فصل: تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}، إِلَى قَوْلِهِ: {مِنَ الْهَدْيِ}

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أحكام القرآن ***


تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ‏}‏، إِلَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏{‏مِنَ الْهَدْيِ‏}‏

قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ‏:‏ ‏{‏وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى من رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ‏}‏ فَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ‏}‏، فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِي ذَلِكَ ما‏:‏

1666- قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ‏:‏ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَعْيَنَ، سَمِعَ ابْنَ أُدَيْنَةَ، يُخْبِرُ عَنْ أَبِيهِ، ‏"‏ أَنَّهُ سَأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنْ تَمَامِ الْعُمْرَةِ، فَقَالَ لَهُ‏:‏ ائْتِ عَلِيًّا، فَاسْأَلْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ، فَقَالَ‏:‏ ائتِ عَلِيًّا، فَاسْأَلْهُ فَقَالَ لَهُ فِي الثَّالِثِ‏:‏ ائتِ عَلِيًّا، فَاسْأَلْهُ فَأَتَى عَلِيًّا، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ‏:‏ رَكِبْتُ الْإِبِلَ وَالْخَيْلَ وَالسُّفُنَ حَتَّى أَتَيْتُكَ، فَمِنْ أَيْنَ تَمَامُ الْعُمْرَةِ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ مِنْ حَيْثُ أَنْشَأْتَ فَأَتَى عُمَرَ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ‏:‏ هُوَ كَمَا قَالَ ‏"‏‏.‏

1667- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ سَأَلْتُ عَلِيًّا عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ‏}‏، مَا تَمَامُهَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَنْ تُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ ‏"‏ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ تَأْوِيلٌ آخَرُ، وَهُوَ ما‏:‏

1668- قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالُوا‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ‏:‏ قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُنِيخٌ بِالْبَطْحَاءِ، فَقَالَ لِي‏:‏ ‏"‏ بِمَا أَهْلَلْتَ‏؟‏ ‏"‏ قَالَ‏:‏ فَقُلْتُ‏:‏ إِهْلَالٌ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ قَدْ أَحْسَنْتَ، طُفْ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَبِالْمَرْوَةِ، ثُمْ أَحِلَّ ‏"‏

قَالَ‏:‏ فَفَعَلْتُ، فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَيْسٍ، فَفَلَّتْ رَأْسِي، فَكُنْتُ أُفْتِي النَّاسَ ذَاكَ حَتَّى كَانَ زَمَنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ‏:‏ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ، رُوَيْدًا بَعْضَ فُتْيَاكَ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي النُّسُكِ بَعْدَكَ فَقُلْتُ‏:‏ يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ كُنَّا أَفْتَيْنَاهُ فُتْيَا فَلْيَتَّئِدْ، فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَادِمٌ فِيهِ، فَائْتَمُّوا فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتَيْتُهُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لِي عُمَرُ‏:‏ أَنْ نَأْخُذَ بِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَإِنَّ كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يِأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ، وَأَنْ نَأْخُذَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى بَلَغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَهَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَدْ ذَهَبَ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ إِلَى نَسْخِ الْفَسْخِ الَّذِي كَانَ أَبُو مُوسَى عَلَيْهِ مِمَّا فَعَلَهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ وَهَذَا فَغَيْرُ مَا رَوَاهُ عَنْهُ أُدَيْنَةُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ‏}‏، فَذَلِكَ مَذْكُورٌ بِعَقِبِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ‏}‏، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْإِحْصَارَ الَّذِي لَهُ هَذَا الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا، لِمَنْ أُحْصِرَ دُونَ تَمَامِهِمَا وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْإِحْصَارِ مَا هُوَ، فَرُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ ما‏:‏

1669- قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الضَّبِّيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ لُدِغَ صَاحِبٌ لَنَا بِذَاتِ التَّنَانِينَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ بِعُمْرَةِ، فَشُقَّ عَلَيْنَا، فَلَقِينَا عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، فَذَكَرْنَا لَهُ أَمْرَهُ، فَقَالَ‏:‏ يَبْعَثُ بْهَدْيَ، وَيُوَاعِدُ أَصْحَابَهُ مَوْعِدًا، فَإِذَا نُحِرَ عَنْهُ حَلَّ ‏"‏‏.‏

1670- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ قَالَ عَبْدُ اللهِ‏:‏ ‏"‏ ثُمَّ عَلَيْهِ عُمْرَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ ‏"‏‏.‏

1671- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ خَرَجْنَا عُمَّارًا، فَلَمَّا بَلَغْنَا ذَاتَ الشُّقُوقِ لُدِغَ رَجُلٌ مِنَّا، وَمَعَنَا عَلْقَمَةُ، وَالْأَسْوَدُ، وَأَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ، فَلَمْ يَدْرُوا مَا يَقُولُونَ قَالَ‏:‏ فَخَرَجْنَا إِلَى الطَّرِيقِ نَتَعَرَّضُ بِلِقَاءِ أَحَدٍ نَسْأَلُهُ قَالَ‏:‏ فَإِذَا رَكْبٌ فِيهِمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، فَأَتَيْنَاهُ، فَسَأَلْنَاهُ، فَقَالَ‏:‏ يَبْعَثُ بِهَدْيٍ، وَاجْعَلُوا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ يَوْمَ أَمَارٍ، فَإِذَا نَحَرَ الْهَدْيَ فَلْيَحِلَّ، وَعَلَيْهِ الْعُمْرَةُ مِنْ قَابِلٍ ‏"‏‏.‏

1672- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ أَهَلَّ رَجُلٌ مِنَ النَّخَعِ بِعُمْرَةٍ يُقَالُ لَهُ‏:‏ عُمَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ، فَلُدِغَ، فَبَيْنَا هُوَ صَرِيعٌ فِي الطِّينِ إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ رَكْبٌ فِيهِمُ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ‏:‏ ابْعَثُوا بِالْهَدْيِ، وَاجْعَلُوا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ يَوْمَ أَمَارٍ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَلْيَحِلَّ ‏"‏ قَالَ الْحَكَمُ‏:‏ وَقَالَ عُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَكَانَ حَسْبُكَ بِهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ وَعَلَيْهِ الْعُمْرَةُ مِنْ قَابِلٍ ‏"‏ قَالَ شُعْبَةُ‏:‏ وَسَمِعْتُ سُلَيْمَانَ يُحَدِّثُ بِهِ مِثْلَ مَا حَدَّثَ بِهِ الْحَكَمُ سَوَاءً‏.‏

1673- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ يَحْيَى أَبُو شُرَيْحٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، ‏"‏ ‏{‏فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ مِنْ حَبْسٍ أَوْ مَرَضٍ ‏"‏ قَالَ إِبْرَاهِيمُ‏:‏ فَحَدَّثْتُ بِهِ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، فَقَالَ‏:‏ هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَهَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ قَدْ جَعَلَا الْإِحْصَارَ بِالْأَمْرَاضِ دَاخِلًا فِي الْإِحْصَارِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ فَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ ما‏:‏

1674- قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ يَحْيَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ لَا يَكُونُ إِحْصَارٌ إِلَّا مِنْ عَدُوٍّ ‏"‏‏.‏

1675- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ ‏"‏ مَنْ حُبِسَ دُونَ الْبَيْتِ، ثُمَّ مَرِضَ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ‏"‏‏.‏

1676- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، ‏"‏ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، وَمَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، أَفْتُوا ابْنَ حُزَابَةَ الْمَخْزُومِيَّ، وَصُرِعَ فِي الْحَجِّ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، أَنْ يَتَدَاوَى بِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، وَيَفْتَدِيَ، وَيَجْعَلَهَا عُمْرَةً، وَيَحُجَّ عَامًا قَابِلًا ‏"‏

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ خِلَافُ هَذَا الْقَوْلِ مِمَّا نَحْنُ ذَاكِرُوهُ فِيمَا بَعْدُ مِنْ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، نَظَرْنَا فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْهُ، هَلْ نَجِدُ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ‏؟‏‏.‏

1677- فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ الصَّوَّافِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ مَنْ عَرِجَ أَوْ كُسِرَ فَقَدْ حَلَّ، وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى ‏"‏‏.‏

1678- وَإِذَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ الصَّوَّافُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ مَنْ عَرِجَ أَوْ كُسِرَ فَقَدْ حَلَّ، وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى ‏"‏ قَالَ‏:‏ فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَالَا‏:‏ صَدَقَ‏.‏

1679- وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَلِيحٍ الْوُحَاظِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ‏:‏ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَنَا سَأَلْتُ الْحَجَّاجَ بْنَ عَمْرٍو عَمَّنْ حُبِسَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ مَنْ عَرِجَ أَوْ كُسِرَ فَقَدْ حَلَّ، وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى ‏"‏ قَالَ‏:‏ فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَالَا‏:‏ صَدَقَ فَفِي حَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا فِي الْحَصْرِ بِالْكَسْرِ وَالْعَرَجِ، وَأَنَّهُمَا وَاجِبَانِ الْحِلِّ لِلْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ، مَا يَدُلُّ عَلَى مَذْهَبِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي الْحَصْرِ بِالْمَرَضِ، أَنَّهُ كَالْحَصْرِ بِالْعَدُوِّ سَوَاءٌ، وَهَكَذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ يَقُولُ فِي ذَلِكَ كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عن أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ وَأَمَّا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ فَكَانَا يَذْهَبَانِ إِلَى أَنَّ الْإِحْصَارَ الَّذِي يُوجِبُ الْحِلَّ لِلْمُحْرِمِ هُوَ الْإِحْصَارُ بِالْعَدُوِّ خَاصَّةً، لَا مَا سِوَاهُ مِنَ الْأَمْرَاضِ وَغَيْرِهَا‏.‏

1680- حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ‏:‏ قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ‏:‏ ‏"‏ مَنْ أُحْصِرَ بِعَدُوٍّ، فَعَلَ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فَأَمَّا مَنْ أُحْصِرَ بِغَيْرِ عَدُوٍّ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ دُونَ الْبَيْتِ ‏"‏ وَالْقِيَاسُ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْبَابِ مَا حَكَيْنَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَاهُمْ أَجْمَعُوا أَنَّ إِحْصَارَ الْعَدُوِّ يَجِبُ بِهِ لِلْمُحْصَرِ الْإِحْلَالُ كَمَا يَحِلُّ الْمُحْصَرُ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَرَضِ كَمَا قَدْ ذَكَرْنَا فَوَجَدْنَا الرَّجُلَ إِذَا كَانَ يُطِيقُ الْقِيَامَ، كَانَ فَرْضُهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا، فَإِنْ كَانَ يَخَافُ، إِنْ قَامَ، أَنْ يُعَايِنَهُ الْعَدُوُّ فَيَقْتُلُهُ، أَوْ كَانَ قَائِمًا عَلَى رَأْسِهِ فَمَنَعَهُ مِنَ الْقِيَامِ، فَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّهُ قَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا، وَأَنَّهُ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الْقِيَامِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ أَصَابَهُ مَرَضٌ أَوْ زَمَانَةٌ، فَمَنَعَهُ ذَلِكَ مِنَ الْقِيَامِ، أَنَّهُ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الْقِيَامِ، وَحَلَّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا، فَكَانَ مَا أُبِيحَ لَهُ فِي صَلَاتِهِ بِالضَّرُورَةِ مِنَ الْعَدُوِّ أُبِيحَ لَهُ فِي صَلَاتِهِ بِالضَّرُورَةِ فِي الْمَرَضِ وَرَأَيْنَا الرَّجُلَ إِذَا حَالَ الْعَدُوُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ فِي سَفَرِهِ، سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ الْمَاءِ، وَتَيَمَّمَ، وَصَلَّى وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ بِهِ عِلَّةٌ يَضُرُّهَا الْمَاءُ، سَقَطَ عَنْهُ فَرْضُ التَّوَضُّؤِ بِالْمَاءِ، وَتَيَمَّمَ، وَصَلَّى فَكَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ الْمَعْذُورُ فِيهَا بِالْعَدُوِّ وَالْأَمْرَاضِ فِي سُقُوطِ الْفُرُوضِ فِي الصَّلَوَاتِ سَوَاءً، فَالْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ فِي حُرْمَةِ الْحَجِّ فَقَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَمَا مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ ‏"‏، أَعَلَى أَنَّهُ إِذَا كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ وَخَرَجَ مِنْ حُرْمَةِ الْإِحْرَامِ‏؟‏ أَوْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ‏؟‏ فَقِيلَ لَهُ‏:‏ مَعْنَاهُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَيْ فَقَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَحِلَّ، كَمَا قَدْ يُقَالُ لِلْمَرْأَةِ الْحَرَامِ عَلَى الْأَزْوَاجِ بِالِاعْتِدَادِ مِنَ الْوَفَاةِ وَالطَّلَاقِ، وَمِمَّا سِوَاهُمَا، إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا‏:‏ قَدْ حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ، لَيْسَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهَا قَدْ حَلَّتْ لَهُمْ بِغَيْرِ عُقُودٍ يِأْتَنِفُونَهَا عَلَيْهَا، وَلَكِنْ قَدْ حَلَّتْ لَهُمْ بِعُقُودٍ يَأْتَنِفُونَهَا عَلَيْهَا تَكُونُ لَهُمْ بِهَا إِحْلَالًا، فَكَذَلِكَ ‏"‏ فَقَدْ حَلَّ ‏"‏، أَيْ فَقَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَحِلَّ بِمَعْنَى يَأْتَنِفُهُ، يَعُودُ بِهِ حَلَالًا وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَدْ صَدَّقَ الْحَجَّاجَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ، ثُمَّ قَالَ مِنْ رَأْيِهِ فِي الْإِحْصَارِ مَا قَدْ رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُحْصَرِ بِالْحَجِّ، مَتَى يُذْبَحُ عَنْهُ الْهَدْيُ‏؟‏ وَمَتَى يَحِلُّ بِذَبْحِ الْهَدْيِ عَنْهُ‏؟‏ فَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ‏:‏ فِي أَيِّ أَيَّامِ الْعَشْرِ ذُبِحَ عَنْهُ أَجْزَأَهُ، وَحَلَّ بِهِ مِنَ الْحُرْمَةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن الْحَسَنِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، بِذَلِكَ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ لَا يُنْحَرُ عَنْهُ الْهَدْيُ دُونَ يَوْمِ النَّحْرِ، وَلَا يَحِلُّ حَتَّى يُنْحَرَ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْهُمْ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ بِذَلِكَ وَكَمَا قَدْ وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، بِذَلِكَ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، وَكَانَ الْحَاجُّ غَيْرُ الْمُحْصَرِ لَا يَحِلُّ بِالْأَفْعَالِ الَّتِي يَفْعَلُهَا دُونَ يَوْمِ النَّحْرِ، كَانَ الْقِيَامُ أَيْضًا عِنْدَنَا أَلا يَحِلَّ بِمَا جُعِلَ بَدَلًا مِنْهَا، إِذَا كَانَ مُحْصَرًا دُونَ يَوْمِ النَّحْرِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُحْصَرِ بِالْحَجِّ يُمْنَعُ مِنْ دُخُولِ الْحَرَمِ، وَمِنْ نَحْرِ الْهَدْيِ فِيهِ، فَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ لَا يُنْحَرُ عَنْهُ الْهَدْيُ إِلَّا فِي الْحَرَمِ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، بِذَلِكَ وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ‏:‏ يُنْحَرُ الْهَدْيُ مَكَانَهُ الَّذِي هُوَ مَحْصُورٌ فِيهِ ثُمَّ يَحِلُّ وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ بِذَلِكَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، كَمَا ذَكَرْنَا، نَظَرْنَا فِيمَا يَحْتَجُّ بِهِ كُلُّ فَرِيُقٍ لِمَذْهَبِهِ لِنَقِفَ بِذَلِكَ عَلَى صَحِيحِ الْقَوْلِ مِنْ قَوْلَيْهِمْ هَذَيْنِ إِنْ شَاءَ اللهُ فَكَانَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ فِي ذَلِكَ إِلَى إِبَاحَةِ نَحْرِ الْهَدْيِ بِالْمَكَانِ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ الْحَاجُّ، مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَحْرِهِ الْهَدْيَ بِالْحُدَيْبِيَةِ لَمَّا أُحْصِرَ وَمُنِعَ مِنْ مُجَاوَزَتِهَا إِلَى الْحَرَمِ‏.‏

