَتِ الْغَنَمُ فِي ذَلِكَ مُجْزِئَةٌ عَنْ هَدْيٍ وَاجِبٍ فَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فِي التَّمَتُّعِ كَذَلِكَ أَيْضًا، فَثَبَتَ بِذَلِكَ مَا قَدْ حَكَيْنَاهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْبَابِ بَابٌ قَالَ أَحْمَدُ‏:‏ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ‏}‏، فَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ جَمِيعًا أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُتَمَتِّعِ الَّذِي مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ لِعَدَمِ الْهَدْيِ، أَنْ يَجْعَلَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ الَّذِي يَصُومُهَا فِي الْحَجِّ‏:‏ الْيَوْمَ الَّذِي قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، وَيَوْمَ التَّرْوِيَةِ، وَيَوْمَ عَرَفَةَ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَيْضًا أَنَّهُ إِنْ صَامَهَا قَبْلَ ذَلِكَ فِي حُرْمَةِ الْحَجِّ مَتَتَابِعَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً أَنَّهُ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ لَوْ صَامَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ فِي حُرْمَةِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ، فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ‏:‏ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَهُمْ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ‏:‏ لَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ كَما‏:‏

1651- قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ‏:‏ ‏"‏ وَالصِّيَامُ لِمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا مَا بَيْنَ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ، فَمَنْ لَمْ يَصُمْ صَامَ أَيَّامَ مِنًى ‏"‏‏.‏

1652- وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، بِمِثْلِ ذَلِكَ أَيْضًا وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَخْلُ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ‏}‏، مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ‏:‏ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الصَّوْمِ فِي الْحَجِّ، أَوْ عَلَى الصَّوْمِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَوَجَدْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ مَنْ صَامَهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ أَنَّهَا لَا تُجْزِئُهُ، فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏فِي الْحَجِّ‏}‏ أَشْهُرَ الْحَجِّ، وَعَلِمْنَا أَنَّهُ أَرَادَ بِ‏:‏ ‏{‏الْحَجِّ‏}‏ حُرْمَةَ الْحَجِّ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ، وَانْتَفَى مَا قَالَ مُخَالِفُوهُمْ فِيهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ لَمْ يَصُمِ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ الَّتِي ذَكَرْنَا حَتَّى مَضَى يَوْمُ عَرَفَةَ، فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ‏:‏ يَصُومُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ‏:‏ لَا يَصُومُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ، لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، إِذْ كَانَ الصِّيَامُ الَّذِي أَوْجَبَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ، وَالْوَقْتُ الَّذِي أَمَرَهُ بِصَوْمِهِ فِيهِ، وَهُوَ الْحَجُّ، قَدْ فَاتَ، فَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَصُومَهَا فِي غَيْرِ الْحَجِّ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَقَالُوا‏:‏ لَا يَجُوزُ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَصُومَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَيَّامِ الْحَجِّ، لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهَا، كَمَا لَمْ يُجْزِهِ أَنْ يَصُومَ يَوْمَ النَّحْرِ عَنْ ذَلِكَ لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ الْمَرْوِيَّةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ مِنْ كُتُبِنَا هَذِهِ، فَأَغْنَانَا ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا، غَيْرَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مَا يُوَافِقُ مَا قَدْ حَكَيْنَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ فِيهِ، مِمَّا لَمْ نَكُنْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ مِنْ كُتُبِنَا هَذِهِ، وَهُوَ أَنَّ‏:‏

1653- مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَالَ‏:‏ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي تَمَتَّعْتُ فَلَمْ أَهْدِ، وَلَمْ أَصُمْ فِي الْعَشْرِ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ سَلْ فِي قَوْمِكَ ‏"‏، ثُمَّ قَالَ‏:‏ ‏"‏ يَا مُعَيْقِيبُ، أَعْطِهِ شَاةً ‏"‏ فَهَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَمْ يَأْمُرِ الْمُتَمَتِّعَ الَّذِي لَمْ يَصُمْ فِي الْعَشْرِ، وَلَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ، أَنْ يَصُومَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ بُدًّا مِنَ الْهَدْيِ‏.‏

1654- وَأَنَّ يَزِيدَ بْنَ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، ‏"‏ ‏{‏فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ‏}‏ آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ ‏{‏وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ‏}‏ قَالَ‏:‏ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ‏:‏ هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏"‏، وَعَقَدَ بِيَدِهِ ثَلَاثِينَ فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ جَعَلَ آخِرَ الْوَقْتِ الَّذِي يُصَامُ فِيهِ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامُ فِي الْحَجِّ لِلْمُتَمَتِّعِ، يَوْمَ عَرَفَةَ‏.‏

وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، وَكَانَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ‏}‏، قَدْ جَعَلَ لَهُ وَقْتًا، وَهُوَ الْحَجُّ، كَمَا جَعَلَ لِلصَّوْمِ فِي الظِّهَارِ، وَفِي الْقَتْلِ الْخَطَإِ، وَصْفَهُ، وَهِيَ التَّتَابُعُ، فَكَمَا كَانَ ذَلِكَ الصَّوْمُ الْمَوْصُوفُ بِالتَّتَابُعِ لَا يُجْزِئُ إِلَّا مُتَتَابِعًا، فَكَذَلِكَ الصَّوْمُ الَّذِي جُعِلَ فِي الْحَجِّ لَا يُجْزِئُ فِي غَيْرِ الْحَجِّ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ‏}‏، فَجَائِزٌ لِلْمُتَمَتِّعِينَ أَنْ يَصُومُوهَا بِمَكَّةَ، وَفِي طُرُقِهِمْ إِلَى بُلْدَانِهِمْ، وَفِي بُلْدَانِهِمُ الَّتِي فِيهَا أَهْلُوهُمْ مُتَتَابِعَةً وَمُتَفَرِّقَةً، لَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ‏}‏، أَيْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ مِنَ الْإِحْلَالِ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ‏}‏، فَالْمُرَادُ بِذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا هُوَ كَمَا لَهَا عَنِ الْهَدْيِ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ‏}‏، فَإِنَّ هَذَا قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُرَادِ بِهِ مَا هُوَ، وَفِي حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مَنْ هُمْ، فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، فَكَانُوا يَقُولُونَ فِي ذَلِكَ‏:‏ أَهْلُ الْمَوَاقِيتِ الَّتِي وَقَّتَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى مَكَّةَ، هُمْ حَاضِرُو الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَهُمْ وَأَمَّا آخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَكَانُوا يَقُولُونَ‏:‏ حَاضِرُو الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ‏:‏ أَهْلُ مَكَّةَ خَاصَّةً دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ كَما‏:‏

1655- قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ نَافِعًا مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏"‏ ‏{‏ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ‏}‏، أَجَوْفُ مَكَّةَ أَوْ حَوْلَهَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ جَوْفُ مَكَّةَ ‏"‏

وَقَالَ بِذَلِكَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْهُ، فَوَجَدْنَا الَّذِينَ قَالُوا بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَقُولُونَ‏:‏ لِكُلِّ مَنْ كَانَ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ دُخُولُ مَكَّةَ بِلَا إِحْرَامٍ، إِذْ كَانُوا قَدْ جَعَلُوا الْمَكَانَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِهِ كَمَكَّةَ، فَجَعَلُوهُمْ كَأَهْلِ مَكَّةَ، وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَقُولُونَهُ فِي هَذَا أَيْضًا، وَيَحْتَجُّونَ فِيهِ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ‏.‏

1656- كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ، ‏"‏ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ أَقْبَلَ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِقُدَيْدٍ، بَلَغَهُ خَبَرٌ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَرَجَعَ فَدَخَلَ مَكَّةَ حَلَالًا ‏"‏‏.‏

1657- وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، ‏"‏ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ يُرِيدُ الْمَدِينَةَ، فَلَمَّا بَلَغَ قُدَيْدًا بَلَغَهُ عَنْ جَيْشٍ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَرَجَعَ، فَدَخَلَ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ ‏"‏‏.‏

1658- وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ‏"‏ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ، وَهُوَ يُرِيدُ الْمَدِينَةَ، فَلَمَّا كَانَ قَرِيبًا لَقِيَهُ جَيْشُ ابْنُ دُلْجَةَ، فَرَجَعَ مَكَّةَ حَلَالًا ‏"‏ فَكَانَ فِيمَا ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالُوا، وَعَلَى أَنَّ أَهْلَ قُدَيْدٍ كَأَهْلِ مَكَّةَ فِيمَا ذَكَرْنَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا خِلَافُ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ‏.‏

1659- كَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ‏:‏

حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ تَاجِرٌ، وَلَا طَالِبُ حَاجَةٍ، إِلَّا وَهُوَ مُحْرِمٌ ‏"‏‏.‏

