فصل: تأويل قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أحكام القرآن ***


تأويل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ‏}‏

قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ‏}‏ إِلَى قوله‏:‏ ‏{‏فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ‏}‏

وكَانَ شهر رمضان الَّذِي ذكره الله عَزَّ وَجَلَّ لنا شهرا معقولا بالأهلة الَّتِي جعلها لنا مواقيت بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ‏}‏، فَأَعْلَمَنَا عزّ وجلّ أَنَّ الأَهِلَّةَ مَوَاقِيتُ لَنَا وَلِحَجِّنَا، ولمَا سوى ذَلِكَ مِمَّا نحتاج إلَى الأوقات فِيه من أمور ديننا من الصيام، والعدد، والإيلاءات، ومَا أشبه ذَلِكَ، ولمَا نحتاج إِلَيْهِ من أمور دنيانا فِي معاملاتنا وحلول آجال ديوننا ولم يين لنا عزّ وجلّ فِي هَذِهِ الآية عدة الشهور الَّتِي تعلم بالأهلة، وبينه لنا فِي سورة براءة بقوله عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ‏}‏ فأخبر عزّ وجلّ أن عدة هَذِهِ الشهور التي جعلها مواقيت اثنا عشر شهرا وبين ذَلِكَ لنا أيضا عَلَى لسان رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بقوله فِي خطبته عَلَى الناس فِي حجة الوداع‏:‏ ‏"‏ إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، وَإِنَّ السَّنَةَ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ‏"‏ وسنأتي بِذَلِكَ وبإسناده فِي موضع الحاجة إن شاء الله تعالى فأعلمنا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمَا ذَكَرْنَاهُ عنه من هَذَا أن هَذِهِ الاثني عشر شهرا إِذَا كملت سنة، ثُمَّ دخلت سنة أخرى، ثُمَّ كَذَلِكَ الأزمنة فِي المستأنف أبدا، ولم يبين عزّ وجلّ مِقْدَار مَا بَيْنَ كل هلالين من هَذِهِ الأهلة من الأيام والليالي، وبينه لنا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

974- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ‏:‏ إِنِّي لأَعْجَبُ مِنَ الَّذِينَ يَصُومُونَ قَبْلَ رَمَضَانَ، إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلالَ فَصُومُوا، وإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلاثِينَ ‏"‏‏.‏

975- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا رَوْحٌ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ، مِثْلَهُ‏.‏

976- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَسَارٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُهُ يَقُولُ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

977- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقُولُ‏:‏ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏

صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلاثِينَ ‏"‏‏.‏

978- حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّوَّاسِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَصُمْ ثَلاثِينَ إِلا أَنْ تَرَى الْهِلالَ قَبْلَ ذَلِكَ ‏"‏ ففِيمَا روينا عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدْ عقلنا به أن الشهر لا يجاوز ثلاثين يوما‏:‏

979- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، وَلا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلالَ، وَلا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ ‏"‏ فعقلنا بِذَلِكَ أن الشهر لا يكون أقل من تسع وعشرين، وعقلنا بمَا روينا قبله أَنَّهُ لا يكون أكثر من ثلاثين غير أَنَّهُ قَدْ روي عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث قصد فِيه إِلَى شهر رمضان، وإلى ذي الحجة بمعنى أبانها من سائر الشهور‏.‏

980- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي عُبَيْدِ اللهِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ شَهْرَا عِيدٍ لا يَنْقُصَانِ‏:‏ رَمَضَانُ، وَذُو الْحِجَّةِ ‏"‏‏.‏

981- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ فذهب قوم إِلَى أن ذَلِكَ عَلَى نقصان العدد، وأن كل واحد من شهر رمضان ومن ذي الحجة لا يكون أقل من ثلاثين عَلَى ظاهر هَذَا الحديث‏.‏

وذهب آخرون عَلَى أن معنى ‏"‏ لا ينقصان ‏"‏ أي‏:‏ لا يجتمع نقصانهمَا فِي عام واحد، وإن كَانَ كل واحد منهمَا قَدْ ينقص مع وفاء عدد صاحبه وذهب آخرون عَلَى أن معنى قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ لا ينقصان ‏"‏ أي‏:‏ لا ينقصان وإن كَانَا تسعا وعشرين، فِي أحكامهمَا عمَّا يكونان عَلَيْهِ إِذَا كَانَا ثلاثين، لمَا فِيهمَا من أمور الإسلام، لأن الصوم فِي أحدهمَا ولَيْسَ فِي غيره من الشهور، والحج فِي أحدهمَا ولَيْسَ فِي غيره من الشهور، يقصد إليهما بِذَلِكَ لينفِي عنهمَا نقصان الحج والصيام، وإن كَانَا تسعا وعشرين وقَدْ دل هَذَا التأويل مَا رويناه عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قوله‏:‏ ‏"‏ الشهر تسع وعشرون ‏"‏، ومن قوله فِي شهر رمضان‏:‏ ‏"‏ إِذَا رأيتم الهلال فصوموا، وإِذَا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فعدو ثلاثين ‏"‏ فعقلنا بِذَلِكَ أنا قَدْ نرى هلال شوال قبل أن يكمل رمضان ثلاثين يومًا وقَدْ روي حديث أَبِي بكرة هَذَا من غير هذين الوجهين بخلاف مَا روي من هذين الوجهين‏.‏

982- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمِغْرَاءِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ الْمُزَنِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ كُلُّ شَهْرٍ حَرَامٍ ثَلاثُونَ يَوْمًا وَثَلاثُونَ لَيْلَةً ‏"‏ وكَانَ هَذَا الحديث عِنْدَنَا لَيْسَ بشيء إِذْ كَانَ عبد الرحمن بن إسحاق لا يقام خالد الحذاء فِي ضبطه وإتقانه، وإِذَا العنان قَدْ يدفع مَا رووا، لأنا قَدْ رأينا الشهور الحرام قَدْ تنقص عَنِ الثلاثين، لا تدافع ذَلِكَ العامة ولا الخاصة فِي حديث ابن إسحاق هَذَا، إخراج رمضان مِمَّا أدخله فِيه خالد فِي حديثه الَّذِي رويناه عنه أن شهر رمضان لَيْسَ من الشهور الحرم، وقَدْ ذكرنا فِيمَا تقَدم بنا فِي هَذَا الباب قول رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ الشهر تسع وعشرون من غير أن يكون نقصا ‏"‏ مَا روي عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ، واحتجنا إِلَى إعادته هاهنا، وبعض مَا روي عنه فِيه ليستخرج مَا فِي ذَلِكَ من الدلائل عَلَى المراد بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ شهرا عيد لا ينقصان، رمضان وذو الحجة ‏"‏‏.‏

983- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ الشَّهْرُ هَكَذَا، وَهَكَذَا، وَهَكَذَا وَنَقَصَ فِي الثَّالِثَةِ أُصْبُعًا ‏"‏‏.‏

984- حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ الْحَجَّاجِ الأَزْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا صِلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ الشَّهْرُ هَكَذَا، وَهَكَذَا، وَهَكَذَا، وَضَمَّ إِبْهَامَهُ فِي الثَّالِثَةِ ‏"‏‏.‏

985- حَدَّثَنَا بَكْرٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عَمْرٍو، يَقُولُ‏:‏ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَذْكُرُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ‏.‏

986- حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلامٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو، يَقُولُ‏:‏ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ ‏"‏ وكَانَ هَذَا عِنْدَنَا والله أعلم من قول رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قصده إِلَى شهر بعينه أَنَّهُ كَذَلِكَ، لا عَلَى أن الشهور كلها تسع وعشرون ألا ترى إِلَى قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏

فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين ‏"‏، لأنه أكثر مَا يكون الشهر كَذَلِكَ والدليل عَلَى أن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قصد بقوله‏:‏ ‏"‏ الشهر تسع وعشرون ‏"‏ إِلَى شهر بعينه‏.‏

987- أَنَّ بَكَّارًا، وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ حَدَّثَانَا، قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْيَمَامِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ سِمَاكٍ أَبِي زُمَيْلٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَذَكَرَ إِيلاءَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ، وَأَنَّهُ نَزَلَ لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ الشَّهْرَ قَدْ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ ‏"‏ هَكَذَا لَفْظُ هَذَا الْحَدِيثِ‏.‏

988- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِيٍّ، أَنَّ عِكْرِمَةَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏"‏ حَلَفَ أَنْ لا يَدْخُلَ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ شَهْرًا، فَلَمَّا مَضَى تِسْعٌ وَعِشْرُونَ غَدَا عَلَيْهِمَا، أَوْ رَاحَ ‏"‏، فَقِيلَ لَهُ‏:‏ حَلَفْتَ يَا نَبِيَّ اللهِ أَنْ لا تَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا‏؟‏، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ الشَّهْرَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا ‏"‏‏.‏

989- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ الْمَكِّيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا، يَقُولُ‏:‏ هَجَرَ رَّسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ شَهْرًا وَكَانَ يَكُونُ فِي الْعُلْوِ، وَيَكُنَّ فِي السُّفْلِ، فَنَزَلَ إِلَيْهِنَّ فِي تِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، فَقَالَ رَجُلٌ‏:‏ إِنَّكَ مَكَثْتَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ الشَّهْرَ هَكَذَا، وَهَكَذَا بِأَصَابِعِ يَدِهِ وَهَكَذَا وَقَبَضَ فِي الثَّالِثَةِ إِبْهَامَهُ ‏"‏‏.‏

990- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا، فَذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

991- حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ‏:‏ آلَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ، فَأَقَامَ فِي مَشْرُبَةٍ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ نَزَلَ فَقَالُوا‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ، آلَيْتَ شَهْرًا، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ ‏"‏ فَدَلَّ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا عَلَى أَنَّ مُرَادَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏"‏ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ ‏"‏، أَوْ مَا مَعَنْاهُ، مَعْنَى هَذَا الْقَوْلِ‏:‏ أَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الشَّهْرِ الَّذِي وَقَعَ إِيلاؤُهُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، لأَنَّ يَمِينَهُ وَافَقَتْ أَوَّلَ الشَّهْرِ وقَدْ روي عَنْ عائشة إنكارها عَلَى من روى عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ الشهر تسع وعشرون ‏"‏، مِمَّا روي عنه من ذَلِكَ وإخبارها أن قوله فِي ذَلِكَ إنمَا كَانَ غير هَذَا اللفظ‏.‏

992- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ‏:‏ وَقَوْلُهُمْ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ ‏"‏، وَلا وَاللهِ مَا كَذَلِكَ قَالَ، أَنَا وَاللهِ أَعْلَمُ بِمَا قَالَ فِي ذَلِكَ، إِنَّمَا قَالَ حِينَ هَجَرَنَا‏:‏ ‏"‏ لأَهْجُرُكُنَّ شَهْرًا ‏"‏ فَجَاءَ حِينَ ذَهَبَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، فَقُلْتُ‏:‏ يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنَّكَ أَقْسَمْتَ شَهْرًا، وَإِنَّمَا غِبْتَ عَنَّا تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ شَهْرَنَا هَذَا كَانَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً ‏"‏ وقَدْ روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عدد الشهر ما‏:‏

993- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْخَزَّازُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، وَيَكُونُ ثَلاثِينَ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَكَمِّلُوا الْعِدَّةَ ‏"‏ فدل قول رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أن الشهر قَدْ يكون مرة تسعا وعشرين، وقَدْ يكون مرة ثلاثين، ولم يخص بِذَلِكَ شهورا بأعيانها من سائر الشهور فدل ذَلِكَ عَلَى أن كل شهر من الشهور قَدْ يكون تسعا وعشرين، ويكون ثلاثين، وثبت بِذَلِكَ أن مراده صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله‏:‏ ‏"‏ شهرا عيد لا ينقصان‏:‏ رمضان وذو الحجة ‏"‏، إنه لَيْسَ عَلَى نقصان العدد، ولكنه عَلَى نقصان الأحكام ولم يبين لنا عزّ وجلّ عَلَى لسان رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوقت الذي نعتد فِيه بالهلال للصوم أو للفطر، ولا أَنَّهُ هُوَ الهلال الَّذِي يُرَى فِي النهار، أو هُوَ الهلال الَّذِي يرى فِي الليل‏؟‏ وقَدِ اختلف أهل العلم فِي الهلال الَّذِي يرى فِي النهار، فقَالَ‏:‏ بعضهم‏:‏ هُوَ لليلة الجائية وقَالَ‏:‏ بعضهم‏:‏ إن كَانَ رُئِيَ قبل الزوال فَهُوَ لليلة المَاضية، وإن كَانَ رئي بعد الزوال فَهُوَ لليلة الجائية، وقَدْ روي عَنْ أصحاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القولان جميعًا‏.‏

994- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ‏:‏ أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ بِخَانِقِينِ‏:‏ ‏"‏ أَلا إِنَّ الأَهِلَّةَ بَعْضُهَا أَكْبَرُ مِنْ بَعْضٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلالَ نَهَارًا فَلا تُفْطِرُوا حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ بِالأَمْسِ ‏"‏‏.‏

995- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، مِثْلَهُ ففِي هَذَا الحديث أن الهلال إِذَا رئي فِي النهار فَهُوَ لليلة الجائية، وفِي حكم مَا رئي فِيهَا، لا فِي حكم مَا رئي فِي الليلة الَّتِي قبل يومئذ، وهكذا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، ومحمد يقولان فِي الهلال إِذَا رئي نهارا قبل الزوال أو بعد الزوال، إنه لليلة الجائية وَهُوَ قول مَالك أيضا كمَا حَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ محمد، عن أَبِي يُوسُفَ مِمَّا يدل عَلَى هَذَا المعنى وكمَا حَدَّثَنَا يونس، عَنِ ابْنِ وهب، قَالَ‏:‏ قَالَ مَالك‏:‏ ومن رأى هلال شوال نهارا فلا يفطر، وليتم صيام يومه ذَلِكَ، فإنمَا هُوَ هلال الليلة الَّتِي تأتي قَالَ‏:‏ أحمد‏:‏ وهلال شهر رمضان فِي قياس قوله كَذَلِكَ وهكذا كَانَ الشافعي يَقُولُ في ذَلِكَ كمَا حكى لنا المُزَني عنه فِي مختصره قوله وفِي قول عمر حَتَّى يشهد شاهدان أنهمَا قَدْ رأياه بالأمس، ولم يقل فِي أول النهار، ولا فِي آخره، دليل عَلَى أَنَّهُ إِذَا رئي فِي أول النهار أو رئي فِي آخره أن الحكم واحد غير مختلف، غير أن عبيدة بن حميد روى حديث عمر هَذَا عَنِ الأعمش، وزاد فِيه عَلَى شعبة وعَلَى أَبِي معاوية حرفا يدل عَلَى أن عمر أراد به رؤية الهلال بالأمس فِي آخر النهار، وَذَلِكَ‏.‏

996- أَنَّ رَوْحَ بْنَ الْفَرَجِ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ‏:‏ كُنَّا بِخَانِقِينَ، فَرَأَيْنَا الْهِلالَ نَهَارًا، فَصَامَ بَعْضُنَا وَأَفْطَرَ بَعْضُنَا، فَلَمْ يَعِبْ مَنْ صَامَ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ، وَلا مَنْ أَفْطَرَ عَلَى مَنْ صَامَ، فَجَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ‏:‏ ‏"‏ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الأَهِلَّةَ بَعْضُهَا أَعْظَمُ مِنْ بَعْضٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَلا تُفْطِرُوا حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأَنَّهُمَا أَبْصَرَاهُ بِالأَمْسِ عَشِيَّةً ‏"‏ قَالَ‏:‏ هَذَا الحديث عَلَى أن عمر إنمَا أراد الرؤية فِي آخر النهار من الأمس، لا فِي أوله وهكذا كَانَ سُفْيَان الثوري يَقُولُ فِي الهلال‏:‏

إِذَا رئي قبل الزوال فَهُوَ لليلة المَاضية، وفِي حكم مَا رئي فِيهَا، وإِذَا رئي بعد الزوال فَهُوَ لليلة الجائية، وفِي حكم مَا رئي فِيهَا حَدَّثَنَا بِذَلِكَ من قوله مَالك بن يَحْيَى الهمداني، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو النصر، عَنِ الأشجعي، عَنْ سُفْيَان، وقَدْ كَانَ أَبُو يوسف، قَالَ بهذا كمَا حَدَّثَنَا جعفر بن أحمد، عَنْ بشر، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، فذكر عنه كَذَلِكَ وقَدْ روى منصور حديث عمر الَّذِي ذكرنا، عَنْ أَبِي وائل كمثل مَا رواه عبيدة، عَنِ الأعمش، عَنْ أَبِي وائل، لا كمَا رواه شعبة، وأبو معاوية، عَنِ الأعمش، عَنْ أَبِي وائل‏.‏

997- حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ‏:‏ أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ وَنَحْنُ مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ‏:‏ ‏"‏ إِذَا أُرِيتُمُ الْهِلالَ نَهَارًا فَلا تُفْطِرُوا حَتَّى يَشْهَدَ رَجُلانِ مُسْلِمَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ بِالأَمْسِ عَشِيَّةً ‏"‏ وكذَلِكَ ذكره إبراهيم النخعي من قول عمر مرسلا‏.‏

1000- حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو النَّصْرِ، عَنِ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُغِيرَةَ الضَّبِّيِّ، عَنْ شِبَاكٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ كَتَبَ عُمَرُ‏:‏ ‏"‏ إِذَا رُئِيَ الْهِلالُ نَهَارًا قَبْلَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَأَفْطِرُوا، وإِذَا رُئِيَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَلا تُفْطِرُوا حَتَّى تُمْسُوا ‏"‏‏.‏

999- حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ وهذا كَانَ إبراهيم، يَقُولُ‏:‏

1000- حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلالَ قَبْلَ انْتِصَافِ النَّهَارِ فَأَفْطِرُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ بَعْدَ انْتِصَافِ النَّهَارِ فَلا تُفْطِرُوا ‏"‏ وقَدْ روي عَنِ ابْنِ عمر فِي هَذَا أَنَّهُ لليلة الجائية، لا لليلة المَاضية بغير تفريق منه بَيْنَ مَا رئي بعد الزوال وبين مَا رئي قبل الزوال‏.‏

1001- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، ‏"‏ أَنَّ أُنَاسًا رَأَوْا هِلالَ الْفِطْرِ نَهَارًا، فَأَتَمَّ عَبْدُ اللهِ صِيَامَهُ إِلَى اللَّيْلِ وَقَالَ‏:‏ لا، حَتَّى يُرَى مِنْ حَيْثُ يُرَى بِاللَّيْلِ ‏"‏‏.‏

1002- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ حَمْزَةَ، عَنِ الزَّبِيدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، أَنَّ هِلالَ الْفِطْرِ رُئِيَ نَهَارًا فَلَمْ يُفْطِرْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ وَقَالَ‏:‏ ‏"‏ لا حَتَّى نَرَى حَيْثُ يَطْلُعُ فِي اللَّيْلِ ‏"‏‏.‏

1003- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بِذَلِكَ‏.‏

1004- حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ بِهَذَا الْقَوْلِ‏.‏

1005- حَدَّثَنَا نَصْرٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِهَذَا الْقَوْلِ ولمَّا اختلفوا فِي ذَلِكَ نظرنا أن نجد فِيه عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يدل عَلَى شيء مِمَّا اختلفوا فِيه‏.‏

1006- فإِذَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عُمُومَتِي مِنَ الأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا‏:‏ ‏"‏ أُغْمِيَ عَلَيْنَا هِلالُ شَوَّالٍ، فَأَصْبَحْنَا صِيَامًا، فَجَاءَ رَكْبٌ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ، فَشَهِدُوا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ رَأَوُا الْهِلالَ بِالأَمْسِ، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُفْطِرُوا مِنْ يَوْمِهِمْ، ثُمَّ يَخْرُجُوا لِعِيدِهِمْ مِنَ الْغَدِ ‏"‏ وإِذَا سليمَان‏.‏

1007- قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وإِذَا إِبْرَاهِيمُ‏:‏

1008- قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، وَأَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا عُمَيْرِ بْنَ أَنَسٍ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ ‏"‏ وَأَمَرَهُمْ إِذَا أَصْبَحُوا أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى مُصَلاهُمْ ‏"‏ ولم نجد فِي هَذَا عَنْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كشف الشهود الذين شهدوا عنده عَلَى ذَلِكَ عَنِ الوقت الَّذِي رأوا فِيه الهلال من اليوم الَّذِي رأوه فِيه هل كَانَ قبل الزوال منه أو بعد الزوال‏؟‏ فدل ذَلِكَ عَلَى استواء الحكم فِي رؤيتهم إياه قبل الزوال، وفِي رؤيتهم إياه بعد الزوال، لأنه لو كَانَ مختلفا لكشفهم عَنْ ذَلِكَ، ليجعل الهلال الَّذِي رأوه، إن كَانَ قبل الزوال من اليوم الَّذِي رأوه فِيه لليلة المَاضية، ويأمر الناس بقضاء يوم، لأنهم لم يصوموا من ذَلِكَ الشهر إلا ثمَانية وعشرين يومًا، ويجعل الهلال الَّذِي رأوه، إن كَانُوا رأوه بعد الزوال لليلة الجائية، ويأمر الناس بالخروج من غدهم إِلَى مصلاهم، ويجعلهم قَدْ صاموا تسعا وعشرين يومًا، وَهُوَ جميع مَا كَانَ وجب عَلَيْهِم من الصيام فِي ذَلِكَ الشهر فكَانَت الحجة واجبة بهذا الحديث الَّذِي روينا، ثُمَّ تأملنا بعد ذَلِكَ فوجدناه من حديث هشيم من غير رواية يَحْيَى بن حسان، وسعيد بن منصور، يزيد حرفا تزول به الحجة، وَذَلِكَ أن يوسف بن يزيد‏.‏

1009- حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ الْجُدِّيُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يُونُسَ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ هَكَذَا قَالَ يُوسُفُ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ أَبِي عُمَيْرٍ، عَنْ عُمُومَتِهِ مِنَ الأَنْصَارِ فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى مِثْلِ مَا ذَكَرَهُ يَحْيَى بْنُ حَسَّانٍ، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، إِلا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ‏:‏ ‏"‏ فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوْهُ بِالأَمْسِ عَشِيًّا وروي فِي هَذَا الباب حديث غير حديث أَبِي عمير هَذَا مِمَّا يدخل فِي هَذَا المعنى الأول الذي ذكرنا‏.‏

1010- حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هِلالُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عُوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ خِرَاشٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ قَدِمَ أَعْرَابِيَّانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَشَهِدَا أَنَّهُمَا أَهَلا الْهِلالَ بِالأَمْسِ، ‏"‏ فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا، وَأَنْ يَغْدُوا إِلَى صَلاتِهِمْ ‏"‏ فكَانَ هَذَا الحديث موافقا لحديث أَبِي عمير الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قبله من روايتي شعبة، وهشيم، مِمَّا رواه عنه يَحْيَى، وسعيد، غير أنا لم نجد أحدا يحدث به عَنْ أَبِي عوانة عَلَى هَذَا اللفظ الَّذِي وصفنا غير هلال فأما مَا رواه عَلَيْهِ غير هلال‏.‏

1011- فَإِنَّ الرَّبِيعَ الْمُرَادِيَّ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عُوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ قَدِمَ أَعْرَابِيَّانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَشَهِدَا أَنَّهُمَا أَهَلا الْهِلالَ بِالأَمْسِ، ‏"‏ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا ‏"‏ فَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثِ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا، وَكذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ غَيْرَ أَسَدٍ، ثُمَّ وَجَدْنَا نَصْرَ بْنَ مَرْزُوقٍ، ويَحْيَى بْنَ عُثْمَانَ‏.‏

1012- قَدْ حَدَّثَانَا، قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ الرَّبِيعِ فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ فِي هَذَا غَيْرُ مَنْصُورٍ كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، عَنْ أَسَدٍ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ لِمُوَافَقَةِ الثَّوْرِيِّ إِيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ، عَنْ مَنْصُورٍ‏.‏