1681- وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أُمِّ كُرْزٍ، قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ أَسْأَلُهُ مِنْ لُحُومِ الْهَدْيِ ‏"‏ وَكَانَ مِنْ حُجَّةِ الْآخَرِينَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ‏}‏ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْهَدْيَ مَشْرُوطٌ فِيهِ بُلُوغُ الْكَعْبَةِ قَالُوا‏:‏ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أُمُّ كُرْزٍ سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ مِنْ لُحُومِ الْهَدْيِ الْمَذْبُوحِ بِغَيْرِهَا، فَنَظَرْنَا، هَلْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى‏؟‏ فإذا‏:‏

1682- إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ بِشْرٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ، ‏"‏ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللِّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِالْحُدَيْبِيَةِ خِبَاؤُهُ فِي الْحِلِّ، وَمُصَلَّاهُ فِي الْحَرَمِ ‏"‏ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَاسْتَحَالَ بِذَلِكَ، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ الْهَدْيَ فِي الْحِلِّ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْوُصُولِ إِلَى الْحَرَمِ وَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ مُحْصَرًا عن الْحَرَمِ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ مُحْصَرًا عَنِ الْبَيْتِ خَاصَّةً وَوَجَدْنَا فِي ذَلِكَ أَيْضًا خِلَافَ هَذَا الْمَعْنَى مِما‏:‏

1683- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَحُولُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَحُولِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ مَجْزَأَةَ بْنِ زَاهِرٍ، عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ جُنْدُبٍ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ‏:‏ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ صُدَّ الْهَدْيُ، فَقُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ، ابْعِثْ مَعِي بِالْهَدْيِ، فَلْأَنْحَرْهُ فِي الْحَرَمِ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ وَكَيْفَ تَأْخُذُ بِهِ‏؟‏ ‏"‏ قُلْتُ‏:‏ آخُذُ بِهِ فِي أَوْدِيَةٍ لَا يَقْدِرُونَ عَلَيَّ فِيهَا فَبَعَثَهُ مَعِي حَتَّى نَحَرْتُهُ بِالْحَرَمِ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِحْصَارِ ذَبَحَ فِي الْحَرَمِ، لَا فِي الْحِلِّ وَلَمَّا كَانَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ فِي الْهَدْيِ‏:‏ ‏{‏هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ‏}‏، كَمَا قَالَ فِي الصِّيَامِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَفِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ الْخَطَإِ‏:‏ ‏{‏شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ‏}‏، فَكَانَ الصِّيَامُ الْمَوْصُوفُ بِالتَّتَابُعِ لَا يُجْزِئُ إِلَّا مُتَتَابِعًا، كَانَ كَذَلِكَ الْهَدْيُ الْمَوْصُوفُ بِبُلُوغِ الْكَعْبَةِ، لَا يَكُونُ إِلَّا كَذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُحْصَرِ فِي الْحَجِّ كَمَا ذَكَرْنَا إِذَا حَلَّ بِنَحْرِ الْهَدْيِ، هَلْ يَحْلِقُ رَأْسَهُ عِنْدَ ذَلِكَ كَمَا يَحْلِقُهُ لَوْ حَلَّ بغيره فِي غَيْرِ الْإِحْصَارِ أَمْ لَا‏؟‏ فَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ‏:‏ لَا حَلْقَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ‏:‏ وَهُوَ قَوْلُنَا وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ‏:‏ يَحْلِقُ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِقْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو يُوسُفَ، كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ‏:‏ يَحْلِقُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ إِذَا كَانَ غَيْرَ مُحْصَرٍ وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدَنَا أَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي نَوَادِرِهِ كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَاحْتَجَّ أَبُو يُوسُفَ لِقَوْلِهِ ذَلِكَ بِمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ وَاحْتَجَّ أَبُو يُوسُفَ لِقَوْلِهِ ذَلِكَ بِمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَفْضِيلِهِ الْمُحَلِّقِينَ عَلَى الْمُقَصِّرِينَ، وَقَالُوا‏:‏ لَوْلَا أَنَّ الْحَلْقَ وَالتَّقْصِيرَ فِي حَالَ الْحَصْرِ عَلَى مَا كَانَا عَلَيْهِ قَبْلَ الْحَصْرِ لَمَا فَضُلَ الْحَالِقُونَ الْمُقَصِّرِينَ، إِذَا كَانَ الْحَلَالُ الْحَالِقُ لَا يَفْضُلُ الْحَلَالَ الْمُقَصِّرَ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْآثَارَ الْمَرْوِيَّةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِمَّا حَدَّثَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ فِي الْقِصَّةِ الَّتِي فَضَّلَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَالِقِينَ عَلَى الْمُقَصِّرِينَ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَّا لِقَوْلٍ كَانَ مِنَ الْمُقَصِّرِينَ فَفِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ مَا يَفْسُدُ بِهِ عَلَى أَبِي يُوسُفَ هَذِهِ الْعِلَّةُ الَّتِي اعْتَلَّ بِهَا وَقَدْ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ احْتَجَّ فِي ذَلِكَ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَلِنَفْسِهِ، فَقَالَ‏:‏ لَمَّا كَانَ الْمُحْصَرُ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ سَائِرُ مَنَاسِكِ الْحَجِّ سِوَى الْحَلْقِ، سَقَطَ عَنْهُ أَيْضًا الْحَلْقُ قَدْ حَلَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ سَقَطَ عَنْهُ مَا مُنِعَ، وَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَه بالْحَصْرِ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَجَمْعٍ، وَلَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ بَقَاءُ الْحُرْمَةِ فِي بَدَنِهِ حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ، لِأَنَّهُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ الْحَلْقُ الَّذِي هُوَ قَادِرٌ عَلَى فِعْلِهِ إِيَّاهُ، لَا يَسْقُطُ عَنْهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا وُجُوهَ الْإِحْصَارِ فِي الْحَجِّ، وَالْإِحْصَارِ فِي الْعُمْرَةِ مِمَّا قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ‏:‏ قَدْ يَكُونُ الْمُحْرِمُ بِهَا مُحْصَرًا كَمَا قَدْ يَكُونُ مُحْصَرًا بِالْحَجِّ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُحْصَرِ بِالْحَجِّ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا، إِلَّا أَنَّهُ يُنْحَرُ عَنْهُ الْهَدْيُ فِي أَيِّ يَوْمٍ شَاءَ فِي الْحَرَمِ، لَا فِيمَا سِوَاهُ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ فِي ذَلِكَ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ لَا يَحِلُّ مِنَ الْعُمْرَةِ أَبَدًا دُونَ الْبَيْتِ، لِأَنَّهُ لَا وَقْتَ لَهَا، وَلَيْسَتْ كَالْحَجِّ الَّذِي لَهُ وَقْتٌ مَعْلُومٌ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْهُ لِنَعْلَمَ بِهِ الصَّحِيحَ مِنْ قَوْلَيْهِمْ هَذَيْنِ إِنْ شَاءَ اللهُ، فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ حَصْرُ الْعَدُوِّ إِيَّاهُ حَتَّى حَلَّ، وَنَحَرَ الْهَدْيَ دُونَ الْبَيْتِ فِي عُمْرَةٍ، لَا فِي حَجِّهِ كَما‏:‏

1684- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فِي الْفِتْنَةِ، وَقَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنْ صُدِدْتُ عَنِ الْبَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُهِلُّ بِعُمْرَةٍ مِنْ أَجْلِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ ‏"‏‏.‏

1685- وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ تَمَّامٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مَيْمُونُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، يَقُولُ‏:‏ قَالَ ابْنُ عُمَرَ‏:‏ ‏"‏ إِذَا عَرَضَ لِلْمُحْرِمِ عَدُوٌّ فَإِنَّهُ يَحِلُّ حِينَئِذٍ، قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَبَسَهُ كُفَّارُ قُرَيْشٍ فِي عُمْرَةٍ عَنِ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ هَدْيَهُ، وَحَلَقَ وَحَلَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، ثُمَّ رَجَعُوا حَتَّى رَجَعُوا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ ‏"‏ فثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوبُ حُكْمِ الْإِحْصَارِ فِي الْعُمْرَةِ كَوُجُوبِهِ فِي الْحَجِّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُحْصَرِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الْحَجِّ الَّذِي لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ قَبْلَ دُخُولِهِ فِيهِ، وَفِي الْعُمْرَةِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ قَبْلَ دُخُولِهِ فِيهَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ‏:‏ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْحَجِّ، وَقَضَاءُ الْعُمْرَةِ جَمِيعًا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ عَلِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدٍ بِذَلِكَ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ بِذَلِكَ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ‏:‏ ‏"‏ مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ، وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى ‏"‏، كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ فِي ذَلِكَ مَعَ مَا قَدْ رُوِّينَاهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي فُتْيَاهُ الَّذِينَ سَأَلُوهُ عَنِ اللَّدِيغِ بِذَاتِ التَّنَانِينَ أَوْ بِذَاتِ الشُّقُوقِ‏:‏ ‏"‏ أَنَّ عَلَيْهِ عُمْرَةً مِنْ قَابِلٍ ‏"‏ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ‏}‏، وَأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ الصِّيَامِ، وَمِنَ الصَّدَقَةِ، وَمِنَ النُّسُكِ مِمَّا لَمْ يُبَيِّنِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَنَا فِيهَا، وَلَا فِيمَا سِوَاهَا مِنْ كِتَابِهِ، عَدَدَ ذَلِكَ الصَّوْمِ، وَمِقْدَارَ تِلْكَ الصَّدَقَةِ وَجِنْسَهَا، وَذَلِكَ النُّسُكِ، وَبَيَّنَهُ لَنَا عَزَّ وَجَلَّ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَما‏:‏

1686- حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قِرَاءَةً مِنْهُ عَلَيْنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهُ وَقَمْلُهُ يَتَسَاقَطُ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ‏؟‏ ‏"‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ فَأَمَرَهُ أَنْ يَحْلِقُ وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ أَنَّهُمْ يَحِلُّونَ بِهَا وَهُمْ عَلَى طَمَعٍ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْفِدْيَةَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُطْعِمَ فَرْقًا بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، أَوْ يُهْدِيَ شَاةً، أَوْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَبَيَّنَ لَنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الصَّوْمَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَأَنَّ النُّسُكَ شَاةٌ، وَأَنَّ الطَّعَامَ فَرْقٌ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ لَنَا مَا مِقْدَارُ الْفَرْقِ، وَلَا صِنْفَ الطَّعَامِ، فَالْتَمَسْنَا ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ فَوَجَدْنَا‏.‏

