فصل: ذكر مصر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أدب الكتاب ***


ذكر مصر

دخل عمرو بن العاص مصر بصلح وعهد، فوضع عليهم من الجزية، على كل إنسان دينارين وثلاثة أرادب قمحاً، والأردب عند أهل مصر ست ويبات، والويبة كيل يكون ما فيه من الحنطة ثلاثون رطلاً بالبغدادي، إذا كانت الحنطة ثقيلة، فإذا خفت كانت سبعة وعشرين رطلاً، وجعل عليه مع الثلاثة أرادب قسطين زيتاً وقسطين خلاً وقسطاً من عسل‏.‏ والقسط كيل عندهم يكون ما فيه أربعة أرطال‏.‏

ولهم من الشرط‏:‏ أن لا تباع نساؤهم، ولا أولادهم، ولا أرضوهم ولا ديارهم، ولا تباح كنوزهم، ولا يزاد عليهم في جزيتهم‏.‏

فلم يزل ذلك على ذلك حتى ولي عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فكان إلى أيام عبد الملك بن مروان ألفي ألفي دينار، فإنه ولى أخاه عبد العزيز مصر فخط الأرضين، وذلك أنها كانت كثيرة فاقتطع أقواماً، وزاد ذلك على الجماجم فكانت تستأدى ألف ألف دينار، فرحلوا إلى عبد الملك يشكون، فلما رجعوا زاد عليهم عبد العزيز‏.‏

ذكر السواد

اختلف الناس في خراج السواد، فروى بعضهم أن عمر رضي الله عنه، بعث عثمان بن حنيف لمساحة السواد، فمسح الأرض وجعل على جريب الكرم عشرة دراهم، وعلى جريب النخل خمسة دراهم، وعلى جريب البر أربعة دراهم، وعلى جريب الشعير درهمين‏.‏ وروي أيضاً أنه جعل على كل جريب غامراً وعامراً، درهماً وقفيزاً، وعلى جريب الرطبة خمسة دراهم‏.‏ وعلى جريب الشجر عشرة دراهم وعشرة أقفزة، ولم يذكر النخل‏.‏ وقيل‏:‏ جعل على كل جريب عامر وغامر يناله الماء بدلو أو غيره عطل أو زرع درهماً وقفيزاً وألقى لهم النخل عوناً لهم‏.‏ وجعل على كل جريب كرم عشرة دراهم، وعلى جريب الرطبة ستة دراهم، وعلى جريب السمسم خمسة دراهم، وعلى جريب الخضر من غلة الصيف، من كل جريب ثلاثة دراهم، وعلى جريب القطن خمسة دراهم‏.‏

وروي عن الشعبي أن عثمان بن حنيف مسح السواد، فوجده ستة وثلاثين ألف ألف جريب، فوضع على كل جريب درهماً وقفيزاً ولم يذكر غير ذلك‏.‏

وإلى هذا ذهب أكثر الفقهاء أن عمر رحمه الله، إنما أوجب الخراج على أهل الأرض خاصة، بأجرة مسماة، لأن مخرج الخراج مذهب الكراء، فكأنه أجرى كل جريب بدرهم وقفيز في السنة، وألقى من ذلك الشجر والنخل، فلم يجعل لها أجرة، لأن قبالتها لا تطيب حتى تسمن، فيكون ذلك مع الثمر قبل أن يبدو صلاحه، وقبل أن يجعلوا‏.‏ قال‏:‏ وهذا الذي كرهه الفقهاء‏.‏ وفي هذا الحديث حجة لمن قال‏:‏ السواد فيء للمسلمين، وإنما أهله عمال للمسلمين بكراء معلوم‏.‏

قال أبو بكر محمد بن يحيى الصولي‏:‏ وهذه الأحاديث كلها تدل على أن جعل الخراج على الأرضين، التي تغل من ذوات الحب والثمار، وعطل من ذلك الدور والمساكن التي ينزلونها فلم يجعل عليهم فيها شيئاً‏.‏

وقال أبو حنيفة ومالك والثوري وابن أبي ذئب‏:‏ إذا عمرت الأرض رأينا أن يزاد عليها، وإذا نقصت رأينا أن يوضع عنها‏.‏ وقالوا ليس على الغامر شيء وإن بلغه الماء‏.‏

وحد السواد التي وقعت عليه المساحة من لدن تخوم الموصل ماداً مع الماء إلى ساحل البحر ببلاد عبادان من شرقي دجلة هذا طوله‏.‏ فأما عرضه فحده من أرض حلوان إلى منتهى طرف القادسية المتصل بعذيب‏.‏