تأويل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية

قَالَ الله عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ‏}‏ الآية‏:‏

1013- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ لَمَّا نَزَلَتْ‏:‏ ‏{‏وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ‏}‏، جَعَلَ الرَّجُلُ يَأْخُذُ خَيْطًا أَبْيَضَ، وَخَيْطًا أَسْوَدَ فَيَضَعُهُمَا تَحْتَ وِسَادِهِ، يَنْتَظِرُ حَتَّى يَتَبَيَّنَهُمَا فَيَتْرُكَ الطَّعَامَ قَالَ‏:‏ فَبَيَّنَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ وَنَزَلَتْ‏:‏ ‏{‏مِنَ الْفَجْرِ‏}‏ ‏"‏‏.‏

1014- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، وَمُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، قَالَ‏:‏ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ‏:‏ ‏{‏وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ‏}‏ عَمَدْتُ إِلَى عِقَالَيْنِ أَحَدُهُمَا أَسْوَدُ وَالآخَرُ أَبْيَضُ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهِمَا، فَلا يَتَبَيَّنُ لِيَ الأَبْيَضُ مِنَ الأَسْوَدِ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ، إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ ‏"‏‏.‏

1015- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيٍّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ‏.‏

1016- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَيْنٍ بِإِسْنَادِهِ، مِثْلَهُ‏.‏

1017- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ يَعْقُوبَ الطَّالْقَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ‏:‏ صِرْمَةُ بْنُ مَالِكٍ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا جَاءَ إِلَى أَهْلِهِ عِشَاءً وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ إِذَا نَامَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَطْعَمَ لَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا إِلَى مِثْلِهَا، وَالْمَرْأَةُ إِذَا نَامَتْ لَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا يَقْرَبُهَا حَتَّى مِثْلِهَا فَلَمَّا جَاءَ صِرْمَةُ إِلَى أَهْلِهِ، فَدَعَا بِعَشَائِهِ، فَقَالُوا‏:‏ أَمْهِلْ حَتَّى نَتَّخِذَ لَكَ طَعَامًا سُخْنًا تُفْطِرُ عَلَيْهِ، فَوَضَعَ الشَّيْخُ رَأْسَهُ فَنَامَ، فَجَاءُوا بِطَعَامِهِ، فَقَالَ‏:‏ قَدْ كُنْتُ نَائِمًا فَلَمْ يَطْعَمْهُ، فَبَاتَ لَيْلَتَهُ، فَلُصِقَ ظَهْرًا الْبَطْنٍ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ‏:‏ ‏{‏وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ‏}‏ فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إِلَى آخِرِهِ ‏"‏ وَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَتَى أَهْلَهُ، فَقَالُوا‏:‏ إِنَّهَا كَانَتْ نَامَتْ، فَظَنَّ عُمَرُ أَنَّهَا اعْتَلَّتْ عَلَيْهِ فَوَاقَعَهَا، فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ نَامَتْ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَتْ فِيهِ ‏{‏عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ‏}‏ إِلَى آخِرِ الآيَةِ‏.‏

فدل مَا ذكرنا عَلَى أن الدخول فِي الصيام من طلوع الفجر، وعَلَى أن الخروج منه بدخول الليل، وكَانَ قوله عزّ وجلّ إِلَى الليل غاية لم يدخلها فِي الصيام بمَا بَيَّنَ لنا عَلَى لسان رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

1018- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ ‏"‏ وقَدْ روي عن حذيفة، عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الباب ما‏:‏

1019- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ تَسَحَّرْتُ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَمَرَرْتُ بِمَنْزِلِ حُذَيْفَةَ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَأَمَرَ بِلَقْحَةٍ، فَحُلِبَتْ وَبِقِدْرٍ فَسُخِّنَتْ، فَقَالَ‏:‏ كُلْ، فَقُلْتُ‏:‏ إِنِّي أُرِيدُ الصَّوْمَ، فَقَالَ‏:‏ وَأَنَا أُرِيدُ الصَّوْمَ، قَالَ‏:‏ فَأَكَلْنَا، ثُمَّ شَرِبْنَا، ثُمَّ أَتَيْنَا الْمَسْجِدَ، فَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ، قَالَ‏:‏ هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ صَنَعْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ‏:‏ بَعْدَ الصُّبْحِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ بَعْدَ الصُّبْحِ، غَيْرَ أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَطْلُعْ ‏"‏ ففِي هَذَا الحديث أن أول وقت الصيام من طلوع الشمس، وأن مَا قبل طلوع الشمس، ففِي حكم الليل وهذا عِنْدَنَا والله فقَدْ يحتمل أن يكون بعد مَا أنزل الله عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ‏}‏ قبل أن ينزل الله عزّ وجلّ ‏{‏مِنَ الْفَجْرِ‏}‏ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ سهل بن سعد الَّذِي روينا فِي هَذَا الباب ثُمَّ أنزل الله عزّ وجلّ بعد ذَلِكَ‏:‏ ‏{‏مِنَ الْفَجْرِ‏}‏ وذهب ذَلِكَ عَنْ حذيفة، وعلمه غيره، فعمل حذيفة بمَا علم إِذْ لم يعمل الناسخ، وعلم غيره فصار إِلَيْهِ، وعلم غيره الناسخ فصار إِلَيْهِ وعمل به، وكَانَ من علم من هَذَا شيئًا أولى مِمَّنْ لم يعلمه وقول أهل العلم جميعًا‏:‏ أن أول الصيام من طلوع الفجر وأن آخره عِنْد غروب الشمس، وقَدْ روي عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الباب مَا يوافق الآثار الأول‏.‏

1020- حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، وَالْخَضِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ، قَالَا‏:‏

حَدَّثَنَا مُلازِمُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَدْرٍ السُّحَيْمِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ طَلْقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبِي، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا يَهِيدَنَّكُمُ السَّاطِعُ الْمُصَعَّدُ، كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَعْتَرِضَ لَكُمُ الأَحْمَرُ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ وَأَعْرَضَهَا ‏"‏ وقَدْ روي عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا المعنى ما‏:‏

1021- قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سَارَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ بِلالا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ‏"‏‏.‏

1022- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنَ عُمَرَ‏.‏

1023- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي يُونُسُ، وَاللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

1024- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ‏.‏

1025- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ الْمِهْرَانِيُّ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ‏:‏ قَالَ سَالِمٍ‏:‏ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، يَقُولُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

1026- حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَنْصُورٍ الْبَالِسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عن الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ‏.‏

1027- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ ففِي حديث ابن عمر هَذَا أن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ منعهم من الأكل والشرب، اللذين يحرمهمَا للصيام بنداء ابن أم مكتوم‏.‏

1028- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ بِلالا يُنَادِي بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ‏"‏، قَالَتْ‏:‏ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلا مِقْدَارُ مَا يَصْعَدُ هَذَا وَيَنْزِلُ هَذَا ففِي هَذَا الحديث قرب أذان ابن أم مكتوم من أذان بلال الَّذِي كَانَ يؤذنه فِي الليل‏.‏

1029- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمَّتِهِ أُنَيْسَةَ، قَالَتْ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا نِدَاءَ بِلالٍ ‏"‏‏.‏

1030- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ حَبِيبَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُحَدِّثُ، عَنْ عَمَّتِهِ أُنَيْسَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ بِلالا أَوِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ يُنَادِي بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ بِلالٌ أَوِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ ‏"‏، فَكَانَ إِذَا نَزَلَ هَذَا وَأَرَادَ هَذَا أَنْ يَصْعَدَ تَعَلَّقُوا بِهِ وَقَالُوا‏:‏ كَمَا أَنْتَ حَتَّى تَتَسَحَّرَ‏.‏

1031- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عَمَّتِهِ أُنَيْسَةَ، وَكَانَتْ قَدْ حَجَّتْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ، وَزَادَ‏:‏ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَصْعَدَ هَذَا‏؟‏ فهذا كحديث عائشة الَّذِي رويناه قبله وقَدْ روي عَنِ النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا المعنى‏.‏

1032- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، وَعَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ لا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلالٍ مِنْ سُحُورِهِ، فَإِنَّهُ يُنَادِي أَوْ يُؤَذِّنُ لِيَرْجِعَ غَائِبُكُمْ أَوْ لِيَنْتَبِهَ نَائِمُكُمْ ‏"‏، وَقَالَ‏:‏ ‏"‏ لَيْسَ الْفَجْرُ أَوِ الصُّبْحُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَجَمَعَ أُصْبُعَيْهِ وَفَرَّقَهُمَا ‏"‏‏.‏

1033- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يُونُسَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

1034- حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ ‏"‏ وَلَيْسَ الْفَجْرُ أَوِ الصُّبْحُ هَكَذَا، وَرَفَعَ زُهَيْرٌ يَدَهُ حَتَّى يَقُولَ‏:‏ هَكَذَا، وَمَدَّ زُهَيْرٌ يَدَهُ عَرْضًا‏.‏

1035- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ، يَقُولُ‏:‏ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ لا يَغُرَّنَّكُمْ نِدَاءُ بِلالٍ، وَلا هَذَا الْبَيَاضُ حَتَّى يَبْدُوَ الْفَجْرُ أَوْ يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ ‏"‏‏.‏

1036- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُوَادَةَ، عَنْ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ ففِي هَذَه الآثار الَّتِي روينا أن الْمُرَاعَى بالصيام هُوَ طلوع الفجر، وأنه الذي يحرم به الطعام والشراب عَلَى الصائم، وَذَلِكَ موافق لقول الله عزّ وجلّ‏:‏

‏{‏وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ‏}‏

فهذه آية محكمة، وهذه آثار صحيحة، ولا نرى والله أعلم أن حديث حذيفة الَّذِي رويناه فِي صدر هَذَا الكتاب إلا متقَدمًا لها، أو منسوخا بِهَا فِي أشياء مختلفة زيادات فِيمَا تَقَدَّمَ من كتاب الصيام وجدناها فِي حديث واحد‏.‏

1037- حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ أُحِيلَتِ الصَّلاةُ ثَلاثَةَ أَحْوَالٍ، وَالصِّيَامُ ثَلاثَةَ أَحْوَالٍ، فَأَمَّا أَحْوَالُ الصِّيَامِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَصَامَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، وَصَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَصَامَ هَكَذَا سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْزَلَ عَلَيْهِ‏:‏ ‏{‏كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِلَى قَوْلِهِ‏:‏ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ‏}‏ فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَطْعَمَ مِسْكِينًا، وَأَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْهُ حَتَّى أَنْزَلَ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ إِلَى قَوْلِهِ‏:‏ فَلْيَصُمْهُ وَإِلَى قَوْلِهِ‏:‏ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ‏}‏ فَفَرَضَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَثْبَتَ صِيَامَهُ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُقِيمِ، وَرَخَّصَ فِيهِ لِلْمَرِيضِ وَلِلْمُسَافِرِ، وَثَبَتَ الطَّعَامُ لِلشَّيْخِ الَّذِي لا يَسْتَطِيعُ صِيَامَهُ ‏"‏ وَكَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَأْتُونَ النِّسَاءَ، فَإِذَا نَامُوا امْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ، فَجَاءَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ صِرْمَةُ قَدْ ظَلَّ يَوْمَهَ يَعْمَلُ، فَجَاءَ صَلاةَ الْعِشَاءِ وَضَعَ رَأْسَهُ، فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يَطْعَمَ، فَأَصْبَحَ صَائِمًا، فَرَآهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ وَقَدْ أُجْهِدَ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنِّي أَرَاكَ قَدْ أُجْهِدْتَ ‏"‏، فَقَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ، ظَلِلْتُ يَوْمِي أَعْمَلُ، فَجِئْتُ صَلاةَ الْعِشَاءِ، فَنِمْتُ قَبْلَ أَنْ أَطْعَمَ وَجَاءَ عُمَرُ وَقَدْ أَصَابَ مِنَ النِّسَاءِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ‏:‏ ‏{‏أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ‏}‏ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ‏}‏ ففِي هَذَا الحديث غير وجه من الفقه فِيمَا قَدْ تقَدم كلامنا فِيه من كتابنا، وكرهنا أن نقطع هَذَا الحديث فنجعل كل معنى منه فِي موضعه من كتابنا هَذَا، فأتينا به عَلَى وجهه هاهنا والله الموفق آخر الصيام والحمد لله وحده وأول الاعتكاف‏.‏