1687- مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ، قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى عَلَيْهِ وَهُوَ يَحْتَشُّ تَحْتَ قِدْرٍ لَهُ، وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ مِنْ رَأْسِهِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ‏؟‏ ‏"‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَاحْلِقْ رَأْسَكَ، وَإِنْ شِئْتَ فَانْسُكْ نُسُكَهُ، وَإِنْ شِئْتَ فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَطْعِمْ ثَلَاثَةَ أَصْوَاعٍ مِنْ تَمْرٍ سِتَّةَ مَسَاكِينَ ‏"‏ قَالَ أَحْمَدُ‏:‏ هَكَذَا رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ هَذَا الْحَدِيثِ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبٍ وَأَمَّا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ فَرَوَاهُ عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ كَعْبٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى كَما‏:‏

1688- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ‏:‏ مَرَّ بِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَلِي وَفْرَةٌ فِيهَا هَوَامُّ، مِنْ بَيْنِ أَصْلِ كُلِّ شَعْرَةٍ إِلَى فَرْعِهَا قَمْلٌ وَصِئْبَانٌ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ هَذَا لَأَذًى‏؟‏ ‏"‏ قُلْتُ‏:‏ أَجَلْ يَا رَسُولَ اللهِ، شَدِيدٌ قَالَ‏:‏ ‏"‏ مَعَكَ دَمٌ‏؟‏ ‏"‏ قُلْتُ‏:‏ لَا قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَإِنْ شِئْتَ فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ شِئْتَ فَتَصَدَّقَ بِثَلَاثَةِ أَصْوَاعٍ مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، كُلِّ مِسْكِينَيْنِ صَاعٍ ‏"‏ هَكَذَا رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ دَاوُدَ، لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، وَقَدْ بَيَّنَ فِيهِ أَنَّ الصَّدَقَةَ ثَلَاثَةُ أَصْوَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، وَبَدَأَ فِيهِ بِذِكْرِ الدَّمِ، وَجَعَلَ التَّخْيِيرَ فِي الصِّنْفَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ بَعْدَهُ وَقَدْ رَوَى وَهْبُ بْنُ خَالِدٍ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ دَاوُدَ، كَمَا رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ فِي إِسْنَادِهِ، فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ابْنَ أَبِي لَيْلَى، وَقَالَ فِيهِ عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ كَما‏:‏

1689- حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ بْنُ نَاصِحٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، قَالَ‏:‏ مَرَّ بِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَعَلَيَّ وَفْرَةٌ وسان مِنْ أَصْلِ كُلِّ شَعْرَةٍ إِلَى فَرْعِهَا قَمْلًا وَصِئْبَانًا، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ هَذَا لَأَذًى‏؟‏ ‏"‏ قُلْتُ‏:‏ نَعَمْ قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَاحْلِقْ، وَاذْبَحْ، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ تَصَدَّقَ بِثَلَاثَةِ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ ‏"‏ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ التَّخْيِيرُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَعْبٍ بَيْنَ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْآصُعَ الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِهِ مِنَ التَّمْرِ كَمَا فِي حَدِيثَيْ حَمَّادٍ، وَيَزِيدَ، عَنْ دَاوُدَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبٍ، فَذَكَرَ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْآصُعَ الَّتِي ذَكَرَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ مِنَ التَّمْرِ كَما‏:‏

1690- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ‏:‏ أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَنَا كَثِيرُ الشَّعْرِ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ كَأَنَّ هَوَامُّ رَأْسِكَ يُؤْذِيكَ‏؟‏ ‏"‏ قَالَ‏:‏ قُلْتُ‏:‏ أَجَلْ قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَاحْلِقْهُ، وَاذْبَحْ نَسِيكَةً، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ تَصَدَّقَ بِثَلَاثَةِ آصُعِ تَمْرٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ ‏"‏ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَخْيِيرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَعْبًا بَيْنَ هَذِهِ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ أَيْضًا، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْآصُعَ الثَّلَاثَةَ مِنَ التَّمْرِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ كَعْبٍ، فَذَكَرَ فِيهِ تَخْيِيرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ بَيْنَ النُّسُكِ وَالصِّيَامِ وَالْإِطْعَامِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ‏:‏ ‏"‏ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، كُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعِ حِنْطَةٍ ‏"‏‏.‏

1691- كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَعْقِلٍ، يَقُولُ‏:‏ قَعَدْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فِي الْمَسْجِدِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ‏:‏ ‏{‏فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ‏}‏ فَقَالَ‏:‏ فِيَّ أُنْزِلَتْ، حُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ مَا كُنْتُ أَرَى الْجَهْدَ بَلَغَ بِكَ هَذَا، أَوْ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى ‏"‏، فَنَزَلَتْ فِيَّ خَاصَّةً، وَلَكُمْ عَامَّةً، فَأَمَرَنِي أَنْ أَحْلِقَ رَأْسِي، وَأَنْسُكَ نَسِيكَةً، أَوْ أَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أُطْعِمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، كُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعِ حِنْطَةٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَخْيِيرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ، وَفِيهِ أَنَّ الثَّلَاثَةَ الْآصُعَ مِنَ الْحِنْطَةِ، وَقَدْ رَوَى الثَّوْرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ‏.‏

1692- كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ‏:‏ أَوْ أُطْعِمَ فَرْقًا بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ فَالتَّخْيِيرُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا هُوَ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنِ ابْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ وَقَدْ رَوَى زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ كَما‏:‏

1693- حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مَعْقِلٍ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمًا، فَقَمِلَ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللِّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ الْحَلَّاقَ، فَحَلَقَ رَأْسِي، ثُمَّ قَالَ لَهُ‏:‏ ‏"‏ هَلْ عِنْدَكَ نُسُكٌ‏؟‏ ‏"‏ فَقَالَ‏:‏ مَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ بِصَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ إِطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ صَاعٌ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ خَاصَّةً‏:‏ ‏{‏فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ‏}‏، فَكَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَبْدِئَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النُّسُكَ، وَتَخْيِيرُهُ كَعْبًا بَعْدَ إِخْبَارِهِ إِيَّاهُ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى النُّسُكِ، بَيْنَ الصِّنْفَيْنِ الْآخَرَيْنِ وَقَدْ رَوَى أَبُو عَوَانَةَ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا‏.‏

1694- كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ، قَالَ‏:‏ كُنَّا جُلُوسًا فِي الْمَسْجِدِ، فَجَلَسَ إِلَيْنَا كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، فَقَالَ‏:‏ فِيَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ‏:‏ ‏{‏فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ‏}‏ قَالَ‏:‏ قُلْتُ لَهُ‏:‏ كَيْفَ كَانَ شَأْنُكَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمِينَ، فَوَقَعَ الْقَمْلُ فِي رَأْسِي وَلِحْيَتِي وَشَارِبِي حَتَّى وَقَعَ فِي حَاجِبِي، فَذَكَرَ ذَلِكَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ مَا كُنْتُ أَرَى بَلَغَ مِنْكَ هَذَا، ادْعُ الْحَلَّاقَ ‏"‏، فَدُعِيَ الْحَلَّاقُ، فَحَلَقَ رَأْسَهُ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ هَلْ تَجِدُ مِنْ نَسِيكَةٍ‏؟‏ ‏"‏ قَالَ‏:‏ قُلْتُ‏:‏ لَا قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ إِطْعَامُ ثَلَاثَةِ أُصُوعٍ، بَيْنَ كُلِّ مِسْكِينَيْنِ صَاعٌ ‏"‏ قَالَ‏:‏ فَأُنْزِلَتْ فِيَّ خَاصَّةً، وَهِيَ لِلنَّاسِ عَامَّةً وَقَدْ رَوَى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ الْجَزَرِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، فَزَادَ فِيهِ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى مُرَادِهِ مِنَ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ مَا اخْتَارَهُ كَعْبٌ مِنْهَا‏.‏

1695- كَمَا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ الْجَزَرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَذَاهُ الْقَمْلُ فِي رَأْسِهِ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسِهِ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، كُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ، أَوِ انْسُكْ شَاةً، أَيَّ ذَلِكَ فَعَلْتَ أَجْزَأَ عَنْكَ ‏"‏ قَالَ الشَّافِعِيُّ‏:‏ غَلَطَ مَالِكٌ فِي الْحَدِيثِ، الْحُفَّاظُ حَفِظُوهُ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ كَعْبٍ‏:‏ ‏"‏ إِنْ شِئْتَ فَانْسُكْ نَسِيكَةً، وَإِنْ شِئْتَ فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَطْعِمْ ثَلَاثَةَ أَصْوَاعٍ مِنْ بَيْنِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ ‏"‏، مِثْلُ هَذَا أَيْضًا غَيْرَ أَنَّا نَظَرْنَا فِيمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ غَلَطِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ نَجِدْ لَهُ أَصْلًا، وَوَجَدْنَا الْحُفَّاظَ قَدْ رَوَوْهُ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْغَلَطَ كَانَ مِنَ الشَّافِعِيِّ، أَوْ كَانَ مَالِكٌ غَلَطَ فِيهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْهُ الشَّافِعِيُّ، وَقَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ حَدَّثَ بِهِ صَحِيحًا فَمِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ، لَا غَلَطَ فِيهِ، عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ‏.‏

1696- كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبٍ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ الشَّافِعِيِّ سَوَاءً وَمِنْهُمُ الْقَعْنَبِيُّ، فَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ كَذَلِكَ‏.‏

1697- كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ‏:‏ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، فَذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثِ جَمَاعَةٌ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَيْضًا، مِنْهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو‏.‏

1698- كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَبِي الْحَجَّاجِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ الشَّافِعِيِّ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ‏:‏ ‏"‏ أَيُّ ذَلِكَ فَعَلْتَ أَجْزَأَكَ ‏"‏ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُجَاهِدٍ جَمَاعَةٌ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا، مِنْهُمْ حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ‏.‏

1699- كَمَا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ لَعَلَّهُ آذَاكَ هَوَامُّكَ‏؟‏ ‏"‏ قُلْتُ‏:‏ نَعَمْ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ احْلِقْ رَأْسَكَ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوِ انْسُكْ شَاةً ‏"‏‏.‏

1700- وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالكًا، حَدَّثَهُ عَنْ حُمَيْدٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

1701- وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ‏:‏ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

1702- وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا أَشْهَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَالِكٌ، أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ قَيْسٍ، حَدَّثَهُ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَمِنْهُمُ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ‏.‏

1703- فَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبٍ، مِثْلَهُ، وَمِنْهُمْ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ‏.‏

1704- فَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَمِنْهُمْ سَيْفُ بْنُ سُلَيْمَانَ‏.‏

1705- فَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ‏:‏ مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُوقِدُ تَحْتَ قِدْرٍ لِي، وَأَنَا بِالْحُدَيْبِيَةِ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ‏؟‏ ‏"‏ قَالَ‏:‏ نَعَمْ قَالَ‏:‏ ‏"‏ احْلِقْ ‏"‏ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ‏:‏ ‏{‏فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ‏}‏، فَالصِّيَامُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالصَّدَقَةُ سِتَّةُ مَسَاكِينَ بَيْنَهُمْ فَرْقٌ، وَالنُّسُكُ شَاةٌ وَمِنْهُمُ ابْنُ عَوْنٍ‏.‏

1706- فَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُفْيَانَ الْجَحْدَرِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوَنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ فِيَّ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ ادْنُ ‏"‏، فَدَنَوْتُ، قَالَ ابْنُ عَوْنٍ‏:‏ أَظُنُّهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ‏:‏ ‏"‏ أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ‏؟‏ ‏"‏ قَالَ‏:‏ أَظُنُّهُ قَالَ‏:‏ نَعَمْ فَأَمَرَنِي بِصِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ مَا تَيَسَّرَ وَمِنْهُمْ أَبُو بِشْرٍ‏.‏

1707- فَحَدَّثَنِي يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ‏:‏ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَقَدْ حَبَسَنَا الْمُشْرِكُونَ عَنِ الْبَيْتِ، وَلِي وَفْرَةٌ، فَجَعَلَتِ الْهَوَامُّ تَقَعُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ‏؟‏ ‏"‏ فَقُلْتُ‏:‏ نَعَمْ قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَاحْلِقْ رَأْسَكَ، وَصُمْ ثَلَاثًا، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوِ انْسُكْ نُسُكًا ‏"‏ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ‏.‏

1708- كَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْإِمَامِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ وَلَدِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى مَوْلَى الْأَنْصَارِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عَلَى وَجْهِهِ دَوَابَّ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنِّي أَرَاكَ يَا كَعْبُ قَدْ آذَاكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ ‏"‏ قَالَ‏:‏ أَجَلْ، وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ احْلِقْ رَأْسَكَ، وَأَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوِ انْسُكْ شَاةً ‏"‏ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصِّيَامَ وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ جَعْدَةَ، عَنْ كَعْبٍ هَذَا الْحَدِيثَ بِالتَّخْيِيرِ أَيْضًا‏.‏

1709- كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ مِنَ الْقَمْلِ، وَقَالَ‏:‏ ‏"‏ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ، أَوِ اذْبَحْ ‏"‏ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا، عَنْ كَعْبٍ، مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ بِالتَّخْيِيرِ أَيْضًا‏.‏

1710- كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ كَعْبٌ‏:‏ ‏"‏ أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ آذَانِي الْقَمْلُ أَنْ أَحْلِقَ رَأْسِي وَأَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أُطْعِمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي مَا أَنْسُكُ بِهِ ‏"‏ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ رَجُلٍ لَمْ يُسَمِّهِ، عَنْ كَعْبٍ‏.‏