فأما خراجه فإن الواقدي ذكر أنه سال عبد الحميد بن جعفر كم مبلغ خراج سواد الكوفة على عهد عمر‏؟‏ قال‏:‏ سبعون ألف ألف درهم‏.‏

وروي عن محمد بن كعب القرظي، قال‏:‏ أخبرني أهل الأرض بالعراق، أنه بلغ الخراج على عهد عمر وعثمان رحمهما الله مائة ألف ألف‏.‏ فلما ولي معاوية صار إلى خمسين ألف ألف وهدايا النوروز والمهرجان خمسون ألف ألف لنفسه، وكان قد اصطفى أموال كسرى فكان يقطع فيها ويصل ويجيز من يشاء‏.‏

ثم بلغ الخراج في فتنة ابن الزبير ستين ألف وهدايا النوروز والمهرجان وصواف نحو عشرين ألف ألف، فلما ولي الحجاج صار إلى أربعين ألف ألف، وما كان يصل إلى ذلك إلا بضرب الأبدان، فلما قتل ابن الأشعث، قال الحجاج‏:‏ الآن فرغت لأهل السواد فعمد إلى رؤسائهم، وأهل بيتوتاتهم من الدهاقين، فقتلهم صبراً وجعل كلما قتل من الدهاقين رجلاً، أخذ ماله وأضر بمن بقي منهم إضراراً شديداً، فخرجت الأرض فمات الحجاج والخراج خمسة وعشرون ألفاً، فكان الأمر على ذلك حتى ولي عمر بن عبد العزيز، فولى عبد الحميد بن عبد الرحمن السواد، وتقدم إليه أن يرجع إلى ما وضع عليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أرضهم ورقابهم، ولا يقبل من ألطافهم شيئاً في أعيادهم‏.‏

وأول من أحدث هدايا النوروز والمهرجان الوليد بن عقبة بن أبي معيط، ثم سعيد بن العاص بعده، فضج الناس إلى عثمان رضي الله عنه فكتب إليه فنهاه عن ذلك، فبلغ الخراج بعد هدية النيروز في أيام عمر بن عبد العزيز ستين ألف ألف فكان يخرج أعطيات الناس وينفذ إلى عمر بعشرة آلاف ألف درهم‏.‏

حدثنا القاضي عمرو بن تركي قال‏:‏ حدثنا الوليد بن هشام القحذمي، قال‏:‏ قال الحجاج يوماً للدهاقين - وقد اجتمعوا عنده‏:‏ كم كان عمر بن الخطاب يجبي السواد‏؟‏ قالوا‏:‏ مائة ألف ألف درهم‏.‏ قال‏:‏ فكم جباه زياد‏؟‏ قالوا‏:‏ مائة ألف ألف‏.‏ قال‏:‏ فكم نجيبه نحن اليوم‏؟‏ قالوا‏:‏ ثمانين ألف ألف‏.‏ قال‏:‏ فلم ذلك‏؟‏ فقال له ابن جميل بن بصبهري دهقان الفلوجيين‏:‏ هذا كله لبيتين قالهما شاعركم الحارث بن حلزة‏.‏ قال‏:‏ وما هما قال لقوله‏:‏

لا تكسع الشول بأغبارها *** إنك لا تدري من الناتج

وأصبب لأضيافك ألبانها *** فإن شر اللبن الوالج

فاستعمل عمالكم هذا فخربت الدنيا‏.‏ ومعنى البيتين أن العرب كانت إذا أخصبت عاماً، لم تستقص الحلب، وتركت في الضروع بقية، وكسعت الضروع بالماء البارد ليتراد اللبن، فيكون أقوى لظهورها، فإن كان في العام المقبل جدب، كان فيها فضل وقوة حتى لا ينقطع اللبن، فقال هذا الشاعر‏:‏ ‏"‏لا تكسع الشول‏"‏ وهي النوق، بأغبارها وهي بقايا ألبانها، إنك لا تدري من الناتج أي لعله أن يغار عليك فتؤخذ أو تموت، فيأخذها الوارث‏.‏ فالصواب أن تتعجل منفعتها‏.‏ أي فعمل العمال هذا وأخذوا العاجل، ولم يعمروا للعام المقبل فتقص الخراج لذلك‏.‏

وهو الخراج والخرج‏.‏ قرأ أهل الكوفة خراجاً بالألف في كل القرآن إلا عاصماً فإنه قرأها هو وأهل المدينة وأبو عمرو خرجا بغير ألف، وكذا قرأ ابن عباس رضي الله عنه‏.‏