كِتَابُ الاعْتِكَافِ

قَالَ الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ‏}‏

فاختلف أهل العلم فِي المساجد المقصودة بهذه الآية إليها، وبإباحة الاعتكاف فِيهَا، فقَالَ قوم‏:‏ هِيَ المسجد الحرام، ومسجد النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومسجد بيت المقدس دون مَا سواها من المساجد ورووا فِي ذَلِكَ ما‏:‏

1038- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ حُذَيْفَةُ لِعَبْدِ اللهِ‏:‏ عَكُوفٌ بَيْنَ دَارِكَ وَبَيْنَ دَارِ أَبِي مُوسَى، لا تُغَيِّرُ‏؟‏ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ لا اعْتِكَافَ إِلا فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلاثَةِ‏:‏ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ‏"‏ قَالَ عَبْدُ اللهِ‏:‏ لَعَلَّكَ نَسِيتَ وَحَفِظُوا، وَأَخْطَأْتَ وَأَصَابُوا‏.‏

1039- وَمَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ حُذَيْفَةَ دَخَلَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنِّي مَرَرْتُ بِنَاسٍ بَيْنَ دَارِكَ وَدَارِ أَبِي مُوسَى قَدِ اعْتَكَفُوا، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ‏:‏ لَعَلَّكَ نَسِيتَ وَحَفِظُوا، وَأَخْطَأْتَ وَأَصَابُوا، وَعَلِمُوا وَجَهِلْتَ، قَالَ‏:‏ فَقَالَ‏:‏ أَمَا بَلَغَكَ أَنَّهُ لا اعْتِكَافَ إِلا فِي مَسْجِدِ نَبِيٍّ، أَوْ إِلا فِي ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ‏:‏ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ‏"‏ وقَالَ‏:‏ قوم‏:‏ هِيَ المساجد كلها الَّتِي يؤذن فِيهَا ويقام، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ‏:‏ أبو حنيفة، ومَالك، وزفر، وَأَبُو يُوسُفَ، ومحمد حَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ محمد، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وأَبِي يُوسُفَ بِذَلِكَ قَالَ محمد‏:‏ وَهُوَ قولنا‏.‏

1040- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ مَالِكٌ‏:‏ لا أَرَى فِي الاعْتِكَافِ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ أُقِيمَتْ فِيهِ الصَّلاةُ بِأْسًا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ‏}‏ كُلِّهَا وَلَمْ يَخُصَّ شَيْئًا مِنْهَا‏.‏

هَكَذَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ وأمَا يونس‏:‏ فحَدَّثَنَا، عَنِ ابْنِ وهب، قَالَ‏:‏ قَالَ مَالك‏:‏ الأمر الَّذِي عِنْدَنَا لا اختلاف فِيه، أَنَّهُ لا يكره الاعتكاف فِي كل مسجد تجمع فِيه الجمعة قَالَ‏:‏ ولا أراه كره الاعتكاف فِي المساجد الَّتِي لا تجمع فِيهَا الجمعة إلا كراهية أن يخرج المعتكف من مسجده الَّذِي اعتكف فِيه، إِلَى الجمعة أو يدعها قَالَ‏:‏

مَالك‏:‏ فإن كَانَ ذَلِكَ مسجدا لا تجمع فِيه الجمعة، ولا يجب عَلَى صاحبه إتيان الجمعة فِي مسجد سواه، فإني لا أرى بأسا بالاعتكاف فِيه لأن الله عزّ وجلّ، قَالَ‏:‏ ‏{‏وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ‏}‏، فعمم عزّ وجلّ المساجد كلها، ولم يخصص منها شيئًا، قَالَ مَالك‏:‏ فمن هنالك جاز لَهُ أن يعتكف فِي المسجد الَّذِي لا تجمع فِيه الجمعة، إِذَا كَانَ لا يجب عَلَيْهِ أن يخرج منه إِلَى المسجد الَّذِي تجمع فِيه الجمعة وقَدْ روي عَنْ عائشة فِي الاعتكاف فِي غير هَذِهِ الثلاثة مساجد الَّتِي حظر حذيفة الاعتكاف فِيمَا سواها، ما‏:‏

1041- قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الشَّافِعِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ جَاوَرَتْ عَائِشَةُ ثَبِيرَ مِمَّا يَلِي مِنَى فِي نَذْرٍ نَذَرَتْهُ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَخُوهَا نَهَاهَا، قَالَ‏:‏ وَلا أَرَاهُ نَهَاهَا إِلا خَشْيَةَ أَنْ تُتَّخَذَ سُنَّةً وقَدْ روي عَنْ عليّ إباحة الاعتكاف فِي مساجد الجمَاعات كلها‏.‏

1042- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ لا اعْتِكَافَ إِلا فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ ‏"‏‏.‏

1043- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ لا اعْتِكَافَ إِلا فِي مَسْجِدٍ يُجَمَّعُ فِيهِ ‏"‏ ولمَّا اختلفوا فِي ذَلِكَ، وكَانَ قوله جل وعز‏:‏ ‏{‏وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ‏}‏ لا خصوص فِيه مساجد بأعينها دون ما سواها من المساجد، لم يخرج منه شيئًا من المساجد، وكَانَ حذيفة فِي حديثه الَّذِي رويناه عنه قَدْ قَالَ لابن مسعود‏:‏ قَدْ علمت أن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ لا اعتكاف إلا فِي الثلاثة المساجد ‏"‏ الَّتِي ذكرها لَهُ فِي حديثه، ولم يقل ذَلِكَ لَهُ، إلا وأنه قَدْ علم أن عبد الله قَدْ علمه، ثُمَّ تركه عبد الله بعد علمه به ووقوفه عَلَيْهِ، وخاطب حذيفة بأن قَالَ لَهُ‏:‏ لعلك نسيت وحفظوا، وأخطأت وأصابوا فعقلنا بِذَلِكَ أن ابن مسعود لم يترك مَا علم من ذَلِكَ، إلا إِلَى مَا هُوَ أولى عنده منه، وإلى شيء قَدْ حفظه ونسيه حذيفة، ومَا بَيْنَ دار عبد الله ودار أَبِي مُوسَى، فإن كَانَ المسجد لا جمَاعة فِيه فقَدْ خالف ذَلِكَ عَلَى فِيمَا رويناه عنه من قوله‏:‏ ‏"‏ لا اعتكاف إِلَا فِي مسجد يجمع فِيه ‏"‏، مع أن قول عليّ هَذَا قَدْ يحتمل أن يكون أراد به أن المسجد الَّذِي يجمع فِيه يكمل فِيه الاعتكاف، إِذَا كَانَ المعتكف لا يخرج منه فِي حال اعتكافه إِلَى مسجد سواه، وغيره من المساجد الَّتِي لا يجمع فِيهَا يخرج منه إِلَى الجمَاعات، فلَيْسَ فِي كمَال الاعتكاف فِيه كمساجد الجمَاعات الَّتِي يكمل فِيه الاعتكاف ولا يمنع ذَلِكَ أن تكون المساجد الَّتِي لَيْسَت بمساجد الجمَاعات، يكون فِيهَا الاعتكاف، غير أَنَّهُ اعتكاف ناقص عَنِ الاعتكاف فِي مساجد الجمَاعات بالمعنى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وهذا فِي اعتكاف الرجل خاصة، فأمَا اعتكاف النساء فإن أهل العلم يختلفون فِي المواطن الَّتِي يعتكف فِيهَا، فطائفة مِنْهُمْ تقول‏:‏ هن كالرجال، ويعتكفن حيث يعتكف الرجال من المساجد، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالك وطائفة مِنْهُمْ تقول‏:‏ يعتكفن فِي بيوتهن، ولَيْسَ لهن أن يعتكفن فِي المساجد، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، ومحمد، حَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ محمد، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وأَبِي يُوسُفَ قَالَ محمد‏:‏ وَهُوَ قولنا ولمَّا اختلفوا فِي ذَلِكَ، ولم نجد الله عزّ وجلّ بَيَّنَ لنا فِي كتابه من ذَلِكَ شيئًا، نظرنا هل بينه لنا عَلَى لسان رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فوجدنا‏.‏

1044- أَبَا أُمَيَّةَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ‏:‏ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الصُّبْحَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَكَانَ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِيهِ، فَأَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، فَأَمَرَ فَضُرِبَ لَهُ خِبَاءٌ، وَأَمَرَتْ عَائِشَةُ فَضُرِبَ لَهَا خِبَاءٌ، وَأَمَرَتْ حَفْصَةُ فَضُرِبَ لَهَا خِبَاءٌ، فَلَمَّا رَأَتْ زَيْنَبُ خِبَائَيْهِمَا أَمَرَتْ بِخِبَاءٍ فَضُرِبَ لَهَا، فَلَمَّا رَاحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ آلْبِرَّ تُرِدْنَ‏؟‏ وَلَمْ يَعْتَكِفْ فِي رَمَضَانَ، وَاعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ ‏"‏‏.‏

1045- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ دَخَلَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِيهِ فَرَأَى أَخْبِيَةً، خِبَاءَ عَائِشَةَ، وَخِبَاءَ حَفْصَةَ، وَخِبَاءَ زَيْنَبَ، فَلَمَّا رَآهُمْ سَأَلَ عَنْهُمْ، فَقِيلَ‏:‏ لَهُ‏:‏ هَذَا خِبَاءُ عَائِشَةَ، وَحَفْصَةَ، وَزَيْنَبَ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ آلْبِرَّ تَقُولُونَ بِهِنَّ‏؟‏ ثُمَّ انْصَرَفَ حَتَّى اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ ‏"‏‏.‏

1046- وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ مَالِكًا يُحَدِّثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ وقَدْ يجوز أن يكون النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترك الاعتكاف لإنكاره عَلَيْهِن طلب الاعتكاف، حيث لا يكون لهن الاعتكاف فِيه، ويجوز أن يكون ترك الاعتكاف لغير ذَلِكَ‏.‏

1047- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ عَمْرَةَ حَدَّثَتْهُ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ الاعْتِكَافَ، فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ لِتَعْتَكِفَ مَعَهُ، فَأَذِنَ لَهَا، فَضَرَبَتْ خِبَاءَهَا، فَسَأَلَتْهَا حَفْصَةُ أَنْ تَسْتَأْذِنَهُ لَهَا لِتَعْتَكِفَ مَعَهُ، فَأَذِنَ لَهَا، فَضَرَبَتْ خِبَاءَهَا، فَلَمَّا رَأَتْهُ زَيْنَبُ ضَرَبَتْ مَعَهُنَّ، وَكَانَتِ امْرَأَةً غَيُورًا، فَرَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبِيَتَهُنَّ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ مَا هَذَا‏؟‏، آلْبِرَّ يُرِدْنَ‏؟‏ ‏"‏ فَتَرَكَ الاعْتِكَافَ حَتَّى أَفْطَرَ مِنْ رَمَضَانَ، ثُمَّ إِنَّهُ اعْتَكَفَ فِي عَشْرِ من شَوَّالٍ ‏"‏ فَوَقَفْنَا بهذا الحديث عَلَى أن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنمَا كَانَ تركه للاعتكاف لِمَا رأى مَا كَانَ من زينب، لا لأن المساجد لم يكن لهن أن يعتكفن فِيهَا، غير أَنَّهُ يجوز أن يكون أطلق لعائشة ولحفصة الاعتكاف فِي المساجد لأنهمَا كَانَتا معه، وقَدْ يطلق للمرأة من الأمَاكن مع زوجها مَا لا يطلق لها دونه ألا ترى أن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ منع النساء من السفر إِلَى الأمَاكن الَّتِي منعن من السفر إليها، إلا مع أزواجهن، أو مع سواهن من ذوى أرحامهن المحرمين عَلَيْهِن وهذا الحديث الَّذِي رويناه فِي إذن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعائشة ولحفصة فِي الاعتكاف معه فِي المسجد، فإنمَا رويناه عَنْ عائشة، وقَدْ وجدناها قَدْ قَالَتْ بعد رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي منع النساء من المساجد ما‏:‏