1711- كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، حَدَّثَهُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْخُرَاسَانِيِّ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي شَيْخٌ بِسُوقِ الْبُرْمِ بِالْكُوفَةِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ جَاءَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُنْضِجُ تَحْتَ قِدْرٍ لِأَصْحَابِي، وَقَدِ امْتَلَأَ رَأْسِي وَلِحْيَتِي قَمْلًا، فَأَخَذَ بِجَبْهَتِي، وَقَالَ‏:‏ ‏"‏ احْلِقْ هَذَا، وَصُمْ ثَلَاثَةً، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ ‏"‏ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي مَا أَنْسُكُ بِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ النُّسُكَ وَإِنَّمَا احْتَاجُوا إِلَى كَشْفِ أُمُورِ التَّخْيِيرِ فِي هَذِهِ الْآثَارِ، وَإِنَّمَا كَانَ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذَلِكَ مَا وَجْهُهُ وَجْهُ التَّخْيِيرِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا لَا تَخْيِيرَ فِيهِ، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ‏:‏ ‏{‏أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ‏}‏، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى التَّخْيِيرِ، بَلْ كَانَ عَلَى مَرَاتِبٍ بَعْضُهَا بَعْدَ بَعْضٍ فَاحْتَجْنَا إِلَى كَشْفِ مَا ذَكَرْنَا لِهَذَا الْمَعْنَى، وَإِنَّمَا كَانَ تَخْيِيرُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَعْبٍ بَيْنَ الْهَدْيِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَبَيْنَ مَا سِوَاهُ مِمَّا فِي الْآيَةِ، لِأَنَّ الْآيَةَ لَمْ يُرَدْ بِهَا كَعْبٌ خَاصَّةً، إِنَّمَا أُرِيدَ بِهَا النَّاسُ جَمِيعًا، فَأَرَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِبْيَانَ حُكْمِهَا لِلنَّاسِ جَمِيعًا، فَذَكَرَ الْأَصْنَافَ الَّتِي يُخَيَّرُونَ بَيْنَهَا وَأَمَّا مَا ذَكَرْنَا مِنَ اخْتِلَافِهِمْ عَنْ كَعْبٍ فِي الْآصُعِ، فَرَوَى بَعْضُهُمْ عَنْهُ أَنَّهَا مِنَ الْحِنْطَةِ، وَرَوَى بَعْضُهُمْ أَنَّهَا مِنَ التَّمْرِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَائِهَا كَفَّارَةً، وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ إِذَا أَدَّى عَنْهَا ثَلَاثَةَ آصُعٍ مِنْ حِنْطَةٍ أَنَّهَا مُجْزِئَةٌ، وَأَنَّ الْكَفَّارَةَ عَنْهُ سَاقِطَةٌ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إِذَا أَدَّى عَنْهَا ثَلَاثَةَ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ يُجْزِئُ كَمَا تُجْزِئُ الْحِنْطَةُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ لَا يُجْزِئُ مِمَّا يُجْزِئُ مِنْهُ الْحِنْطَةُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ فَكَانَ الْأَوْلَى بِنَا أَلا تَسْقُطَ عنْهُ الْكَفَّارَةُ إِلَّا بِمَا يُجْمِعُونَ عَلَى إِسْقَاطِهَا بِهِ عَنْهُ، كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏فَإِذَا أَمِنْتُمْ‏}‏، فَالْمُرَادُ بِذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، فَإِذَا خَرَجْتُمْ مِمَّا كُنْتُمْ فيه مِنَ الْإِحْصَارِ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ‏}‏، فَالْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنَّ الْإِحْصَارَ بِالْحَجَّةِ يُبِيحُ لِصَاحِبِهَا الْبَعْثَةَ بِالْهَدْيِ، وَالْإِحْلَالَ إِذَا بَلَغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، فَإِذَا بَلَغَ مَحِلَّهُ حَلَّ وَوَجَبَ عَلَيْهِ حَجَّةٌ مَكَانَ الْحَجَّةِ الَّتِي صُدَّ عَنْهَا لِخُرُوجِهِ مِنْهَا، وَلِإِحْلَالِهِ لَهُ مِنْهَا قَبْلَ تَمَامِهَا، كَمَا يَجِبُ عَلَى الَّذِي يَفُوتُهُ الْحَجُّ مِنَ الْإِحْلَالِ بِالْحَجَّةِ الَّتِي فَاتَتْهُ بِعُمْرَةٍ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَقَدْ رُوِّيتُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ الْأَسْلَمِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ، وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى ‏"‏، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ عُمْرَةً‏؟‏ قِيلَ لَهُ‏:‏ لَيْسَ فِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ هَذَا لِلْعُمْرَةِ ذِكْرٌ كَمَا ذَكَرْتَ، وَلَكِنْ فيِهِ أَنَّ عِكْرِمَةَ ذَكَرَ ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ الْحَجَّاجِ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَدَّقَا الْحَجَّاجَ عَلَى ذَلِكَ، فَصَارَ ذَلِكَ الْحَدِيثُ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَالْحَجَّاجِ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْعُمْرَةِ عِنْدَهُ عَلَى الْمُحْصَرِ بِالْحَجِّ بَعْدَ إِحْلَالِهِ مِنْهُ بِبُلُوغِ الْهَدْيِ مَحِلَّهُ كَما‏:‏

1712- حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ‏}‏، قَالَ‏:‏ هِيَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللهِ ‏"‏ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ إِلَى الْبَيْتِ ‏"‏، لَا يُجَاوَزُ بِالْعُمْرَةِ الْبَيْتُ قَالَ‏:‏ ‏{‏فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ‏}‏ إِذَا أَهَلَّ الرَّجُلُ بِالْحَجِّ فَأُحْصِرَ، بَعَثَ بِمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شَاةٍ، فَإِنْ هُوَ عَجِلَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، فَحَلَقَ رَأْسَهُ، أَوْ مَسَّ طِيبًا، أَوْ تَدَاوَى، كَانَ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ، الصِّيَامُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالصَّدَقَةُ ثَلَاثَةُ آصُعٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ، وَالنُّسُكُ شَاةٌ قَالَ‏:‏ ‏{‏فَإِذَا أَمِنْتُمْ‏}‏ قَالَ‏:‏ يَقُولُ‏:‏ إِذَا بَرَأَ، فَمَضَى مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَ الْبَيْتَ، حَلَّ مِنْ حَجَّتِهِ بِعُمْرَةٍ، وَكَانَ عَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ، وَإِنْ هُوَ رَجَعَ، وَلَمْ يُتِمَّ مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ إِلَى الْبَيْتِ، كَانَ عَلَيْهِ حَجَّةٌ، وَعُمْرَةٌ، وَدَمٌ لِتَأْخِيرِ الْعُمْرَةِ فَإِنْ خَرَجَ مُتَمَتِّعًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شَاةٌ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ قَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ‏:‏ آخِرُ الصِّيَامِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، يَوْمُ عَرَفَةَ قَالَ إِبْرَاهِيمُ‏:‏ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ‏:‏ هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كُلِّهِ هَكَذَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، عن يُوسُفَ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَأَمَّا أَبُو بِشْرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، فَحَدَّثَنَاهُ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ مُخْتَصَرًا‏.‏

1713- حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الرَّقِّيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ‏}‏، قَالَ‏:‏ هِيَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللهِ ‏"‏ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ إِلَى الْبَيْتِ ‏"‏ قَالَ‏:‏ لَا يُجَاوَزُ بِالْعُمْرَةِ مَا الْبَيْتُ قَالَ‏:‏ فَإِذَا أَهَلَّ الرَّجُلُ بِالْحَجِّ فَحُوصِرَ، بَعَثَ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شَاةً، فَإِنْ هُوَ عَجِلَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، فَحَلَقَ رَأْسَهُ، أَوْ مَسَّ طِيبًا، أَوْ تَدَاوَى، كَانَ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ، وَالصِّيَامُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالصَّدَقَةُ ثَلَاثَةُ آصُعٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ، وَالنُّسُكُ شَاةٌ ‏{‏فَإِذَا أَمِنْتُمْ‏}‏، يَقُولُ‏:‏ إِذَا بَرَأَ، فَمَضَى مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَ الْبَيْتَ حَلَّ مِنْ حَجِّهِ بِعُمْرَةٍ، وَكَانَ عَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ، وَإِنْ هُوَ رَجَعَ، وَلَمْ يُتِمَّ مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ إِلَى الْبَيْتِ كَانَ عَلَيْهِ حَجَّةٌ، وَعُمْرَةٌ، وَدَمٌ بِتَأْخِيرِهِ وَأَمَّا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، فَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْأَعْمَشِ‏.‏

1714- كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، ‏"‏ ‏{‏وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ‏}‏، قَالَ‏:‏ إِذَا أُحْصِرَ الرَّجُلُ بَعَثَ بِالْهَدْيِ، ‏{‏وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ‏}‏، فَلَا يَحْلِقُ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، ‏{‏فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ‏}‏، الصِّيَامُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، فَإِنْ عَجِلَ، فَحَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ، صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ صَدَقَةٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ، وَالنُّسُكُ شَاةٌ، فَإِذَا أَمِنَ مِمَّا كَانَ بِهِ، ‏{‏فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ‏}‏، فَإِنْ مَضَى مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ، وَإِنْ أَخَّرَ الْعُمْرَةَ إِلَى آخِرِ الْعُمْرَةِ إِلَى قَابِلٍ، فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ، وَعُمْرَةٌ، وَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ، ‏{‏وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ‏}‏ ‏"‏

قَالَ‏:‏ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ‏:‏ هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَقَدَ بِيَدِهِ ثَلَاثِينَ قَالَ أَحْمَدُ‏:‏ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، إِلَّا عَلَى أَنَّ الَّذِي حَكَاهُ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَالْحَجَّاجِ الْأَسْلَمِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ مُسْتَكْمِلًا لِجَمِيعِ الْوَاجِبِ عَلَى الْمُحْصَرِ بِالْحَجِّ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَمْ يَكُنِ ابْنُ عَبَّاسٍ لِيَزِيدَ عَلَى مَا حَدَّثَهُ عِكْرِمَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ إِلَّا مَا يَجِبُ لَهُ زِيَادَتُهُ عَلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ‏}‏، وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنَّ مَنْ تَمَتَّعَ مِنَ الْمُحْصَرِينَ بِالْحَجِّ بِالْعُمْرَةِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ، إِلَى الْحَجَّةِ الَّتِي يَقْضِيهَا بَدَلًا مِنْ حَجَّتِهِ الَّتِي أُحْصِرَتهَا، وَحَلَّ مِنْهَا عَلَى وَجْهِ التَّمَتُّعِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِيمَا قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا، كَانَ عَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، كَمَا يَكُونُ عَلَى مَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيْهِ فِيمَا قَبْلُ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ‏}‏، فَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ، وَمَا قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ، وَالْأَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ الصِّيَامَ فِي الْحَجِّ، عَلَى الصِّيَامِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ كَمَا قَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَلَمْ يَخْرُجْ هَذَا الْقَوْلُ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ جَمِيعِ الْكُوفِيِّينَ قَدْ قَالَ بِهِ مِنْهُمُ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ اللُّؤْلُئِيُّ، وَأَبُو زَيْدٍ حَمَّادُ بْنُ دُلَيْلٍ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِالتَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ هُمُ الْمُحْصَرُونَ بِالْحَجِّ، لِأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ‏:‏ ‏{‏فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ‏}‏، أَيْ مِنْكُمْ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ خِطَابٌ لِغَيْرِ الْمُحْصَرِينَ بِالْحَجِّ وَذَكَرَ فَيِ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِيهِ مِما‏:‏