والخراج في اللغة الأجر، ومنه خراج الأرضين‏.‏ وقال الفراء‏:‏ الخراج أعم والخرج أقل، كأنه شيء من الخراج‏.‏ ويقال للذمي‏:‏ أد خرج رأسك فخراج ربك خير‏.‏ قال الكلبي‏:‏ فرزق ربك خير‏.‏

وقال الحسن - وهو الصواب‏:‏ فأجر ربك خير لك في الآخرة من أجورهم في الدنيا، إذ كان أكثر الناس على أن الخراج الأجر وأخرجه‏.‏ وحكى التوجي أن أعرابياً قال‏:‏ ما مواعيدكم إلا أسربة فجمع سراباً أسربة، وخرج وخروج مثل فلس وفلوس‏.‏

القبالات

قال أبو بكر‏:‏ حدثنا محمد بن القاسم أبو العيناء قال‏:‏ حدثني الأصمعي عن أبي الأشهب عن الحسن قال‏:‏ جاء رجل إلى ابن عباس رحمه الله فقال‏:‏ أتقبل منك الأبلة بمائة ألف‏؟‏ فضربه ابن عباس وصلبه‏.‏وروي أن عبد الرحمن بن زياد قال‏:‏ أنا قلت لابن عمر‏:‏ إنا نتقبل الأرض فنصيب من ثمارها يعني الفضل، فقال‏:‏ ذلك الربا العجلان‏.‏ وقال ابن عباس رضي الله عنه القبالات حرام‏.‏

وقال سعيد بن جبير‏:‏ لا خير في القبالة، وإنما كرهوها لأنها بيع ثمر لم يخلق بعد، ولم يبد صلاحه، وزرع نابت لم يستحصد، ومن قبل أن يزرع فهذا هو الغرر المنهي عنه‏.‏

وقال بعض الفقهاء فيها‏:‏ إنه يحكم على الله أن يصير الأمر على ما يريد، فإذا كان الشيء معلوماً جازت القبالة والإجارة، كأنه قول الرجل‏:‏ قد أجرتك هذه الدار بعشرة دراهم شهراً معلوماً، فإن كانت الإجارة أربعة، أو جهل منها واحد جاز، فقد عرفت الدار وعرفت المدة ووصفت، وعرفت الدراهم، فهذه ثلاثة إن كانت قد عرفت، ولم يعرف هل يسكن الدار وحده أو هو وعياله‏؟‏ ولا يعرف عدد عياله، فهو جائز‏.‏

ما يفضل من المال

قال محمد بن يحيى‏:‏ حدثنا عبد العزيز بن معاوية القرشي، قال‏:‏ حدثنا جعفر بن عون قال‏:‏ حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال‏:‏ قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه‏:‏ ‏"‏اجتمعوا لهذا المال فانظروا لمن ترونه، إني سمعت الله عز وجل‏:‏ يقول‏:‏ ‏"‏ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم‏"‏، والله ما لهؤلاء وحدهم‏.‏ ‏"‏والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم‏"‏‏.‏ والله ما هو لهؤلاء وحدهم‏.‏ ‏"‏والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان‏"‏‏.‏ والله ما من أحد من المسلمين إلا وله حق في هذا المال، أعطي منه أو منع حتى راع بعدن‏"‏‏.‏

وقال عمر يوماً‏:‏ قد أعطيت الناس حقوقهم، وفضل عندي مال ما ترون فيه‏؟‏ فقالوا‏:‏ يا أمير المؤمنين لك حاج، وتنوبك نوائب لا تنوب غيرك، فخذه إليك لذلك فإن أنفسنا طيبة لك به‏.‏ وعلي رضي الله عنه ساكت، فقال‏:‏ ألا تتكلم يا أبا الحسن‏؟‏ فقال‏:‏ قد أشار عليك القوم، فقال‏:‏ لتقولن‏.‏ فقال‏:‏ لم يجعل علمك ظناً ويقينك شكاً، قال‏:‏ قد قلت قولاً لتخرجن منه، قال‏:‏ أما تذكر حين بعثك رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة، فأتيت العباس فمنعك الصدقة، فأتيتني فقلت‏:‏ إن العباس منعني الصدقة، فانطلق معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت معك فوجدناه مهموماً، فرجعنا ولم نقل شيئاً له، ثم رجعنا وقد طابت نفسه، فقال‏:‏ ‏"‏إن كان عندي ديناران فكأنهما يهمانني حتى وجهتهما‏"‏‏.‏ فقلت‏:‏ إن العباس قد منعني الصدقة، فقال‏:‏ ‏"‏إن عم الرجل صنو أبيه‏"‏ قال‏:‏ لا جرم إني أشكر لك المرتين جميعاً قال‏:‏ فأشر علي‏.‏ قال‏:‏ فإني أشير عليك أن تقسمه، فدعا عمر عبد الله بن الأرقم، فقال‏:‏ كم في بيت المال‏؟‏ قال‏:‏ كذا وكذا، قال‏:‏ ‏"‏لولا أني أرى أن أقرب لمنفعته أن يكون معاً، لقسمت الأول فالأول‏"‏، فقام رجل من ثقيف فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين أعده للبوائق فقال‏:‏ ‏"‏كلمة شر يستن بها أمراء السوء من بعدي، أعطاني الله جوابها، بل أعد لها ما أعده لها رسول الله صلى الله عليه وسلم تقوى الله وطاعته‏"‏‏.‏