1048- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ لَوْ رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ بَعْدَهُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسَاجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قُلْتُ‏:‏ هَلْ مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ‏؟‏ قَالَتْ‏:‏ نَعَمْ ‏"‏‏.‏

1049- حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ لَوْ رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ بَعْدَهُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسَاجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ ‏"‏ وَلَمْ تَكُنْ عَائِشَةُ لِتُطْلِقَ هَذَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النساء إلا بعد علمها أَنَّهُ إنمَا أذن لهن فِي المساجد لعدم حال قَدْ صارت فِيهن بعده وإِذَا كن كَذَلِكَ فِي زمن عائشة فهن بعدها مِمَّا كن عَلَيْهِ فِي زمن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبعد، وإِذَا مُنِعْنَ من المساجد للصلوات، كُنَّ من المنع من المساجد بالاعتكاف أولى فإن قَالَ قائل‏:‏ قَدْ نهى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرجال أن لا يمنعوا النساء المساجد، وذكر فِي ذَلِكَ ما‏:‏

1050- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمُ امْرَأَتُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلا يَمْنَعْهَا ‏"‏ قِيلَ لَهُ‏:‏ هَذَا لَمَّا كُنَّ عَلَى الْحَالِ الَّتِي كُنَّ عَلَيْهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ خلاف الحال الَّتِي أحدثتها بعده قَالَتْ‏:‏ عائشة فِي ذَلِكَ مَا قَالَتْ‏:‏ وفِي هَذَا الحديث دليل عَلَى أن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يطلق لهن الخروج إِلَى المساجد إلا بإذن أزواجهن مع رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم يقصد بِذَلِكَ الإذن لهن كل الأوقات الَّتِي يخرج فِيهَا إِلَى الصلوات، وإنمَا قصد به الليل خاصة الَّذِي يَخْفَيْنَ فِيه دون النهار الَّذِي يُرَيْنَ فِيه‏.‏

ولمَّا كَانَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رد أمر خرجوهن إِلَى الصلوات، إِلَى إذن أزواجهن فِي ذَلِكَ، عقلنا بِذَلِكَ أنهن لَيْسَ مِمَّنْ يجب عَلَيْهِ حضور الجمَاعات، وأنهن فِي ذَلِكَ خلاف الرجال، لأنهن لو كَانَ مِمَّنْ يجب عَلَيْهِ حضور الجمَاعات لمَا كَانَ عَلَيْهِن استئذان أزواجهن فِي ذَلِكَ، كمَا لَيْسَ عَلَيْهِن استئذان أزواجهن فِي الخروج إِلَى الحج المفروض عَلَيْهِن فأمَّا مَا روي عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قصد بقوله‏:‏ ‏"‏ إِذَا استأذنت أحدكم امرأته إِلَى المسجد فلا يمنعها ‏"‏، الليل دون النهار‏.‏

1051- فَإِنَّ أَبَا بَكْرَةَ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُؤَمِّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ ائْذَنُوا لِلنِّسَاءِ بِاللَّيْلِ ‏"‏، فَقَالَ‏:‏ إِنَّ ابْنَ عُمَرَ لا يَأْذَنُ لَهُنَّ، يَتَّخِذْنَهُ دَغَلا، قَالَ ابْنُ عُمَرَ‏:‏ تَسْمَعُنِي أَقُولُ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ ائْذَنُوا لَهُنَّ ‏"‏ وَتَقُولُ لا نَأْذَنُ لَهُنَّ‏.‏

1052- فَإِنَّ نَصْرَ بْنَ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُهَاجِرِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ ائْذَنُوا لِلنِّسَاءِ فَلْيُصَلِّينَ فِي الْمَسَاجِدِ بِاللَّيْلِ ‏"‏‏.‏

1053- وَإِنَّ يُونُسَ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمُ امْرَأَتُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلا يَمْنَعْهَا ‏"‏ يَعْنِي‏:‏ بِاللَّيْل هكذا فِي الحديث‏.‏

1054- فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمٍ الْوَاسِطِيَّ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَنْظَلَةُ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِذَا اسْتَأْذَنَتْكُمْ نِسَاؤُكُمْ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِاللَّيْلِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ ‏"‏

وفِي قصد رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ إِلَى الليل دليل عَلَى أن حكم النساء فِي الخروج إِلَى المساجد فِيه خلاف حكمهن فِي الخروج إِلَى المساجد بالنهار وقَدْ روي عَنْ زينب امرأة ابن مسعود، عَنِ النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ ما‏:‏

1055- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي بُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ، عَنْ بِشْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْعِشَاءَ فَلا تَمَسَّنَّ طِيبًا ‏"‏‏.‏

1056- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلانَ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأَشَجِّ، عَنْ بِشْرِ بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ زَيْنَبَ امْرَأَةَ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْعِشَاءَ فَلا تَمَسَّنَّ طِيبًا ‏"‏ فاختلف سُفْيَان، ويَحْيَى فِي بكير، ويعقوب فقصد رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ إِلَى صلاة العشاء والمرأة النهي عَنِ الطيب فِي النهار أحوج فدل ذَلِكَ أَنَّهُ لم يكن أباح لهن شهود الصلوات فِي الجمَاعات إلا فِي الليل دون النهار، إذ كن يخفين فِي الليل مَا لا يخفين فِي النهار فإن قَالَ قائل‏:‏ فقَدْ روي عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النهي عَنْ منعهن من المساجد بهذا مطلقا، وذكر فِي ذَلِكَ ما‏:‏

1057- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ لا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ ‏"‏‏.‏

1058- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ لا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللهِ مَسَاجِدَ اللهِ، وَلْيَخْرُجْنَ إِذَا خَرَجْنَ تَفِلات‏.‏

1059- حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قيل لَهُ‏:‏ هَذَا عِنْدَنَا عَلَى إثبات رد أمورهن فِي ذَلِكَ إِلَى أزواجهن، وإثبات أيدي أزواجهن فِي ذَلِكَ عَلَيْهِن والذي روي عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقصده فِي ذَلِكَ إِلَى الليل دون النهار أولى مِمَّا حذف منه، لأن من حفظ شيئًا أولى مِمَّنْ نسيه، فإن قَالَ قائل‏:‏ فقَدْ روي عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ جعل من الصلوات فِي المساجد حطا وذكر فِي ذَلِكَ ما‏:‏

1060- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَاقِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ لا تَمْنَعُوا النِّسَاءَ حُظُوظَهُنَّ مِنَ الْمَسْجِدِ ‏"‏، قيل لَهُ‏:‏ قَدْ يجوز أن يكون حظهن من المسجد، وخروجهن إِلَيْهِ بالليل تفلات عَلَى مَا فِي الحديث الآخر، وممَّا يدل عَلَى أن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنمَا ردهن فِي الخروج إِلَى المساجد للصلوات فِي حالٍ لا يخالطهن فِيهَا الرجال، لا عَلَى مَا سواها من الأحوال‏.‏

1061- أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ يَحْيَى الْمُزَنِيَّ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَتْنِي هِنْدُ ابْنَةُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ مِنْ صَلاتِهِ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِميَهُ، وَيَمْكُثُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَكَانِهِ يَسِيرًا ‏"‏ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ‏:‏ فَنَرَى أَنَّ مُكْثَهَ ذَلِكَ والله أعلم لكي تنفد النساء قبل أن يدركهن من انصرف من القوم قَالَ أحمد‏:‏ والأمر فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا والله أعلم عَلَى مَا قَالَ ابن شهاب، وعَلَى أن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنمَا أطلق للنساء شهود الصلوات إِذَا كن لا يخالطن الرجال فِي انصرافهن منها، وإِذَا كَانَت مخالطتهن الرجال فِي الانصراف منها مكروهة، كَانَت مخالطتهن إياهم فِي نظر كل فريق مِنْهُمْ إِلَى الفريق الآخر مكروهة أيضا، ولقَدْ فضل رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع ذَلِكَ صلاتهن فِي بيوتهن عَلَى صلاتهن فِي المساجد وروي فِي ذَلِكَ ما‏:‏

1062- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَهُودَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ لا تَمْنَعُوا النِّسَاءَ الْمَسَاجِدَ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ ‏"‏‏.‏

1063- حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ الْعَرَّابِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ لأَنْ تُصَلِّيَ الْمَرْأَةُ فِي بَيْتِهَا أَعْظَمُ لأَجْرِهَا مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ، خَيْرٌ لَهَا مِنْ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى الصَّلاةِ يَوْمَ الْعِيدِ ‏"‏ فهذا رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فضل صلاة المرأة فِي بيتها عَلَى صلاتها فِي المساجد فإن قَالَ قائل‏:‏ فقَدْ روي عن أم عطية، عَنِ النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلاف هَذَا، وذكر فِي ذَلِكَ مَا‏:‏

1064- حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُخْرِجَهُنَّ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ الْعَوَاتِقَ، وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، وَالْحُيَّضَ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاةَ، وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدُعَاءَ الْمُسْلِمِينَ ‏"‏ قُلْنَا‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِحْدَاهُنَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَلْتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا ‏"‏‏.‏

1065- حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، وَعَنْ هِشَامٍ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ‏:‏ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْرِجُ الْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ يَوْمَ الْعِيدِ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاةَ وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ هِشَامٌ فِي حَدِيثِهِ‏:‏ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لإِحْدَانَا جِلْبَابٌ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏

فَلْتُعِرْهَا أُخْتُهَا جِلْبَابَهَا ‏"‏ قِيلَ لَهُ‏:‏ هَذَا عِنْدَنَا والله أعلم قبل أن نؤمر بالحجاب، وكَانَ مباحا للرجال النظر إِلَى النساء لنظرهن إِلَى الرجال، ثُمَّ نسخ ذَلِكَ، وردت أمور النساء إِلَى غض الأبصار عنهن، وأمرن بلزوم البيوت ولمَّا فضلت البيوت للنساء عَلَى المساجد فصارت البيوت لهن أفضل، كَانَ خروجهن عَنْهَا إِلَى المساجد خروجا عَنِ الأفضل إِلَى مَا هُوَ دونه، وصرن فِي ذَلِكَ ضدا للرجال، لأن خروج الرجال إِلَى المساجد للصلاة فِيهَا أفضل من تخالفهم عَنْ ذَلِكَ ولمَّا كَانَ موضع اعتكاف الرجال هُوَ موضع الفضل لهم فِي الصلوات المكتوبات، كَانَ موضع اعتكاف النساء فِي موضع الفضل لهن فِي الصلوات المكتوبات، وهن فِي بيوتهن، وهذا قول أَبِي حَنِيفَةَ، وزفر، وأبى يوسف، ومحمد‏.‏

واختلف أهل العلم فى الاعتكاف هل يجزى إلا بصيام‏؟‏ فقالت طائفة منهم‏:‏ لايكون الاعتكاف إلا بصيام من فريضه أو من تطوع‏.‏ وممن قال ذلك أبو حنيفه ومالك والثورى، وزفر، وأبو يوسف ومحمد‏.‏ حدثنا محمد بن على عن محمد عن أبى حنيفه وأبى يوسف بذلك‏.‏

قال محمد‏:‏ وهو قولنا‏.‏ حدثنا سليمان عن أبيه عن محمد بمثل ذلك‏.‏

1067- حدثنا يونس، قال أخبرنا ابن وهب أن مالكا حدثه أن القاسم بن محمد ونافعا مولى ابن عمر قالا‏:‏ لا اعتكاف إلا بصيام لقول الله- عز وجل-‏:‏ وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الحيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام الى الليل، ولا تباشروهن وأنتم عاكفون فى المساجد فانما ذكر الله- عز وجل- الصيام مع الاعتكاف‏.‏

وقالت طائفة‏:‏لا بأس بالاعتكاف بالصيام‏.‏ وممن قال بهذا الشافعى‏.‏

ولما اختلفوا فى ذلك، ولم نجد فيه ايه محكمه تدلنا على ما اختلفوا فيه التمسنا حكم ذلك فى سنة رسوال الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-‏.‏