1715- حَدَّثَنَاهُ نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ بْنُ نَاصِحٍ الْحَارِثِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُؤَيَّدٍ، وَمَا قَدْ حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ التَّمَتُّعَ لَيْسَ بِالَّذِي تَصْنَعُونَ، يَتَمَتَّعُ أَحَدُكُمْ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ الْحَجِّ، وَلَكِنَّ الْحَاجَّ إِذَا فَاتَهُ الْحَجُّ، أَوْ ضَلَّتْ رَاحِلَتُهُ، أَوْ كُسِرَ حَتَّى يَفُوتَهُ الْحَجُّ، فَإِنَّهُ يَجْعَلُهَا عُمْرَةً، وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ، وَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ‏"‏ قِيلَ لَهُ‏:‏ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مَا قَدْ ذَكَرْتَ، وَلَمْ يُعْلَمْ هَذَا الْقَوْلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى رُوِيَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرِهِ وَقَدْ رُوِيَ خِلَافُ قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا وُلِّيَ عُمَرُ، خَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ‏:‏ إِنَّ الْقُرْآنَ هُوَ الْقُرْآنُ، وَإِنَّ الرَّسُولَ هُوَ الرَّسُولُ، وَإِنَّهُمَا كَانَتَا مُتْعَتَيْنِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتْعَةَ الْحَجِّ، فَافْصِلُوا بَيْنَ حَجِّكُمْ وَعُمَرِكُمْ وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي قَوْلِهِ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا لَمَّا نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ‏:‏ مَا يُرِيدُ إِلَى أَمْرٍ قَدْ فَعَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْهُ فَفِي نَهْيِ عُثْمَانَ عَنْهَا، وَتَسْمِيَتِهِ إِيَّاهَا مُتْعَةً، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُتْعَةَ عِنْدَهُ خِلَافُ مَا قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ مِمَّا قَالَهُ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ لَمَّا ذُكِرَ لَهُ عَنْ عُمَرَ النَّهْيُ عَنِ الْمُتْعَةِ‏:‏ قَدْ صَنَعَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَنَعْنَاهَا مَعَهُ وَفِي نَهْيِ عُمَرَ عَنْهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا عِنْدَهُ بِخِلَافِ مَا هِيَ عِنْدَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ تَمَتَّعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَأَهْدَى، وَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ، وَبَدَأَ فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَزَلَ فِيهَا الْقُرْآنُ، فَلَمْ يَنْهَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَنْسَخْهَا شَيْءٌ ثُمَّ قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ فَهَؤُلَاءِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ حَضَرُوا تَنْزِيلَ الْقُرْآنِ، يَقُولُونَ فِي الْمُتْعَةِ بِخِلَافِ مَا قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِيهَا، وَبَعْضُهُمْ يَحْكِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَعْضُهُمْ يُخْبِرُ بِنُزُولِ الْقُرْآنِ فِيهَا، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَ مَا رُوِيَ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا، وَابْنُ الزُّبَيْرِ فَلَمْ يُخْبِرُ فِي حَدِيثِهِ أَنَّهُ قَالَ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْآيَةِ، لَا مِنْ شَيْءٍ تَأَوَّلَهَا عَلَيْهِ، وَلَا أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُحْصَرِينَ الَّذِينَ حَلُّوا مِمَّا كَانُوا فِيهِ مُحْصَرِينَ بِالْهَدَايَا الَّتِي بَعَثُوا بِهَا وَبَلَغَتْ مَحِلَّهَا، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ، وَوَصَلَ إِلَى الْبَيْتِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهُوَ فِي حُرْمَةِ إِحْرَامِهِ، لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ لَا حَاجَةَ بِنَا إِلَى خَبَرِ ابْنِ الزُّبَيْرِ الَّذِي ذَكَرْتُمْ، وَلَكِنْ نُطَالِبُكُمْ بِإِطْلَاقِكُمُ الْمُتْعَةَ لِغَيْرِ الْمُحْصَرِينَ بِالْحَجِّ، وَإِنَّمَا أَطْلَقَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ لِلْمُحْصَرِينَ بِالْحَجِّ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَهُمْ مَنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ لَمْ يُحْصَرْ بِالْحَجِّ فَجَوَابُنَا فِي ذَلِكَ، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنَّ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمُحْصَرِينَ قَدْ دَخَلُوا فِيهَا لِمَا قَدْ أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِمَّا قَدْ وُكِّدَ أَكْثَرَ مِمَّا وُكِّدَ هَذَا الْمَوْضِعُ مِنْهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ‏}‏، فَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُحْرِمِ بِالْحَجِّ أَوْ بِالْعُمْرَةِ مِمَّنْ لَيْسَ بِمُحْصَرٍ أَنَّهُ إِذَا أَصَابَهُ أَذًى فِي رَأْسِهِ، أَوْ أَصَابَهُ مَرَضٌ، أَنَّهُ يَحْلِقُ، وَأَنَّ عَلَيْهِ الْفِدْيَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا، وَأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا إِلَى الْمُحْصَرِينَ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَدْخُلَ فِيهَا مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ الْمُحْرِمِينَ غَيْرِ الْمُحْصَرِينَ حَتَّى يَكُونَ حُكْمُهُمْ فِيهَا كَحُكْمِهِمْ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ‏}‏، لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُ الْمُحْصَرِينَ فِي ذَلِكَ كَالْمُحْصَرِينَ، بَلْ هَذَا أَوْلَى بِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْمَعْنَى الَّذِي فِي الْآيَةِ، لِأَنَّهُ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْمَعْنَى الْأَوَّلِ‏:‏ ‏{‏فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ‏}‏، وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي الْمَعْنَى الثَّانِي مِنْهَا‏.‏

تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآيَة

قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ‏}‏ فَكَانَ الْعَمْدُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنَ الْمُتَشَابِهِ الْمُخْتَلَفِ فِي الْمُرَادِ بِهِ مَا هُوَ فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ الْجَزَاءُ بِإِصَابَةِ الصَّيْدِ مِنَ الْمُحْرِمِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُمُ الْمُتَعَمِّدُونَ لِقَتْلِ الصَّيْدِ، لَا مَنْ قَتَلَهُ مِنْهُمْ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ لِقَتْلِهِ، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَقَالُوا‏:‏ قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ كَانَ فِي تَأْوِيلِهَا هَذَا الْمَذْهَبَ، وَذَكَرُوا فِي ذَلِكَ ما‏:‏

1716- قَدْ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، سَمِعَ قَبِيصَةَ بْنَ جَابِرٍ، يَقُولُ‏:‏ خَرَجْنَا حُجَّاجًا، فَكَثُرَ مِرَاءُ الْقَوْمِ، أَيُّهُمَا أَسْرَعُ مَعَنَا‏:‏ الْفَرَسُ أَوِ الظَّبْيُ، فَسَنَحَ لَنَا ظَبْيٌ، وَالسُّنُوحُ، هَكَذَا قَالَ سُفْيَانُ، يَمِينًا وَشِمَالًا، فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنَّا فَمَا أَخْطَأَ خُشَشَاءَهُ، فَرَكِبَ رَدْعَهُ فَمَاتَ، فَأُسْقِطَ فِي يَدَيْهِ، فَأَتَى عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ بِمِنًى، فَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَاقْتَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ كَيْفَ أَصَبْتُهُ أَخَطَأً أَمْ عَمْدًا‏؟‏ ‏"‏ قَالَ‏:‏ لَقَدْ تَعَمَّدْتُ رَمْيَهُ، وَمَا أَرَدْتُ قَتْلَهُ قَالَ‏:‏ ‏"‏ لَقَدْ شَرِكْتَ الْخَطَأَ وَالْعَمْدَ ‏"‏ ثُمَّ أَجْنَحَ إِلَى رَجُلٍ إِلَى جَنْبِهِ كَأَنَّ وَجْهَهُ قَلْبٌ، فَشَاوَرَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ‏:‏ ‏"‏ خُذْ شَاةً مِنَ الْغَنَمِ فَأَهْرِقْ دَمَهَا، وَتَصَدَّقْ بِلَحْمِهَا، وَاسْقِ إِهَابَهَا سِقَاءً ‏"‏ فَلَمَّا قُمْنَا مِنْ عِنْدِهِ قُلْتُ‏:‏ أَيُّهَا الْمُسْتَفْتِي ابْنَ الْخَطَّابِ، إِنَّ فُتْيَا ابْنِ الْخَطَّابِ لَنْ تُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا، فَانْحَرْ نَاقَتَكَ، وَعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَوَاللهِ مَا عَلِمَ ابْنُ الْخَطَّابِ حَتَّى سَأَلَ الرَّجُلَ الَّذِي إِلَى جَانِبِهِ فَنَمَاهَا ذُو الْعَيْنَيْنِ إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَمَا عَلِمْتُ بِعُمَرَ إِلَّا قَدْ أَقْبَلَ بِالدِّرَّةِ، فَجَعَلَ يَضْرِبُ عَلَى صَاحِبِي صُفُوقًا صُفُوقًا، ثُمَّ يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ قَاتَلَكَ اللهُ، تَعَدِّي الْفُتْيَا، وَتَقْتُلُ الْحَرَامَ، وَتَقُولُ‏:‏ وَاللهِ مَا عَلِمَ عُمَرُ حَتَّى سَأَلَ الَّذِي إِلَى جَنْبِهِ، أَمَا تَقْرَأُ‏:‏ ‏{‏يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ‏}‏‏؟‏ ‏"‏ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ، فَأَخَذَ بِجَمِيعِ ثِيَابِي، فَقُلْتُ‏:‏ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا أُحِلُّ لَكَ شَيْئًا حَرَّمَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكَ فَتَرَكَنِي، ثُمَّ قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنِّي أَرَاكَ رَجُلًا فَصِيحَ اللِّسَانِ، فَسِيحَ الصَّدْرِ، وَقَدْ يَكُونُ فِي الْعَشَرَةِ الْأَخْلَاقِ تِسْعَةٌ صَالِحَةٌ وَخُلُقٌ سَيِّئٌ، فَيُفْسِدُ التِّسْعَةَ الصَّالِحَةَ الْخُلُقُ السَّيِّئُ، فَاتَّقِ عَثَرَاتِ الشَّبَابِ ‏"‏

قَالُوا‏:‏ أَفَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ قَدْ سَأَلَ‏:‏ ‏"‏ الرَّجُلَ أَعَمْدًا قَتَلْتَهُ أَمْ خَطَأً‏؟‏ ‏"‏ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا لِافْتِرَاقِ حُكْمِ الْخَطَإِ وَالْعَمْدِ عِنْدَهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَأَوْجَبُوا الْجَزَاءَ عَلَى كُلِّ مَنْ أَصَابَ الصَّيْدَ مِنَ الْمُحْرِمِينَ عَلَى الْخَطَإِ وَالْعَمْدِ جَمِيعًا، وَذَهَبُوا فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا‏}‏ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ مَرْدُودٌ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ‏}‏ وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لَهُمْ عَلَى أَهْلِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَفِي سُؤَالِ عُمَرَ الرَّجُلَ الَّذِي أَصَابَ الصَّيْدَ‏:‏ ‏"‏ أَعَمْدًا قَتَلْتَهُ أَمْ خَطَأً‏؟‏ ‏"‏ أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ ذَلِكَ لِيُعَلِّمَهُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ قَتَلَهُ عَمْدًا، ثُمَّ قَتَلَ بَعْدَهُ صَيْدًا عَمْدًا انْتَقَمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ، فَأَرَادَ عُمَرُ تَحْذِيرَهُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ سَعْيَهُ، فَخَالَفَ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ فِي الْأَلْفَاظِ الَّتِي رَوَاهُ عَلَيْهَا‏.‏

1717- كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ قَبِيصَةَ بْنَ جَابِرٍ، قَالَ‏:‏ حَجَجْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي، فَرَأَيْنَا ظَبْيًا قَالَ‏:‏ فَقَالَ أَوْ قُلْتُ لِصَاحِبِي‏:‏ أَتُرَاكَ تَبْلُغُهُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ فَأَخَذَ صَاحِبِي حَجَرًا فَرَمَاهُ، فَأَصَابَ خُشَّاءَهُ، فَقَتلََهُ، فَأَتَى عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ‏:‏ ‏"‏ أَعَمْدًا قَتَلْتَهُ أَمْ خَطَأً‏؟‏ ‏"‏ فَقَالَ‏:‏ مَا أَدْرِي فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ اعْمِدْ إِلَى شَاةٍ فَاذْبَحْهَا، وَتَصَدَّقْ بِلَحْمِهَا، وَاجْعَلْ إِهَابَهَا سِقَاءً، أَكَذَلِكَ يَا فُلَانُ‏؟‏ ‏"‏ لِرَجُلٍ إِلَى جَانِبِهِ قَالَ‏:‏ فَقُلْتُ لِصَاحِبِي‏:‏ وَاللهِ مَا دَرَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى سَأَلَ الَّذِي إِلَى جَنْبِهِ، انْحَرْ نَاقَتَكَ قَالَ‏:‏ فَعَمِدَ إِلَى نَاقَتِهِ فَنَحَرَهَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ، قَالَ‏:‏ فَجَاءَ فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ، وَقَالَ‏:‏ ‏"‏ أَتَقْتُلُ الصَّيْدَ وَتَعَدِّي الْفُتْيَا ‏"‏ فَهَذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فيِ هَذَا الْحَدِيثِ قَدْ سَأَلَهُ‏:‏ ‏"‏ أَعَمْدًا قَتَلْتَهُ أَمْ خَطَأً‏؟‏ ‏"‏ فَقَالَ‏:‏ مَا أَدْرِي فَحَكَمَ عَلَيْهِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا سَأَلَهُ عَنِ الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ لِيَقِفَ بِهِ عَلَى وُجُوبِ الِانْتِقَامِ فِي الْعَوْدِ فَيُحَذِّرُهُ مِنْهُ لَوْ كَانَ لا يَرَى عَلَيْهِ الْجَزَاءَ فِي قَتْلِهِ الصَّيْدَ حَتَّى يَكُونَ مُتَعَمِّدًا لِذَلِكَ، إِذَنْ لَمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ إِذَا لَمْ يَدْرِ أَخَطَأً قَتْلُهُ أَمْ عَمْدًا، مَعَ أَنَّ الْأَشْبَهَ بِمَذْهَبِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ هُوَ هَذَا الْمَذْهَبُ، لَا الْمَذْهَبُ الْآخَرُ، لِمَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ‏.‏

1718- كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، أَنَّ كَعْبًا، قَالَ لِعُمَرَ‏:‏ إِنَّ قَوْمًا اسْتَفْتُونِي فِي مُحْرِمٍ قَتَلَ جَرَادَةً، فَأَفْتَيْتُهُمْ أَنَّ فِيهَا دِرْهَمًا فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّكُمْ يَا أَهْلَ حِمْصَ كَثِيرَةٌ دَرَاهِمُكُمْ، تَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ ‏"‏ أَفَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ لَمْ يُنْكِرْ عَلَى كَعْبٍ تَرْكَهُ سُؤَالَ الْقَوْمِ عَنْ قَتْلِ ذَلِكَ الْمُحْرِمِ لِتِلْكَ الْجَرَادَةِ هَلْ كَانَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، لِاسْتِوَاءِ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُ، وَلَوْ كَانَ الْحُكْمُ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفًا، إِذًا لَأَنْكَرَ عَلَيْهِ تَرْكَهُ سُؤَالَهُمْ عَنْ ذَلِكَ‏.‏

1719- وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مُخَارِقٌ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ، قَالَ‏:‏ اعْتَمَرْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي، فَمَرَّ بِضَبٍّ، فَأَوْطَأَهُ، فَأَتَى عُمَرَ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ يَا زَيْدُ بْنُ جَابِرٍ، مَا تَقُولُ فِيهَا‏؟‏ قَالَ‏:‏ أَنْتَ أَعْلَمُ قَالَ‏:‏ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ‏:‏ ‏{‏يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ‏}‏ قَالَ‏:‏ فِيهِ جَدْيٌ قَدْ جَمَعَ الْمَاءَ وَالشَّجَرَ قَالَ‏:‏ صَدَقْتَ ‏"‏ أَفَلَا تَرَى أَنَّ الْأَغْلَبَ فِي ذَلِكَ الْوَطْءِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْخَطَإِ لَا عَلَى الْعَمْدِ، وَقَدْ حَكَمَ فِيهِ عُمَرُ بِالْجَزَاءِ‏.‏