1660- وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنِ الْجَهْمِ الْعَبْدِيُّ الْمُؤَذِّنُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ عَطَاءٌ‏:‏ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ ‏"‏ لَا عُمْرَةَ عَلَى الْمَكِّيِّ، إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْحَرَمِ، فَلَا يَدْخُلُهُ إِلَّا حَرَامًا ‏"‏ قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ فَإِنْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ مَكَّةَ قَرِيبًا‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ نَعَمْ، يَقْضِي حَاجَتَهُ، وَيَجْعَلُ مَعَ قَضَائِهَا عُمْرَةً ‏"‏ فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ مَنَعَ النَّاسَ جَمِيعًا مِنْ دُخُولِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ، فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ كَانَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ خِلَافُ حُكْمِ أَهْلِ مَكَّةَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الرَّبِيعِ اللُّؤْلُئِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ‏.‏

1661- وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَزَّ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، وَوَضَعَهَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَخْشَبَيْنِ، لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَمْ تَحِلَّ لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لَا يُخْتَلَى خِلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يَرْفَعُ لُقْطَتَهَا إِلَّا مُنْشِدٌ ‏"‏ فَقَالَ الْعَبَّاسُ‏:‏ إِلَّا الْإِذْخِرُ، فَإِنَّهُ لَا غَنَاءَ لِأَهْلِ مَكَّةَ عَنْهُ لِبُيُوتِهِمْ وَقُبُورِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِلَّا الْإِذْخِرُ ‏"‏‏.‏

1662- وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُسَدِّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي ذِئْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا شُرَيْحٍ الْكَعْبِيَّ، يَقُولُ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا يَسْفِكَنَّ فِيهَا دَمًا، وَلَا يَعْضُدَنَّ فِيهَا شَجَرَةً، فَإِنْ تَرَخَّصَ مُرَخِّصٌ، فَقَالَ‏:‏ قَدْ حَلَّتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَحَلَّهَا لِي، وَلَمْ يُحِلَّهَا لِلنَّاسِ، وَإِنَّمَا أَحَلَّهَا لِي سَاعَةً ‏"‏‏.‏

1663- وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ‏:‏ لَمَّا فَتَحَ اللهُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، قَتَلَتْ هُذَيْلٌ رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ بِقَتِيلٍ كَانَ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَبَسَ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ الْقَتْلَ، وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي، وَلَا تَحِلُّ بَعْدِي، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَتَيْنِ مِنْ نَهَارٍ، وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ حَرَامٌ، لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُخْتَلَى شَكْوُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ ‏"‏‏.‏

1664- وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَبَسَ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ الْفِيلَ ‏"‏، وَغَيْرَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ ‏"‏ وَلَا يُلْتَقَطُ ضَالَّتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ ‏"‏ أَفَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصَدَ بِالْحُرْمَةِ إِلَى مَكَّةَ دُونَ مَا سِوَاهَا، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ سَائِرَ النَّاسِ سِوَى أَهْلِهَا فِي حُكْمِ دُخُولِهِمْ إِيَّاهَا سَوَاءٌ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ مَا رُوِّينَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْبَابِ، وَفِي ثُبُوتِ ذَلِكَ مَا يَجِبُ بِهِ أَنَّ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الْمَمْنُوعِينَ مِنَ الْمُتْعَةِ هُمْ أَهْلُ مَكَّةَ خَاصَّةً كَمَا قَالَ نَافِعٌ وَالْأَعْرَجُ، لَا كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ما‏:‏

1665- قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏‏"‏ ‏{‏ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ‏}‏، قَالَ‏:‏ الْقُرَى الَّتِي حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ‏:‏ ضَجْنَانُ، وَعِرْفَانٌ، وَمَرُّ ظَهْرَانَ ‏"‏ فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ مَنْصُوصٌ فِي حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ خِلَافُ مَا اسْتَدْلَلْنَا بِهِ عَنْهُ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ وَإِذَا جَازَ أَنْ يَلْحَقَ بِأَهْلِ مَكَّةَ فِي حُضُورِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَهْلُ هَذِهِ الْقُرَى اللَّائِي ذَكَرْنَا، جَازَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمْ مَنْ كَانَ دُونَهَا إِلَى الْمَوَاقِيتِ الَّتِي وَقَّتَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ فِي حَجِّهِمْ وَعُمَرِهِمْ، وَاللهُ أَعْلَمُ لِمَا كَانَ حَقِيقَةُ قَوْلِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ النَّخَعِيِّ، فِي تَأْوِيلِ الْمُتْعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ، غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا فِيهَا فِي هَذَا الْبَابِ مِمَّا نَحْنُ ذَاكِرُوهُ فِي الْبَابِ الَّذِي يَتْلُوهُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى‏.‏