فوجدنا الذين يذهبون الى أنه يكون بغير صيام قد احتجوا فى ذلك بما روى عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مما‏:‏

حدثناه عبد الملك بن أبى الحوارى البغدادى، قال حدثنا عبد الله بن الزبير الحميدى، قال حدثنا سفيان، قال حدثنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال‏:‏ كان عمر نذر اعتكاف ليلة فى المسجد الحرام فى الجاهلية، فسأل النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأمر بأن يعتكف أن يفى بنذره‏.‏

قالوا‏:‏ فقد أباح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتكاف ليلة واحده لا صوم فيها، فدل ذلك على أن الاعتكاف قد يكون بلا صوم‏.‏

وكان من الحجة عليهم للآخرين أن هذا الحديث قد رواه غير سفيان عن أيوب بخلاف ما رواه سفيان عن أيوب‏.‏

1068- حدثنا يونس، قال حدثنا ابن وهب، أخبرنى حر بن حازم أن أيوب حدثه، أن نافعا حدثه، أن ابن عمر حدثه، أن عمر سأل النبى- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو بالجعرانة فقال‏:‏ يا رسول الله إنى نذرت فى الجاهلية أن اعتكف يوما فى المسجد الحرام فكيف ترى‏؟‏

فقال النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اذهب فاعتكف فيه يوما‏.‏ ففى هذا الحديث أن سؤال عمر النبى- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما كان عن نذر باعتكاف يوم لا باعتكاف ليلة وقد روى هذا الحديث عبد الله عن نافع كذلك لا كما رواه سفيان عن أيوب‏:‏

1069- حدثنا محمد بن على البغدادى قال حدثنا خلف بن هشام البزار قال حدثنا على بن مسهر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن رضى الله عنه أنه نذر فى الجاهلية أن يعتكف يوما فى المسجد الحرام، فلما أسلم ذكر ذلك لرسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال‏:‏ أوف بنذرك‏.‏ففعل‏.‏

فهذا هو أصل هذا الحديث إنما هو على اعتكاف يوم، لا اعتكاف ليلة، ومما يدل على ذلك أن الربيع المرادى‏:‏

1070- حدثنا قال ابن وهب‏.‏ قال حدثنى ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، ابن عمر قالا‏:‏ لا جوار إلا بصوم‏.‏

1071- وأن محمد بن عمرو بن يونس حدثنا قال حدثنا أبو معاوية الضرير عن حجاج بن أرطأة عن عطاء أن ابن عمر وابن عباس وعائشة قالوا‏:‏ لا اعتكاف إلا بصوم، فلم يخل حديث سفيان عن أيوب عن نافع الذى رويناه من أحد وجهين إما أن يكون أصله كما رواه عن أيوب عن نافع فإن كان كما رواه جرير فليس لأحد الاحتجاج به فى تثبيت الاعتكاف بلا صوم وإن كان كما رواه سفيان عن أيوب عن نافع فإن فى ترك ابن عمر إياه بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والقول بخلافه ما يدل على نسخه، لأن ابن عمر لا يدفع شيئاً قَدْ سمعه من رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلا إِلَى مَا هُوَ أولى منه وفِي هَذَا تثبيت قول الذين قَالُوا‏:‏ لا يكون الاعتكاف إلا بصوم، هَذَا نافع قَدْ ذكرنا عنه من قوله أَنَّهُ قَالَ‏:‏ لا اعتكاف إلا بصوم، فدل ذَلِكَ عَلَى مَا ذكرنا وكَانَ مِمَّا احتج به الذين أباحوا الاعتكاف بلا صوم مَا‏:‏

1072- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَوَارِيِّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبُو سَهْلِ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ‏:‏ اجْتَمَعْتُ أَنَا وَابْنُ شِهَابٍ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَكَانَ عَلَى امْرَأَتِي اعْتِكَافُ ثَلاثٍ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَالَ‏:‏ ابْنُ شِهَابٍ‏:‏ لا يَكُونُ اعْتِكَافٌ إِلا بِصِيَامٍ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ‏:‏ أَمِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ لا، قَالَ‏:‏ أَفَمِنْ أَبِي بَكْرٍ‏؟‏ قَالَ‏:‏ لا، قَالَ‏:‏ أَفَمِنْ عُمَرَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ لا، قَالَ‏:‏ أَفَمِنْ عُثْمَانَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ لا، قَالَ أَبُو سَهْلٍ‏:‏ فَانْصَرَفْتُ، فَوَجَدْتُ طَاوُسًا وَعَطَاءً، فَسَأَلْتُهُمَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ‏:‏ طَاوُسٌ‏:‏ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ لا يَرَى عَلَى الْمُعْتَكِفِ صِيَامًا إِلا أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ، قَالَ عَطَاءٌ‏:‏ وَذَلِكَ رَأْيِي فكَانَ من حجتنا عَلَيْهِ أن ابن عباس قَدْ روينا عنه فِي هَذَا خلاف ذَلِكَ مِمَّا يحدثه عنه عطاء، ثُمَّ وجدنا مجاهدا قَدْ روى عنه أيضًا ما‏:‏

1073- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ الاعْتِكَافُ لا يَكُونُ إِلا بِصِيَامٍ ‏"‏

ثُمَّ وجدنا أبا فاختة سعيد بن علاقة، مولى جعدة بن هبيرة قَدْ روى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عباس‏:‏

1074- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي فَاخِتَةَ مَوْلَى جَعْدَةَ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ لا اعْتِكَافَ إِلا بِصَوْمٍ ‏"‏‏.‏

1075- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا فَاخِتَةَ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ مَنِ اعْتَكَفَ فَعَلَيْهِ الصَّوْمُ ‏"‏‏.‏

1076- حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي فَاخِتَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ الْمُعْتَكِفُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ ‏"‏ وقَالَ‏:‏ الآخرون‏:‏ أصل هَذَا الحديث إنمَا هُوَ المعتكف يصوم عَلَى الاختيار، لا عَلَى الإيجاب كَذَلِكَ رواه الثوري، وابن عيينة وذكروا فِي ذَلِكَ مَا‏:‏

1077- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي فَاخِتَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ الْمُعْتَكِفُ الْمُجَاوِرُ يَصُومُ ‏"‏‏.‏

1078- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَوَارِيِّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي أَبُو فَاخِتَةَ سَعِيدُ بْنُ عِلاقَةَ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ يَصُومُ الْمُجَاوِرُ ‏"‏، وَالْمُجَاوِرُ‏:‏ الْمُعْتَكِفُ‏.‏

1079- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، أَنَّ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَجُلا قَالَ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ‏:‏ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، كَيْفَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏"‏ عَلَى الْمُجَاوِرِ الصَّوْمُ‏؟‏ ‏"‏، قَالَ‏:‏ لَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، إِنَّمَا قَالَ‏:‏ ‏"‏ الْمُجَاوِرُ يَصُومُ ‏"‏ قَالُوا‏:‏ فَهَذَا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى الْمُجَاوِرِ يَصُومُ اخْتِيَارًا، لا فَرْضًا، قيل لهم‏:‏

وكيف يجوز أن يتأولوا هَذَا الحديث عَلَى هَذَا المعنى‏؟‏ وأن يجعلوا قول ابن عباس‏:‏ ‏"‏ المجاور يصوم ‏"‏ عَلَى إطلاق الصوم لَهُ فِي جواره‏؟‏ وهل كَانَ الصوم قطُّ محظورا عَلَيْهِ‏؟‏ أو توهم هَذَا أحد‏؟‏ ولكن قوله‏:‏ ‏"‏ يصوم المجاور ‏"‏ عَلَى معنى يصوم حَتَّى يَكُونَ معتكفا بإقامته فِي المسجد، فيكون معنى مَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو فِي ذَلِكَ قَدْ رَجَعَ إِلَى مَعْنَى مَا رَوَاهُ شُعْبَةُ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَهُشَيْمٌ، عَنْ عَمْرٍو فِي ذَلِكَ وقد روي عن غير واحد من أصحاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ابن عباس، وابن عمر إيجاب الصوم فِي الاعتكاف، فمن ذَلِكَ مَا‏:‏

1080- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ لا اعْتِكَافَ إِلا بِصَوْمٍ ‏"‏‏.‏

1081- حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ يَحْيَى الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو النَّصْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الأَشْجَعِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ مَنِ اعْتَكَفَ فَعَلَيْهِ الصَّوْمُ ‏"‏‏.‏

1082- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ اللُّؤْلُئِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ مِنَ السُّنَّةِ لا اعْتِكَافَ إِلا بِصَوْمٍ ‏"‏ فَهَذَا الْقَوْلُ فِي نَفْيِ الاعْتِكَافِ بِلا صَوْمٍ قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ فإلى قول من خالف قول هؤلاء‏؟‏ فإن قَالَ‏:‏ إِلَى قول يعلى بن أميّة وذكر فِي ذَلِكَ مَا‏:‏

1083- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، أَنَّهُ قَالَ لِصَاحِبٍ لَهُ‏:‏ ‏"‏ اجْلِسْ نَعْتَكِفْ سَاعَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ‏"‏‏.‏

1084- وَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا حَفْصٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ يَعْلَى، مِثْلَهُ قَالَ‏:‏ فهذا يعلى قَدْ أباح اعتكاف ساعة قيل لَهُ‏:‏ فهل كَانَ هُوَ وصاحبه مفطرون فِي تلك الساعة‏؟‏ ومَا دليلك عَلَى أنهمَا كَانَا كَذَلِكَ‏؟‏ وإنك قَدْ قلتُ‏:‏ إنك لا تقبل المنقطع إلا مَا خصصه منه، وعطاء فلم يسمع من يعلى، إنمَا يحدث عَنْ أَبِيهِ عنه، فهذا حديث منقطع قَدْ تركت به أحاديث متصلة وقَالَ بهذا القول الَّذِي ذكرنا من نَفْيِ الاعتكاف بلا صيام‏:‏ سعيد بن المسيِّب، وعروة بن الزُّبير‏.‏

1085- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ سَعِيدًا، يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ مَنِ اعْتَكَفَ فَعَلَيْهِ الصِّيَامُ، وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ عَلَى نَفْسِهِ صِيَامًا ‏"‏‏.‏