1720- وَكَمَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ حُمَيْدٍ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ سُئِلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ الْأَرْنَبِ يُصِيبُهَا الْمُحْرِمُ، قَالَ‏:‏ فِيهِ حِلَّانِ مِنَ الْغَنَمِ‏:‏ جَدْيٌ أَوْ عَنَاقٌ ‏"‏ أَفَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ لَمْ يُوقِفِ السَّائِلَ عَنِ ذَلِكَ الْقَتْلِ عَمْدًا أَكَانَ أَوْ خَطَأً، وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ مَا أَوْجَبَ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا وَحُكْمُ الْخَطَإِ وَالْعَمْدِ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ عُمَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا‏.‏

1721- كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، ‏"‏ أَنَّ رَجُلًا أَلْقَى جِوَالِقًا عَلَى يَرْبُوعٍ، فَحَكَمَ فِيهِ عَبْدُ اللْهَ جَفْرًا أَوْ جَفْرَةً ‏"‏‏.‏

1722- وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَاصِمٍ، يَقُولُ‏:‏ كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، ‏"‏ فَسُئِلَ عَنْ مُحْرِمٍ أَصَابَ أَرْنَبًا، فَقَالَ لِي‏:‏ قُلْ فِيهَا يَا عَمْرُو فَقَالَ‏:‏ قُلْ أَنْتَ أَعْلَمُ مِنِّي قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ‏:‏ ‏{‏يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ‏}‏ ‏"‏ قَالَ‏:‏

قُلْتُ‏:‏ فِيهَا وَلَدُ شَاةٍ قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو‏:‏ فِيهَا وَلَدُ شَاةٍ ‏"‏‏.‏

1723- وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنِّي قَتَلْتُ دَبَاةً وَأَنَا مُحْرِمٌ، قَالَ‏:‏ اذْبَحْ شُوَيْهَةً قَالَ‏:‏ فَتَعَجَّبْتُ مِنْ قَوْلِهِ، فَذَكَرْتُهُ لِابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ‏:‏ طَعَامٌ فِي كَفِّكَ خَيْرٌ مِنْ دَبَاةٍ ‏"‏ فَهَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، كُلُّهُمْ قَدْ أَجَابَ فِيمَا يُصِيبُهُ الْمُحْرِمُ بِوُجُوبِ الْجَزَاءِ، وَلَمْ يَسْأَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ عَمْدٍ فِي ذَلِكَ، وَلَا عَنْ خَطَأٍ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا لِاسْتِوَاءِ الْحُكْمِ كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ ثُمَّ السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا قَالَ‏:‏

1724- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، ‏"‏ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الضَّبْعِ، فَقَالَ‏:‏ هِيَ صَيْدٌ ‏"‏، وَجَعَلَ فِيهَا إِذَا أَصَابَهَا الْمُحْرِمُ كَبْشًا‏.‏

1725- حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، قَالُوا‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

1726- حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَبَّانُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ الصَّائِغُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، ‏"‏ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الضَّبْعِ، فَقَالَ‏:‏ هِيَ صَيْدٌ، وَفِيهَا جَزَاءٌ كَبْشٌ مُسِنٌّ، وَتُؤْكَلُ ‏"‏

فَلَمَّا جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُحْرِمِ الْجَزَاءَ فِي الضَّبْعِ إِذَا أَصَابَهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ عَمْدًا وَلَا خَطَأً، ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ إِصَابَتَهُ إِيَّاهَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْجَزَاءِ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ لَذَكَرَ الْعَمْدَ فِي ذَلِكَ وَالْقِيَاسُ أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، لِأَنَّا رَأَيْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الْمُحْرِمِ أَشْيَاءَ مِنْهَا الْجِمَاعُ، وَقَتْلُ الصَّيْدِ، مَعَ سَائِرِ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ سِوَاهُمَا، فَكَانَ مَنْ جَامَعَ فِي إِحْرَامِهِ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا فِي وُجُوبِ الدَّمِ وَفَسَادِ الْحَجِّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ، فَلَمَّا كَانَ الْجِمَاعُ فِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا، كَانَ كَذَلِكَ قَتْلُ الصَّيْدِ، يَسْتَوِي فِيهِ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ جَمِيعًا، كَمَا اسْتَوَيَا فِي الْجِمَاعِ وَلَلْخَطَأُ بِالْكَفَّارَةِ أَوْلَى مِنَ الْعَمْدِ بِهَا، لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَعَلَ فِي كِتَابِهِ عَلَى مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً كَفَّارَةً ذَكَرَهَا، وَلَمْ يُوجِبْ مِثْلَهَا عَلَى قَاتِلِهِ عَمْدًا فِي ذِكْرِهِ‏:‏ ‏{‏وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا‏}‏، فَلَّمَا كَانَ الْعَمْدُ فِي الصَّيْدِ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ عَلَى الْمُحْرِمِينَ، كَانَ الْخَطَأُ بَيْنَهُمْ لِلْكَفَّارَةِ فِي ذَلِكَ أَوْجَبُ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ وُجُوبِ الْجَزَاءِ عَلَى الْمُحْرِمِينَ فِي الصَّيْدِ إِذَا قَتَلُوهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَسُفْيَانَ، وَزُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ، وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَاللهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآيَة

قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا‏}‏، فَأَوْجَبَ عَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ مِنَ الْمُحْرِمِينَ الْجَزَاءَ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ الْجَزَاءِ مَا هُوَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ إِذَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ حَكَمَ عَلَيْهِ ذَوَا عَدْلٍ، فَقَوِّمَاهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَصَابَهُ فِيهِ، فَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ ثَمَنَ هَدْيٍ اشْتَرَى بِهِ هَدْيًا، فَذَبَحَهُ بِمَكَّةَ، وَتَصَدَّقَ بِهِ كُلِّهِ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ شَيْئًا، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا، وَلَا طَعَامًا، قَوَّمَ قِيمَتَهُ طَعَامًا، ثُمَّ صَامَ لِكُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا، وَالْخِيَارُ إِلَيْهِ فِي هَذَا عِنْدَهُمْ، يُكَفِّرُ بِأَيِّ الْكَفَّارَاتِ شَاءَ، إِنْ شَاءَ بِالْهَدْيِ، وَإِنْ شَاءَ بِالطَّعَامِ، وَإِنْ شَاءَ بِالصِّيَامِ، وَلَا يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْهَدْيِ إِلَّا مَا يُجْزِئُ فِي الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ، وَمَا أَشْبَهَهُمَا وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ قَالَ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ حَكَمَا بِالصِّيَامِ فَعَلَى مَا قَالَ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَيْضًا وَكَانُوا يَجْعَلُونَ الْخِيَارَ الْمَذْكُورَ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا إِلَى الْحَكَمَيْنِ، لَا إِلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَيُجْزِئُ فِي الْهَدَايَا منْ ذَلِكَ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ، لِأَنَّ الْهَدْيَ قَدْ يَكُونُ عَنَاقًا، وَجَدْيًا، وَفَصِيلًا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَهْدَى نَاقَةً فَنَتَجَتْ كَانَ وَلَدُهَا مَعًا هَدْيًا يُنْحَرُ مَعَهَا، وَكَذَلِكَ وَلَدُ الشَّاةِ، وَالْبَقَرَةِ، هُوَ هَدْيٌ يُذْبَحُ مَعَهَا وَلَوْ كَانَ غَيْرَ هَدْيٍ لَتَصَدَّقَ بِهِ، وَلَمْ يُذْبَحْ مَعَ أُمِّهِ قَالَ مُحَمَّدٌ‏:‏ وَهَذا قَوْلُنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ إِذَا أَصَابَ الرَّجُلُ الصَّيْدَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، حَكَمَ عَلَيْهِ ذَوَا عَدْلٍ بِمَا يَعْدِلُهُ مِنَ النَّعَمِ، فَإِنْ بَلَغَ جَزُورًا فَجَزُورًا، وَإِنْ بَلَغَ بَقَرَةً فَبَقَرَةً، وَإِنْ بَلَغَ شَاةً فَشَاةً وَإِنْ حَكَمَا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمْ يَجِدْهُ، قَوَّمَا قِيمَتَهُ عَلَيْهِ طَعَامًا، فَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَجِدُ مَا يَذْبَحُ، وَلَا مَا يُطْعِمُ، صَامَ مَكَانَ كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا، وَإِنْ حَكَمَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَجِدْ إِلَّا بَعْضَهُ طَعَامًا وَبَعْضَهُ صَوْمًا، فَعَلَيْهِ الصَّوْمُ وَإِنْ حَكَمَا عَلَيْهِ بِأَقَلِّ مِنْ نِصْفِ صَاعٍ صَامَ مَكَانَهُ يَوْمًا قَالُوا‏:‏ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ كُلَّمَا أَصَابَ، وَفِي الْخَطَإِ كُلَّمَا أَصَابَ، وَفِي النِّسْيَانِ كُلَّمَا أَصَابَ، بِحُكْمِ الَّذِي أَصَابَهُ، وَرَجُلٌ مَعَهُ أَوْ رَجُلَانِ غَيْرُهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ إِذَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ خَطَأً أَوْ عَمَدًا، وَهُوَ مُوسِرٌ، حُكِمَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ دَرَاهِمَ، فَيَشْتَرِي بِهَا هَدْيًا جَزُورًا إِنْ بَلَغَتْ، أَوْ بَقَرَةً، أَوْ شَاةً، فَيَذْبَحُهَا، وَيَتَصَدَّقُ بِلَحْمِهَا، وَلَا يُجْزِئُهُ إِلَّا ذَلِكَ إِنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ثَمَنَ الْهَدْيِ حُكِمَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهِ إِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى قِيمَتِهِ، وَلَا يُجْزِئُهُ إِلَّا ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قِيمَتِهِ يَتَصَدَّقُ بِهَا حُكِمَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَوِّمَ الصَّيْدَ دَرَاهِمَ، ثُمَّ يَنْظُرَ كَمْ يُؤْخَذُ بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ طَعَامٌ، فَيَصُومُ مَكَانَ كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ اللُّؤْلُئِيِّ، عَنْ زُفَرَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ يُقَوِّمُ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ الَّذِي أَصَابَهُ، فَيَنْظُرُ كَمْ قِيمَتُهُ مِنَ الطَّعَامِ، فَيُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا، أَوْ يَصُومُ مَكَانَ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا هَكَذَا يُرْوَى عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ بِذَلِكَ وَأَمَّا مَا حَكَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي مُخْتَصَرِهِ الصَّغِيرِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، قَالَ‏:‏ وَمَنْ أَصَابَ طِيبًا وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَإِنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهِ ذَوَا عَدْلٍ كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، فيخبرانه قبل الحكم إن شاء حكما عليه بالهدي وهو شاة مسنة، لَا يَعْدُوهَا، يَسُوقُهَا فَيَذْبَحُهَا بِمَكَّةَ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ‏}‏، وَإِنِ أَنْ يَكُونَ يَحْكُمَا عَلَيْهِ بِالْإِطْعَامِ حَكَمَا عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الظَّبْيِ طَعَامًا، ثُمَّ أَطْعَمَ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ شَاءَ حَكَمَا عَلَيْهِ بِالصِّيَامِ، فَصَامَ مَكَانَ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، هُوَ فِي ذَلِكَ مُخَيَّرٌ، مُوسِرًا كَانَ أَوْ مَعْسِرًا، أَوْ فِي حَمَامِ مَكَّةَ شَاةٌ، وَفِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ، وَفِي حِمَارِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ مَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ نُظِرَ إِلَى أَقْرَبِ الْأَشْيَاءِ مِنَ الْمَقْتُولِ شَبَهًا مِنَ النَّعَمِ، فَفَدَى بِهِ، وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَ الْمِثْلَ دَرَاهِمَ، ثُمَّ الدَّرَاهِمَ طَعَامًا، ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهِ، وَإِنْ شَاءَ صَامَ كُلَّ مُدٍّ يَوْمًا وَمَا أَصَابَ مِنَ الْحَمَامِ فَفِي كُلِّ حَمَامَةٍ مِنْهُ شَاةٌ، وَمَا أَصَابَ مِمَّا سِوَى الْحَمَامِ فَفِيهِ قِيمَتُهُ قَالُوا‏:‏ وَالْحَمَامُ‏:‏ كُلُّ مَا عَبَّ وَهَدَرَ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ كَمَا حَكَاهُ لَنَا الْمُزَنِيُّ عَنْهُ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْهُ فَأَمَّا مَا حَكَيْنَاهُ عَنْ أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ الْأَخِيرِ، وَأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْجَزَاءَ فِي بَعْضِ الصَّيْدِ الْمِثْلَ، وَالْجَزَاءَ فِي بَعْضِهِ الْقِيمَةَ، وَلَمْ نَجِدِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَّقَ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا، بَيْنَ أَجْنَاسِ الصَّيْدِ، بَلْ وَجَدْنَاهُ عز وجل عَمَّ ذَلِكَ وَجَمَّعَهُ، فَقَالَ‏:‏ ‏{‏لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا‏}‏، فَذَكَرَ مَا فِي الْآيَةِ وَوَجَدْنَا قَائِلِي هَذَا الْقَوْلَ قَدْ حَصَرُوا مَا سِوَى الْحَمَامِ مِنَ الطَّيْرِ، فَجَعَلُوا جَزَاءَهُ عَلَى قِيمَتِهِ، لَا قِيمَةَ لَهُ نَظِيرٌ لَهُ مِمَّا سِوَاهُ، وَجَعَلُوا فِي الْحَمَامِ إِذَا أُصِيبَ شَاةً، ثُمَّ جَعَلُوا الصِّيَامَ إِنْ وَجَبَ عَلَى قَاتِلِهِ، أَوِ الْإِطْعَامَ إِنْ وَجَبَ عَلَى قَاتِلِهِ، مَرْدُودًا إِلَى قِيمَةِ الشَّاةِ، لَا إِلَى قِيمَةِ الْحَمَامِ، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ هَذَا فَإِنْ قَالُوا‏:‏ إِنَّمَا جَعَلْنَا فِي الْحَمَامِ شَاةً لِرِوَايَتِنَا ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَنَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ، وَعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قِيلَ لَهُمْ‏:‏ فَهَلْ مَنَعَ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ أَنْ يَكُونَ سَائِرُ الطَّيْرِ سِوَى الْحَمَامِ فِي ذَلِكَ كَالْحَمَامِ‏؟‏ وَأَنْتُمْ مِمَّنْ يَقُولُ‏:‏ الْقِيَاسُ حَقٌّ، فَكَيْفَ لَمْ تَقِيسُوا مَا لَمْ تَرْوُوهُ عَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْتُمُوهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، عَلَى مَا رَوَيْتُمُوهُ عَنْهُمْ مِنْ أَجْنَاسِ ذَلِكَ‏؟‏ وَلَئِنْ كَانَ الْوَاجِبُ فِي بَعْضِ الصَّيْدِ هُوَ الْقِيمَةُ، فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيمَا بَقِيَ مِنَ الصَّيْدِ كَذَلِكَ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا سِوَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَا، فَنَظَرْنَا فِيمَا قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ مِنْ رَدِّهِ الْحُكْمَ عَلَى الْقَاتِلِ إِلَى نَفْسِهِ، وَإِلَى حَكَمٍ سِوَاهُ، فَوَجَدْنَا الْآيَةَ قَدْ دَلَّتْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، لِأَنَّ اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ فِيهَا‏:‏ ‏{‏يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ‏}‏ وَقَدْ وَجَدْنَا الْحُكُومَاتِ الْمَذْكُورَاتِ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ إِنَّمَا تَكُونُ مِنْ غَيْرِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِمْ، قَالَ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ‏:‏ ‏{‏فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا‏}‏، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ ذَلِكَ الْحَكَمَ الَّذِي مِنْ أَهْلِهِ، وَكَانَ الْحَكَمُ هُوَ الَّذِي قَدْ وُقِفَ عَلَى عَدْلِهِ، وَأَمَرَ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الْحُكُومَةِ إِلَى نَفْسِهِ جَارًّا مَغْنَمًا، وَلَا دَافِعًا عَنْهَا مَغْرَمًا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ حَكَمًا، وَإِذَا كَانَ الْحَكَمُ عَلَى غَيْرِهِ كَذَلِكَ يَكُونُ انْتَفَى بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي تُرَادُ الْحُكُومَةُ عَلَيْهِ حَكَمًا عَلَى نَفْسِهِ، فَانْتَفَى هَذَا الْقَوْلُ، وَثَبَتَ أَنَّ الْحَكَمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي آيَةِ الصَّيْدِ هُمَا سِوَى قَاتِلِ الصَّيْدِ اللَّذَيْنِ أُرِيدَا لِلْحُكُومَةِ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا قَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي رَدِّ الْحَكَمَيْنِ الْخِيَارَ إِلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فِيمَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ الَّذِي أَصَابَهُ، فَوَجَدْنَا الْآيَةَ تَمْنَعُ مِنْ هَذَا، لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ‏:‏ ‏{‏وَمَنْ قَتَلَهُ منْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ‏}‏، وَلَمْ يَجْعَلْ لِقَاتِلِ الصَّيْدِ فِي ذَلِكَ خِيَارًا وَوَجَدْنَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ لَمَّا حَكَمَا عَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ فِي حَدِيثِ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ، لَمْ يَسْأَلَاهُ عَمَّا يُرِيدُ، وَلَا خَيَّرَا لَهُ مِنَ الْأَجْنَاسِ الْوَاجِبَةِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ، فَانْتَفَى بِذَلِكَ تَخْيِيرُ قَاتِلِ الصَّيْدِ فِيمَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ الصَّيْدَ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا قَالَ الثَّوْرِيُّ وَزُفَرُ فِي حُكْمِهِمَا أَوَّلًا عَلَى مَنْ وَجَدَ الْهَدْيَ بِالْهَدْيِ، وَمَنْعِهِمَا أَنْ يُحْكَمَ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِ، أَوْ يُجْزَئَ عَنْهُ فِيهِ، وَهُوَ يَجِدُ الْهَدْيَ غير الهدى لَوْ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ الْهَدْيِ مِنَ الْإِطْعَامِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا إِلَّا بَعْدَ عَدمِ الْهَدْيِ، وَأَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ الصِّيَامُ الْمَذْكُورُ فِيهَا إِلَّا بَعْدَ عَدَمِ الْهَدْيِ، وَبَعْدَ عَدَمِ الْإِطْعَامِ جَمِيعًا فَقُلْنَا لِلْقَائِلِينَ بِذَلِكَ‏:‏ إِنَّمَا وَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ‏:‏ ‏{‏فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا‏}‏، كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ‏:‏ ‏{‏فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ‏}‏، وَكَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ مِنَ الْأَذَى فِي الْإِحْرَامِ‏:‏ ‏{‏فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ‏}‏ فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى التَّخْيِيرِ، لَا عَلَى مَا سِوَاهُ، وَالْآيَةُ الَّتِي تَلَوْنَا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ قَالُوا‏:‏ فَإِنَّا وَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِي كِتَابِهِ‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ‏}‏، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى التَّخْيِيرِ، وَإِنَّمَا كَانَ عَلَى غَيْرِهِ قِيلَ لَهُمْ‏:‏ مَا ذَكَرْنَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا فِي الصَّيْدِ هُوَ مِنَ الْكَفَّارَاتِ، وَمَا ذَكَرْنَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَاهَا فِي الْأَيْمَانِ هُوَ مِنَ الْكَفَّارَاتِ أَيْضًا، وَمَا ذَكَرْنَا فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا فِي حَلْقِ الرَّأْسِ فِي الْإِحْرَامِ هُوَ مِنَ الْكَفَّارَاتِ أَيْضًا فَالْكَفَّارَاتُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ أَشْبَهُ مِنَ الْكَفَّارَاتِ بِالْعُقُوبَاتِ، وَكَمَا كَانَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ‏:‏ ‏{‏‏"‏ أَوْ أَوْ ‏"‏ فِي الْكَفَّارَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَا عَلَى التَّخْيِيرِ، كَانَ كَذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ‏:‏ ‏"‏ أَوْ أَوْ ‏"‏ فِي آيَةِ الصَّيْدِ الَّتِي تَلَوْنَا أَيْضًا عَلَى التَّخْيِيرِ ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا حَكَيْنَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، فَكَانَ مَعْنَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْحَكَمَيْنِ أَنَّهُمَا أُرِيدَا بِالْقِيمَةِ لِيَعْدِلَاهَا مِمَّا لَا يُدْرَكُ إِلَّا حَزْرًا أَوْ ظَنًّا، فَأُرِيدَا لِيَعْدِلَاهَا تَعْدِيلًا، لَا وَكْسَ فِيهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَلَا شَطَطَ فِيهِ عَلَى الْقَاتِلِينَ، ثُمَّ يَكُونُ الْخِيَارُ فِي الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْقَاتِلِ يَصْرِفُ تِلْكَ الْقِيمَةَ الَّتِي حُكِمَ بِهَا عَلَيْهِ فِيمَا شَاءَ مِنْهَا وَكَانَ مَعْنَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّ الْخِيَارَ فِي ذَلِكَ إِلَى الْحَكَمَيْنِ يَحْكُمَانِ عَلَيْهِ بِأَيِّ هَذِهِ الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ مِنَ الْكَفَّارَاتِ رَأْيًا فَكَانَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ الْكَفَّارَاتُ فِي الْأَيْمَانِ الَّتِي جَعَلَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهَا إِطْعَامَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ أَوْ كِسْوَتَهَمْ أَوْ تَحْرِيرَ رَقَبَةٍ، إِنَّمَا يَكُونُ الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ إِلَى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِمُ الْكَفَّارَةُ، فَيُخْرِجُ عَنْهَا أَيَّ هَذِهِ الْأَصْنَافِ شَاءَ وَكَذَلِكَ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ فِي الْإِحْرَامِ مِنَ الْأَذَى الْخِيَارُ أَيْضًا فِي أَصْنَافِ الْكَفَّارَةِ الْوَاجِبَةِ فِيهِ مِنَ الصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالْهَدْيِ إِلَى مَنْ وَجَبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ قَالَ‏:‏ فَلَمَّا كَانَ الْخِيَارُ فِي الْكَفَّارَاتِ الَّتِي فِيهَا التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَاتِ فِيهَا إِلَى مَنْ هِيَ عَلَيْهِ، لَا إِلَى غَيْرِهِ، كَانَ كَذَلِكَ أَيْضًا مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ الَّتِي فِيهَا التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا، يَكُونُ الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ إِلَيْهِ، لَا إِلَى غَيْرِهِ وَكَانَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ مِنَ الْأَذَى فِي الْإِحْرَامِ، وَفِي الْحِنْثِ فِي الْأَيْمَانِ قَدْ وُقِفَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ عَلَى الْوَاجِبِ فِيهَا، فَكَانَ الْخِيَارُ فِي أَيِّ أَصْنَافِهَا شَاءَ إِلَيْهِ وَأَمَّا جَزَاءُ الصَّيْدِ فَلَمْ يُرَدَّ إِلَيْهِ، وَرُدَّ إِلَى مَا يَحْكُمُ بِهِ الْحَكَمَانِ عَلَيْهِ، فَلَمَّا كَانَ الْحَكَمَانِ فِي ذَلِكَ هُمَا الْمَرْدُودُ إِلَيْهِمَا الْكَفَّارَةُ، كَانَا هُمَا الْمَرْجُوعُ إِلَيْهِمَا فِي الْخَيَارِ فِي الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي حَدِيثِ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِنَا هَذَا، أَنَّهُمَا حَكَمَا، وَلَمْ يُخَيِّرَا، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْخِيَارَ فِي أَصْنَافِ الْجَزَاءِ كَانَ إِلَيْهِمَا، لَا إِلَى مَنْ حَكَمَا عَلَيْهِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا قَالَا لِلَّذِي حَكَمَا عَلَيْهِ‏:‏ ‏"‏ اعْمِدْ إِلَى شَاةٍ، فَاذْبَحْهَا، وَتَصَدَّقْ بِلَحْمِهَا، وَاجْعَلْ إِهَابَهَا سَقَاءً ‏"‏، وَتَرَكَا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فِي آيَةِ الْجَزَاءِ وَهَذَا مِنْ عُمَرَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بِحَضْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَاهُمَا، وَتُرِكَ مِنْهُمُ النَّكِيرُ عَلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لِلْقَوْلِ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ أَنَّ قَاتِلَ الصَّيْدِ الَّذِي حَكَمَ عَلَيْهِ عُمَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي حَدِيثِ قَبِيصَةَ قَدْ نَحَرْنَا فِيهِ، وَلَمْ نَنْحَرْ شَاةً كَمَا كَانَا حَكَمَا عَلَيْهِ، فَضَرَبَهُ عُمَرُ عَلَى تَعَدِّيهِ الْفُتْيَا، وَعَلَى قَتْلِهِ الْحَرَامَ، وَعَلَى قَوْلِهِ‏:‏ ‏"‏ وَاللهِ مَا عَلِمَ ابْنُ الْخَطَّابِ مَا يُفْتِيكَ حَتَّى سَأَلَ الَّذِي إِلَى جَنْبِهِ ‏"‏، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِإِعَادَةِ الشَّاةِ الَّتِي حَكَمَا بِهَا عَلَيْهِ، وَجَعَلَ نَحْرَهُ لِلنَّاقَةِ الَّذِي لَمْ يَحْكُمْ بِهِ هُوَ، وَلَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ، مُجَزِئًا عَنْهُ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَاتِ إِنَّمَا وَجَبَتْ عَلَى مَنْ أَصَابَ الصَّيْدَ، وَأَنَّ الْخِيَارَ إِلَيْهِ فِيهَا، وَأَنَّ الْحَكَمَيْنِ إِنَّمَا أُرِيدَا فِيهَا لِئَلَّا يَنْقُصَ عَمَّا تَجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لِقَوْلِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي هَذَا عَلَى مَنْ ذَهَبَ فِيهِ إِلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، أَنَّ الَّذِي يُجْزِئُ فِيهِ فِي حَدِيثِ قَبِيصَةَ لَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ عَلَيْهِ عُمَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ أَجْنَاسِ الْجَزَاءِ، لِأَنَّهُمَا إِنَّمَا حَكَمَا عَلَيْهِ بِشَاةٍ، فَجَعَلَا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ هَدْيًا، وَأَخْرَجَاهُ مِنَ الصِّيَامِ، وَمِنَ الصَّدَقَةِ، وَلَوْ كَانَتْ نَاقَتُهُ التَّيِ نَحَرَهَا عَنْ ذَلِكَ هَدْيًا، وَفِيهَا وَفَاءٌ بِالشَّاةِ الَّتِي كَانَ عُمَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ حَكَمَا بِهَا عَلَيْهِ، وَوَفَّى بِأَضْعَافِهَا، فَأَمْضَى عُمَرُ ذَلِكَ لَهُ، لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ أَجْنَاسِ الْجَزَاءِ شَيْءٌ، فَأَخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِمَّا كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ، كَانَ فَاعِلًا مَا كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ، وَزَائِدًا فَضْلًا عَلَى مَا كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَكُنْ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ، عَلَى مَنْ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي خِلَافِهِ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ، حُجَّةٌ وَكَانَ عُمَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ قَدْ حَكَمَا فِي ذَلِكَ عَلَى الْقَاتِلِ بِغَيْرِ تَخْيِيرٍ مِنْهُمَا إِيَّاهُ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي أَوْجَبَا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لَا خِيَارَ لَهُ فِيهِ، وَلَا سَبِيلَ لَهُ إِلَى تَعَدِّيهِ إِلَى جِنْسٍ سِوَاهُ مِنْ أَجْنَاسِ الْجَزَاءِ الْوَاجِبِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ وَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْخِيَارَ إِلَى الْحَكَمَيْنِ، لَا إِلَى الْقَاتِلِ كَمَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَمَنْ ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْأَقْوَالِ الَّتِي وَصَفْنَا وَثَبَتَ أَيْضًا أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْقَاتِلِينَ فِيمَا قَتَلُوهُ مِنَ الصَّيْدِ الَّذِي لَهُ مِثْلٌ مِنَ النَّعَمِ، هُوَ مَا يَحْكُمُ بِهِ الْحَكَمَانِ مِنْ أَصْنَافِ الْجَزَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا، وَأَنَّهُمَا إِنْ رَدَّاهُ إِلَى الْهَدْيِ كَانَ الَّذِي يَحْكُمَانِ بِهِ عَلَى الْقَاتِلِ النَّظِيرَ مِنَ النَّعَمِ لِمَا قَتَلَ مِنَ الصَّيْدِ، فَيَجْعَلَانِ عَلَيْهِ فِي النَّعَامَةِ بَدَنَةً، وَفِي الظَّبْيِ شَاةً، وَفِي كُلِّ شَيْءٍ كَانَ مِنَ النَّعَمِ أَقْرَبَ النَّعَمِ بِهِ شَبَهًا فَأَمَّا مَا لَا مِثْلَ لَهُ مِنَ النَّعَمِ فَالْمَرْجُوعُ فِيهِ إِلَى قِيمَتِهِ يَحْكُمُ بِهَا الْحَكَمَانِ، وَيَجْعَلَانِهَا فِي أَيِّ الْأَصْنَافِ شَاءَا مِنَ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فِي آيَةِ الْجَزَاءِ فَأَمَّا الْحَمَامَةُ إِذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ فَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ جَعَلَهَا مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ مِنَ النَّعَمِ، وَجَعَلَ الْوَاجِبَ فِيهَا الْقِيمَةَ، يَجْعَلُهَا الْحَكَمَانِ فِي أَيِّ الْأَصْنَافِ شَاءَا مِنْ أَصْنَافِ الْجَزَاءِ بَعْدَ تَعْدِيلِهِمَا إِيَّاهَا وَذَكَرْنَا عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ جَعَلَهَا مِمَّا لَهُ مِثْلٌ مِنَ النَّعَمِ، وَجَعَلَ مِثْلَهَا مِنَ النَّعَمِ الشَّاةَ وَكَانَ أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ مَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِيهِ، لِأَنَّ الظَّبْيَ إِذَا كَانَتِ الشَّاةُ تُشْبِهُهُ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُشْبِهٍ لِلْحَمَامَةِ، لِأَنَّ الْحَمَامَةَ فِي نَفْسِهَا غَيْرُ مُشْبِهَةٍ لِلظَّبْيِ، فَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ شِبْهُهُ شَبَهَهَا مِنَ النَّعَمِ، إِذْ لَمْ تَكُنْ مُشْبِهَةً لَهُ فِي نَفْسِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ ما‏:‏