ولما حبس معاوية على الناس أعطياتهم، قام إليه أبو مسلم الخولاني وهو يخطب فقال‏:‏ يا معاوية إن هذا المال ليس لك ولا لأبيك وأمك، فلم حبست على الناس العطاء‏؟‏ فغضب ثم نزل فدخل وأومأ إلى الناس أن تثبتوا ولا تتفرقوا، ثم خرج فعاد إلى المنبر فقال‏:‏ أيها الناس إن أبا مسلم الخولاني قد قال ما قال فوجدت لذلك، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏إذا غضب أحدكم فليغتسل‏"‏، وصدق أبو مسلم فاغدوا على أعطياتكم فخذوها على بركة الله‏.‏ ثم كانت فضول الأموال تحمل إليه فيصل بها من أحب وينفق كيف يريد‏.‏

مكاتبة المسلم وغيره

مضت السنة في المكاتبة أن يبتدئ المكاتب نفسه على المكتوب إليه‏.‏

يروى أن العلاء بن الحضرمي كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدأ بنفسه‏.‏ وروى الربيع بن أنس أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يكتبون إليه من فلان بن فلان إلى محمد رسول الله‏.‏

وقد رخص في تقديم المكاتب‏.‏ روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال‏:‏ ‏"‏إذا كتب أحدكم فليبدأ بنفسه إلا إلى والد ووالدة أو إمام‏"‏‏.‏ وروى يحيى بن أبي كثير أن زيد بن ثابت كتب إلى معاوية فبدأ باسم معاوية‏.‏

قالوا‏:‏ والكتاب إلى المسلم‏:‏ سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو‏.‏ وإلى غير المسلم‏:‏ والسلام على من اتبع الهدى‏.‏ كذا كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم وإلى كسرى وإلى مسيلمة الكذاب‏.‏ وقد روي أنه رخص في رد السلام على الكافر، وأن رجلاً منهم كتب في آخر كتابه إلى النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ سلام عليك‏.‏ فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الكتاب أن يرد عليه السلام‏.‏

وإنما كتبوا في أول الكتاب سلام عليك، لأن النكرات أوائل الأشياء والمعارف الثواني، فافتتحوا بالنكرة فإذا ردوه عرفوا فقالوا‏:‏ السلام عليك فعرفوه بألف ولام أي هذا ذلك الأول‏.‏ كقولك في الكلام مر بي رجل فكان من أمره كذا وكذا، ثم قال لي الرجل‏:‏ كذا، فعرفت أنه ذلك الذي ابتدأت بذكره‏.‏

وقال بعضهم إذا كان الشيء مهماً لا ينفصل بعضه من بعض تكلموا به مرة بالألف واللام، ومرة بطرحها كقولهم‏:‏ قلت خيراً، وقلت الخير، وكسبت مالاً وكسبت المال، ولا أراك الله سوءاً ولا أراك السوء‏.‏

ما في الإنسان وغيره

وهذا شيء لا يسع الإنسان الثنايا، وهي أربع‏:‏ اثنتان من فوق واثنتان من أسفل‏.‏ ثم الرباعيات الواحدة رباعية مخففة الياء، وهن أربع ويقال لهذه الثمان الثغر‏.‏ ثم الأنياب وهن أربع، ثم الضواحك والنواجذ، وهن ثمان، ويقال لهن العوارض، ثم الأرحاء وهي الأضراس‏:‏ أربعة من فوق وأربعة من تحت في جانبي الفم، وهي الطواحن‏.‏ واللحي مركب الأسنان وهو الفك، واللثة‏:‏ اللحم الذي فيه الأسنان، والدردر مغارز الأسنان في اللثة، والعمور اللحم الذي بين الأسنان الواحد عمر، وأضراس الحلم ضرسان‏:‏ ثنتان في آخر الأضراس من أسفل لا من أعلى إذا صار الإنسان رجلاً‏.‏