1086- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ الْمُعْتَكِفُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، وَلا يَكُونُ إِلا بِصَوْمٍ ‏"‏ ولمَّا اختلفوا فِي ذَلِكَ، ولم نجد فِي كتاب الله عزّ وجلّ مَا يطلق الاعتكاف بغير صوم، بل وجدنا فِيه مَا هُوَ أقرب إِلَى إيجاب الصوم فِي الاعتكاف من إطلاق الاعتكاف بلا صوم، وَهُوَ قوله عز وجل‏:‏ ‏{‏ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ‏}‏، وكَانَ الاعتكاف الَّذِي ذكره هاهنا قَدْ ذكر معه الصوم، ولم نجد فِي سنة رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إطلاقه بلا صوم، إلا مَا تعلق به من ذكرنا من حديث ابن عيينة، عن أيوب، عَنْ نافع، عَنِ ابْنِ عمر فِي إطلاق النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر اعتكافه ليلة فِي المسجد الحرام، وقَدْ ذكرنا من خالف ابن عيينة فِي ذَلِكَ، عَنْ أيوب، ومن خالف أيوب فِي ذَلِكَ، عَنْ نافع، وذكرهمَا أن سؤال عُمَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنمَا كَانَ عَلَى اعتكاف يوم، لا عَلَى اعتكاف ليلة، ولم نجد فِي أقوال أصحاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إطلاق ذَلِكَ بلا صوم، إلا مَا رويناه عَنْ أَبِي سهل بن مَالك، عَنْ طاوس، عَنِ ابْنِ عباس، وروينا مع ذَلِكَ عَنْ عطاء، ومجاهد، وأَبِي فاختة، عَنِ ابْنِ عباس خلاف ذَلِكَ، فكَانَ ثلاثة أولى بالحفظ من واحد ولم نجد فِي النظر مَا يطلق ذَلِكَ، غير أن بعضهم قَدْ كَانَ يحتج فِي ذَلِكَ، فيقول‏:‏ لمَّا كَانَ الاعتكاف يكون فِي الليل الَّذِي لا صوم فِيه، كمَا يكون فِي النهار الَّذِي فِيه الصوم ثبت بِذَلِكَ أن الاعتكاف لو كَانَ إنمَا أطلق فِي الصوم لخرج منه المعتكف بخروجه من الصوم، فدخل عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، أنا وجدنا الاعتكاف لم يطلق للرجال إلا فِي المساجد، ولم يطلق لهم فِيمَا سواها من الطرقات والمنازل، ورأينا المعتكف قَدْ يخرج من المسجد للغائط وللبول إِلَى المكَانَ الَّذِي لَيْسَ من مواطن الاعتكاف، فلا يخرج بِذَلِكَ من الاعتكاف، إذ كَانَ فِيهمَا جميعًا معتقدا للاعتكاف غير تارك لَهُ، وإِذَا كَانَ مَا صار إِلَيْهِ من الليل الَّذِي لا صوم فِيه، ومن موطن الغائط والبول الَّذِي لا اعتكاف فِيه مِمَّا لا بد لَهُ منه، ولم نجد فِي القياس مَا يوجب فِي ذَلِكَ غير أنا وجدنا بعضهم قَدْ كَانَ يدعي القياس فِي ذَلِكَ ويقول‏:‏ رأيت مواطن الحج كعرفة، وهي لَيْسَ للإقامة فِيهَا حكم، إلا أن يكون المقيم فِيه فِي حرمة شيء، ولا حرمة نجدها تكون عَلَيْهِ إلا الصوم، فدخل عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ فِي حرمة، وَهِيَ الاعتكاف كمَا لا يحتاج المقيم فِي مواطن الحج فِي حرمة الحج ثُمَّ وجدنا المطالبة بعدنا فِيه لكل واحد من الفريقين عَلَى صاحبه فِي إيجاب الاعتكاف بالصيام، أو فِي إطلاق الاعتكاف بلا صيام، ولم نجد لِذَلِكَ مثلا فنعطفه عَلَيْهِ قياسا ووفقنا بمَا ذكرنا عَلَى أن هَذَا المعنى لا يوصل إليه إلا بالتوقيف، ووجدنا عَنْ عليّ، وابن عمر، وعائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، وعن ثلاثة عَنِ ابْنِ عباس‏:‏ أن الاعتكاف لا يكون إلا بصوم، أثبتنا بِذَلِكَ الصوم فِي الاعتكاف، ولم يُطْلَقْ لأحد اعتكافا إلا فِي صوم فإن قَالَ قائل‏:‏ فقَدْ أطلقتم لَهُ الاعتكاف فِي رمضان الَّذِي قَدْ وجب عَلَيْهِ صومه بغير الاعتكاف قيل لَهُ‏:‏ إنا لم نقل‏:‏ إن الاعتكاف لا يجب إلا بوجوب الصوم لَهُ، إنمَا قلنا‏:‏ لا اعتكاف إلا فِي صوم، فمن اعتكف وَهُوَ كَذَلِكَ كَانَ معتكفا، ومن اعتكف ولَيْسَ كَذَلِكَ لم يكن معتكفا، وهكذا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، ومَالك، وزفر، وَأَبُو يُوسُفَ يقولونه فِي هَذَا حَتَّى كَانُوا يَقُولُونَ‏:‏ لو أصبح رجل يومًا صائمًا، ثُمَّ أوجب الاعتكاف عَلَى نفسه يومه ودخل معتكفه، فأقام فِيه كَذَلِكَ حَتَّى غابت الشمس كَانَ معتكفا واختلفوا فِي المعتكف هل يكون لَهُ أن يتشاغل وَهُوَ فِي معتكفه بمَا لَيْسَ من أسباب الاعتكاف من الشراء، والبيع، والحديث بسائر أنواع الحديث الَّتِي لا آثام فِيهَا‏؟‏، فأطلق بعضهم لَهُ ذَلِكَ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، ومحمد، فِيمَا حَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ محمد، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وأَبِي يُوسُفَ، وعن أَبِيهِ، عَنْ محمد بِذَلِكَ وكرهه بعضهم وقَالَ‏:‏ المعتكف يشتغل باعتكافه، لا يعرض لغيره مِمَّا يشغل به نفسه من التجارات وغيرها وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالك، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ يونس، عَنِ ابْنِ وهب، عَنْ مَالك ولمَّا اختلفوا بِذَلِكَ هَذَا الاختلاف الَّذِي ذكرنا، نظرنا هل روي فِي ذَلِكَ شيء يدل مَا الواجب الَّذِي اختلفوا فِيه من ذَلِكَ‏؟‏

فأمَا أَبُو حَنِيفَةَ فاحتج بِذَلِكَ بمَا حَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ محمد، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بنهي رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصمت‏.‏

1087- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ ‏"‏ نَهَى عَنِ الوِصَالِ، وَعَنْ صَوْمِ الصَّمْتِ ‏"‏ وقَدْ وجدنا نحن من بعد هَذَا عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي المعنى الَّذِي ذكرنا، مَا يدل عَلَى الوجه فِيه وكيف هُوَ‏؟‏ وَذَلِكَ‏.‏

1088- أَنَّ فَهْدًا حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْبَرَتْهُ‏:‏ أَنَّهَا جَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، وَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا يَقْلِبُهَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ الَّذِي عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِمَا رَجُلانِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَسَلَّمَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ بَعُدَا، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ ‏"‏، فَقَالا‏:‏ سُبْحَانَ اللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا، فَقَالَ‏:‏ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا ‏"‏ 1089- حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ صَفِيَّةَ ابْنَةِ حُيَيٍّ‏:‏ أَنَّهَا خَرَجَتْ تَزُورُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً مِنَ الْعِشَاءِ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ أَوْ بَابِ عَائِشَةَ مَرَّ رَجُلانِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَسَلَّمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ ابْنَةُ حُيَيٍّ ‏"‏ فَسَبَّحَا وَأَعْظَمَا ذَلِكَ، فَقَالَ‏:‏ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا ‏"‏

فوجدنا فِي هَذَا الحديث تشاغل رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمحادثة صفِية، وبتشييعه إياها إِلَى باب المسجد ولَيْسَا من الاعتكاف، وَهُوَ حينئذ معتكف فعقلنا بِذَلِكَ أَنَّهُ لا بأس عَلَى المعتكف أن يتحدث، وأن يفعل فِي اعتكافه مَا لَيْسَ بمحرم عَلَيْهِ، حرمته فِي نفسه، ولا بسبب تحريم الاعتكاف إياه عَلَيْهِ وقَدْ وجدنا المعتكف يدخل رأسه فِي اعتكافه ليصلح بِذَلِكَ بدنه، ويلم به شعثه، ولا يكره ذَلِكَ لَهُ إذ كَانَ لَيْسَ من شأن الاعتكاف، وقَدْ روى عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مَا‏:‏

1090- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَمْرَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ‏:‏ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏"‏ إِذَا اعْتَكَفَ يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلا لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ ‏"‏‏.‏

1091- حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ‏.‏

1092- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ إِنْ كُنْتُ لأَدْخُلُ الْبَيْتَ لِلْحَاجَةِ وَالْمَرِيضُ فِيهِ، فَمَا أَسْأَلُ عَنْهُ إِلا وَأَنَا مَارَّةٌ، وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْخِلُ عَلَيَّ رَأْسَهُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَأُرَجِّلُهُ، وَكَانَ لا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلا لِلْحَاجَةِ ‏"‏‏.‏

1093- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ كُنْتُ أُرَجِّلُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَيُدْخِلُ رَأْسَهُ عَلَى عَتَبَةِ الْحُجْرَةِ فَأُرَجِّلُهُ ‏"‏‏.‏

1094- حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَكِفًا فِي الْمَسْجِدِ وَأَخْرَجَ إِلَيَّ رَأْسَهُ، فَغَسَلْتُهُ وَأَنَا حَائِضٌ ‏"‏

قَالَ أحمد‏:‏ فلمَّا كَانَ الترجيل الَّذِي لَيْسَ من شأن الاعتكاف مطلقا للمعتكف فِي اعتكافه، إِذْ كَانَ من صلاح بدنه، كَانَ مَا سواه مِمَّا فِيه صلاح بدنه أو صلاح مَاله، مِمَّا لَيْسَ بحرام فِي نفسه، ولا ممنوع بسبب الاعتكاف مطلقا للمعتكف، أن يفعله وفِي هَذَا الحديث إخراج رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسه لترجيل عائشة إياه لَهُ فِيمَا لَيْسَ لَهُ الخروج ببدنه كله إِلَيْهِ، فدل ذَلِكَ عَلَى أن من حظر عَلَى نفسه لا يدخل بيتا، فأدخله رأسه أَنَّهُ لا يكون بِذَلِكَ فِي معنى من دخله‏.‏

1095- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ مَالِكٌ‏:‏ وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يَكْرَهُ لِلْمُعْتَكِفُ، وَلا لِلْمُعْتَكِفَةِ يُنْكَحَانِ فِي اعْتِكَافِهِمَا مَا لَمْ يَكُنِ الْوِقَاعُ قَالَ أحمد‏:‏ هَذَا مِمَّا لا اختلاف فِيه علمناه، وفي إطلاقهم ذَلِكَ للمعتكف دليل عَلَى أن مَا سواه من الأسباب الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مِمَّا لَيْسَ من شأن الاعتكاف كَذَلِكَ أيضا‏.‏

1096- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمْرَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ‏"‏ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ إِذَا اعْتَكَفَتْ لا تَسْأَلُ عَنِ الْمَرِيضِ إِلا وَهِيَ تَمْشِي لا تَقِفُ ‏"‏ ففِي هَذَا الحديث سؤالها وَهِيَ معتكفة عَنِ المريض وأجمعوا عَلَى أن الجمَاع حرام فِي الاعتكاف لقول الله عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ‏}‏، فأجمعوا عَلَى أن المعتكف إِذَا جامع امرأته نهارا أو ليلا ذَاكِرًا لاعتكافه أو ناسيا لَهُ أَنَّهُ يخرج بِذَلِكَ من اعتكافه، لأنه فعل فِي الاعتكاف مَا يمنعه منه الاعتكاف واختلفوا فِي المعتكف يخرج من مُعْتَكَفِهِ ساعة لغير غائط أو بول، أو جمعة، فكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، يَقُولُ‏:‏ قَدْ أفسد اعتكافه، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ محمد، عَنْ أَبِي يوسف، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وهكذا كَانَ مذهب مَالك‏.‏

1097- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ مَالِكٌ‏:‏ ‏"‏ لا يَكُونُ الْمُعْتَكِفُ مُعْتَكِفًا حَتَّى يَجْتَنِبَ مَا يَجْتَنِبُ الْمُعْتَكِفُ مِنْ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجَنَازَةِ، وَالدُّخُولِ إِلَى الْبُيُوتِ إِلا لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ ‏"‏ وكَانَ أَبُو يوسف فِيمَا حَدَّثَنَا سليمَان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ محمد، عنه يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ إِذَا خرج أكثر من نصف يوم فسد اعتكافه، وإِذَا خرج أقل من ذَلِكَ لم يفسد اعتكافه ‏"‏‏.‏

1098- وَقَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عِمَارَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَسَارٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ‏:‏ أَعْطَى عَلِيٌّ جَعْدَةَ ثَمَنَ خَادِمٍ، فَسَأَلَهُ هَلِ ابْتَعْتَ خَادِمًا بَعْدُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ إِنِّي مُعْتَكِفٌ، وَلَوْلا ذَلِكَ لابْتَعْتُ، قَالَ‏:‏ وَمَا كَانَ عَلَيْكَ لَوْ خَرَجْتَ إِلَى السُّوقِ فَابْتَعْتَ، قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ‏:‏ وَالسُّوقُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ وكَانَ هَذَا مِمَّا احتج به القائلون بقول أَبِي يوسف فِيمَا قَالَه أَبُو يوسف مِمَّا حكيناه عنه وقَدْ يجوز أن يكون عَلِيٌّ أراد من جعدة الخروج من معتكفه، والوقوف بباب المسجد لابتياع الخادم، ولا يكون بِذَلِكَ خارجا إِلَى الطريق وهذا مما لا يمنع أَبُو حَنِيفَةَ منه المعتكف ولمَّا اختلفوا فِي إطلاق الخروج للمعتكف إِلَى عيادة المريض، وإلى شهود الجنائز، وفِي المنع من ذَلِكَ، وكَانَ الاعتكاف يمنع من الخروج من المساجد لغير شهود الجنائز، وعيادة المرضى وممَا سوى ذَلِكَ مِمَّا لَهُ منه بد، كَانَ الأولى أن يكون المعتكف ممنوعا من ذَلِكَ‏.‏