1727- قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا مَنْصُورُ بْنُ زَاذَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، ‏"‏ أَنَّ رَجُلًا قَدِمَ مَكَّةَ، فَعَمَدَ إِلَى خَمْسِ حَمَامَاتٍ مِنْ حَمَامِ الْحَرَمِ، فَذَبَحَهُنَّ، وَظَنَّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، فَأَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَرَهُ بِخَمْسٍ مِنَ النَّعَمِ ‏"‏‏.‏

1728- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا هُشْيَمٌ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهِدٍ الْمَكِّيِّ، وَعَطَاءٍ، ‏"‏ أَنَّ رَجُلًا أَغْلَقَ بَابًا عَلَى حَمَامَةٍ وَفَرْخَيْهَا، وَانْطَلَقَ إِلَى عَرَفَاتٍ وَمِنًى، فَرَجَعَ وَقَدْ مِتْنَ، فَأَتَى ابْنَ عُمَرَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَجَعَلَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا مِنَ الْغَنَمِ، وَحَكَمَ مَعَهُ فِيهَا رَجُلٌ آخَرُ ‏"‏ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ حُجَّةٌ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ قَوَّمَا عَلَى ذَلِكَ الْمُحْرِمِ مَا أَتْلَفَ مِنَ الْحَمَامِ، فَبَلَغَتْ قِيمَتُهُ ذَلِكَ عِنْدَهُمَا دَرَاهِمَ يُوجَدُ مِثْلُهَا مِنَ الشَّاءِ مَا حَكَمَا بِهِ عَلَيْهِ، فَأَمَرَاهُ بِذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْقِيمَةِ، لَا مِنْ جِهَةِ الْمِثْلِ وَلَمَّا كَانَ الْمُحْرِمُ إِذَا قَتَلَ عُصْفُورًا لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِالْجَدْيِ الَّذِي هُوَ مِنَ الشَّاةِ بِمَنْزِلَةِ الْعُصْفُورِ مِنَ الْحَمَامِ فِي أَجْسَامِهَا، وَكَانَ مَرْجُوعًا فِيهِ إِلَى الْقِيمَةِ لَا إِلَى شَيْءٍ مِنَ النَّعَمِ، إِذْ لَا مِثْلَ لَهُ مِنْهَا، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْحَمَامَ أَيْضًا مَرْجُوعٌ فِي الْوَاجِبِ فِيهِ عَلَى قَاتِلِهِ فِي الْإِحْرَامِ إِلَى الْقِيمَةِ، لَا إِلَى مِثْلٍ مِنَ النَّعَمِ، إِذْ لَا مِثْلَ لَهُ مِنْهَا وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ لِكَعْبٍ لَمَّا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ أَفْتَى مَنْ قَتَلَ جَرَادَةً فِي حَالِ إِحْرَامِهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ‏:‏ ‏"‏ تَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ ‏"‏، دَلِيلٌ عَلَى مُرَاعَاةِ الْقِيمَةِ فِي الْجَرَادِ، إِذْ لَا مِثْلَ لَهُ مِنَ النَّعَمِ، فَكَذَلِكَ سَائِرُ الصَّيْدِ الَّذِي لَا مِثْلَ لَهُ مِنَ النَّعَمِ، مَرْجُوعٌ فِيهِ إِلَى الْقِيمَةِ، لَا إِلَى شَيْءٍ مِنَ النَّعَمِ وَفِيمَا بَيَّنَا مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي هَذَا الْبَابِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجَدْيَ وَسَائِرَ الْأَنْعَامِ مِمَّا لَا يُجْزِئُ مِنَ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ وَالضَّحَايَا قَدْ تَكُونُ نَظَائِرُهُ لِأْشَيَاءَ مِنَ الصَّيْدِ، فَيَكُونُ جَزَاءً لَهَا، إِذْ هِيَ نَظَائِرُ لَهَا، وَيَكُونُ الْهَدْيُ الْمُرَادُ فِي آيَةِ الْجَزَاءِ غَيْرَ الْهَدْيِ الْمُرَادِ فِي آيَةِ الْمُتْعَةِ وَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا مِنَ الصَّيْدِ هُوَ الَّذِي لَهُ نَظِيرٌ مِنَ النَّعَمِ، وَأَنَّ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الصَّيْدِ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْآيَةِ، وَأَنَّهُ حُكِمَ فِيهِ بِالشَّبَهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ جَعَلُوا عَلَى الْمُحْرِمِ من الْجَزَاءِ مَا لَا يُجْزِئُ فِي مُتْعَةٍ، وَلَا قِرَانٍ، وَلَا أُضْحِيَةٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَ ذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، وَمِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ نَذْكُرْهُ فِي ذَلِكَ الْبَابِ ما‏:‏

1729- قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ‏"‏ قَضَى فِي الضَّبْعِ بِكَبْشٍ، وَفِي الظَّبْيِ بِشَاةٍ، وَفِي الْأَرْنَبِ جَفْرَةً ‏"‏‏.‏

1730- وَمَا قَدْ حَدَثَّنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ السَّمَّانُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عُمَرَ، مِثْلَهُ‏.‏

1731- وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ عُمَرَ، ‏"‏ أَنَّهُ حَكَمَ فِي يَرْبُوعٍ جَفْرًا أَوْ جَفْرَةً، وَفِي الظَّبْيِ شَاةً، وَفِي الضَّبْعِ كَبْشًا، وَفِي الْأَرْنَبِ عَنَاقًا ‏"‏ وَأَمَّا الْقِيمَةُ الْوَاجِبَةُ فِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ مِنَ النَّعَمِ فَإِنَّمَا يَقُومُ ذَلِكَ الصَّيْدُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أُصِيبَ فِيهِ عَلَى غَيْرِ مَنْفَعَةٍ فِيهِ مِنَ الْمَنَافِعِ الَّتِي تَكُونُ فِي الصَّيْدِ بِالتَّعْلِيمِ، مِثْلُ مَا يَكُونُ فِي الْبَازِيِّ مِنْ صَيْدِهِ، فَتَزِيدُ قِيمَتُهُ لِذَلِكَ، وَعَلَى غَيْرِ مَنْفَعَةٍ مِنْ مَحْيِ حَمَامٍ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ، وَعَلَى غَيْرِ مَنْفَعَةٍ مِنْ طَيْرٍ صُورَتُهُ أَوْ يَحْسُنُ لَوْنُهُ، فَإِنَّمَا يُرَاعَى قِيمَتُهُ مِنَ الْجَزَاءِ خَاصَّةً خَالِيًا مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْقُمَارِيُّ، وَالْفَوَاخِتُ، وَالدَّبَاسِيُّ، وَغَيْرُهَا مِنَ الطَّيْرِ الَّذِي تَزِيدُ قِيَمُهَا بِأَصْوَاتِهَا عَلَى نَظَائِرِهَا مِنْ أَجْنَاسِهَا مِمَّا لَا صَوْتَ لَهُ، فَإِنَّمَا تُرَاعَى قِيمَتُهَا غَيْرَ صَالِحَةٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الصَّوْمِ الْمُعَدَّلِ بِالْقِيمَةِ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ‏:‏ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدَّيْنِ يَوْمًا، فَعَدَلَ الْيَوْمَ بِالْمُدَّيْنِ، وَهُمَا نِصْفُ صَاعٍ بِصَاعِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ‏:‏ يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، فَعَدَلَ الْيَوْمَ بِمُدٍّ، وَهُوَ رُبُعُ صَاعٍ بِصَاعِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وَاخْتَلَفُوا كَذَلِكَ فِي الْإِطْعَامِ إِذَا أَطْعَمَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ يُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ يُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا وَاحِدًا، فَجَعَلَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ مَكَانَ إِطْعَامِ كُلِّ مِسْكِينٍ صِيَامَ يَوْمٍ وَاحِدٍ، فَكَانَ الِاخْتِلَافُ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ عَائِدًا إِلَى الْإِطْعَامِ، لَا إِلَى الصِّيَامِ ثُمَّ نَظَرْنَا إِلَى الطَّعَامِ، هَلِ الْوَاجِبُ فِيهِ إِطْعَامُ كُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ أَوْ مُدًّا وَاحِدًا‏؟‏ فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ الْأَنْصَارِيَّ بِأَنْ يُطْعِمَ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ عَنْ حَلْقِ رَأْسِهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِي مَوْضِعِهِ مِمَّا قَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِنَا هَذَا فَلَمَّا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْإِطْعَامَ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ فِي الْإِحْرَامِ مِنْ أَذًى، أَنْ يُطْعِمَ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ أَنَّهُ يَصُومُ مَكَانَ إِطْعَامِ كُلِّ مِسْكِينٍ يَوْمًا وَاحِدًا، كَانَ صَوْمُ الْيَوْمِ الْوَاحِدِ عَنِ الْمُدَّيْنِ، لَا عَنِ الْمُدِّ الْوَاحِدِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ، وَفِي تَعْدِيلِ صَوْمِ الْيَوْمِ الْوَاحِدِ بِالْمُدَّيْنِ كَمَا قَالَ مَنْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ، لَا بِالْمُدِّ كَمَا قَالَ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ ما‏:‏

1732- قَدْ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ الْكُوفِيُّ الْيَزْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الضَّبِيُّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ‏"‏ ‏{‏فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا‏}‏، قَالَ‏:‏ إِذَا أَصَابَ الرَّجُلُ الصَّيْدَ حُكِمَ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ مِنَ النَّعَمِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ نُظِرَ كَمْ قِيمَتُهُ طَعَامًا، فَصَامَ عَنْ كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا ‏"‏‏.‏