وما كان له خف مثل الجمل والنعامة، فإنه يقال لفمه‏:‏ مشفر وما كان له ظلف قيل له‏:‏ المرمة والمقمة والجحفلة للحافر والخراطيم للسباع والمنسر والمنقار للطائر‏.‏

الأطعمة

يقال‏:‏ الوليمة، ولطعام الأبنية الوكيرة، ولطعام الولادة الخرس، لأن ما تطعم النفساء خرسة، وطعام الختان إعذار، وطعام القادم من سفر نقيعة‏.‏

ويقال‏:‏ قرمت إلى اللحم قرمة، وعمت إليه عيمة‏.‏ ويقال‏:‏ يدي من اللحم غمرة وزهمة لأن الزهم الشحم، ومن الزبد واللبن وضرة، ومن السمك سهكة‏.‏ وربما حمل بعض هذا على بعض‏.‏

ويقال‏:‏ أرغم الله أنفه، خص الأنف لأنه اطلع ما في الوجه، والرغام التراب يراد كبه الله على وجهه فإن أول ما يلصق منه التراب بالأنف، وقالوا‏:‏ على رغم أنفه، ثم كثر حتى قالوا‏:‏ على رغمه فألقوه الأنف‏.‏

وقمقم الله عصبه جمعه حتى لا يحرك يداً لا رجلاً، والبحر قمقام من ذلك لأنه مجمع الماء‏.‏ قالوا‏:‏ والشأفة قرحة تخرج بالقدم فتكوى فتذهب، فإذا قالوا‏:‏ استأصل الله شأفته، فكأنما قالوا‏:‏ أذهبه الله كما أذهب الشأفة‏.‏ وإذا أصابه ذلك قيل‏:‏ شفيت رجله شافاً‏.‏

أسكت الله نأمته، النئيم الصوت الضعيف مخففة، ونامته مشددة ما ينم عليه من حركته‏.‏

سخم الله وجهه سوده من السخام وهو سواد القدر‏.‏

وأسخن الله عينه أي غمه وحزنه، لأن دمعة الحزن حارة، ودمعة الفرح باردة، فلذلك يقال‏:‏ أقر الله عينك مأخوذة من القر‏.‏

وأباد الله خضراءهم أي سوادهم يريد أشخاصهم، ويقال للروضة الخضراء سوداء، ومنه صفة الجنتين ‏"‏مدهامتان‏"‏ وقال الأصمعي‏:‏ أباد الله غضراءهم أي غضارتهم‏.‏ والغضراء طينة خضراء علكة‏.‏

وفي جنبي الإنسا أربعة وعشرون ضلعاً، الواحدة ضلع وهي مؤنثة ويقال للمؤخرة منها ضلع الخلف‏.‏

وههنا شيء يكثر في كلام الناس فذكرناه‏:‏ تقول للرجل إذا أمرته بأخذ الشيء‏:‏ ها يا رجل، وللإثنين هاؤما، وللجمع هاؤم وهاءيا امرأة فتكسر الهمزة للمؤنث، وللمرأتين هاؤما، كما للمذكر في الإثنين وفي الجمع هاؤن تدخل النون لجمع المؤنث‏.‏ فإذا أدخلت الكاف، قلت‏:‏ هاك يا رجل، وهاك يا امرأة، وهاكاً للذكرين والأنثيين، وإن جمعت قلت للذكران‏:‏ هاكم وللإناث هاكن‏.‏ وإن أمرت بإعطائك شيئاً قلت للذكر‏:‏ هات يا هذا، وهاتيا وهاتوا، وللمؤنث هاتي وهاتيا وهاتين‏.‏ وإذا سألت رجلاً عن رجل قلت‏:‏ كيف ذاك الرجل‏؟‏ وكيف ذاكما وكيف ذاكم‏؟‏ وإذا سألت رجلين عن رجلين، قلت‏:‏ كيف ذانكما وكيف أولئكم‏.‏

وإذا سألت رجلاً عن المرأة، قلت‏:‏ كيف تلك المرأة الخطاب للرجل وأول الكلام للمرأة، وفي التثنية كيف تانكما‏؟‏ وفي الجمع كيف أولئكم‏؟‏ فإذا سألت امرأة عن رجل، قلت‏:‏ كيف ذاك الرجل‏؟‏ أول الكلام للرجل وآخره للمرأة‏.‏ وكيف ذانكما وكيف أولئكن‏؟‏ بالنون لأن آخر الكلام للمؤنث‏.‏ فإن سألت امرأة عن امرأة، قلت‏:‏ كيف تلك المرأة وكيف تانكما وكيف أولئكن‏؟‏‏.‏