1099- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ أَيُّمَا رَجُلٍ اعْتَكَفَ فَلا يَرْفُثْ وَلا يُسَابَّ، وَيُوصِي أَهْلَهُ إِنْ كَانَ لَهُ إِلَيْهِمْ حَاجَةٌ وَهُوَ يَمْشِي أَوْ وَهُوَ قَائِمٌ، وَلْيَشْهَدِ الْجِنَازَةَ وَالْجُمُعَةَ، وَيَعُودُ الْمَرِيضَ ‏"‏ فهذا عَلِيٌّ قَدْ أطلق للمعتكف شهود الجنازة، وعيادة المريض بلا توقيت، وأطلق لَهُ الخروج إِلَى الجمعة وفِي ذلك دليل عَلَى إطلاقه لَهُ الاعتكاف فِي غير مساجد الجماعات، وهذا خلاف مَا رويناه عنه من حديث الحارث فِيمَا تقَدم من هَذَا الباب، غير أَنَّهُ قَدْ يجوز أن يكون الَّذِي أراده فِي حديث الحارث استحبابه للاعتكاف فِي مساجد الجماعات عَلَى الاعتكاف فِيمَا سواها من المساجد، لأن من اعتكف فِيمَا سواها من المساجد احتاج إِلَى الخروج منها إِلَى مساجد الجماعات، ففضل بِذَلِكَ الاعتكاف فِي مساجد الجمَاعات عَلَى الاعتكاف فِيمَا سواها من المساجد‏.‏

1100- وقَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ‏:‏ ‏"‏

الْمُعْتَكِفُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعُودَ مَرِيضًا، وَلا يَتَّبِعَ جَنَازَةً ‏"‏ فكَانَ أولى القولين عِنْدَنَا فِيمَا اختلف فِيه عليّ، وابن عباس، من هَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابن عباس للحجة الَّتِي ذكرنا فِي ذَلِكَ فِي هَذَا الباب وقَدْ روينا فِي حديث عائشة فِيمَا تَقَدَّمَ فِي كتابنا هَذَا أن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أراد أن يعتكف دخل معتكفه بعد صلاة الصبح، وفِي حديثها هَذَا أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعتكف فِي العشر الأواخر من شهر رمضان فهذا عِنْدَنَا والله أعلم عَلَى أن اعتكافه لم يكن يستغرق العشر كلها، ولكنه كَانَ فِي بعضها وقَدْ روي فِي اعتكاف رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفِيمَا يدل عَلَى أن دخوله المعتكف كَانَ قبل هَذَا الوقت، عَنْ غير واحد من أصحاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمن ذَلِكَ مَا‏:‏

1101- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏"‏ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ ‏"‏، قَالَ نَافِعٌ‏:‏ وَقَدْ أَرَانِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْمَكَانَ الَّذِي كَانَ يَعْتَكِفُ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَسْجِدِ ففِي هَذَا الحديث أَنَّهُ كَانَ يعتكف العشر كله فهذا عِنْدَنَا والله أعلم عَلَى أَنَّهُ كَانَ يدخل معتكفه قبل غروب الشمس من اليوم العشرين من الشهر حَتَّى تغيب الشمس وَهُوَ فِي معتكفه، لأن مَا بعد غيبوبة الشمس من اليوم العشرين من الشهر إنمَا هُوَ من العشر الأواخر منه، لا مِمَّا سواه منه، ومن ذَلِكَ مَا‏:‏

1102- حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏"‏ كَانَ يَعْتَكِفُ بِهِمْ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ‏"‏ فَسَافَرَ عَامًا، فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا فأمَا قول أُبَيٍّ‏:‏ ‏"‏ كَانَ يعتكف فِي العشر الأواخر ‏"‏، قَالَ‏:‏ كلام فِيه مثل الكلام الَّذِي ذكرنا فِي حديث عائشة وأمَا قوله‏:‏ ‏"‏ فلمَّا كَانَ من العام المقبل اعتكف عشرين يومًا ‏"‏، فهذا فِيه عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي ذَلِكَ العام اعتكف العشرين اليوم كلها، واحتمل أن يكون دخوله إِلَى الاعتكاف فِيهَا كَانَ قبل غيبوبة الشمس من اليوم العاشر من شهر رمضان، وقَدْ روينا عَنْ عائشة فِي ذَلِكَ مَا‏:‏

1103- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدٍ، وَعُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏"‏ كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ‏"‏ ففِي هَذَا أَنَّهُ كَانَ يعتكف العشر كله، وهذا خلاف مَا رويناه عنهمَا بمَا فِي حديث عمرة وقَدْ روي عَنْ أَبِي سعيد الخدري فِي اعتكاف رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

1104- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ ‏"‏ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانِ ‏"‏ فَاعْتَكَفَ عَامًا حَتَّى إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي كَانَ يَخْرُجُ فِيهَا مِنَ اعْتِكَافِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ مَنِ اعْتَكَفَ فَلْيَعْتَكِفِ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ، وَقَدْ رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ مِنْ صَبِيحَتِهَا فِي مَاءٍ وَطِينٍ، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ، وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ ‏"‏ ففِي هَذَا الحديث أن دخول رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاعتكافه العشر الأواخر كَانَ فِي الليلة الَّتِي قبل اليوم الأول من العشر الأواخر، بل غابت الشمس من اليوم العشرين وَهُوَ فِي معتكفه فقَدْ دل ذَلِكَ أن من أراد الاعتكاف العشر الأول من شهر رمضان أَنَّهُ يعتكف لياليها وأيامها غير أن الشافعي قَدْ روى هَذَا الحديث عَنْ مَالك، فخالف ابن وهب فِي حرف منه، وَذَلِكَ‏:‏

1105- أَنَّ إِسْمَاعِيلَ الْمُزَنِيَّ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ ‏"‏ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ، فَاعْتَكَفَ عَامًا حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي كَانَ يَخْرُجُ فِي صَبِيحَتِهَا مِنَ اعْتِكَافِهِ ‏"‏، ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ فأمَّا قوله‏:‏ ‏"‏ حَتَّى إِذَا كَانَ ليلة إحدى وعشرين وَهِيَ الليلة الَّتِي كَانَ يخرج فِي صبيحتها من اعتكافه ‏"‏، فَهُوَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يخرج من اعتكافه العشر الأوسط حَتَّى تمضي ليلة إحدى وعشرين ولَيْسَت من العشر الأوسط وقَدْ خالفه فِي ذَلِكَ ابن وهب فِيمَا رويناه عنه عَنْ مَالك، فَهُوَ عِنْدَنَا عَلَى مَا روى ابن وهب، لأن الليث والدراوردي جميعًا قَدْ رويا هَذَا الحديث عَنِ ابْنِ الهاد كمَا رواه ابن وهب، عَنْ مَالك، لا كمَا رواه الشافعي عنه‏.‏

1106- حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ ‏"‏ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَاوِرُ فِي رَمَضَانَ الْعَشْرَ الَّتِي فِي وَسَطِ الشَّهْرِ، فَإِذَا كَانَ حِينَ يُمْسِي مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً يَمْضِي وَيَسْتَقْبِلُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، رَجَعَ إِلَى مَسْكَنِهِ، وَيَرْجِعُ مَنْ جَاوَرَ مَعَهُ، ثُمَّ إِنَّهُ أَقَامَ فِي شَهْرٍ جَاوَرَ فِيهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ الَّتِي كَانَ يَرْجِعُ فِيهَا، فَخَطَبَ النَّاسَ، وَأَمَرَهُمْ بِمَا شَاءَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنِّي كُنْتُ أُجَاوِرُ هَذَا الْعَشْرَ، ثُمَّ قَدْ بَدَا لِي أَنْ أُجَاوِرَ هَذِهِ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ، فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَمْكُثْ فِي مُعْتَكَفِهِ‏.‏

1107- ‏"‏ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً حَرْفًا حَرْفًا فكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ مُوَافِقًا لِمَا رَوَى ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، وَمُخَالِفًا لِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، عَنْ مَالِكٍ‏.‏

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَامَ فِي مُعْتَكَفِهِ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ لَمَّا أَرَادَ اعْتِكَافَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ كَذَلِكَ سُنَّتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَنْ أَرَادَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ، أَنَّ عَلَيْهِ اعْتِكَافَ لَيَالِيهَا مَعَهَا، وَأَنَّهُ يَبْتَدِئُ فِي دُخُولِهِ فِي مُعْتَكَفِهِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهَا، فَلا يَزَالُ فِيهِ حَتَّى تَمْضِيَ الأَيَّامُ الَّتِي أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ اعْتِكَافَهَا وَحَتَّى تَمْضِيَ لَيَالِيهَا فقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مِثْلِ هَذَا فِي رَجُلٍ قَالَ‏:‏ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيَّ اعْتِكَافُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ‏:‏ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهَا، فَيُقِيمُ فِيهِ مُعْتَكِفًا إِلَى انْقِضَاءِ تِلْكَ الْعَشَرَةِ الأَيَّامِ، فَيَكُونُ قَدِ اعْتَكَفَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَعَشْرَ لَيَالٍ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ‏:‏ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ فِيمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ الَّذِي يَعْتَكِفُ فِيهِ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ تِلْكَ الْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ فَيُقِيمُ فِيهِ حَتَّى تَنْقَضِيَ تِلْكَ الْعَشَرَةُ الْأَيَّامُ، فَيَكُونُ قَدِ اعْتَكَفَ عشرة أيام وتسع ليال، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ زفر بن الهذيل، فِيمَا حَدَّثَنَا محمد، عَنْ يَحْيَى، عَنِ الحسن، عَنْ زفر قَالَ أحمد‏:‏ وكَانَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، ومحمد فِي ذَلِكَ أحب إلينا، لأنه موافق لمَا رويناه عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الباب، ولأنه قَدْ دلنا عَلَيْهِ كتاب الله عزّ وجلّ فِي الحكاية عَنْ نبيه زكريا عَلَيْهِ السلام، إذ قَالَ‏:‏ ‏{‏رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلا رَمْزًا‏}‏ وقَالَ‏:‏ فِي موضع آخر‏:‏ ‏{‏ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا‏}‏ فعقلنا بِذَلِكَ أن زكريا سأل ربه أن يجعل لَهُ آية فجعل لَهُ آية، واحدة كمَا سأله، ثُمَّ ذكرها لنا فِي كتابه فِي موضع بالأيام، وفِي موضع آخر بالليالي، وَسَوَّى بَيْنَ عدد الأيام وعدد الليالي فعقلنا بِذَلِكَ أَنَّهُ إن كَانَ النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَأمورا بالأيام، فقَدْ دخلت فِيهَا الليالي، وإن كَانَ مَأمورا بالليالي فقَدْ دخلت فِيهَا الأيام، ولمَّا استوى عدد الأيام وعدد الليالي فِي ذَلِكَ وجب أن يكون من أوجب عَلَى نفسه اعتكاف أيام، كَانَ عَلَيْهِ معها من الليالي مثل عددها، وإن أوجب عَلَى نفسه اعتكاف ليال، كَانَ عَلَيْهِ معها من الأيام مثل عددها، فثبت بِذَلِكَ مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، ومحمد مِمَّا ذكرنا عنهم فِي هَذَا المعنى‏.‏

تم كتاب الصيام، والاعتكاف، من كتاب أحكام القرآن العظيم، ولله الحمد والمنة، وصلى الله عَلَى سيدنا محمد وعَلَى آله وصحبه وسلم

فرغ من نسخه أفقر عباد الله تعالى الى رحمته محمد بن أحمد بن صفى الغزولى، عفى الله عنه، فى مستهل شعبان الكرم سنة 757 هـ‏.‏